إعدامُ الرئيس وتَجَلِّياتُ عناقِ المشروعَيْن:الصهيونيّ الصفويّ
15 ذو الحجه 1427

بعد مرور أقل من ثلاثة أسابيع على وقوعه أسيراً في يد القوات الأميركية المحتلة، ومنذ حوالي ثلاث سنوات، وتحديداً في يوم الجمعة بتاريخ 9/1/2004م.. أعلن (البنتاغون) الأميركي على لسان الناطق الرسمي باسمه (لورانس ديريتا).. [أنّ الرئيس صدّام حسين هو (أسير حربٍ عدوّ)، وسيعامَل على هذا الأساس بموجب اتفاقيات جنيف الخاصة بأسرى الحرب]!..<BR>كانت أميركا تستخدم قضية (صدام حسين) ورقةً سياسيةً في حربها العدوانية المستمرة حتى اليوم في العراق، وكلما تعرّضت لسلسلةٍ من الهزائم الميدانية.. كانت تُبرِز هذه الورقة، وتُشهِرها، مرةً بوجه الصفويين الذين استولوا على الحكم في بغداد، وذلك للضغط عليهم.. وثانيةً بوجه إيران لمساومتها على النفوذ في العراق.. وثالثةً بوجه المقاومة العراقية للتأثير السيكولوجي السلبي عليها.. ورابعةً بوجه الحكام العرب فزّاعةً تُنذرهم بنفس المصير إن حاولوا الخروج عن الخط المرسوم أميركياً.. وخامسةً بوجه الشعوب العربية والإسلامية لإذلالها وقهرها وتيئيسها!..<BR>بعد تقرير (بيكر-هاملتون) الذي أنهى سلسلة أكاذيب الإدارة الأميركية وحلفائها، التي كانت تغطّي على هزائمها المروّعة في العراق.. إذ أعلن التقرير على الملأ (رسمياً) هزيمةَ الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها على يد المقاومة العراقية الباسلة، معلناً بذلك هزيمة المشروع الأميركي في العراق والمنطقة بأسرها.. بعد ذلك كله، لم يبقَ أمام الإدارة الأميركية المتطرّفة سوى الانتقام والتشفّي واستخدام الورقة التي تلاعبت بها طوال ثلاث سنواتٍ متتالية.. فكان القرار بإعدام الرئيس صدام حسين، وكانت على هامشه مجموعة من الإجراءات المشينة، التي تدلّ على الحقد المشترك للمحتل الأميركي وعملائه الصفويين، الذين اغتصبوا البلاد بالدبابة الأميركية الصهيونية!.. لكن كما تجلّت ذيول حرق ورقة صدام بهذه الرعونة والحماقة، فقد بدأت الإدارة الأميركية وعملاؤها يدخلون صفحةً جديدةً من الفضيحة والهزيمة وانكشاف الأوراق!..<BR>عندما كان يحكم العراق قرابة ربع قرن، لم يكن صدّام حسين يحكمه باسم أهل السنة، وإنما كان حكّام العراق يشكّلون خليطاً من أبناء طوائفه التي جمعها حزب البعث الحاكم العلمانيّ، وكانت أغلبية هؤلاء من الشيعة بنسبة الثلثين تقريباً، سواءً على مستوى القيادات أو على مستوى القواعد!..<BR>وعندما كان صدام حسين يحكم العراق، كان العراقُ دولةً موحَّدةً إقليميةً عظمى مُهَابَة الجانب، تملك جيشاً وطنياً قوياً، وتزخر بالملكات العلمية الراقية في كل صنوف العلم والأدب والأكاديميات المختلفة، وتملك صناعاتٍ ثقيلةً وخفيفةً على درجةٍ كبيرةٍ من الأهمية، واقتصاداً متيناً.. وكانت الدولة العراقية تمنح المواطنَ العراقيَّ الأمنَ وفُرَصَ التعليم والتوظيف والعمل والاستثمار، كما كانت تُطلِق طاقات الإنسان العراقيّ التي تجلَّت بأبهى صورها في الثمانينيات من القرن المنصرم، فانعكست على البلاد والشعب العراقيّ بكل خيرات الخدمات شبه المجانية التي قدّمتها الدولة للعراقيين، من كهرباء ونفطٍ وماءٍ وغذاءٍ ودواءٍ وخدماتٍ صحية، وملبسٍ ومسكنٍ وتعليمٍ أساسيٍ ومتوسطٍ وعالٍ، وطرقٍ وجسورٍ وأنفاقٍ وعمران، وزراعةٍ حديثةٍ وثقافةٍ أصيلة.. وغير ذلك الكثير.. الكثير، من أدوات الحياة الحديثة والعصرية!..