الدور العربي الذي تريده أمريكا في العراق
6 شوال 1426

في إطار استنكار عدد من المتابعين والكتّاب لدور الجامعة العربية الذي تقوم به مؤخرا في العراق, يتساءل عدد آخر وما العيب في دور عربي فاعل في العراق؟<BR>في الحقيقة أنّ من يقول: أن لا دور للعرب في المسائل التي تجري حالياً على أرض الواقع، سواء كلّ في دولته أو في إقليمه أو حتى في منظومة الشرق الأوسط الأكبر, فهو مخطئ ومخطئ جداً، ويا ليت كان كلامه صحيحاً، وكنّا نتمنى ألا يكون للدول العربية دور مقارنة بما يقومون به منذ استقلالهم المزعوم وحتى اليوم.<BR>الحقيقة الكاملة هي أنّه يوجد دور للدول العربية دائماً وهو دور فعّال وقوي لكنه في الجهة الخاطئة ودائماً لتغطية أفعال أمريكا و"إسرائيل" ودائماً لضرب المقاومة والعزّة والكرامة ودائماً بحجّة الحفاظ على الاستقرار والنمو والإنجازات!!<BR><BR>الدور العربي هو دائما كعملية تبييض الأموال بمعنى شرعنة ما هو غير شرعي. فالدور العربي فيما يسمى عملية السلام هو عمليا شرعنة وجود "إسرائيل", الدور العربي فيما يسمى الحرب على الإرهاب هو شرعنة الحرب على الإسلام, الدور العربي في محو ذاكرة المجتمعات هو شرعنة وجود الاستعمار (الأمريكي, الفرنسي, البريطاني) الذي لم يتم إزالته يوما من أراضينا, الدور العربي فيما يسمى الإصلاح هو إطالة أمد الفساد وأخيراً وليس آخرا الدور العربي في العراق والذي لا يأتي لشرعنة الاحتلال فقط؛ وذلك لأنّ الشرعنة قد تمّت منذ مدة وإنما لمساعدة الأمريكيين على الخروج من الجحيم. نعم, إنهم حتى يرفضون أن تهزم الولايات المتّحدة في العراق ويقدّمون القرابين لها.<BR>الدور الذي تريده أمريكا هذه المرّة من العرب هو في العراق المحتل، ولكن ماذا تريد أمريكا؟ الجواب كتبه أنتوني كوردسمان (الباحث المختص بقضايا الشرق الأوسط، وخاصّة العراق في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن) في مقال له بعنوان "الدور العربي في العراق" واقترح فيه استراتيجية عربية تجاه العراق تقوم على:<BR><BR>أولاً: تعاون العرب التام مع الحكومة العراقية والتحالف، وذلك من خلال تقديم الدعم الدبلوماسي وفتح السفارات والحضور على الأرض في العراق أقلّه في المنطقة الخضراء التي تؤمن قدراً من الحماية.<BR><BR>ثانيا: إلغاء ديون العراق كي لا يكون هناك عبء على الحكومة الجديدة، وتقديم مساعدات معتبرة للحكومة التي ستقوم بتوزيعه بدورها بشكل عادل على الشعب العراقي وفي كافة المناطق. <BR>وطبعاً نحن مع إلغاء ديون العراق ولكن لماذا لا تلغي الدول الأجنبية والقادرة والتي دمّرت العراق وشعبه ديونها أولا وتقدّم هذه المساعدات التي يتكلم عنها وترجع الحكومة الأمريكية ما سرقته من أموال النفط مقابل الغذاء ومن ثمّ ما سرقه بريمير والأحزاب والميليشيات الشيعية وبعدها لا ضير في أن يأتي الدور العربي. إنّ ما يريده كوردسمن من هذا الاقتراح هو في الحقيقة دعم الحكومة العميلة واتباع وأشياع بدر والبشمركة واستنزاف الفوائض النفطية التي تمّ تحقيقها مؤخراً, بمعنى أن يكون العرب البقرة التي تحلب منها الأموال مقابل كل الحروب التي تخوضها أمريكا عندنا وحتى التي تخوضها ضدّ الكوارث "كاترينا", أمّا فقراء المسلمين وضحايا الزلازل منهم وأسرهم وأبناؤهم فنرى ما تستطيع الأمم المتحدة تقديمه في هذا الخصوص!! هذا هو منطقهم.<BR><BR>ثالثاً: المساهمة والمساعدة في الموضوع النفطي وتدريب كوادر عراقية ذات خبرة!!<BR> وهذا معناه الاستغناء عن كل العراقيين أصحاب الكفاءة في هذا المجال واستبدالهم بموظفين جدد على توافق مع أفكار وتوجهات الأمريكيين ويكونون خدماً مطيعين عندهم للسيطرة على القطاع النفطي وضمان عدم تسلم هذا القطاع أناس ممن كانوا سابقاً فيه.