هل هي أعتاب المرحلة الجديدة؟؟
3 جمادى الأول 1425

الواقع اليوم يشهد بأن ممارسات بعض الصحف السعودية تعد تجسيداً لما تمارسه الصحافة الحزبية في بعض الدول من خلال عملها للتأثير في الرأي العام المحلي واجتذابه لفلسفتها وأفكارها المناهضة لما قامت عليه الدولة.<BR>وهي بذلك تهدف في النهاية إلى إيجاد ما يسمى بالتثقيف النوعي للرأي العام المحلي، ومن ثم زيادة القدرة على تغيير المجتمع وتهيئته لقبول التغيير أياً كانت فلسفته.<BR>ومما يكشف الانتماء الحزبي لبعض الصحف المحلية معالجاتها لعدد من القضايا المطروحة على الساحة الداخلية، ومنها قضية المرأة وقضية التعليم.<BR>ونحن هنا لسنا في حاجة إلى تحديد الهوية الحزبية لكل صحيفة، لكن ثم أمور يجب الكشف عنها إذ إن التوجهات الحزبية لهذه الصحف تستهدف في الغالب التوجه العام للدولة والقائم على كتاب الله وسنة رسوله من خلال عدد من الأساليب، يمكن الكشف عنها من خلال الممارسات الصحفية في تعاملها مع مؤتمر الحوار الوطني الثالث على النحو التالي:<BR>1- التقليل من قدرة الفكر الإسلامي على مواجهة تطورات العصر وتعقيداته، واتهامه بالعجز عن معالجة القضايا المجتمعية المهمة في ظل الانفتاح على العالم، والنيل من قيم المجتمع الدينية، والدعاية للأفكار المناهضة للفكر الإسلامي المستقيم وطرحه كبديل ناجح للفشل (المزعوم) ضد الفكر الإسلامي. <BR>2- اتجاه الصحافة إلى شخصنة المواقف والأحداث التي صاحبت المؤتمر الوطني الثالث للحوار، وذلك من خلال جعل المواقف والآراء الشرعية نتاج أفراد أكثر منها نتاج علم وفقه بالشريعة الإسلامية، ونقل آراء علماء ودعاة الفكر الإسلامي بدون تقديم السياقات التي نتج عنها ومن خلالها لتغييب الطروحات التي تسقطها تلك الرؤى الشرعية.<BR>3- حاولت الصحف (الشرق الأوسط، الوطن، عكاظ) إضفاء الطابع الدرامي على الموقف، ولوحظ أن القصص الإخبارية التي تم تقديمها، كانت الشخصيات الفاعلة فيها، هي المعارضة للفكر المستند على العلم والفقه الشرعي، واستندت "الحبكة" في القصة الإخبارية على أن الشخصيات المتزنة والملتزمة هي سبب المأزق أو المشكلة، وهي بذلك تعمل على صناعة نجوم، ويبقى التبني والتأييد لفكرهم أمر غير مباشر لكنه مشحون بالمداخل العاطفية التي تهيئ القارئ أو المتابع لاتخاذ الموقف – الهدف – دون شعور منه.<BR>4- استمرت هذه الصحف في تنميط مواقف العلماء والدعاة من خلال تفسيراتها المعروفة ( الجمود، نبذ الآخر، النظرة الأحادية، العقلية المتخلفة، الانغلاق...) وغير ذلك مما تفوهت به ألسنتهم وما تخفي قلوبهم أعظم، والهدف من ذلك: التأثير على إدراك القارئ أو المشاهد، وتكوين صوراً نمطية سلبية عن مواقف العلماء والدعاة.<BR>وبذلك يتضح أن هذه الصحف والفكر الحزبي الذي تنطلق منه في الغالب فشل فعلاً في مقارعة أو مقاربة الفكر الإسلامي الوسطي الذي قامت عليه هذه البلاد، وهو منهج علمائها ودعاتها والمصلحين فيها، وما عمليات التشويه والإقصاء التي تمارسها هذه الصحف إلا صورة من صور الإفلاس الفكري ، كما أن أساليب الشخصنه وإضفاء الطابع الدرامي والتجزيء والنمطية التي اعتمدت عليها في تقديم مواقف المؤتمر وأحداثه إنما هي محاولة لتغيير الحقائق وتزوير الواقع حتى يتعامل الناس مع تلك الصور المشوهة لا مع الواقع.<BR>فهل التوجهات الحزبية لهذه الصحف محض صدفة،ونتاج أهواء متنفذة أم أننا على أعتاب مرحلة حزبية جديدة لقطف ثمار التحاور الذي كرس هذه التيارات المأفونة كشريك فكري في إدارة الحياة؟؟<BR><br>