<BR>الذين حاكموا الرئيس صدام حسين، حاكموه بعد أن أنهكوا العراق تدميراً وتقتيلاً وذبحاً على الهوية، وبعد أن سحقوا كل معالم الدولة ووحدتها الوطنية، وبعد أن حوّلوا الوطن إلى غابةٍ يحتشد فيها ذئاب الصفويين وضباع أميركا وساديّو الصهيونية.. وبعد أن وصلت آخر إحصائيات ضحايا (التحرير) الأميركي الصفوي إلى أكثر من سبعمائة ألف قتيل، وأكثر من مليون جريح، وأربعة ملايين مهجَّرٍ قسريّ، وملايين العاطلين عن العمل.. وبعد انعدام الأمن بشكلٍ كامل، وتمزّق النسيج الوطنيّ والاجتماعيّ، وتدميرٍ كاملٍ للبنية التحتية، وتوقّف كل الصناعات المهمة، وتفكيك الجيش الوطنيّ القويّ، وافتقاد الخدمات بكل أشكالها، من الكهرباء ومياه الشرب النقية والنفط والمحروقات والغذاء والدواء والخدمات الصحية!.. وكل ذلك وقع في أقل من أربع سنوات، هي عمر الاحتلال وحكومات عملائه الصفويين المتعاقبة!..<BR>الذين حاكموا صدّاماً.. هم الذين يجب أن يُحاكَموا على جرائمهم المروّعة التي أفقدت العراق سيادتَه ووحدتَه وأمنَه ودورَه الطليعيَّ ومكانتَه ومعالمَ حياته وحياة شعبه.. والذين حكموا على صدام حسين بالإعدام مرةً.. هم الذين يستحقّون الإعدامَ والسحقَ بالنِّعال والتخليدَ في أقذر صفحات التاريخ.. ألف مرة، فَلَئن كان صدام دكتاتوراً، فهم يمثلون أعشاشاً من الدكتاتوريين المجرمين، ولَئن كان قمعياً، فهم أشد القتلة قمعاً وإجراماً وساديّةً وانتهاكاً لكل المحرَّمات!.. والذين انتقموا من صدام حسين بكل هذه الخسّة والنذالة.. هم صناديد (أبو غريب) و(بوكا)، وسدنة (حسينيات) العقيدة الشاذة والزنا المقَنَّن باسم (المتعة)، ودجّالو زوايا التعذيب والتنكيل والذبح الطائفيّ والخطف واللصوصية ونهب الثروات.. والإجرام الذي لا يماثله إجرام منذ أن خلق الله الأرض حتى اليوم!.. والذين أزهقوا روح صدام حسين.. هم إرهابيو الاغتيالات لكل الكفاءات العلمية والدينية العراقية، وهم لصوص الخُمس وشتّامو صحابة رسول الله الكرام وطعّانو شرف أمهات المؤمنين ومحرِّفو كتاب الله الكريم وعَبَدَة الأضرحة والقبور ومبجِّلو المجرم القاتل (أبو لؤلؤة المجوسيّ)!..<BR>لطالما أعلنّا حقيقة تحالف المشروعَيْن المشبوهَيْن ضد أمة العرب والإسلام : الأميركيّ الصهيونيّ، والفارسيّ الصفويّ.. إلى أن وقعت واقعة إعدام الرئيس صدام حسين، لتُبرِزَ حقيقةَ هذا التحالف المشبوه في أوضح تجلّياته :<BR>أ- فأميركا المهزومة أرادت أن تثأر لشرفها الذي مزّقه أبطال المقاومة العراقية، وجعلوا القوةَ الأعظمَ في العالَم أضحوكةً تاريخية!..