الهدف التالي هو السودان.. لا سواه!
12 ربيع الأول 1426

السودان و ما أدراك ما السودان، السودان الذي تبلغ مساحته حوالي 2.5 مليون كيلومتر مربع (أي أكبر دولة أفريقية مساحة يليها الجزائر)، وتبلغ مساحته نحو ضعفي مساحة مصر و نيّف، و ما يقرب من مساحة أوروبا الغربية، ويبلغ عدد سكّان السودان حسب إحصاء عام 97 م حوالي30.3 مليون نسمة 83% من عدد السكان من المسلمين –حسب إحصاء عام 92م- و 14% وثنين و 3% نصارى، و يوجد في السودان حوالي 752 قبيلة تتوزّع على عدّة قوميات أكبرها العرب 40% و من ثمّ الزنوج 30%. <BR><BR>هذا السودان الذي تصعب السيطرة عليه بحكومة مركزيّة قويّة دون استخدام القوّة، و هو الأمر الذي سينتقده الجميع بحجّة الديكتاتوريّة, تتكالب عليه جميع الأمم من أمريكا و إسرائيل و بريطانيا و أستراليا و ألمانيا و فرنسا و لم يبق أحد إلاّ و تدخّل في السودان، و العرب أصحاب القضيّة نيام في سبات عميق نوم أهل الكهف، حتى تقع المصيبة فيصحون عندها على نداء "هلمّو إلى مساعدتنا في اجتياح السودان" كما حصل مع العراق، و في حال أراد أحد الغيورين على مستقبل الإسلام و العرب و السودان الدفاع عنه حينها سيهبّ الآخرين صارخين في وجهه "لن نكون سودانيين أكثر من السودانيين" كما قالوا سابقاً: "لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين" و "لن نكون عراقيين أكثر من العراقيين", و عندما تسقط الدول الواحدة تلو الأخرى، و تطلب المساعدة يكون جواب الأخوة العرب "لا نريد التدخّل في الشؤون الداخلية لدولة عربية أخرى!!!!"<BR><BR>إنّ السودان في شكله الحالي يعدّ فريسة سهلة للولايات المتّحدة الأمريكية، وسيكون الهدف التالي بعد العراق على الأغلب إذا ما أرادت الولايات المتّحدة شنّ هجوم على إحدى الدول استكمالاً لسلسلة حروبها الوقائيّة أو للهرب من المستنقع العراقي، و يمكن لأي مراقب ملاحظة التصعيد الحاصل تجاهه في الأمم المتّحدة و المشاريع الأمريكية و الفرنسية لفرض عقوبات اقتصادية و سياسية على السودان، و قد بدأ الترويج لاستخدام قوات حلف شمالي الأطلسي كما نادى بذلك الأمين العام للأمم المتّحدة منذ مدة وجيزة، أمّا الأسباب التي دفعتنا إلى ترجيح السودان ليكون الهدف المقبل فهي:<BR>أولاً: أنّ الولايات المتّحدة لا تهاجم إلاّ الدول الضعيفة و المتهالكة أو المأزومة، و في حالة السودان فقد تمّ إضعافه بما فيه الكفاية و محاصرته و قصفه سابقاً، و يبدو الآن في وضع مأزوم مع تفاقم المشاكل الداخليّة الإنسانيّة و الاجتماعيّة و السياسيّة.<BR><BR>ثانياً: انعدام السلطة المركزيّة القويّة بسبب عوامل عديدة، منها المساحة، و منها الجغرافيا، و منها التعدد و التنوع المتشابك، و لكن سببها الرئيس التدخلات الخارجية و التهديدات و الضغوطات المتواصلة، و التي لم تتح لأي حكومة سودانيّة سابقة بسط سيطرتها على كامل السودان، خاصة تلك التي تريد تحكيم الشريعة الإسلامية.