<BR><BR>رابعاًَ: إغراء السنّة العرب بأن المساعدات ستصل إليهم وإلى مناطقهم فور إنهائهم للتمرد والمشاكل الأمنية كما يقول. <BR>و هذا معناه حقيقة نقل رسالة تهديد واضحة عبر العرب بأنّه إذا لم ينخرط أهل السنّة في المشروع العراقي الجديد, فسيقوم الأمريكيون وأعوانهم من بدر بتدمير المدن السنّية والمناطق التي ينطلقون منها ولن يكون لهم أي مساعدات. وطبعا حرصوا على إعطاء بعض النماذج في الفلوجة وتلعفر والرمادي وغيرها من المناطق التي سوّوها بالأرض ومنعوا حتى مساعدات الإخوة الأتراك من أن تصل إليهم, في حين لم يقدم العرب شيئاً.<BR><BR>خامسا: وضع الضغوط على سوريا وإيران لتحقيق الاستقرار والأمان في العراق.<BR>و طبعاً فنحن نعرف لماذا يتم وضع ضغوط على سوريا ولكنّ السؤال المهم هو لماذا وكيف سنضغط على إيران؟! في الحقيقة هو وإدارته تريد وضع ضغوط على إيران؛ لأنها استطاعت أن تنافسهم في العراق وتنهب جزء كبير من ثرواته ومناطقه أيضاً وهي متغلغلة أكثر من الأمريكيين، وقد بدأ ذلك بالتفاهم بين الطرفين فيما راح كل طرف فيما بعد يربح على حساب الآخر، ولذلك يسوء أمريكا أن ترى إيران تتغلب عليها في نهب العراق والسيطرة عليه وعلى مقدراته ومناطقه.<BR><BR>سادساً: مراقبة الحدود المشتركة مع العراق جيداً ومنع أي شباب متطوعين من الانخراط في أعمال المقاومة العراقية.<BR>و هو هنا يطلب من الحكومات إلغاء الإيمان والكرامة والعزة حتى لدى الشباب ولا ينسى أن يذكّر الحكومات بقوله: إنّه مهما كانت دوافعهم اليوم (أي الشباب المتطوع) فإنّهم سيشكلون تهديداً للتطور وللحضارة وللنمو في العالم العربي غداً!!<BR><BR>سابعاً: العمل مع الحكومة العراقية لنقد التدخل الإيراني، وطبعاً ذلك لا يعجب المسؤولين العراقيين الشيعة، ولكن يجب أن لا يكون الجيش عبارة أيضاً عن مجموعات طائفية وعرقية.<BR>إذا هو في هذه الفقرة يعترف بانّ الحكومة والشيعة منها خاصّة موالين لإيران بقدر ما هم موالين لأمريكا، وهو كذلك يعترف بأنّ الجيش التي تعدّه أمريكا وتستعين به لتدمير المدن المقاومة هو جيش عنصري طائفي همجي ولو كان عكس ذلك لما تكلم كوردسمان عنه بهذا الخصوص.<BR><BR>أخيراً وليس آخراً ينصح كوردسمان الدول العربية باتّباع نموذج الأردن وبعض دول الخليج!! وينصح بعض الدول أيضا بأن تقدم ما لديها من مساعدات عسكرية من دبابات وعربات عسكرية قديمة لديها للجيش العراقي!! ولا ينسى أن يضيف "عراق اليوم لم يعدد يشكل تهديداً عسكريا رئيساً"!!<BR>نعم هذا هو العراق الجديد الذي يتحدثون عنه وبإمكانكم مقارنته مع ما يقولون: إنّه كان عراق صدّام حسين واستخلاص العبر:<BR>العراق القديم كان:<BR>1- الأول في إنتاج النفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية وقبل الحصار ومن ثم التدمير, وأصبح عراق اليوم الذي كان يوزع المنح النفطية والهبات يستجدي بضع جالونات من البنزين لعدد محدود من السيارات!!<BR>2- عراق الأمس صاحب الاكتفاء الذاتي من القمح أصبح يستورد كل طلبه من القمح من إيران وأمريكا!!<BR>3- عراق الأمس صاحب الاكتفاء الذاتي من الكهرباء والذي استطاع في ظرف أسبوع إعادة الكهرباء إلى كامل العراق بعد تدمير الشبكة تدميراً كلياً من قبل قوات الحلفاء في عملية ثعلب الصحراء, أصبح اليوم يشتري الكهرباء من إيران وبالكاد ينير مكاتب المنطقة الخضراء وبعض مؤسسات ومناطق الأحزاب العميلة.<BR>4- عراق الأمس صاحب المياه ونهري دجلة والفرات يموت اليوم عطشاً!!<BR>5- عراق الأمس صاحب الجيش العريق والقوي والمعدات المتطورة قبل الحصار والتدمير يستجدي اليوم بعض الآليات والعربات العسكرية "القديمة" ممن يرغب أن يتبرع له بها!!<BR>6- عراق الأمس صاحب الثروة العلمية والساعي للتكنولوجيا النووية وأبو العلماء العرب أصبح اليوم يستنجد بالخبرات الأجنبية ويعيّن مستشارين غربيين في جميع القطاعات الرسمية والخاصة!!<BR>7- العراق القديم الذي كان خالياً من الصهيونية والفارسية أصبح اليوم مرتعاً خصباً لها ومصدراً منها إلى الدول الأخرى!!<BR>هكذا كان عراقنا القديم وهذا أصبح عراقنا الجديد, ومن لم يفهم بعد نقول هذا هو عراق الحرية والديمقراطية الذي تريده أمريكا نموذجا للمنطقة العربية.<BR><BR><br>