هنيئاً لأرض الجهاد مظاهرات الشعوب العربية !
10 ربيع الأول 1426

الحمد لله، لقد فعلنا ما يتوجب علينا فعله اليوم، وكدنا أن نحرر الأقصى وفلسطين والعراق وكشمير إلا قليلاً، وسنترك للآخرين ما يقومون به.<BR>ويعود الآلاف إلى منازلهم مرهقين ومتعبين، بعد كفاح مرير وصراخ طويل، قاموا فيه بكل ما يتوجب عليهم فعله، في سبيل القضايا المبجلة للأمة العربية والإسلامية !<BR><BR>منذ سنوات طويلة، وقبل أن تفقد الأمة العربية والإسلامية كل هذه الأراضي المحتلة والمسلوبة، وقبل أن تهدر دماء المسلمين في دول وأمصار عديدة، تبنت الشعوب العربية (الكسيحة) سياسة المظاهرات، تنديداً واستنكاراً، وفشلاً.<BR><BR>ولأنها لا تملك إلا هذه الفسحة للتجمع والتجمهر، في دول تعد أي تجمع غير رياضي؛ مساساً بأمنها! فإن الجماهير العربية استحسنت فكرة المظاهرات وتبّنتها، وعوّلت عليها من أجل تنفيس كثير من مشاكلها النفسية والضغوطات التي تعاني منها، ضمن الأطر المعقولة، والتي تنص عليها قوانين الوجود الأمني لذات الدولة في محيط المظاهرة.<BR><BR>لذلك، ففي كل مرة تصاب الأمة العربية أو الإسلامية بنكبة أو نكسة، لا تقبل جماهير بعض الدول العربية بأقل من "مظاهرة حاشدة"، تزلزل فيها الأرض تحت أقدام واشنطن وتل أبيب، وتخرج منها الشعوب العربية منهكة، كأنما عادت لتوها من جهاد.<BR><BR>ولن ينسى المتظاهرون الذين التهبت حناجرهم بالهتاف والصراخ، إحراق العلم الأمريكي والإسرائيلي، إمعاناً في إذلال حكومة البيت الأبيض، وإذلالاً للحكومة الإسرائيلية، التي خسرت حتى الآن آلاف الأعلام المحروقة تحت عدسات الكاميرات، فيما ترتفع أعلام أخرى لها شامخة في سفاراتها وقنصلياتها ومكاتبها في كثير من الدول الإسلامية والعربية !<BR><BR>ولربما تعطلت مرافق الدولة في يوم الحشد العظيم، لنصرة إخوانهم المسلمين في الدول الأخرى، وأضرب العمال عن أعمالهم في يوم لا يليق فيه العمل، وترك الطلاب كراساتهم في منازلهم، وحملوا بدلاً منها الأقمشة المصبوغة بالشعارات التي ستذل الأمريكيين والإسرائيليين إلى أبعد الحدود، وتعطل السير والنقل في المدينة المناصرة.<BR>وقد يقرر الكثيرون منهم عدم الذهاب إلى أعمالهم في اليوم التالي، طلباً للراحة بعد طول جهاد !<BR><BR>أما وسائل الإعلام، فإنها تعد ما يحدث صيداً دسماً لكاميراتها وأقلام مراسليها وصفحات مجلاتها وشاشاتها، فتبث آلاف الصور لشعوب يراها البعض مناصره لأصحاب الحق، ويراها الآخرون عكس ذلك.<BR><BR>أما على الجانب الآخر، فإن المجاهدين الذين يدافعون عن دينهم وأوطانهم وأعراضهم؛ يعملون بصمت مطبق، دون أي جلجلة أو صراخ أو تضخيم.<BR>وحدهم هناك، في فلسطين والعراق وغيرها، يدفعون ثمن صمودهم دماً وألماً.<BR>دون أن تصل أصوات تكبيراتهم على شهدائهم لأحد من العالمين، ودون أن تصل أصوات الحشود العربية لآذانهم التي لم تترك فيها أصوات الرصاص والقذائف مكان لغيرها.<BR><BR>أما عدسات الكاميرات وأقلام الصحفيين، فإنها تنأى عنهم بأوامر من قوات الاحتلال، فلا يسمح بتمرير أية معلومة أو صورة إلى العالم ما لم تكن ممهورة بتوقيع الفسح من قبلهم.<BR>وإن حدث وتسربت بعض منها، أو كشفت مصادر إعلامية عن معاناة أهل المدن المحتلة، أو حجم خسائر في صفوف الاحتلال، أو قوة المقاومة، فإن وسائل الإعلام العربية التابعة لوكالات الأنباء العالمية، والوكالات العالمية التابعة بدورها لنفوذ سلطة الدول الغربية؛ جاهزة لأن تقلب الحقيقة سراباً، وتطمس أي رأي مخالف لها، خدمة لقوى الاحتلال !<BR><BR>المظاهرات العربية، ماذا قدمت حتى الآن لقضايا الأمة العربية والإسلامية ؟ وماذا استفاد منها آلاف المظلومين والمقهورين في دولهم..؟ <BR>إنها حتى الآن -رغم سنوات طويلة من تكرارها- لم تقدم أي شيء.<BR>فلا هي منعت احتلال دول أخرى، ولا كسرت معاهدات حكومات بلادها مع الاحتلال، ولا أوقفت أساطيل عبرت من أراضيها لاحتلال دول الغير، ولا أرغمت حكوماتها على تبني مواقفها، ولا استطاعت فتح جبهة واحدة ضد أعداء الأمة، ولا كسرت حداً وضعته الحكومة لحماية الاحتلال، ولا أي شيء آخر، سوى ما يترتب على كل مظاهرة من تعب وإرهاق وخسائر مادية.<BR><BR>ولربما ترى حكومات بعض الدول؛ المظاهرات شكلاً إيجابياً من أشكال تفريغ الشحنات العاطفية لشعوبها، وتوجيه الاحتقان الشعبي إلى أشهر رمزين للعداء (واشنطن وتل أبيب) بعيداً عن رمز السلطة التي أنعمت على الجماهير بأن سمحت لهم بتنظيم مظاهرة.<BR>فكل مظاهرة تحدث في تلك الدول العربية -مهما كانت- قد حصلت مسبقاً على الموافقة الرسمية من الجهات المعنية لها، وإلا فإن الأمن بالمرصاد، من أجل تشتيت الناس، واعتقال علية المتظاهرين، والمحافظة على المصلحة العامة !<BR><BR>لذلك، فما أن تحدث أزمة في العالم العربي والإسلامي، إلا وكانت المظاهرات جاهزة، ابتداءً من الموافقة الرسمية، ومروراً بالشعارات واللافتات والهتافات الجاهزة، وانتهاءً بالمكان المخصص لها تحت الحماية الأمنية المعهودة.<BR>فهنيئاً للشعوب العربية جهادها وكفاحها، وهنيئاً للمقهورين والمجاهدين دعم الشارع العربي لهم، والويل لشارون وبوش وأي حكومة تترصد بأمتنا، فالشعب العربي جاهز -دائماً- للمظاهرة !<BR><BR><BR><br>