الخيارات الفلسطينة المتاحة
27 رمضان 1427

وسط الإعلانات المتراكمة لنعي الحوار الوطني، ووسط فشل جهود الوساطة مصرية كانت أم قطرية، أصبحت مساحة الحديث عن الخيارات الفلسطينية المتاحة تضيق، وبدأت الخيارات المحرمة سابقا ضمن دائرة المباح، من أجل ذلك نحاول في هذه السطور المرور على الخيارات الفلسطينية المتاحة، ومحاولة إيجاد مخرج لا يدفع نحو غير المباح.<BR><font color="#0000FF">أولا: </font> حكومة الوحدة، أو الوفاق أو الاتفاق: بأي مسمى كانت، لن تكون خيارا متاحا ومنطقيا، إذا ما بقيت صياغة برامجها تعني إلغاء كاملا لبرامج أي طرف فلسطيني مما يعني فقدانه مبرر الوجود، ومن الواضح أن حكومة الوحدة الفلسطينية تقف اليوم عند ثلاثة حواجز:<BR>1- اعتراف مباشر وصريح بإسرائيل، وهذا الأمر أصبح مطلبا لبعض الأطراف الفلسطينية.<BR>2- التنازل عن حق المقاومة المسلحة.<BR>3- الإقرار بالاتفاقيات السابقة.<BR>ودون تفصيل ممل ومتكرر، يكفي القول أن أي بند من البنود السابقة، يكفي لأن تصبح حماس لا شيء، ويكفي لأن تفقد مبرر بقائها إطارا فلسطينيا ممثلا لشريحة فلسطينية ما، لأن موافقتها على النقاط الثلاثة السابقة يعني أنها تحولت إلى حزب آخر لا علاقة له بحماس، وهو أقرب ما يكون إلى أي فصيل فلسطيني آخر غير حماس. إذا لن تقبل حماس أن تكون جزءا واضحا من حكومة وحدة تعترف بالنقاط الثلاثة.<BR><font color="#0000FF">ثانيا: </font> هل يعني ذلك أن التصعيد الحالي هو الحل؟ لا بل هو أساس المشكلة، فيبدو ممن يختلق حالة الاحتقان والتصعيد من أي طرف كان على غير وعي بأن العنف والتصعيد هي الأداة الأسهل لأي فصيل كان صغيرا كان أم كبيرا ، وان سكوت فصيل ما عن اللجوء له كخيار، لا يعني أن سيستثنيه دوما. ورغم أن التصعيد من أي طرف لن يكون إلا كمن يراوح مكانه، إلا أن أي فصيل فلسطيني لن يقبل أن يحسم أمره عنوة، وبالتالي لن يكون العنف أو الإجبار وسيلة لحسم الأمور أو الوصول لحلول نهائية. مما يعني استمرارية في حالة التطاحن الداخلي.<BR><font color="#0000FF">ثالثا: </font> إذا القانون بين المتخاصمين، هل في القانون ما هو علاج للأزمة؟ وهل حكومة الطوارئ، أو الانتخابات المبكرة حلا مناسبا، قبل أن تكون متاحة قانونيا بالأساس.<BR>حقيقة كل دارس للقانون، يدرك أن السلطة الفلسطينية بأطرافها منفردة، حكومة ورئاسة وتشريعي، لا تمتلك أي أساس دستوري يمكن أن يشكل مخرجا لها من مأزقها الحالي، فالرئيس لا يمتلك حل التشريعي، وحالة الطوارئ التي تتردد على الألسن اليوم، ليست سوى شهر واحد وتبقى الحكومة الحالية قائمة، فهي حالة طوارئ وليست حكومة طوارئ، ويجب أن يوافق التشريعي عليها. والتشريعي بأغلبية حمساوية، إذا ما المخرج ! سوى التوافق.<BR><font color="#0000FF">رابعا: </font> يبدوا واضحا أن التركيبة الحزبية الفلسطينية، والمنظومة القانونية والسياسية داخل النظام الفلسطيني، لا تسمح بان يستبد طرف بآخر، ولهذا دلالاته، فأي خطوات انفرادية ستقابل بخطوات انفرادية من طرف مقابل ولن تكون موازية لها بل صدامية معها. كل هذا يدفع نحو منطقية القول أن الحوار ينجح بالحوار. وإذا ما كان من ضرورة في بحث الحوار كوسيلة مجدية لإدارة السياسة الفلسطينية، فإن البحث والنقاش يجب أن يكون في الحوار كمضامين وليس كأداة، وذلك على النحو التالي:<BR>1- أن لا يكون أحد شروط الحوار، هو أحد محاوره. وهذا ما وقع فيه الحوار الفلسطيني بأن وضعت نقاط الخلاف الثلاثة شرطا للحوار واستمراريته، وهي جزء من النقاط التي سيجري التفاوض عليها. <BR>2- أن لا يدرج ضمن نقاط الحوار أمورا تشكل المساومة عليها مساومة على بقاء فصيل ما، ويجب تجاوزه بصيغة تضمن للفصيل المعني حق المشاركة، دون أن يضطر إلى التخلي عن كينونته.