<BR>ب- والفُرسُ الصفويون أرادوا من هذه الواقعة أن ينفِّسوا عن حقدهم وغِلِّهم التاريخيّ الإجراميّ بحق العراق والإسلام والمسلمين، فقاموا بسلسلةٍ من الانتهاكات التي كشفت حقيقة دينهم الشاذ، وطائفيّتهم الوضيعة، ومعادنهم الخسيسة :<BR>1- فَحُكم الإعدام نُفِّذ بعد فتوى حصل عليها عميل الاحتلال (المالكي) من المراجع الشيعية في النجف وقُمّ، وفقاً لما صرّح به إلى (قناة الشرقية) العراقية المدعو (بهاء الأعرجي) أحد قادة ميليشيا الصدر المسماة بجيش المهدي في يوم السبت بتاريخ 30/12/2006م : (استفتينا المراجع الشيعية بجواز إعدام صدّام حسين في يوم الأضحى عند أهل السنة، وإنّ ذلك لا يُعتَبَر استفزازاً للمسلمين)!..<BR>2- وحُكم الإعدام نُفِّذ في صبيحة أول أيام عيد الأضحى المبارك، إهانةً للمسلمين واستهانةً بمناسبتهم الدينية الكبرى، ومخالفةً حتى للدستور العراقيّ!..<BR>3- وبعض المراجع الشيعية لم تعتبر أن تنفيذ حكم الإعدام قد تم في يوم العيد، لأنهم يعتبرون أنّ العيد يصادف (خلافاً لكل ما يتبعه المسلمون) يوم الأحد في 31/12/2006م وليس يوم السبت، وقد وصلت درجة الحماقة عند أحد مراجعهم، لأن يصرّح لقناة الجزيرة الفضائية من مكة المكرّمة التي يقوم ذاك المرجعُ بتأدية فريضة الحج فيها.. وهو الذي وقف على جبل عرفات يوم الجمعة وشارك المسلمينَ في بلاد الحرمين الشريفين وكلَ العالم الإسلاميّ عيدَهم يوم السبت.. لأن يصرِّح بالقول : (صدام حسين لم يُعدَم في يوم العيد، فنحن لا نعترف بهذا العيد الذي يبدأ يوم السبت، وعيدنا هو يوم الأحد كما أعلنت مرجعيّتنا في النجف الأشرف)!.. (قناة الجزيرة الفضائية، برنامج نهاية صدام، يوم السبت في 30/12/2006م).<BR>4- والإعدام نُفِّذ على قضية (الدجيل) الشيعية، ولم ينتظر الحاقدون محاكمة صدّام على قضية (الأنفال) الكردية المزعومة، ولا على قضية (الكويت)!.. فلنتأمّل!..<BR>5- والإعدام نُفِّذ في المقرّ السابق للشعبة الخامسة في المخابرات العراقية أثناء عهد صدّام، وهذه الشعبة كانت مختصةً بملاحقة عملاء إيران وجواسيسها، لاسيما خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية!..<BR>6- وفي خطابه يوم الأحد أول أيام العيد عند الشيعة، أعلن عبد العزيز الحكيم (الطبطبائي)، بأنّ (إعدام صدام هو إعدام لسياسة الاضطهاد القوميّ والطائفيّ)!.. أي أنّ هؤلاء الصفويين يعتبرون صداماً ممثلاً للعرب ضد الفُرس من جهة (اضطهاد قومي)، كما يمثل أهل السنة ضد الشيعة من جهةٍ ثانية (اضطهاد طائفي)، وأنّ تنفيذ حكم الإعدام هو إعدام للعرب من جهة، ولأهل السنة من جهةٍ ثانية!..<BR>7- كما أعلن الحكيم (الطبطبائي) في نفس اليوم ونفس الخطاب، بأنّ (إعدام صدام حسين هو إعدام للمعادلة الظالمة التي حكمت العراق)!.. أي أنه يعتبر بأنّ أهل السنة هم الذين كانوا يحكمون العراق ضمن معادلةٍ ظالمة، وأنّ الصفويين الشيعة الذين يمثّلهم هذا الطبطبائي.. قد صحّحوا المعادلة الظالمة بحكمهم الحالي للعراق!..