الحوار الوطني و النقل الصحفي غير المنصف !
26 ربيع الثاني 1425
إبراهيم الأزرق

نقلت بعض صحفنا السيارة أن إحدى المشاركات في الحوار الوطني قالت والبكاء يخنق عباراتها: "نحن نحظى باحترام الرجل في المحافل والمؤتمرات الدولية" بينما ذكرت كلاماً مفاده أنها لا تجد ذلك الحب والتقرب من أبناء عشيرتها وبلدها، بل نصت على أنها تجد "الكراهية والإقصاء".<BR>وفور قراءتي لتلك العبارات قفز في الذاكرة مشهد لبعض اجتماعات "الكرملن"، والتي رأيت لقطات منها مبثوثة على الهواء مباشرة –وقد رآها العالم أجمع، لقد كان أحد النواب يلقي كلمته وأثناء الكلمة حصل سوء تفاهم فعَرَّض ببعض البرلمانيين الآخرين (لك أن تقول: اختلاف وجهات نظر)، وفجأة وبغير مقدمات رأيت قبضة طائرة تنطلق لتستقر في وجه صاحبنا، ليمسي بعدها المنتدى الروسي حلبة مصارعة ضخمة تحلق فوق أجوائها الكراسي الطائرة وبعض خفاف الأوزان، وهنا انقطع المشهد ولا أدري كيف فض الاشتباك.<BR>ومشهد آخر مقارب نقلته وكالات الأنباء لبرلمان شرق آسيوي أثبت إجادة تلك الشعوب لمهارات الدفاع عن النفس، وبخاصة تلك التي تستخدم فيها الأرجل.<BR><BR>فقلت في نفسي الحمد لله الذي لم يجعل الدكتورة أوربية أو شرق آسيوية، والحمد لله الذي لم يضعها في مثل تلك المواقف التي كانت ستصيبها بصدمة عصيبة ولاشك.<BR><BR>ثم جلست أبحث عن سبب ذلك البكاء المرير، وأتساءل عن الدوافع التي أخرجت تلك الدموع من مآقيها، فخلصت إلى أن الدكتورة الفاضلة ربما غابت عنها بعض الحقائق فدفعها ذلك لقول ما قالت ، ومن تلك الحقائق:<BR>رقة القوارير الفائقة الأمر الذي يؤدي إلى خدشها بسهولة ويسر، فالمرأة ذات حس مرهف وعاطفة متقدة تحس وتشعر، بل بما لا يحس به الرجال، ولعل من هذا القبيل قول الدكتورة: "الفكر الذي يدفع إلى مثلما حدث في الرياض أمس، أجده أمامي اليوم" –على حد تعبير الوطن السعودية- مع أن كل من أمامها يدين ويشجب ما حدث في الرياض بالأمس، ولو وجهت الدكتورة كلامها لمعين لكانت تهمة جديرة بالمقاضاة!<BR><BR>كما أن الرجال –مكتملي الرجولة- من طبيعتهم قوة الصوت والميل إلى الحقائق المجردة عن العواطف، ولا يخفى أن لكل جنس خواصه التي لها مزاياها "ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله"، فلعل تلك العوامل وغيرها كان لها أثر في طغيان تصورات وأمور لم ترد.<BR><BR>وبهذا التفسير أو غيره يستطيع القارئ أن يفهم تأثر الدكتورة من الموقف، لكننا لم نفهم نقل بعض الصحف لما حدث بطريقة تشي بتحامل وعدم حيادية مما ينم عن نقص في أمانة النقل وضعف في المصداقية . <BR>فكان مثلاً مما جاء في نقل بعض الصحف قول بعضهم : "وشن الدكتور ... هجوماً أكثر حدة على من وصفهن بالمتبرجات من المعلمات...".<BR>كررت العبارة ولم أدر ما هو محل قولهم: "من وَصَفَهُنَّ" من الإعراب! وكأن الصحفيين يقصدون إيهام القارئ بأن عبارات الدكتور جناية على الدكتورة ومن معها، وأن تلك الألفاظ وصف خاص به لسنا معه فيه، ثم زعموا بأن الحضور امتعض من تلك التصريحات.<BR><BR>وهنا لا يسع كل منصف إلاّ أن يقول: ليت الصحيفة احترمت عقول القراء بإرسال صحفيين أكثر مهنية أو أمانة لتغطية مثل هذا الحدث الهام!<BR><BR>إن الصحفي المبتدئ يعرف تماماً أن ما يجب عليه هو أن ينقل الحدث كما هو، فلا يضعه في سياق معين أو يضيف عليه تفسيرات شخصية أو إشارات أو تلميحات تضفي عليه طابع الرأي الشخصي أو تحرفه نحو موقف دون آخر . <BR>فالموضوعية تقتضي الحياد في نقل الخبر كما هو بغير إضافات ولا تعليقات ملبسة، ودون الوصف أو القدح الموجه من طرف تجاه طرف آخر بشخصه أو اسمه، وإلاّ لكان الكلام موهماً بالتبني لرأي القادح أو الواصف.<BR>كما أن التغطية الصحف لتلك الحادثة اشتملت على عبارات غير دقيقة من نحو الزعم بأن ما قاله بعض الدكاترة أثار امتعاض الحضور، والحقيقة أن ما قاله الدكتور لا يمكن أن يسبب امتعاضاً لمسلم، فكيف إذا انضم إلى ذلك علمنا بسرور بعض الحضور ومن بلغه الحديث من أصحاب العقول الحاضرة .<BR>ولذلك لم ير منظمو الحوار وجود إساءة إلى شخص فيقتضي الأمر امتعاضاً فضلاً عن اعتذارٍ أو استعتاب.<BR><BR><BR>ربما تحدث بعض صحفيونا وفقاً لآراء وتصورات ألقت بظلالها على الأحداث، وعذرهم أنهم لم يحضروا الجلسات المغلقة و لم يتسن لهم الاطلاع إلاّ على لمحة عابرة لم تمكنهم ولو من أخذ لقطة واحدة !<BR><BR><BR><BR><BR><BR><br>