مسرح العرائس يفتح أبوابه في غزة
4 جمادى الثانية 1425

من الظواهر اللافتة في تطورات القضية الفلسطينية مؤخراً أن الأطراف المشاركين في الصراع يتشكلون على مستويات متباينة من التأثير والتأثر ، والأمر أشبه بمسرح للعرائس مكون من عدة طوابق بعضها فوق بعض ، فمن يدير الأحداث على المسرح الأول هو بدوره يتحرك على مسرح ثان يُحرك عرائسه أطراف أخرى ، وهكذا...<BR><BR>وفي الأحداث الأخيرة كان أبرز اللاعبين : عرفات ، قيادات أمنية ، عناصر مسلحة من شهداء الأقصى ، وهناك الوسيط المصري المتمثل في اللواء عمر سليمان ، كما هناك أحمد قريع، ومحمد دحلان، وغيرهم ، وبينما تركزت الأحداث الرئيسة في المناوشات بين المسؤولين الأمنيين الذين تم اختطافهم وبين عناصر فتح ، فإنه كان واضحاً أن جناح محمد دحلان داخل فتح يحرك هذه الأحداث ، لكن دحلان لا يتحرك من تلقاء نفسه ، فمن ورائه تقف جهات عربية وأمريكية وإسرائيلية داعمة تصدر له تعليمات إدارة الصراع ، أما عرفات الذي يحرك القيادات الأمنية ، فيبدو من ورائه الضغط المصري عن طريق اللواء سليمان الذي أمهل عرفات مهلة شهرين – أوشكت على الانتهاء - لتنفيذ الإصلاحات، وهو ما دفع عرفات لإصدار قرارته المتخبطة ، ومن وراء الدور المصري تقف الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية يمارسان ضغوطهما على مصر لتكثيف جهودها .. <BR><BR>ومن يريد أن يفهم حقيقة ما يجري في غزة الآن ، أمامه ثلاثة مستويات للتحليل ، أولها : ما يجري على أرض الواقع من اشتباك دموي بين الأطراف التنفيذية المتمثلة في عناصر شهداء الأقصى والقيادات الأمنية ، وثانيها : ما يحدث داخل حركة فتح من صراع وتدافع بين مراكز القوى، والتي يختلف توافقها من عدمه مع عرفات بحسب قدرتها على لملمة الأمور والنفوذ والأموال بعد غيابه عن الساحة ، وثالثها : التدافع والتوافق المصلحي بين جهات عربية وبين الطرفين الأمريكي والإسرائيلي ..<BR><BR>ولمزيد من الإيضاح، نقول: إن آرئيل شارون رسم سيناريو لتنفيذ خطته بالانسحاب أحادي الجانب من غزة، والتي وضع لها موعداً بعيداً في عام 2005م لأسباب غامضة ، وذلك حتى يتسنى تحقيق عدة أمور : أولها : مجيء إدارة أمريكية جديدة تكون متفرغة لممارسة ضغوط أكثر قوة على الأطراف العربية والفلسطينية. وثانيها : حتى يتم إنهاء مرحلة السلطة الفلسطينية عن طريق تفكيكها تدريجياً مع الضغط على عرفات لإصدار نوعية معينة من القرارات يمكن تسميتها " قرارات الرصاصة الأخيرة ". وثالثها : حتى يتم الوصول إلى آلية لاستيعاب حماس سياسياً مع ضمان عدم حصولها على مكاسب ملموسة من ذلك ، وأهم الوسائل في هذا المجال تصفية القيادات البارزة في الداخل لإضعاف قرار الحركة السياسي. رابعها : فسح المجال لتصفية الصراع داخل فتح لصالح مراكز القوى الموالية لإسرائيل ، أو على الأقل فتح باب التنافس في هذا المجال ، وهو ما تجري أحداثه حالياً في الضفة وغزة ، والصراع ليس فقط من أجل سحب الصلاحيات والسلطات من عرفات ، بل هناك صراع أشد خطورة يدور بين مراكز القوى داخل فتح حول من يخلف عرفات في نفوذه وسلطاته بعد موته ..<BR><BR>ومن اللافت أيضاً أن التطورات الأخيرة تكشف عن اتجاهين متعاكسين، فالسلطة وفتح يتم تفكيكهما بنجاح كبير ، بينما فشلت كل جهود تفكيك حركتي حماس والجهاد، بل جمعت تلك التطورات بينهما على نحو غير مسبوق ، وهذا يعني أن الأحداث الحالية تقدم خلاصتها في كلمات قصيرة للشعب الفلسطيني : طريق الحرية يمر فقط على فصائل المقاومة الإسلامية ..<BR><BR>ينشر بالتزامن مع المحايد <BR><BR><BR><BR><BR> <BR><BR><BR><br>