الإعلام إذ يصنع الأفكار ويروجها
4 محرم 1425

ما من مسلم يعيش هذه الأيام إلا ويستشعر خطورة الهجمة الفكرية التي تتعرض لها هوية المسلم في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، وطاشت فيه الأوتاد حتى كادت الخيمة أن تسقط على الرؤوس، <BR>وبدون أدنى شك فإن شاشة التلفاز تشكل محوراً رئيساً تستند عليه رحى الهجمة الغربية على الهوية الإسلامية، ويدرك الغرب ورموزه الفكرية ممثلة في الولايات المتحدة رأس الحربة، هذه الحقيقة جيداً، فالرصيد الغربي من الخبرة في هذا المجال كثير، وخصوصاً الخبرة الأمريكية فيما يخص استخدام التلفاز في السيطرة على الأفكار وترويجها وصناعتها. <BR><BR>وفي هذا السياق يمكن لنا أن نستدعي من الذاكرة عبارة قالها الرئيس الأمريكي جورج بوش في أحد خطاباته قبيل إطلاق الحملة العسكرية على أفغانستان، إذ قال في معرض هجومه على حركة طالبان الأفغانية: "سنجعل التلفزيون جزءاً من حياتهم"، يقصد الأفغان، وهو بذلك يدل على أهمية التلفزيون في الحملة الأمريكية ضد المسلمين، والتي كما يتضح لا تقتصر على المدفع والطائرة، وإنما تعتمد أيضاً على تضليل الفكر وتمييع الهدف وسلب الإرادة بالصورة. <BR><BR>لقد لعبت الصورة أكبر دور حتى الآن في نجاح المشروع الأمريكي، ولنا أن نتذكر لحظة سقوط بغداد في التاسع من أبريل 2003م عندما اختصرت الأحداث كلها في ميدان الفردوس، حيث تابع العالم من خلال شاشة تلفاز يقف وراءها جندي أمريكي ، لم نره بالطبع ما يحدث. <BR>والحدث باختصار هو اختزال الأمر كله في إسقاط تمثال ودولة وتاريخ. <BR>لا أحد ينكر أثر هذا السقوط الذي حمله لنا التلفزيون على نفوس الكثيرين من الشعوب العربية ابتداء من القاعدة العريضة وانتهاء بصانعي القرارات. <BR><BR>المعضلة الأهم في الحملة الأمريكية هي المرحلة التالية، وهي اقتحام البيت العربي والعقل العربي، وزعزعة الاستقرار فيه، وهذه المرحلة باختصار هي ما يمكن وصفه بـ "الغزو الفكري المضلل" الذي يستهدف أساساً النساء والأطفال والشباب. <BR>إننا أمام هجمة ثقافة مغايرة تتنافي كلية مع عقيدتنا وثوابتنا، وفي ذات الوقت تتقاطع مع نمط حياتنا، فلا نحن قادرون على التشبث بعروة الدين الوثقى والعيش بسلام، ولا نحن نملك خيارات متعددة للمناورة في ظل نمط حياتنا الذي جعلنا فريسة سهلة للغزو القادم من الفضاء. <BR><BR>وعموماً هناك قاعدة أساسية علينا أن نعي أبعادها جيداً إن كنا نرغب في النجاة من بحر الظلمات الذي يلف الفضاء ويملأ الهواء الذي نتنفسه. <BR>القاعدة هي أن الخطوة الأولى لحل أي مشكلة هو إدراك وجود هذه المشكلة، فبعد الإدراك ، تأتي الخطوة التالية، والتي تتجسد في التفكير في المشكلة ثم البحث عن طرق التعاطي معها بما يلزم. <BR>لقد أدرك الأعداء نقاط ضعفنا، ومنها أتونا بقضهم وقضيضهم، رمح وشاشة تلفاز وكفى. <BR>وإذا كان رمحنا قد لان وانكسر ، فلا داعي لأن نسلم عقولنا لشاشة تلفازهم حتى لا نفاجأ بطابور خامس وسادس ... إلخ يكون خنجراً في الظهر يصيبنا في مقتل . <BR><BR>إن نقاط الضعف لدينا عديدة، وإذا كانت الشاشة هي رحى للحرب يستخدمونها فعلينا أن نعيد النظر في نمط حياتنا بالكامل حتى نتفادى الوقوع في براثن هذا الأخطبوط الذي سيخرب حياتنا. <BR>وإذا كانت تقاليدنا قد حبستنا داخل المنازل، فزادت السمنة واسترخى الذهن وتبلد الفكر وجعلتنا لقمة سائغة لشياطين الإنس والجن التي تطل علينا من شاشة التلفاز، فلا مفر أمامنا من عدة خيارات، وهي: <BR><BR>- عدم اقتناء هذه الشاشة، وهو خيار لا يحظى بقبول كبير، فالواقع يؤكد أن تطبيق ذلك شبه مستحيل في ظل اعتبارات كثيرة لا يمكن لعاقل تجاهلها. <BR><BR>- اقتناء الشاشة والتحكم بها، وهو خيار جيد نوعاً ما. <BR>- التحكم في الشاشة وتغيير نمط حياتنا بتقليل أهميتها لأبعد مدى ، وزيادة الفعاليات والنشاطات وبث الوعي بأهمية العمل والمشاركة الاجتماعية فيما يفيد المجتمع، على أن يشمل ذلك كل الشرائح بما في ذلك النساء والشباب والأطفال. <BR><BR>وفي الختام نشدد على أن كل رب أسرة مسؤول عن أسرته، وسيسأل عنها "كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته" ، فعلى كل شخص أن يتحمل مسؤوليته ويحمي أسرته.<BR><br>