ماذا بعد البريمر؟؟
24 ربيع الأول 1425

قد يكون من الصدف المعبرة أن تكون المرحلة التي تسبق نقل الحكم إلى العراقيين-إذا صدقت الوعود الأميركية- مصبوغة ببصمات رجل غريب عن العراق يسمى بريمر.<BR><BR>بريمر رجل أميركي يتكلم الإنكليزية بكثير من لهجة التعجرف المعروفة عن المسؤولين الأميركيين، لكن من له معرفة بسيطة باللغة الإنكليزية يدرك أن كلمة بريمر قريبة من كلمة "بريمر"، والتي تعني أول وجه من الطلاء الذي تطلى به الأسطح الحديدية، انتظاراً للوجه الثاني الأمتن، والذي سيحدد اللون النهائي للسطح.<BR><BR>هل كان من الموافقات أم من المفارقات أن يأتي هذا التوافق في المعاني، أم أن قدر بلادنا إن تعيش تجارب كل صاحب نظرية مهووسة مهما كانت غريبة عنها ؟<BR><BR>بأي شيء تميز العهد التمهيدي الذي يسبق الوجه النهائي للعراق، لننظر إلى أهم إبداعاته وإنجازاته، والذكر هنا للمثال لا للحصر، فالعهد لا زال مستمراً والإبداعات لا زالت تأتينا تباعاً:<BR><BR>- أولاً: فقد العراق الأمن، وسيطر عليه العصابات التي أخذت تهاجم الآمنين وتروع الناس حتى امتنعوا عن الخروج من بيوتهم؛ خوفا على أنفسهم وأعراضهم.<BR> <BR>- انتشرت قوات المرتزقة القادمة من أقاصي الأرض بحثاً عن المغامرة والرذيلة، وبدأت تنشر كل ما يتعلق بها من رذائل ومخدرات وقتل عشوائي.<BR><BR>- انتشر الموساد الإسرائيلي في طول البلاد وعرضها، وعمل على تصفية أكثر من 1500 عالم من العلماء الذين أسهموا في نهضة العراق، كما سرقوا كل ما وصلت إليه أيديهم من آثار عراقية تعفف عن المس بها كل من مر بهذا البلد العريق، وصمدت أمام حوادث الدهر.<BR><BR>- بذلت جهود حثيثة من قبل جهات مشبوهة لإيقاع البلاد في نيران الحرب الطائفية، عن طريق تفجير مساجد سنية وشيعية، واغتيال علماء من الجانبين على التوالي ليظهر الأمر كأنه عملية انتقام متبادل، وعند فشل المحاولة، انصب الجهد على إشعال نار الحرب بين أتباع المذهب الشيعي حول مسألة جيش المهدي وتحصنه في الأماكن الشيعية المقدسة.<BR><BR>- محاولة ممجوجة وسخيفة لجر البلد وشبانه إلى الضياع المادي والمعنوي عن طريق افتتاح قنوات إعلامية لا تقدم إلا الأغاني والمسلسلات والفيديو كليب، وكم تبدو هذه المحاولة حمقاء وبعيدة عن الواقع، حين تقدم هذه الأجواء التافهة لشعب يعاني الخوف والفقر والجوع.<BR><BR>- تغيير العلم العراقي بعلم جديد لا يمت إلى العراق بصلة - حسب إجماع معظم العراقيين- بل أشار الكثيرون منهم إلى شبه بينه وبين العلم الصهيوني.<BR><BR>- العبث بمجلس أعضاء الحكم حسب المصلحة الأميركية فمن تعيين إلى عزل إلى تجميد العضوية، دون أي اعتبار للشعب العراقي الذي لم يستشر في أي شيء منذ البداية.<BR><BR>- محاولة جر الجيش العراقي إلى قتال شعبه، وهو ما جرى في الفلوجة، وقد كان موقف الجنود مشرفاً، حيث رفضوا الانصياع ومقاتلة إخوانهم، لكن المكر والجبن الأميركي لم يعدم وسيلة، حيث دفع أفراد من ميلشيات عراقية إلى الساحة، ليخفف عن جنوده وطأة الهزيمة والخسائر.<BR><BR>لا نرى أننا بحاجة إلى المزيد من السرد والتفصيل، فالأمور واضحة للعيان، لكن الذين يصرون على تغطية أعينهم ودفن رؤوسهم في الرمال لن يروا تلك الحقيقة أبداً.<BR><BR>وعودة إلى موضوع بريمر الوجه الأول للطلاء الأميركي للعراق، والذي من الواضح أنه ترك الكثير من المساحات غير المغطاة لتأتي بعد ذلك أوجه أخرى من الطلاء الأقوى والأشد تماسكاً، في محاولة يائسة بائسة لانتزاع شعب وبلد بأكمله من محيطه وأمته.<BR>يا ترى إن كان هذا وجه ال بريمر، فكيف تكون الوجوه القادمة؟؟ نسأل الله العافية..<BR><br>