
نعم، ليس عجيباً أن يقوم جندي أمريكي أو ضابط أو محقق بإهانة المصحف الشريف، فهذا الجندي وأمثاله قد تربوا في بيئة لا تقيم للأخلاق وزناً أبداً، تربوا على الفحش والكذب والخيانة كما تربوا على العنصرية البغيضة واحتقار الشعوب الأخرى، وما يفعلونه في (غوانتانامو) شاهد على ذلك.<BR><BR>ليس عجيباً أن يحقد أعداء الإسلام على هذا القرآن الذي أحيا أمة وأخرجها من الظلمات إلى النور، أمة متميزة بحضارتها وثقافتها وكل شؤونها، وعندها القابلية لأن تنهض وتكون شاهدة على الأمم الأخرى، ورغم كل الكوارث التي أصيبت بها في العصر الحديث فإنها ما تزال مدافعة لعدوان الظالمين الغاصبين لأرضها الناهبين لخيراتها، ولطالما حسد الكفار والمنافقون المسلمين على هذا الهدي السماوي، وهذا النور والفرقان الذي هو حظ المؤمنين، فالجوهرة الثمينة يكثر حساد من يقتنيها.<BR><BR>لقد تعرض القرآن من قِبَل أعداء الإسلام للتحريف المعنوي والمادي وفي كل العصور، وعندما لم يجدوا سبيلاً لمحاربته علناً حاربوه بالأساليب الملتوية الماكرة، وهي تحريفه من ناحية المعاني وتأويله باطنياً، وبعضهم قال إنه ناقص.. إلى آخر هذا الحقد على الذين حملوه أولاً ونزل في ديارهم، وفي العصر الحديث نرى مؤسسات تبشيرية وغير تبشيرية تحاول التشويه بتوزيع نسخ من المصاحف محرفة أو ناقصة.<BR><BR>ليس غريباً أن تصدر مثل هذه الأفعال عن أعداء الإسلام في هذا العصر الذي تحطمت فيه كل القيم باسم الحرية الفردية، وأصبح الاستهزاء بالأديان والأخلاق شيئاً طبيعياً، وخاصة لمن يحبون الظهور والشهرة. حرية الرأي وحرية الكفر هذه يشكو منها حتى بعض عقلاء الغرب، فما بالك بالمسلمين الذين يفضلون حب الله وحب رسوله على الأهل والعشيرة والأوطان والأموال.<BR><BR>كل هذا ليس عجيباً.. ولكن العجيب هو هذا الاستهتار بالأمة الإسلامية الممتدة من المحيط إلى المحيط، وما هذا الاستهتار إلا بسبب سكوت الدول الإسلامية وضعفها عن الاحتجاج الرسمي والقوي لدى أمريكا فاحتجاج الدولة أقوى بكثير من احتجاج فرد أو مؤسسة.<BR>وما هذا الاستهتار إلا لعدم وجود هيئة تمثل غالب المسلمين ويكون لها من التقدير والاحترام ما يجعل كلمتها مسموعة في المحافل الدولية.<BR><BR>إن الاحتجاجات الإعلامية لا تكفي، وتعيين يوم عالمي للتذكير بهذا الحدث لا يكفي، فالغرب لا يهتم بهذه التظاهرات الكلامية ويمكنه أن يراوغ ويتنصل، ويعتذر بأعذار واهية، المواقف العملية هي المؤثرة وهي المجدية، مثل المقاضاة ورفع الدعاوى على هؤلاء المجرمين، أو مثل المقاطعة والاحتجاجات الكتابية للمؤسسات الفاعلة في أمريكا كمجلس الشيوخ وغيره. وهذا أوان أن تدافع الحملة العالمية هذا العدوان الذي يتناول أسمى مقدسات المسلمين.<BR><br>