حبكة غير فنية لتفجير القبة الذهبية!!
25 محرم 1427

[email protected] <BR>لست بكل أمانة خبيراً في طقوس الشيعة أو باحثاً في شؤون مقدساتهم, لكني مع ذلك موقن بأن مرقد علي الهادي لا يعده الشيعة قبلتهم؛ فيولون وجوههم شطره في صلاتهم, ولست عالماً بشؤون أئمة الشيعة, لكني مدرك أن محمداً _صلى الله عليه وسلم_ هو نبي الإسلام الخاتم وإن تبعه أئمة اثنا عشر كما يقول الشيعة أو لم يتبعه, ولست ملماً ببروتوكولات الدول جميعها وتقاليدها الحكومية لأعلم متى تعلن الدول الحداد, ولست حاذقاً في فنون البحث الجنائي, بيد أني وقفت ملياً أمام حادثة تفجير القبة الذهبية لمرقد إمامي الشيعة الإثني عشرية علي الهادي والحسن العسكري في سامراء أمس, فما حدث يشي بانزلاق أطراف باطنية تستتر خلف هذه العملية المحسوبة بدقة لخلط الأوراق الإقليمية والدولية في وقت يقدم فيه ملف إيران النووي لمجلس الأمن الدولي. <BR><font color="#0000ff">بادئ الأمر, </font> وبغض الطرف عن قدسية هذين المرقدين عند الشيعة وكونهما لديهما يعلوان في التقديس مقام الكعبة المشرفة أم لا, يفضي الانطباع الأول لمسارعة رئيس الوزراء العراقي (الذي هو من المفترض أنه شخص لا طائفي بحسب ما يحاول الجميع من واشنطن إلى طهران الإيحاء به, عبر الحديث عن رفض وزراء طائفيين في الحكومة الجديدة!!) إلى إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام في عموم العراق تماهياً مع دعوة علي السيستاني المعروف لدى الشيعة بلقب آية الله العظمى إلى إعلان الحداد لمدة سبعة أيام, أن حرمة هذين الضريحين أعظم حرمة عندهما من حرمة 100 ألف عراقي قتلوا منذ دنست القوى الخارجية أرض الرافدين, ويتساقطون يومياً ـ ومنهم العشرات من السنة الذين اغتالتهم أيدٍ باغية دونما ذنب إثر هذا التفجير ـ من دون أن يحظوا ولو بدقيقة حداد من الحكومة غير الطائفية! ومبلغ ظني أن الحداد أو بالأحرى الاهتمام بهؤلاء الشهداء أو القتلى يواطئ مبدأ أخال أنه مقرر أو مفترض أنه مقرر ـ أو ينبغي أن يكون كذلك ـ عند المراجع العلمية الشيعية وهو مبدأ تعظيم حرمة المؤمن على حرمة الكعبة ـ فضلاً عن قبة لمرقد أو ضريح ـ, هذا المبدأ يقرره ابن عمر _رضي الله عنه_ بقوله للكعبة :"ما أعظمك و أعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة منك", وسواء كان لهذا المؤمن حرمة عند حكومة الجعفري أم لا؛ فإن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها التي يعلن فيها عن حداد في دولة على سقوط ـ أو إسقاط ـ قبة هي بالأصل كانت خاضعة لأعمال ترميم وصيانة, وما أظن أن دولة في العالم سبقت العراق إلى ذلك الاهتمام بهذا الحدث على هذا النحو من الحداد. <BR><font color="#0000ff">تالي الأمر هذا, </font> أن هذه الجموع الغوغائية التي انتفضت وانبثت تصب جام غضبها وإرهابها وتطرفها وحنقها على مقدسات يفترض أنها تخص المسلمين جميعاً لم تُحِل بالأكيد أهلة مآذنها خناجرَ تقطع أوصال القبة الذهبية, ولا الدماء سالت من هذه القبة حتى تسفك دماء سنية ثأراً ـ دون دليل ـ لدماء القبة!! صحيح أن هذه القبة تمثل عند الشيعة الإثني عشرية رمزاً لأحد أئمتهم المعصومين لكن أليس في المقابل ثمة ما يدعونا للدهشة من خروج هذه الأعداد الهائلة تحمل هذا الكم الهائل بدوره من الغضب والثورة بما لم نلمسه مع التعرض الدنماركي لنبي الإسلام الذي يعلن الشيعة ـ كما السنة ـ أنه فوق كل رمز ديني مسلم, إنه أمر يدعو إلى الريبة عقب الدهشة من هذه الأيديولوجية إذا ما أردنا تسطيح الأمر, أو من هذا التسييس والتوظيف والتغييب لهذه الجموع التي خرجت لا تألوا على شيء ولا تفهم من أخرجها, من أغضبها, من ثورها, من زج بها في المعركة الخطأ, لتجد نفسها في أتون فتنة داخلية عراقية لا يفيد منها إلا قوى الاحتلال الشرقية أو الغربية أحياناً, وتلك الأخيرة السالمة دوماً وإلى الأبد من الغضب الشيعي الذي غدا يختزل قيمة الوطن في بقعة يراها مقدسة أو يحوي الوطن تحت قبة ذهبية كانت أم حديدية..