<BR><BR>ثالثاً: وجود جبهة داخلية معارضة منشقّة عن السودان منها ذو طابع طائفي، و منها قبلي (أصبحت بعد الاتّفاق مع جون غارنغ معارضات)، وجدت بداية كنتيجة للممارسات التراكمية الاستعمارية الإنجليزية السابقة التي حصرت جنوب السودان، وعزلته عن باقي مكونات الشعب السوداني، و التي تشكّلت و نمت فيما بعد بدعم أمريكي و إسرائيلي و كنسي لأهداف عقائدية و جيوسياسية كبيرة بحيث تمّ تجهيز هذه المعارضة بجيش و مطارات و أسلحة و معدّات و دعم سياسي و مالي و ديني، وهو ما يجعل الوضع أقرب إلى تحالف الشمال في حالة أفغانستان و الأحزاب المسلّحة الشيعيّة و الكرديّة في حالة العراق خاصّة بعد إعلان ولادة جبهة شرق السودان على غرار حركة غارنغ السابقة.<BR><BR>رابعاً: السجل "الإرهابي" للسودان بحسب المفهوم الأمريكي، و إذا ما أرادت الولايات المتّحدة ذرائع و حجج فبكل بساطة لن تدّعي أنّ للسودان برامج نووية و أسلحة دمار شامل، ولكنّها ستستدعي الماضي لايوائه أسامة بن لادن في مرحلة من المراحل، و ستقول بأنّه أكبر داعم للإرهاب العالمي على الرغم من أنّ السودان كان قد أزيل مؤخّراً عن لائحة الإرهاب الأمريكية، لكن على الأرجح أنّها لن تعتمد على ذلك، فقد ملّ العالم ذريعة الإرهاب و أسلحة الدمار الشامل لذلك ستكون الذريعة هي: مجازر جماعيّة و حقوق الإنسان المهدورة، و عدم المساواة و الإبادة الجماعيّة هي الذرائع الإنسانيّة للتدخل و اجتياح السودان.<BR><BR>خامساً: استعداد الدول المجاورة للسودان لاستقبال القوّات الأجنبيّة، سواء كانت أمريكيّة أو بريطانيّة أو استراليّة أو فرنسيّة لاجتياح السودان، كما كان الوضع مع العراق باستثناء مصر التي ستعارض، لكن يجب علينا ألا ننسى أنّ مصر قد ساهمت في مرحلة من المراحل إلى وصول السودان إلى ما هو عليه اليوم من ضعف، فقد ناصبت مصر العداء للسلطة السودانيّة خوفاً من تأثير الوضع الإسلامي في السودان على الإسلاميين و الحركة الإسلاميّة في مصر ما أدّى إلى إضعاف السلطة السودانيّة إقليمياً، ووقوفها منفردة أمام جميع الضغوطات و التمرّدات و التدخّلات الخارجية.<BR><BR>سادساً: اكتشاف ثروات نفطيّة مهمّة في الخمس سنوات الأخيرة في السودان بشكل عام و في الجنوب بشكل خاص، مع العلم أنّ معظم الشركات المسيطرة هناك هي صينيّة و هنديّة و ماليزيّة، وبالتالي إذا خافت أمريكا من سيطرة هذه الشركات على الثروات والاستثمارات المستقبلية فسيكون عليها التدخل في هذه المنطقة، وقد تلجأ إلى ذلك أيضاً إذا حصل تداعٍ اقتصادي كبير لديها، فسيصبح هدفها احتلال جميع أماكن إنتاج و تصدير النفط لحرمان الأوروبيين من الإمدادات، و كي لا يستغلّوا هذه المدة و يتفوّقوا على الولايات المتّحدة و لكي يبقوا مرهونين لها.<BR><BR>سابعاً: و هو الأهم من هذا كلّه وجود خطط أمريكيّة و إسرائيليّة وكنسيّة قائمة على قواعد و مرتكزات عقائدية و جيوسياسيّة _كما ذكرنا سابقاً_ و ذلك لتفتيت و تقسيم السودان، و هذه ليست (فوبيا) مؤامرات كما يروّج البعض، فالأمر أصبح مكشوفاً ولا وجود للمؤامرات الآن، الآن اللعب يتم على المكشوف منذ سايكس بيكو و فلسطين مروراً بتيمور الشرقيّة و صولاً إلى العراق، فهناك ضغينة و حقد كبير على الإسلام، و رغبة كبيرة بإقصائه من المناطق التي يسعى للانتشار بها، فلو سيطرت حكومة إسلاميّة قويّة في السودان فإنّ ذلك سيكون من شأنه التأثير على كامل القرن الأفريقي و منابع النيل و منطقة البحيرات التي تعد من أهم المناطق الاستراتيجية في القارة الأفريقية، فوقف زحف الإسلام في القارة الإفريقية لم يكن بالفكرة الجديدة، فالقس (أرشيد كون شو) يقول عام 1909م: 'إن لم يتم تغيير هذه القبائل السوداء في السنوات القليلة القادمة فإنهم سيصيرون محمديين؛ إذْ هذه المنطقة منطقة استراتيجية لأغراض التبشير" وهو تماماً ما تمت التوصية به في المؤتمر الإرسالي العالمي بأدنبرة عام 1910م: 'إن أول ما يتطلب العمل إذا كانت إفريقيا ستكسب لمصلحة المسيح أن نقذف بقوة تنصيرية قوية في قلب إفريقيا لمنع تقدّم الإسلام'.