الإعلام العربي.. ما هو وما المطلوب منه؟!‏
30 ذو الحجه 1426

المتأمل في الحالة الإعلامية التي يمارسها الإعلام العربي – الموجَّه – ضد ‏شعوب المنطقة، تتملكه حالة من الدهشة جرَّاء بثّ المشاهد التي لاتتوائم ‏ومنطلقات السياسة العليا للدول العربية، لأنَّ الدين الإسلامي هو الصبغة ‏التي تصطبغ بها هذه الدول وهو المؤسس الأول لمنطلقاتها على كافة ‏الأصعدة والميادين، بل إنَّه المهيمن على مجرى وحياة الناس في تلك الدول<BR><BR>‏ ومع ذلك نجد أنه وبكل صفاقة، يمارس ذلك الإعلام - إلا ما ندر- دوراً ‏مشبوهاً في سياساته وطرحه، وهذا النادر الذي ذكرناه، يمرُّ عليه في طرحه ‏فترات وحالات من التخبُّط والتهميش بحيث لا يلجأ إليه إلا جيل قد تعَّود على ‏مثل هذا التقديم وهذا الطرح،والذي بطبيعة الحال قد أكل عليه الدهر وشرب ‏<BR><BR>بينما نجد أن الإعلام الذي تقبل عليه الجماهير بكل شوقٍ وتلهُف،وتستمتع ‏بمتابعته، وهو المهيمن على باقي الوسائل الإعلامية الأخرى، يقع تحت أيدٍ ‏غير أمينة، تنشر الفساد، وتروِّج للرذيلة، وتخالف المنطلقات الشرعية ‏لبلدانها، ضاربةً بكل القيم والفضائل عرض الحائط.‏ <BR><BR>وهذا بالطبع، ليس من تحت الكواليس – لا – بل يمرُّ على عين المسئولين ‏الذين يغضُّون الطرف، بغية أن ترضى عنهم الدول ذات الزعامات الكبرى في العالم، وكأنَّ لسان حالهم يقول، هانحن انفتاحيون ومتحررون كما أنتم ‏كذلك، لكن الفرق بيننا أننا نصبغ هذا الانفتاح وذلك التحرُّر بصبغة دينية ‏،وهذا الأمر يحدث رويداً رويداً، بعد أن تفيق الشعوب على نفس المسار ‏الذي تخبَّط فيه ذلك الغرب من قبل، فتاه في معمعةٍ من الرذيلة وفسدت لديه ‏القيم، وأصبحت شعوبه كالبهائم التي ترعى في وادٍ من الرذيلة والشهوات، ‏فلا ضابطاً شرعياً ولا قيماً خلقية، ولا حتى حياءً يمكن أن يُلجأ إليه، لإنهاء ‏حالة الفوضى تلك التي يعيشون لها ويحيون من أجلها.‏<BR><BR>‏ ولعمر الله، لو كان الأمر متعلقا في طرحه الإعلامي بسياسات الدول ‏العربية، أو بحكامها ورؤسائها لقامت الدنيا وما قعدت، لكن أن يتعلق ‏بعقائد الناس وبقيم المجتمع، وبأخلاق النشء فهذا ما يمكن التغاضي عنه، ‏بحجَّة إرضاء جميع الشرائح المجتمعية، حتى ولو كانت أقلية وتتبع شهوات ‏حيوانية وبهيمية.‏<BR>‏ ‏<BR>‏ إذا فالأمر جدُّ خطير، لأنَّ الجيل الصاعد من شباب وشعوب الدول العربية ‏هو الذي بيده – بعد الله تعالى – مفاتيح الانطلاق، لقيام نهضة عربية ‏إسلامية يمكن لها أن، تمارس دوراً لا يستهان به في خضَّم هذا النظام ‏العالمي الفاشيّْ الجديد.‏<BR><BR><BR>‏ أمَّا سياسة تدجين الجيل بهذه الصورة الشائنة، فإنَّه يكرِّس وبلا شكّ حالة ً ‏من التبعيِّة بل ويزيد من تخلُّف الدول العربية خاصة، والإسلامية على وجه ‏العموم.‏<BR>‏ ‏<BR><BR>‏ بل ويخلق تبعات يخشى أن تضر بدول وشعوب المنطقة على المدى البعيد، ‏وقد تدفع تلك السياسات ثمناً باهضاً تبعاً لتخبطها وتجاهلها لبلدانها وشعوبها ‏،ولجيلها الصاعد من الشباب الذين هم طليعة كل تقدُّمٍ وازدهار، أو قد ‏يكونون على العكس إذا ما تسمَّرت الأوضاع على ما هي عليه.‏<BR><BR>‏ المطلوب من إعلامنا العربي والإسلامي، أن يمارس دوراً تربوياً موجهَّاً ‏مضبوطاً بضوابطه الشرعية، لكي يتجَّه بهذه الأمة إلى الإبداع وإلى التنوُّع ‏في الطرح، بما يعيد لها مجدها وصورتها الحقيقة التي شُوِّهت عبر مسافات ‏زمنية ليست بالهيِّنة، ولاشك في أن هناك إعلاماً جاداً ينشد رسم هذه ‏الصورة، بل ويسعى إلى طرحها وتطبيقها ناصعة برَّاقة، وهو يحتاج إلى ‏عامل الزمن للإبداع والتجديد وحسن الطرح، ومثاله ما نراه من قناة المجد ‏الفضائية، بكافة برامجها الهادفة التي تخدم فئات عمرية مختلفة، وقد غطَّت ‏ببرامجها تلك مساحاتٍ من العطاء والرقيّ، وقضت حاجةً في نفس الكثير ‏من الأسر العربية والإسلامية، التي رأت أن مثل هذا التقديم والطرح يراعي ‏خصوصية الأمة المسلمة وعاداتها وتقاليدها، ويتناسب مع هويتها.‏<BR><BR>‏ وهناك من غير تحديد قنوات أخرى فضائية مشكورة تمارس نفس الدور، ‏لكن البعض منها يحتاج إلى ضبطه بضوابط شرعية، ليحقِّق الغاية المرجوَّة ‏منه،والبعض الآخر يحتاج إلى شيءٍ من التجديد والابتكار ليسهم هو كذلك ‏في ردم هوَّةِ لا زلنا بحاجة إلى ردمها، لتقلَّ بيننا وبين غيرنا المسافة ‏الإعلامية، وعندها تبرز صورة المجتمع المسلم المثالي في طرحه وقيمه ‏ومنطلقاته، وتعود للمجتمع أصالته المنشودة، وينتشر- تبعاً لذلك - الدين ‏الإسلامي الذي تتلهَّف إليه البشرية جمعاء في هذا الكون الفسيح الأرجاء.‏<BR><BR>‏ جعلنا الله تعالى من الذين يخدمون دينه بكل وسيلةٍ يرضى بها عنهم في الدنيا ‏والآخرة... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا ‏محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.‏<BR><br>