<BR><font color="#0000ff">ثالثة أثافي هذه الفتنة, </font> أن هذه الجموع الهادرة قد خرجت وأمعنت في المسلمين السنة تقتيلاً وفي مساجدهم تخريباً وإحراقاً, كل هذا في ظاهره على عكس ما تريد المراجع الشيعية الأربعة ـ أو العظام على حد أدبيات الشيعة ـ وأنها ما خضعت لتوجيهات ومناشدات المرجع الإيراني الأشهر في العراق علي السيستاني, وهذا يحملنا على منحيين نفكر باتجاههما, الأول أن الرجل ليس صاحب تأثير ولا كلمة مسموعة ولا يكن له أتباعه الاحترام والتقدير الذي نظنه يحظى به, وهذا قد يكون مستبعداً بالنظر إلى ما يتمتع به مراجع الشيعة من قداسة لدى أتباعهم, والثاني أن الرجل استخدم لغة تتسق مع ما يؤمن به من مشروعية ـ أو أحياناً وجوب ـ التعاطي بـ"التقية" مع المواقف السياسية التي تخص التعامل مع السنة, فأطلق تصريحه المحير الذي وصف بأنه "تهدئة للأوضاع" غير أنه حمل اتهاماً مبطناً ومباشراً للمسلمين السنة من دون أن يقوم دليل دامغ أمام المرجع الشيعي على مسؤولية سنيين عن هذا التفجير, حين طلب من أتباعه "الهدوء وعدم استهداف مساجد سنية بخاصة مسجدا أبي حنيفة والجيلاني!!", وهو تلميح ذكي يفهم من مضمونه أن السنة وراء هذا الحادث أو أنه ينبغي أن ينصرف الاتهام تلقائياً إليهم, ومن دون أن يحمل المرجع الديني في مناشدته تلك ما يدعو أتباعه إلى التثبت والتحري, مصداقاً لقول الله _عز وجل_: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين", ولاشك المرجع يعي تماماً أن العراق يعد الآن مرتعاً لكل أجهزة الاستخبارات وفي مقدمها استخبارات "الشيطان الأكبر" سابقاً! واستخبارات وطنه الأصلي/إيران, ونخشى ما نخشاه أن تكون المليشيات قد فهمت مناشدة السيستاني لـ"التهدئة" في سياق "تقية" يراد بها نفض يده ويد الحوزة العلمية برمتها عن أعمال الإرهاب الدموية وتخريب المساجد وتحريقها على النحو الذي لم يجرؤ الاحتلال الأمريكي نفسه عليه بهذه الكثافة في يوم واحد (تشير آخر الإحصاءات الواردة من مكتب الحزب الإسلامي عن تخريب 100 مسجد سني بعد 24 ساعة فقط من تفجير قبة المرقد الشيعي), نخشى أن يكون المرجع قد عنا ذلك أو فهم الأتباع ذلك في سياق مضطرب ربما لمفهوم التقية الشيعي, الذي لا يمكننا من خلاله فهم مقصود أي رمز شيعي. <BR><font color="#0000ff">وآخر ما استوقفنا في هذا الخصوص</font> أنه حين ثار غبار القبة, أهال التراب على حقيقة مصير حراس المرقد, الذين طيرت الوكالات والفضائيات جميعها أنباء تقييدهم لكنها لم تتحدث عن وقع هذا التفجير عليهم, وما إذا كانوا قريبين أو بعيدين عن موقع التفجير, وعن "ورع" المهاجمين الذي دعاهم إلى الإحجام عن قتلهم, وعن هذه الكلمة التي رددها الببغاوات بعد تصريح (الزعيم الشيعي الشاب) مقتدى الصدر عن مسؤولية من أسموهم بالتكفيريين عن هذا الهجوم, فكيف استقام لهم أن يصموا المهاجمين بهذه الصفة مع أنهم هاجموا القبة من دون الحراس (أو هكذا يبدو الأمر من دون معلومات رشحت حتى الآن عن مصيرهم), فأي تكفير يحقن دماء الحراس, أليس الأمر جد مريب أيها الببغاوات؟! <BR>بالأمس اندلعت فتنة ليس مفهوماً لحد الآن من أراد إشعالها ولماذا, وقبلها بيومين كان وزير خارجية إيران منوشهر متقي يشرح للصحفيين، في مؤتمر صحافي في بروكسل ـ وفقاً للعربية ـ مفهوماً جديداً للتقية السياسية, حين قال مبرئاً ساحة (الرئيس الإيراني) محمود أحمدي نجاد من مصداقية تصريحاته حول محو "إسرائيل" من على الخريطة , والتي هلل لها البسطاء, قائلاً بالإنجليزية:"لا يستطيع أحد محو بلد من الخريطة. أسيء في أوروبا فهم ما قاله الرئيس. كيف يمكن إزالة بلد من الخريطة. انه يتحدث عن النظام".!! <BR>وقبل أقل من ثلاث سنوات بقليل كان يقف "الشهيد" طارق أيوب في مكتبه يراقب طليعة الجيش الأمريكي الغازي على أعتاب بغداد من مكتبه وقبل يوم واحد من سقوطها, فأسكتته قذيفة دبابة غازية إلى الأبد, وعلى بعد أمتار من سامراء حيث كانت تنفذ مؤامرة أخرى أُسكت صوت أطوار بهجت من دون أن ندري هل تسخين سامراء وتغييب خيوط الدمى سيبرد أجواء طهران الملتهبة؟!<BR><br>