هذا العراق بعد عام
21 صفر 1425

طوى العام وفي طيه أحداث ضخام، أما أولها وأخطرها فحرب العراق وسقوط بغداد وما تتابع بعدها، وأعاد لنا ذلك صورة الاستعمار المباشر والاحتلال السافر الذي كنا نقرأ عنه في كتب التاريخ الصفية ثم رأيناه اليوم عياناً، وستبقى صور كثيرة لهذه الحرب مثبتة في ذاكرة الجيل، وقد تحقق ما كان متوقعاً حيث علقت قدم أمريكا في وحل المواجهة مع الشعوب المحتلة، وفوجئت بأن متاعبها ابتدأت يوم ظنت أنها انتهت.<BR><BR>وبعد مضي عام فإننا نرى عرى أمريكا ازداد عرياً، وكذبها لم يبرر إلا بمزيد من الكذب، ومحا مرور عام كل الذرائع التي كانت أمريكا تبرر بها حربها، فلا أسلحة الدمار الشامل وجدت، ولا صدام كان الهدف، ولكن تعرت الحقيقة وسقطت ورقة التوت لنجد أنفسنا أمام احتلال عدواني وقح، وتعرت قيم الإدارة الأمريكية الإنجيلية، فإذا هي بلا قيم ولا أخلاقيات حيث لم تتورع عن مواجهة المدنيين وقتل النساء والأطفال وهدم المساكن على من فيها، وإذا المدنيون الذين ادعت أمريكا أن حربها كانت لتحريرهم هم المستهدفون بغارات مروحيات الأباتشي وقصف طائرات إف 16.<BR><BR>ونتساءل أين ما يجري من أحداث سبتمبر والتي سفحت لها أنهار الدموع، وأعيد ترتيب أولويات العالم بأكمله بعدها؟ أين هي مما يحدث اليوم؟ أين إصابة برج في مدينة من استباحة بلد بأكمله؟ أين مقتل سكان البرجين على يد مجموعة خاصة من مقاتل المدن العراقية على يد حكومة تسخر لذلك كل أجهزتها الحربية والإعلامية؟<BR>إنه تحطيم لكل موازين العدل ولا يبرر إلا بأن هذا منطق الهيمنة وغطرسة القوة، وأنها مبادئ الكنيسة الإنجيلية المعمدانية تنفذ بعقلية رعاة البقر.<BR><BR>إن كل هذه الأعمال قد فجرت في قلوب الناس براكين من الغضب على الإدارة الأمريكية، وأترعت القلوب فلم يعد فيها متسع لمزيد من المقت للحكومة الأمريكية، وإن مراحل الغضب التي تغلي في النفوس سوف تنفجر كقنابل انشطارية لا يمكن التنبؤ بوقتها ولا تحديد اتجاهها ولا التحكم بآثارها وتداعياتها، وستكتشف أمريكا –إن لم تكن اكتشفت- أن الإرهاب الذي تحاربه هو من صنع إرهابها.<BR><BR>وبعد فرغم هذا الآلم الممض لما يجري فإننا نستشرف لها أثراً آخر، فهذا البغي الأمريكي بتواقحه وعريه الأخلاقي ودموية عدوانه البشعة كل ذلك وخزات أيقاظ وهزات تحريك لجسد الأمة الذي طال خدره وسكونه.<BR><BR>وإن وضوح هوية حرب الإدارة الإنجيلية الأمريكية هو حشد للمسلمين إلى هويتهم الحقيقية، وإيقاظ لحس انتماء المسلمين لدينهم بعد أن رأوا يهود يحاربون بهويتهم، والإنجيليون يحاربون بهويتهم، فهل تبقى ملايين المسلمين بلا هوية إسلامية.<BR><BR>إن المحن وجوه المنح، وإن العسر بشارة اليسر، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.<BR><br>