<BR>3- أن يكون الحوار فلسطينيا، لا حمساويا فتحاويا، والقصد هنا أن يكون علنيا وأمام الأعين، حتى لا تخرج حماس وتتهم فتح، وفتح للتهم حماس، فالشعب اقدر على التقييم، وبيده سوط التقويم.<BR>4- أن تكون استحقاقات الحوار تجاه الأطراف والمؤسسات الفلسطينية، مدرجة للتنفيذ بالتزامن، حتى لا تعود المناكفات الفصائلية، ومبدأ "ابدأ أنت أولا"<BR>5- أن يكون الحوار من البداية موجها نحو هدف عام، والحوار يكون في تفاصيله، أي أن يكون المتحاورون على علم بأنهم في جلسة من أجل الوصول لصيغة حكومة وحدة، أو حكومة تكنوقراط أو انتقالية مستقلة، لا أن توضع الخيارات الثلاثة ومن ثم الوصول إلى الخيار الرابع، وهو إعلان الاستمرار في التطاحن الوطني.<BR><font color="#0000FF">انطلاقا من آخر النقاط،</font> وهي ضرورة وضع هدف مسبق للحوار، فلنحاول أن نرى أي هدف سيكون أقرب للواقع القريب بخصوص طبيعة الحكومة القادمة.<BR>• حكومة وحدة وطنية، خيار مستبعد في ظل وضع الاعتراف بإسرائيل والاتفاقيات ونبذ العنف، شرطا لقبولها، داخليا وخارجيا.<BR>• حكومة حماس، خيار مستبعد لأنه يعني استمرار الحال على ما هو عليه.<BR>• حكومة فتح، خيار مستبعد لان فتح لم تعد بديلا سياسيا لحماس، في ظل وضع حماس الحالي.<BR>• حكومة من خارج الأطر التنظيمية، سواء حكومة خبراء وكفاءات أم شخصيات وطنية واقتصادية مستقلة، خيارا منطقيا <font color="#0000FF">في ظل العوامل التالية: </font><BR>1- حكومة تكنوقراط لا تلزم أي فصيل سياسي الاعتراف بها.<BR>2- حكومة تكنوقراط تلغي التجاذب الفصائلي.<BR>3- مقبولة دوليا<BR>4- لا تعني انتصار طرف على طرف في ظل العقلية الحزبية الفلسطينية<BR>5- ستكون دافعا نحو إصلاح منظمة التحرير، لأن القضايا السياسية سترحل إلى المنظمة، مما يعني توجه أنظار الفصائل إليها.<BR><font color="#0000FF">دلالات على إمكانية قيامها: </font><BR>1- إخفاق جهود التوصل إلى حكومة وحدة وطنية.<BR>2- إعلان الحكومة الحالية على لسان نائب رئيس الوزراء أن بقاءها ليس خيارا مناسبا.<BR>3- إعلان حركة حماس وهي القطاع الأوسع في التشريعي عن استعدادها للقبول بحكومة خبراء، ومستقلين، وأكد ذلك خالد مشعل.<BR>4- تجاوب الفصائل الأخرى مع مثل هذا الخيار.<BR>5- استعدادات القطاعات الاقتصادية الفلسطينية والشخصيات الأكاديمية والمستقلة لدعم هذا التوجه.<BR>6- تقبل الأغلبية الفلسطينية الصامتة لهذا الخيار، ويزيح عنها عبء ترجيح كفة على أخرى.<BR>7- تشكيل حكومة كفاءات لا يغلق الطريق في أي مرحلة توافق داخلي أما تشكيل حكومة وحدة وطنية.<BR><font color="#0000FF">كيف يمكن إنجاحها؟</font><BR>1- أن تعطي الحكومة مرونة عالية في التعامل مع كافة الأطراف وأن لا يتم التعامل معها رقابيا إلا من خلال التشريعي.<BR>2- ألا نعود إلى قضية توزيع الحقائب داخل الحكومة سياسيا، لأن ذلك يعني حكومة وحدة مقنّعة، وليست كفاءات وسنعود إلى نقطة البداية.<BR>3- أن يقلع الجميع عن شحن الساحة بما يؤجج عامة الناس.<BR>4- يجب أن لا ينظر لنجاح حكومة الكفاءات بأنه نجاح لفصيل ما وإخفاقها إخفاقا له، إنما المسؤولية جماعية نظرا لعدم تمثيل الفصائل داخل الحكومة وبقائها جهة إشرافية ورقابية.<BR>5- إصلاح منظمة التحرير بأسرع وقت حتى لا تعود مؤسسات السلطة ساحة للمناكفات الحزبية.<BR>6- أن تعمل الحكومة ومنذ اللحظة الأولى بصفتها الوظيفية لا السياسية، مركز على قطاع الاقتصاد والخدمات، حتى تساعد في إعادة الاستقرار للشارع وتخفيف حالة الاحتقان.<BR>7- أن تعطى حكومة الكفاءات، غطاءا من الفصائل مجتمعة لإيجاد حل جذري للفوضى الأمنية.<BR><BR><BR><BR><br>