مشايخ ( ينساب ) ...أنى لكم هذا ؟
5 ذو الحجه 1426

وظيفة الصحفي في عصرنا هذا صارت أشبه بالوظائف العامة التي يتحمل صاحبها أمانة ومسؤولية تجاه عموم الناس فيما يكتب وفيما يأتي ويذر .<BR> ومع أن هذا قد يراه البعض مخالفا للمنطق في أن الصحفي يعبر عن وجهة نظره الخاصة وأن رأيه ليس سوى رأي مفرد كرأي غيره ، إلا أن صنعة الإعلام المعقدة في عصرنا الحاضر وما يعرف بصناعة الرأي العام وطريقة تعامل الناس مع الوسائل والرسائل الإعلامية ، كل ذلك جعل للكاتب تلك المكانة و بالتالي حمله مسؤولية الكتابة وأمانة الكلمة وصار يلزمه ما يلزم صاحب الوظيفة العامة في ألا يمر كلامه أو تعليقه - بالسلب و الإيجاب - على فرد أو فئة أو جماعة مرور الكرام وأن عليه التثبت والتحري وتجنب إطلاق التهم جزافا دون دليل ، و إلا خضع للمحاسبة والمسائلة عن قوله وكتابته .<BR><BR>ما الذي يدعو لمثل هذا الكلام ؟<BR>هو ما كتبه أحدهم مؤخراً عن المشايخ الذين أفتوا بحرمة المساهمة في شركة ( ينساب ) وإطلاقه ضدهم تهمة عجيبة غريبة أقل ما يقال فيها أنها تهمة رخيصة تعبر عن مدى الحنق والضيق بالرأي الآخر. .<BR><BR>وقبل أن أفصل في ذلك، هل لي أن أسأل هنا :<BR>ما السر وراء تكرار الحديث عن ( ينساب ) ؟<BR> لقد حظيت قضية ( ينساب ) والأحكام الصادرة في شرعية المساهمة فيها باحتفاء عجيب وتواص غريب من قبل الصحفيين ، الذين يدفعون باتجاه واحد وهو الهجوم على فتوى التحريم والتقليل من شأن من أفتى بذلك وتشويه موقفهم ، وقد مارسوا الدور بكفاءة حين أخلو الساحة الصحفية من مخالفيهم عبر إقصائية مقيتة . <BR>أقول : ما السر وراء هذا الاحتفاء الكبير بشركة ( ينساب ) ، وتكرار الحديث عنها ؟<BR>أتراه الحرص من كتابنا الأعزاء على زيادة مداخيل الناس وتحسين ظروفهم المعيشية ؟<BR>أم هو الحرص على النهضة الاقتصادية والتوسع في نشاط الشركات ؟<BR>أم أن الأمر لا يعدو كونه حملة إعلامية مدفوعة الثمن – دبرت بليل - لتحسين الصورة ومحاربة أي رأي قد يقف حائلاً دون إقبال الناس على الاكتتاب ؟<BR>لعل كتابنا الأعزاء يتحفوننا بجواب صادق على هذا السؤال البريء!<BR><BR>نعود إلى مقالة صاحبنا التي نشرها مؤخراً وأورد فيها بلا مواربة اتهامه للمشايخ الذين يفتون بتحريم المساهمة أنهم ( يتسللون سرا ) للمساهمة رغم موقفهم المعلن بالتحريم !<BR>بل إنه وسع دائرة الاتهام لكل رموز ( الصحوة ) فالقضية في رأيه أن(خطاب الصحوة قام على المال وإن رموزه اليوم تنعم به حد العيش الرغيد )!<BR>سبحانك هذا بهتان عظيم !<BR><BR>الحقيقة أنك لا تدري أتضحك من رداءة التهمة وسخافتها ..!<BR>أم تعجب من مدى الحنق والضيق بالرأي الأخر الذي يدفع نحو اتهام خلق الله ، بل نخبة المجتمع وهم العلماء ، بتهم خطيرة دون دليل ؟<BR>فهو أولا يتهمهم بالكذب حين يفتون بخلاف ما يعتقدون !<BR>ثم يدعي أنهم يسعون إلى المشاركة بالاكتتاب سراً ، وربما الإثراء غير المشروع ، رغم مواقفهم المعلنة ، وليس يدفعهم لذلك – في رأيه - إلا الحرص على الدنيا وكسب المال ؟ <BR>عشرة أو عشرين ألف ريال - هي قيمة الربح من الاكتتاب في ينساب – تدفع بعض المشايخ ، في رأي الكاتب الهمام ، في أن يبيعوا دينهم ويخنوا أمانة العلم !<BR>يا لشناعة التهمة ، ويا لفوضى الكتابة ! ويا لضيعة الحقوق !