منتدى الناتو والخطر الأخضر
20 صفر 1426

في أوائل التسعينات وعندما تفكك حلف وارسو كما تفككت الإمبراطورية السوفياتية السابقة برز حلف الناتو أو حلف الأطلسي كأقوى حلف في العالم له استراتيجيته ومخططاته وميزانيته ومشاريعه وسياساته الخاصة.<BR><BR>وبسبب الفراغ الحاصل في مجال الأحلاف العسكرية فقد تحولّ منتدى الناتو الى أهم حلف عسكري، وتدل على ذلك نشاطاته المتزايدة وامتداده ليشمل دول أوروبا الشرقية سابقاً.<BR><BR>وتهيمن على منتدى الناتو الولايات المتحدة الأمريكية التي مازالت ترى أنها صاحبة الفضل على أوروبا، والتي لولا مشروع مارشال الأمريكي لظلت أوروبا في خانة الدول المتخلفة.<BR><BR>وخلفية تشكيل حلف الناتو كانت سياسية في بداية المطاف، إذ بعد الحرب الكونية الثانية وبداية امتداد الاتحاد السوفياتي باتجاه أوروبا الشرقية شعرت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول أوروبا الغربية بدنو الخطر الأحمر إلى عقر الدار الأوروبية ولمواجهة الخطر الأحمر تّم تشكيل حلف الناتو لمواجهة الإيديولوجيا الحمراء والترسانة العسكرية الحمراء أيضاً.<BR><BR>وإذا كان الخطر الأحمر قد زال إلى الأبد وباتت دول أوروبا الشرقية تتكالب للانضمام إلى حلف الناتو بعد انضمامها إلى الإتحاد الأوروبي، وحتى روسيا وقعت اتفاق شراكة مع الناتو فما الداعي لبقاء الناتو وحرصه على مزيد من التوسع والاستقواء.<BR><BR>وللإجابة على هذا السؤال لابد من إعمال النظر في تصريحات مسؤولي الناتو والتدقيق في البيانات الختامية لمؤتمرات منتدى الناتو وفحص الدراسات التي يصدرها الناتو.<BR><BR>مبدئياً تحرص بعض الدراسات على القول إن حلف الناتو وبعد تفكّك الاتحاد السوفياتي السابق أصبحت وظيفته تكمن في الحفاظ على الأمن القومي للكتلة الغربية والحؤول دون وقوع أحداث مشابهة لتلك التي وقعت أثناء الحرب الكونية الأولى والثانية، والتي كانت أوروبا مسرحاً لها.<BR><BR>وهناك بعض الدراسات التي قام بها الناتو وبعض مؤسسات الدراسات التي تتعاون مع منتدى الناتو تفيد بأن الخطر الأحمر أصبح اليوم خطراً أخضر، وأن الخطر الأخضر أخطر بكثير من الخطر الأحمر، وتفترض بعض هذه الدراسات أن تعم الأصولية الإسلامية بين قوسين العالم العربي والإسلامي واحتمال أن تندلع مواجهات بين الكتلة العربية الإسلامية مع الكتلة الغربية.<BR><BR>وبعض هذه الدراسات تحمل الرائحة الامريكية، وفيها بصمات لبعض صناع القرارالسابقين في أمريكا، والذين باتوا يتعاونون مع مراكز الدراسات الاستراتيجية.<BR><BR>وهناك محاولات حثيثة لتوجيه الناتو في منحنيات بيانيّة مضادة للعالم العربي والإسلامي، وكانت بعض قمم الناتو وضعت مخططات عسكرية عن كيفية التدخل السريع في هذا الإقليم أوذاك في حال انهارت الأوضاع الأمنية أو نشبت مشاكل من أي قبيل كانت.<BR><BR>واللافت للنظر أن أحد الباحثين من تل أبيب ذكر في بحث له أن أمنيته أن يدخل الناتو في حرب مع كتلة العالم العربي والإسلامي لتضمن الدولة العبرية بذلك ضعف الكتلتين الغربية والإسلامية، ثم تستفرد هي بعدها بالسيادة على البحر الأبيض المتوسط، والذي يعد قاسماً جغرافياً مشتركاً بين الكتلة الغربية وعديد من الدول العربية.<BR><BR>وأشد ما يخشاه المراقبون أن يتحول الناتو إلى مؤسسة أمريكية في صيغة الشركة المتعددة الجنسيات، ورغم أن فرنسا تعمل على زحزحة الاستفراد الأمريكي بمنحنيات الناتو الا أنها في النهاية تقبل صاغرة بما تخطط له واشنطن، وكانت واشنطن في وقت سابق أعطت الضوء الأخضر لدخول المجر وتشيكيا وبولندا إلى منتدى الناتو وتحفظت على انضمام رومانيا وسلوفينيا، وكانت فرنسا وإيطاليا اعترضتا على سياسة أمريكا الناتوية، حيث تسعى واشنطن للانفراد بصناعة سياسة الناتو العسكرية والأمنية وغيرها ويبدو أن واشنطن وحدها تأكل العنب والبقية تتفرج على اللعبة فقط.<BR>ومن هذا المنطلق يخشى أن تجير واشنطن الناتو في حروبها المفتوحة شرقاً وغرباً وحتى في الفضاء مستقبلاً.. <BR><br>