كوبونات صدام وكوبونات بوش
16 محرم 1425

نرفض أن تُستغل ثروات الشعوب في إتخام الجيوب ، كما نرفض أن تُهدر الأموال في مجرد دعايات وأقوال ، ولكننا نرفض كذلك أن تُهان عقولنا ، وأن يُعاد تشكيل معاييرنا للحكم على الأشياء بمطرقة أمريكية وإن كانت في يد عربية ..<BR><BR>كل الدول تدفع لمن يؤيدها ويرفع شعاراتها وينشر أفكارها ورؤاها ، فلماذا أصبح ذلك فجأة حراماً ، وأصحاب الكوبونات لم يفعلوا ذلك في الخفاء بل على رؤوس الأشهاد ، ولم يكن أحد يحسن الظن بإخلاصهم ويدعي أنهم يعملون لوجه الله ، ولم يكن أحد يضيع وقته في الاتهام وقتها؛ لأن الأفواه كانت إما فاغرة أو حائرة أو مكممة .. فما الذي تغير .. لأنه صدام ؟ أم لأنها أميركا .. الحرة ؟ ..<BR><BR>إن الذين يتباكون الآن على النفط العراقي الذي أهدره صدام بتغفيله ، يتناسون أن هذا النفط كان يباع على مرأى منهم إجبارياً لشركات أمريكية بسعر لم يتجاوز أحياناً سبعة دولارات في حين تجاوز سعره العالمي العشرين دولاراً ، فأين كانت دموعهم ؟ <BR><BR>يجب علينا أن نضع فرقاً شاسعاً بين الذين يرتشون ليقولوا ، وبين الذين يرتشون ليفعلوا ، وكذلك بين الذين يرتشون ويقولون ما يجب أن يقال ، وبين الذين يرتشون ويقولون ما لا ينبغي أن يقال ..<BR>إن خلاصة معركة الكوبونات المستعرة حالياً أنها معركة بين القديم والجديد ، معركة بين كوبونات صدام وكوبونات بوش ، وليس هذا سراً ، فـ(رئيس تحرير صحيفة المدى العراقية) فخري كريم اعترف بنفسه في إحدى الفضائيات أنه تسلم قوائم " البركة " من وزارة النفط التي تسيطر عليها المخابرات الأميركية، ثم قام بنشرها قبل حتى أن يتسلم الوثائق والإثباتات ..<BR><BR>هي حرب إذن ، شعارها الرئيس : الولاء لمن يدفع ، وتاريخ أمريكا وواقعها متخمان بأمثلة صارخة على استخدام وسيلة الكوبونات بشتى أنواعها ، فهناك الكوبونات الثلاثية، أي: التي تتضمن ثلاثة أطراف ، مثل: فضيحة إيران جيت ، فالسلاح كان أمريكياً ، والأموال كانت إيرانية ، ومستخدموا السلاح كانوا متمردي الكونترا ، وهناك الكوبونات الثنائية ، ومن أمثلتها المبالغ الطائلة التي رصدت لرشوة أعداد هائلة من الإعلاميين والسياسيين ، ولا تبعد المعونات السنوية عن ذلك ، فهي كوبونات مباشرة على مستوى الدول ولا يخجل الأمريكيون من التصريح علانية بمطالبهم في مقابل معونتهم ، ولعلنا نذكر المقال الأشهر لتوماس فريدمان الذي طوَّر فيه لهجة الخطاب الأمريكي إلى حد التطاول على الدولة التي لم تقدم ما يكافئ ما تحصل عليه من معونة ..<BR><BR>ومن الأمثلة على استخدام الكوبونات في الوسط الإعلامي ما كشفه الصحفي المصري عبد العال الباقوري الذي صرح للمجلة بأن هناك عدداً من الصحفيين الكبار ينشرون مقالات أمريكية باسمهم مقابل عمولات كبيرة ..<BR>وكما كان كثيرون يخدعون صدام ويحلبون نفطه ، فإن كثيرين من العرب يملكون مواهب مرموقة في هذا المجال مع الأمريكيين ، فهذا أحمد الجلبي بات الأمريكيون يشكون في أمره وولائه حتى لا أستبعد أن أحدهم يعد أصابعه بعد مصافحته ، وإعلامياً تمكن لوبي لبناني من إقناع الأمريكيين بجدوى فضائية الحرة ، وهذا يذكرني بقصة طريفة رواها أحد القراء في الشرق الأوسط عن مهندس لبناني كان يعمل في مجال النفط في إفريقيا ، وكان يلف قطعاً صغيرة من الخشب بالقماش ثم يبيعها للأمريكيين على أنها من خشب الصليب !<BR><br>