<BR><BR><font color="#0000FF">فمن أهداف أمريكا و إسرائيل في السودان: </font><BR>1- إن جزءاً أساسياً من استراتيجية أمريكا والصهاينة في تعاملهما مع الدول الإسلامية هو السعي إلى تفتيتهم ، وإضعافهم، وذلك إما بتقسيمهم إلى دويلات أو تجزئة الدول الإسلامية إلى كانتونات طائفية مثلما الحال في لبنان وتيمور الشرقية في اندونسيا ، و في العراق، وكما هو الحال في السودان الذي يراد سلخ وحدته بنزع جنوبه و سلخ غربه و إهمال شرقه، بحيث ينهار في الوسط، وإذا انقسم السودان فإن ذلك مؤذن بانقسام الدول المجاورة، ومن بينها مصر، والتي تحمل بعض المخططات الغربية هدفاً استراتيجياً لها بهذا الاتجاه .<BR><BR>2- السيطرة على المياه، فالأحلام الصهيونية حول الوصول لمياه النيل ما زالت قائمة، وذلك من خلال ممارسة الضغط المائي ضد مصر والسودان، والالتفاف على الرفض العربي لنقل مياه النيل للكيان الصهيوني، ولذلك يقوم الصهاينة بتكثيف التعاون مع دول حوض النيل في مشروعات مشتركة يمكن أن تقلص حصتي مصر والسودان من المياه، وإذا كانت السيطرة على المياه هدفاً صهيونياً استراتيجياً من أجل الحاجات الأساسية ، فإنه يمثل هدفاً مشتركاً مع أمريكا من أجل استخدامه كورقة ضغط كبيرة جداً على مصر ، وهو أكبر ما تخشاه السياسة المصرية من الأزمة السودانية وعواقبها المؤثرة على مصر.<BR><BR><BR>3- النفط: من الملاحظ أن الضغوطات الكبيرة و التهديدات للسودان جاءت في الوقت الذي ظهر فيه النفط وبقوة في السودان‏، وخاصة مع تصاعد الحديث عن الاستثمارات النفطية الضخمة في السودان التي أصبحت حقيقة، وبدأت تتصاعد في الأسواق العالمية‏.(التصدير بدأ عام 99 بقوة).<BR><BR>4- حصار المد العربي و الإسلامي _كما شرحنا_ وإغلاق البوابة الجنوبيّة للعالم الإسلامي المتمثّلة بالسودان و إعادة تنشيط الدور التنصيري الغربي الذي تلعبه المنظمات الإغاثيّة الغربية و غير الإغاثيّة، و الذي يتمتع بخارطة واضحة المعالم تمتد من جنوب السودان حتى جنوب أفريقيا .<BR><BR>5- إنهاء الأمل العربي و الإسلامي في تحوّل السودان إلى سلّة غذاء العالم العربي .<BR>و لذلك فالسودان في وضعه الحالي يشبه ما كان عليه العراق في مرحلة من المراحل، و لذلك فانّ أي هجوم عليه، سواء تحت اسم قوات أمريكية أو قوات حفظ سلام أو قوات حلف شمال الأطلسي أو غيره سيكون كارثة حقيقية. <BR><DIV align=center> <TABLE width=450 align=center border=0 cellPadding=0 cellSpacing=0> <TBODY><TR> <TD width=45% valign=bottom align=left> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">لقد أسمعت إن ناديت حيّاً</SPAN> </TD><SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"><td width=10%> </td></span> <TD width=45%> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"></br>و لكن لا حياة لمن تنادي</SPAN> </TD> </TR></TBODY> </TABLE> </DIV><br>