إردوغان إلى واشنطن.. ماذا بعد؟
16 جمادى الأول 1426

لا شك أن الزمن وحده هو كفيل بتحديد مدى نجاح أو فشل الزيارة التي قام بها (رئيس الوزراء التركي) رجب طيب إردوغان إلى الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا لكن من الواضح بأن إدارة بوش لم تعط العلامة النهائية لتركيا بعد وبأنها تنتظر الأسابيع وربما الأشهر القادمة لتراقب سياسة وتصرفات إردوغان وحزبه عن كثب ومن ثم تقول كلمتها الأخيرة.. أما تركيا فبدورها تنتظر من واشنطن خطوات فعلية بشأن منظمة حزب العمال الكردستاني وقبرص لكي تسجل نجاح هذا اللقاء. إدارة بوش سوف ترصد خصوصا سياسة حزب العدالة والتنمية وكيفية تعاملها مع المسائل المتعلقة بالعلاقات التركية الأمريكية، العدائية الشعبية التركية لأمريكا، مبادرة إصلاحات الشرق الأوسط الكبير والعراق سوريا وإيران. <BR><BR>يمكن القول بأن أهم ملفين عرضهما إردوغان على بوش هما قضية قبرص بالإضافة إلى اتخاذ خطوات وتدابير عملية فعالة ضد حزب العمال الكردستاني. ولكن المعطيات الأولى تشير إلى أنه بالرغم من أن واشنطن توافق مبدئيا على أحقية تركيا في هذه المطالب إلا أنها لم تعده باتخاذ أي خطوات إزاء هاتين المسألتين في المدى القريب.. لقد لاحظنا أن إردوغان أفسح في هذه الجولة مكانا واسعا للقاء كبار الرؤوس الأمريكية ومندوبين الصحافة الأمريكية وهو من خلال هذه اللقاءات معهم وفي البيت الأبيض يتوقع بأن يحسن من صورة حزبه التي تشوهت مؤخرا في واشنطن.لا شك أن أهم نقطة يمكن تسجيلها في هذا اللقاء هو تأكيد الجانبين الأمريكي والتركي على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. وطبقا للمتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكلاين فإن (هذا اللقاء كان مثمرا يهدف إلى إنعاش الشراكة الاستراتيجية بين البلدين). وهكذا نرى بأن أنقرة التي تهتم جدا لكلمة "الشراكة" نجحت في تلسينها رسميا على لسان المسئولين الأمريكيين. <BR><BR>لم يعد يخفى على أحد بأن زيارة إردوغان إلى الولايات المتحدة تخللتها العديد من المشاكل، حيث إنها جاءت تبعا للإصرار التركي الذي دام أشهرا طويلة بين المد والجزر الأمريكي. وحول هذه الزيارة قال مصدر دبلوماسي أمريكي في أنقرة:" تركيا هي دولة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة لهذا السبب فإن البيت الأبيض وافق أخيرا على الموعد نزولا عند الإصرار التركي له.. لكن مع ذلك فإن واشنطن رسمت شكلا خاصا للقاء وقلصته قدر الإمكان بطريقة تمنع إردوغان من تصويره بشكل مبالغ فيه". ونفهم من ذلك بأن الولايات المتحدة سمحت لإردوغان بأن يقول أمام شعبه: (انظروا أنتم تقولون بأن العلاقات سيئة، لكن ها هي علاقاتنا حسنة)!! لكنها لم تمنحه تأشيرة لأبعد من ذلك.. <BR><BR>حسنا ولماذا هذا الانزعاج الأمريكي من حكومة إردوغان؟..<BR>في الواقع الإجابة على هذا السؤال في غاية السهولة.. فكيفما توترت العلاقات بين البلدين بسبب إخفاق طانسو تشيللر من الوفاء بوعودها لأمريكا عندما كانت رئيسة للوزراء، فإن إردوغان يعيش نفس المشكلة.. بل والأسوأ من ذلك أن الولايات المتحدة ترى في علاقات الانفتاح التركية مع سوريا وكأنها "عناد فيها" كما تأخذ على تركيا عدم التزامها بمبادئ الشراكة الاستراتيجية في مشروع الشرق الأوسط وأفريقيا الكبير.والمسألة الأخرى التي تزعج الولايات المتحدة هي تقاعس تركيا عن تلقي واستيعاب رسائلها بالشكل الصحيح.. وعن ذلك يقول الدبلوماسي الأمريكي "لقد بدأت تتضح شيئا فشيئا حقيقة أن الكل يعزف على مواله، ولحد الآن لم يخرج لحن جميل من هذه الأوركسترا" ويضيف بأن رئيس الوزراء التركي محاط برجال يفتقرون إلى الرؤيا المتقدمة والواسعة وبأنه يطبق سياسة خاطئة ومستمر فيها بتأثير من حوله. وقال الدبلوماسي بأن أمريكا بدأت تقطع الأمل من إمكانية تخلي تركيا عن نظرتها المحدودة الضيقة كما أشار إلى أن واشنطن منزعجة بشدة بعد الأخبار التي تلقتها عن علاقات تربط تركيا ببعض الطوائف السنية والتنظيمات في العراق وتواصل تركيا بهذه العلاقات رغم معرفتها بالانزعاج الأمريكي.<BR><BR>دون شك، من حق إردوغان القول: إن الزيارة جاءت دليلا على أهمية العلاقات التركية - الأميركية و إنها نجحت في إعادة الدفء إلى هذه العلاقات إلا أنه من الواضح أن واشنطن تريد أنقرة لاعبا تقوم بدور مدروس في سياساتها ومخططاتها تجاه المنطقة لا لاعبا مستقلا تشاور دمشق وطهران حول مستقبل المنطقة.<BR><br>