المثقفات الأمريكيات يفضلن رعاية الأبناء على العمل
25 شعبان 1425

يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام، تتصاعد أصوات الفطرة وتشق السدود الإعلامية التي يبنيها إعلام يتوهم أنه قد أحكم الخناق على الناس حتى لا يعودوا إلى الصواب والرشد بعد ظهور البينات والبراهين، وإذا كانت المرأة التي جعلت ساحة لحرب متواصلة على القيم الأخلاقية والأسرية والاجتماعية لتقويض الأديان والأخلاق، فإن السلاح انقلب اليوم في وجه الذين رفعوه أول مرة. في مقالات متعددة في صحف متخصصة وشاملة، بدأت تظهر كلمة جديدة اسمها الثورة المضادة أو الثورة الجديدة، كلمة وصفت بها حركة للمراجعة في ميدان الأسرة والمرأة بعد سنوات طويلة من التجارب في الغرب كله، بل في العالم كله استعملت فيها كل الأسلحة والوسائل لقهر الشعوب وتمزيق المجتمعات وتقويض آخر القلاع وأقواها في توريث القيم الإسلامية والوطنية والإنسانية عبر مؤتمرات في عواصم المشرق والمغرب والشمال والجنوب.<BR><BR>البينة جاءت هذه المرة من الولايات المتحدة، فقد كانت المشاركة المتصاعدة للنساء في سوق الشغل بالبلدان المتقدمة إحدى التحولات الكبرى التي تبلورت ابتداء من سنوات 1970 و1980م، لكن منذ سنوات قليلة توقفت نسبة مشاركتهن بالولايات المتحدة في حوالي 60 في المئة ، وتعجب مكتب إحصاء العمل الأمريكي من انحدار نسبة مشاركة النساء ذوات الطفل الواحد من 59 في المئة إلى 53 في المئة، ولاحظ أن الفرق يتعلق أساساً بالنساء البيض اللواتي يبلغن أكثر من 30 سنة وذوات المستوى العالي.<BR><BR>اليوم 22 في المئة من ذوات الدبلوم العالي أصبحن أمهات في المنازل في حين أنهن من أكثر المؤهلات للحصول على مهنة معتبرة، وحسب دراسة شركة "كاتاليست" فإن واحدة من ثلاث من الحاصلات على الماستر المهني الإداري لا يعملن حصة كاملة، وتلاحظ سيلفيا آن هيوليت (الأستاذة بجامعة كولومبيا بنيويورك) انقلاباً كبيراً بين النساء النشيطات المنتميات لعشرة في المئة الأحسن أجرة مالية (أكثر من 55000 دولار أمريكي في السنة). السوسيولوجية في المدرسة الخاصة بالاقتصاد كاترين حكيم قدرت أن هذا الاختيار يتبلور حالياً في أوروبا خاصة بين الأجيال الشابة الجديدة، كتب كثيرة صدرت بالولايات المتحدة لتمجيد هذا الاختيار الخالي من أي فرض أو إكراه؛ لأن هؤلاء النسوة لهن بصفة عامة الإمكانيات للحصول على خدمات تربوية للأبناء مع وجود بنية تحتية قوية مخصصة لهذا الغرض، وسواء تعلق الأمر بمحاميات أم مهندسات أو متخصصات في المعلوميات، فإن هؤلاء "النساء الجديدات" يصرحن بقوة وعلانية أنه من الأفضل لهن والأكثر مسارعة في النمو والتفتح لديهن تخصيص الوقت كله والجهد كله لتربية أطفالهن، وأنهن لسن نادمات على الإطلاق على التخلي عن العمل كله أو أكثر من نصفه. ومن المهم ملاحظة أن بعضاً منهن تذكرن طفولتهن الخاصة مع أم نشيطة وحيدة غارقة في الرعاية أو مع آباء مطلقين، وهذه الظاهرة مهمة أكثر في الجانب الغربي من المحيط الأطلسي، حيث لم تقدم أي صيغة للتوفيق بين العمل والحياة العائلية. في البلدان الأوروبية حيث ينتشر التوقيت الجزئي، لا يوجد هذا الاختيار الصعب، ومن ثم يمكن أن تكون ظاهرة عودة النساء العاملات من الأطر العليا إلى بيوتهن أقل سرعة مما هو عليه الحال في الولايات المتحدة. <BR><br>