<BR>يكتب أحدهم مثل هذا الكلام ويقرؤه الآلاف ، ثم يمضى إلى شأنه وكأن شيئاً لم يكن ، ويكتب من الغد مقالته التالية عن مشكلة التزاحم المروري أو مشكلة الصرف الصحي أو أية مشكلة تافهة أخرى .. <BR>أين مسؤولية الكلمة ؟<BR>هل من أحد يحاسبه على ما قال ويعلنها صريحة : قف أيها الكاتب ! أين دليلك على ما قلت ؟<BR>كيف لك أن تلقى الكلام على عواهنه وتوزع الاتهامات بلا دليل ولا برهان ثم تمضي كأن الأمر لا يعنيك ؟<BR>أين مسؤولية الكلمة ؟<BR><BR><BR>الكاتب يدعو الجماهير إلى أن تسأل المشايخ بعد كل محاضرة أو فتوى : من أين لك هذا ؟<BR>ما دفع الكاتب ( الكبير ) إلى قول ذلك ، ربما هو ما اكتشفه من أن للشيخ المحمود أسطولاً من اليخوت على شواطئ نيس ، و طائرات خاصة للشيخ الحوالي تربض في مطارات لندن و فنادق من فئة الخمسة نجوم يؤجرها الشيخ ابن جبرين بالشيء الفلاني !<BR>أمر مثير للسخرية !<BR>من أين لك هذا ؟ <BR>إنها تبدو دعوة غير بريئة ، فيها من اللمز والهمز في شأن العلماء ما فيها، ومع ذلك فإنني أشارك الكاتب في دعوته ليس فقط العلماء والمشايخ، بل جميع رموز المجتمع بجميع فئاتهم في الإفصاح عن موجوداتهم وممتلكاتهم ، وأنا لا أشك لحظة في أنه سيخسر التحدي وستسفر الأمور عن ما يسر الصالحين ويسوء الشانئين ، وسيرى بأم عينه أن أولئك هم أبعد الناس عن الدنيا وأكثرهم عزوفاً عن مكاسبها ، وغيرهم قد تكالبوا عليها وجمعوا منها بالحلال والحرام!<BR><BR>ولو أن العلماء والمشايخ أرادوا التكسب وجمع حطام هذه الدنيا ، كما فعله غيرهم ، لما بقوا كما هم ، و لأثروا سريعاً ولكانت صورهم وأسماؤهم تتصدر أغلفة الصحف والمجلات احتفاء وتقديراً ! <BR>أما غيرهم ممن يثرى ثراء غير مشروع ويختلس الأموال - بالملايين لا الألوف - فلا يجرى الحديث عنهم وليسوا محل تهمة مع أنهم يفعلون ذلك بكل وضوح ! <BR>انتقائية عجيبة ! <BR><BR>أم ترى أن الكاتب ضايقه ما يرى من رجال الأعمال والتجار والأغنياء ممن تظهر عليهم مظاهر الصلاح ، وآلمه ما هم عليه من يسر وغنى !<BR>فنقول إن أولئك ليس بالضرورة أن يكونوا من العلماء أو المشايخ بل هم من عامة الناس الذين فيهم الغني والفقير وفيهم الواجد والمعدم ، وإن كانوا من أهل الدين والصلاح وهم يحمدون على ذلك.<BR>وإن كان الكاتب يظن أن أبواب الرزق والسعة فيه مقصورة على الطرق الحرام وأنه لا سبيل إلى التكسب إلا بالوقوع في المحرم ، ومحاولة نقله إلى خانة الحلال بالقوة ولو عبر لوي أعناق النصوص وتحريف الأدلة ، فقد أخطأ ظنه .<BR> إن الشيطان يضيق الدنيا على البعض حتى لا يرى فيها مخرجاً إلا باتباع طريق الحرام والتكسب الآثم ، بينما هي في عين الصالحين و إدراكهم أوسع من ذلك ، ولم يجعل الله رزق عبده فيما حرم عليه، حاشاه _جل وعلا_ ..لكنه تسويل الشيطان وتغريره لأتباعه "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً ".<BR><BR>لقد جعل كتابنا (الأعزاء ) الاكتتاب في ( ينساب ) قضية القضايا ، يمتحنون فيها الناس ويحاكمونهم في معتقداتهم و أرائهم ، فمن وافق ما عليه ( القوم ) فهو المرضي عنه، ومن خالف فهو أشد عداوة من اليهود !<BR><BR>إن الحقيقة - التي حاول الكاتب أن يقنعنا بخلافها - شعر أو لم يشعر – أن العلمانيين ( أو الليبراليين كما يحب بعضهم أن يسمى ) هم أصحاب الطبيعة المراوغة ، وهم رواد الكذب وأكثر الناس تباعداً ما بين الدعوة والممارسة، ولذلك حديث يطول لعله يأتي في مناسبة أخرى .<BR><br>