<BR>8- وأثناء تنفيذ حكم الإعدام، كان الحاضرون من مندوبي الحكومة الشيعية العراقية وأزلامها وأزلام أميركا يهتفون : (اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، وعجِّل فرجهم، والعن عدوَّهم)!.. وهم طبعاً يعتبرون أنّ أعداء آل البيت هم أهل السنة الذين يستحقّون اللعنات، على رأسهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم!.. كما كان المجرمون يهتفون : (مقتدى.. مقتدى)، في إشارةٍ إلى المدعو (مقتدى الصدر) الطائفيّ الصفويّ الشيعيّ، وزعيم ميليشيا ما يسمى بجيش المهدي الإجرامية!.. وهذا يؤكّد التعاون الوثيق بين جيش الاحتلال الأميركي والميليشيات الشيعية الصفوية (جيش المهدي وفيلق بدر وغيرهما) وحكومة الاحتلال العميلة الصفوية الشيعية.. وإلا ما الذي جمع هؤلاء كلهم لحضور واقعة إعدام الرئيس العراقيّ؟!..<BR>9- وبعد تنفيذ حكم الإعدام مباشرةً، خرج الصفويون وعملاؤهم إلى الشوارع، في مسيراتٍ احتفاليةٍ استفزازية، وذلك في ضاحية الثورة (مدينة الصدر حالياً)، وفي مدن الجنوب العراقيّ الشيعيّ!..<BR>10- أما مَن أعلنوا فوراً تأييدهم وبهجتهم بتنفيذ حكم الإعدام، فهم أركان الثالوث (الأميركي الغربي-الصهيوني "الإسرائيلي"-الصفوي الفارسي) : أميركا وبريطانية و"إسرائيل" وإيران!.. وكلهم أصدروا بياناتٍ تكاد تكون متطابقة، من أنّ (تنفيذ حكم الإعدام بصدّام حسين، هو تحقيق للعدالة)!.. وهذا دليل إضافيّ على تحالف رؤوس الشرّ هؤلاء، في استهداف بلادنا وديننا وأمّتنا وكرامتنا!..<BR>الرئيس صدام حسين لم يكن يحكم العراق باسم أهل السنة، لكنّ أعداء هذه الأمة المغرِقون في طائفيّتهم.. تعاملوا معه على هذا الأساس، فأرادوا من إعدامه أن يُعدموا هذه الأمة، ضمن منهجٍ عدوانيٍ أميركيٍ صهيونيٍ صفويٍ حاقد.. وأرادوا بإعدامه الانتقامَ منه، لأنه وقف (طوال ثماني سنواتٍ) بوجه الشرّ القادم من الشرق على أسنّة رماح تصدير الثورة الخمينية الصفوية الفارسية، حين تجرّعوا بعدها السمَّ وتهشّمت رؤوسهم، واندحرت حملات اجتياحهم لبلاد العرب والمسلمين.. تلك الحملات الفاسدة التي نشهدُ اليومَ (بعد أن تمكّن سدنتُها) بعضَ شرورها وآثار اجتياحاتها، في العراق وبلاد الشام ودول الخليج العربيّ ودول شمال إفريقيا العربيّ الإسلاميّ.. وأرادوا بإعدامه الثأرَ منه، لأنه قاوم الشرّ الأميركيّ ولم يُسلِّم العراقَ لهم طائعاً، ولأنه أمطر الكيان الصهيونيّ المسخ بالصواريخ الثقيلة في عام 1991م، ولأنه حاول بناء دولةٍ عصريةٍ قويةٍ تستطيع الصمود أمام الشرَّيْن الأسودَيْن : الأميركيّ الصهيونيّ، والفارسيّ الصفويّ!..<BR>كان على طغاة العراق الصفويين الجدد.. أن يتّخذوا من وصول (صدّام حُسَين) إلى حبل المشنقة عبرةً عظيمة، لكنّ حقدهم وشذوذهم قد أعمى أبصارهم وبصائرهم، ولن يكون بعيداً ذلك اليوم، الذي سيُشنَقون فيه على أيدي شرفاء هذه الأمة، وحَمَلة رسالتها، وحُماة إسلامها الحقيقيّ الذي يقوم على التوحيد والإيمان الحق والعزة والشرف والكرامة والجهاد والمقاومة، لا على مرجعية الخرافات ولصوص الخُمس ووثنية الأضرحة وشذوذ فتاوى المتعة!..<BR><br>