ماذا يعني أن تغتال ( إسرائيل ) شيخ الانتفاضة ؟
1 صفر 1425

لم تكن مسألة استهداف إسرائيل للشيخ أحمد ياسين _رحمه الله_ موضوعاً جديداً ، بل كان أمراً يطرح من حين لآخر ، و جرت محاولة فعلية لاغتياله قبل أن يقضي هذا اليوم .<BR>ولكن كل تلك المحاولات كان المراقب يصنفها في خانة التهديدات ذات المحتوى السياسي والإعلامي، وكان واضحاً أنه لن يكون في مصلحة إسرائيل أن يتحقق التهديد فعلياً على أرض الواقع ، وكان خيار الاعتقال مثلاً كفيلاً بأن يحقق لإسرائيل ما تريد .<BR>كنا نرى و نسمع التلويح باغتيال قادة حماس، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين عقب كل عملية يقتل فيها بعض اليهود .<BR>أما وقد وقع الأمر واغتيل شيخ المجاهدين ومزقت الصواريخ الإسرائيلية تحملها الطائرات الأمريكية جسده الطاهر ، فإن الأمر يحتاج إلى مزيد توقف والأمر لا شك أن له ما بعده . <BR>فما الذي تغير في عقلية القيادة الصهيونية حتى تقدم على هذه الجريمة البشعة ؟ وهل غلبت العقليات العسكرية الحسابات السياسية ؟<BR><BR>إن الجميع يعرف أن الشيخ أحمد ياسين وهو كبير السن المقعد الذي لم يكن يستغني عمن يقضي له شؤونه ، لم يكن يشكل أي تهديد أمني أو عسكري للإسرائيليين، وحركة حماس سعت منذ نشأتها إلى ألا يكون للجهاز السياسي أية صلة بالجهاز العسكري فيما يتعلق بخطط التنظيم وعمليات المقاومة .<BR>وحتى في الشأن السياسي لم يبد أن الشيخ في أيامه الأخيرة ونظراً لعامل السن كان يتحمل مسؤوليات حزبية وسياسية، بل كان دوره في نطاق ما أصبح يتداول من أنه الأب ( الروحي ) والمؤسس التاريخي لحركة حماس .<BR><BR>فالشيخ أحمد ياسين _رحمه الله_ في آخر حياته - كان رمزاً للمقاومة و لا نظن أنه كان معنياً بها أكثر من ذلك، وهو الذي قدم حياته مند فتوته حتى مشيبه في سبيلها والتضحية لأجلها ، ثم مات ونحسبه شهيداً في الدفاع عنها .<BR><BR>ومن هذا الباب يمكن تفسير الجريمة النكراء و الخطوة الحمقاء التي أقدم عليها الكيان الصهيوني، فهل أراد الإسرائيليون أن يحطموا الشيخ ليحطموا معه المقاومة رمزياً ؟ <BR>وهل أرادت الحكومة الصهيونية أن تبلغ الآخرين رسالة واضحة مفادها أن ليس هناك خطوطاً حمراء يمكن أن يقف عندها حد العدوان الإسرائيلي ، فليحذر الآخرون ؟<BR><BR>أم أن الأمر كان متعلقاً بحالة من الهوس والهستيريا، وخاصة لدى القيادات الأمنية والعسكرية التي وجدت نفسها في مأزق حقيقي، وفي حالة من العجز التام عن وقف الانتفاضة أو لجمها ، وآخر شاهد على ذلك عملية ميناء أسدود التي ضربت في عمق الكيان ، فكان لابد من رد صارخ يظن الصهاينة أنه يعيد لقوتهم شيئاً من الهيبة ؟<BR><BR>أياً كان التفسير لاغتيال الشيخ أحمد ياسين فإن تبعات هذا الأمر تكون وبالاً على إسرائيل وبداية مرحلة استبسال للمقاومة، و هذا ما وعته ووعدت به جموع الشعب الفلسطيني الغاضبة التي كانت تسير ولسان حالها يقول: ( قوموا فموتوا على ما مات عليه الشيخ ياسين ) .<BR><BR>إن الشيخ أحمد ياسين ليس بالرجل الفرد الذي يموت فتموت معه مبادئه وسياساته !<BR>إن الشيخ أيقظ أمة وأعاد للشعب هويته، ورأى بعينه قبل أن يموت كيف أثمرت جهوده وجهود إخوانه في بعث المقاومة في أهل فلسطين وإعادة الشعب إلى هويته الإسلامية، ونشر ثقافة الاستشهاد التي لم يكن أشد على إسرائيل منها . <BR>إن من يعرف طبيعة الشعب الفلسطيني ويقارن بينه في الستينات والسبعينات وبينه الآن يدرك بجلاء كيف أحدثت الحركة الإسلامية المباركة تغيراً كبيراً في هذا الشعب الصامد ، وبعض من ذلك كان على يد الشيخ .<BR><BR>إن الشيخ لم يمت حتى أحيا آلافاً يحملون الراية من بعده ، ويعقدون العزم على التضحية في سبيل الله ، يرفعون المصحف باليمين وباليد الأخرى سلاحاً يرهبون به عدو الله وعدوهم . <BR>يقول الشيخ ياسين في آخر مقابلة تلفزيونية معه :<BR> "إننا طلاب شهادة . لسنا نحرص على هذه الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية"<BR>رحم الله الشيخ وتقبله في الشهداء.<BR><br>