الأطماع السياسية لليبراليين السعوديين..!
16 جمادى الأول 1427

[email protected]<BR><BR> أقنعتنا صحفنا ووسائل إعلامنا المحلية أن مشروعية أي نظام سياسي في العالم؛ تكتسب من درجة الرضا الدولية عن النظام، وتحديدا من الأنظمة \"التسلطوقراطية\" في أمريكا وأوربا.<BR> إذ تستطيع هذه الدول –بحسب رؤية بعض وسائل إعلامنا- افتعال الأسباب والمبررات التي تدعم فكرة عدم قدرة النظام على البقاء والاستمرار، واتهامه بالإرهاب أو العجز والضعف وعدم قدرته على مواجهة التحديات المستقبلية، ومن ثم العمل على إزالته دون اعتبار لما يملكه هذا النظام أو ذاك من جوانب القوة المعنوية والمادية.<BR> المثير، أن تجد في داخل مجتمعنا -الذي تدرس الولايات المتحدة قوانينا لمحاسبته- صدى واستغفالا لهذه النزعات الدولية، والأعجب أن ذلك في وسائل إعلامنا التي قد تعود حتى لملكية الدولة ومن أشخاص نحسب –إن أحسنا الظن بهم- أنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. لتقف على شيء من ذلك تأمل في بعض الأعمدة اليومية وبعض الحوارات التلفزيونية وستجد أن هناك من يربط بين الإصلاح السياسي والاقتصادي المطلوب لمواجهة المرحلة القادمة وبين لبرلة -نشر الثقافة والفلسفة الليبرالية- المجتمع السعودي المسلم العربي باعتبار ذلك من أسباب نشوء المدنية والديموقراطية ولوازمها!. <BR><BR>وهناك من يربط درجة التطور السياسي بمستوى دخل الفرد ورسملة المجتمع، وذلك بهدف أكثر عمقا يتصل بفرضية تربط بين التحرر وزيادة مستوى الدخل للفرد في علاقة طردية بين المتغيرين. وهناك أيضا من يربط حلول الأزمات الاقتصادية (معدلات الفقر، البطالة، التضخم، تدني مستوى الدخل) بالتحول إلى الديموقراطية. أيضا ستجد أن هناك رفض وتقليل من شأن أي رؤية بديلة أو مغايرة للإصلاح الديموقراطي مهما كان إدراكها للمرحلة الحالية والأفاق المستقبلية ومهما كان صدقها وولائها لمجتمعها، وانسجامها مع النظام السياسي والأسس التي قام عليها .<BR> ولا تعجب أن تقرأ أو تسمع الدفاع المستميت عن المشروع الأمريكي في العراق، وتجيير المعاناة الشعبية للمقاومة العراقية، وربط الفشل الأمني برفض الخطط والوصاية الأمريكية، مع أن هذا الإعلام يمكنه استخدام ما يجري على الساحة العراقية لتخويف الناس من الانفلات والفوضى المرافقة للمشروع \"الصهيوقراطي\" الأمريكي لا التطبيل والتسويق له، ويمكنه –إعلامنا- العمل على بناء اللحمة الداخلية واستنهاض الهمم للوحدة –على ما توحد عليه- والألفة بين أبناء المجتمع، وإيقاظ الشعب كقوة ردع منسجمة ومتآلفة مع قيادتها ونظامها. <BR>هذا التوجه المغالي في الديموقراطية يقلل على رؤوس الأشهاد من الطرح السياسي المحافظ -الذي يدرك الأصول الراسخة التي قامت عليها بلادنا ويدرك عمق العلاقة والانسجام بين القيادة والشعب ويهدف إلى الحفاظ على مكتسباتنا في كل المجالات- ويلوح بالعامل الدولي والقرارات والمعاهدات الدولية في المجالين السياسي والاقتصادي وضرورة العمل على تجنب الحلول العسكرية لزيادة الضغط على المجتمع وأنظمته (السياسي والاقتصادي والاجتماعي) وزيادة التأزمات عليه ثم نحن لا نحرك ساكنا تجاه إرجافه بدعوى التعددية وحرية الفكر. إن التغيير والإصلاح مطلب مهم وحيوي إلا أن التركيز على التغيير الجذري كحل وحيد وفريد لكافة المجالات يدعو إلى الريبة والشك. <BR><BR>كما أن الإصرار على تحميل النظام السياسي مسؤولية ممارسة القوة لفكفكة –لبرلة- النظام الاجتماعي من أجل تحقيق التقدم الديموقراطي دون احترام لانسجامه، يدعونا إلى التنادي للوقوف جميعا حكاما ومحكومين في وجه هذه التجاوزات المقصودة أو غير المقصودة التي تظهرنا أمام العالم بصورة مفككة ومتناحرة. إن خطورة هذا الطرح \"المخادع\" تكمن في استهدافه؛ أن يخسر النظام السياسي قاعدته الاجتماعية، وتقبل هذه القاعدة شيئا فشيئا بتحول الدولة واستجابتها للضغوطات النخبوية والخارجية، ومن ثم تتطور المطالب والإصلاحات المزعومة إلى تداول السلطات وتقاسمها. <BR><BR>وهذا كله يدعونا إلى المسارعة إلى ترميم صحفنا وإعلامنا المحلي وتجديد ولائها لما قامت عليه هذه الدولة وما تنادي به قيادتها في كل محفل ومناسبة من أن هذا الوطن تمتزج فيه مكونات رئيسة لا يمكن الفصل بينها أو التنازل عن جزء منها؛ العقيدة والوطن والشعب المسلم والثقافة الإسلامية، وهو ما يؤكده حتى المتحررون \"الليبراليون\" من أنهم مسلمون ولكن... متحررون!<BR><BR> نحن بحاجة إلى قراءة استرشادية لما يجري من التحولات الاجتماعية في بعض الدول العربية التي جربت كثيراً من الفلسفات الفكرية وحاولت تطويع أنشطتها ومجالات الحياة فيها لتلك الفلسفات بل ومارست \"التسلطوقراطي\"! والاستبداد الاشتراكي ومزجت بين خليط من هذا وذاك ثم هي الآن على مفترق طرق كأنها لا تعلم أن يفترض أن تسير!. التحدي اليوم على مستوى المثقف والإعلام أن نرى كيف يكون الولاء والثبات والعزيمة والهمم العالية للدفاع عن \"أساس البناء\"؛ -وأساس البناء قبل كل شيء- ليبقى البناء ثابتاً صامداً متماسكاً في وجه الطامعين والحاسدين؛ تحفه رعاية الله ثم عزائم المخلصين الأوفياء -حكاماً ومحكومين- الذين يبتغون بذلك وجه الله والدار الآخرة.<BR><br>