خطة "راند" لكشف المنافقين!
7 ربيع الثاني 1428

لأول مرة تصل مؤسسة راند إلى طرح عقلاني يستحق التقدير، التقرير الأخير 2007م يؤكد هذا الأمر، فهو يعترف ضمنيا بالكثير من الحقائق التي جاء بها الإسلام؛ وإن كان اعترافه بها بهدف مواجهتها وهدم القناعات المبنية حولها!!.<BR>يعترف التقرير أنه لا مكان -في هذا العالم- للجمع بين النقيضين أفكار الإسلام مع أفكار الديمقراطية (الحق مع الباطل)، وأن الإسلام كفكره لا يقبل الديمقراطية بأفكارها وطروحاتها المختلفة، ولا غيرها من الأفكار والأيديولوجيات المختلفة، لذا ينصحون بأن يستثني الإسلام من قاعدة دعاوى التعددية؛ باعتبار اعتناقه رفض وإقصاء للأفكار والأيديولوجيات الأخرى!!. <BR>إنهم بذلك يؤكدون أصلا عظيما من أصول الدين؛ بُحت "أصوات الغيورين" وهم يعلمونه للأمة؛ أنه لا مكان للنقاش والحوار ما دام النص الشرعي واضحا في المسألة، وأن ذلك من التعقيب على أحكام الله -سبحانه وتعالى- التي لا معقب لها، وأن رأي الإنسان في هذه الحالة؛ إما أن يقول: (سمعنا وأطعنا: إتباع) أو الخذلان والمهانة إن لم يسمع ولم يُطع. <BR>ويعترف التقرير -بعد تخبطاته في نسخة القديمة- أن الاعتماد على الأشخاص كان من أسباب قصور الخطط السابقة للحكومة الأمريكية، لذا عمد التقرير إلى وضع خطة تستهدف الفكرة الإسلامية –المشكلة ذاتها- من أصولها وجذورها، فحدد سمات الأفكار الرئيسة التي سيجري العمل على ترسيخها، ثم اشترط في من يقدم الدعم والمساندة لتحقيق أهداف الحكومة الأمريكية (أفراد، مؤسسات، حكومات) أن يكون ممن يعتنق تلك الأفكار، وهي في غالبها سمات المنافقين كما نص عليها القرآن الكريم، وهذا بحد ذاته إفصاح عن حقيقة المعركة وتأكيد على التصنيف القرآني للناس (مسلم، كافر، منافق) الذي جرى العمل لسنوات طويلة على تمييعه في نفوس المسلمين، وكشف لطبيعة العلاقة الأزلية بين النفاق والكفر.<BR>تحتاج الأمة للحصول على مثل تقرير راند 2007م إلى الكثير من التضحيات التي قد تطال رموزها!! من العلماء والمفكرين المخلصين، وتحتاج كذلك إلى إمكانات مادية وتقنية لا يمكن أن تتاح لأصحاب الحق؛ بحرية في هذه المرحلة على الأقل، كما تحتاج إلى الصبر لمواجهة الهجمة الشرسة وحملة التشويه التي تنتظرها في حال أصدرت مثل هذا التقرير!! من إعلام المسلمين قبل غيرهم!!<BR>ولكن،، بفضل الله جاء التقرير -الأخير لمؤسسة راند 2007م- من داخل أمريكا!!، يحمل في ثناياه بشائر النصر والتمكين لهذا الدين ويكشف العجز والخذلان الذي يتقلب فيه أعداء الدين في داخل المجتمعات الإسلامية (جميع المنافقين) وخارجها (بعض الكافرين)، ويحدد بجلاء العلاقة الوثيقة والأصل المشترك بين النفاق والكفر في محاور بارزة: (عدم تحكيم الشريعة في كل شؤون الحياة، عدم قيام الدولة الإسلامية، فساد المرأة أصل التغيير، محاربة!!! فكرة الجهاد وتجريمها، حرية تغيير الدين أو تعديله أو تكوين مزيج منه!!، الحرية الجنسية). <BR>أراهن أن هذا التقرير بمثابة الكارثة على عملاء أمريكيا في داخل البلدان المسلمة، ولكن تبقى آليات المنافقين (المخادعة، والكذب) حائلا دون توبتهم بعد هذه الفضيحة التاريخية إلا أن يشاء الله. <BR>إن المتأمل في السمات التي اشتمل عليها مقياس راند للمسلمين المعتدلين!، وللمنتج المستقبلي من المسلمين، الذي سينتج بواسطة: "الولايات المتحدة وحلفائها" ليتوهم أنهم قد رجعوا إلى "سورة التوبة" في استنباط مكونات مقياسهم للمنافقين ومشروعاتهم، لذا يمكن استخدام هذا المقياس (الأمريكي) في كشف أفعال المنافقين في الواقع ولن ينبس أحدهم بكلمة (المتشددين، أو الإقصائيين، أو أصحاب الرأي الأوحد) لأن "أمريكا" هي مصدر المقياس!. <BR>لقد اختصر التقرير الكثير من التفاصيل التي كتبت للرد على المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة، فقد أظهر –التقرير- تصنيفه لكافة المعتقدات والآراء والأفكار التي تتشبث بها الفرق والطوائف التي انحرفت عن منهج الإسلام من المبتدعة وأصحاب الشركيات؛ ضمن سمات الإسلام المستقبلي الذي يتسيد فيه الباطل ويُغيب فيه الحق (زعموا!)؛ فتحدث التقرير عن أماله المعقودة على الطائفين بالأضرحة!!.. وجعل الوصول إلى هذه الوضعية (طواف المسلمين بالأضرحة) مقياسا على تحقيق الأهداف الأمريكية لتغيير "فكرة الإسلام" (التوحيد)، وهذا يكشف بجلاء حقيقة الموحدين وطبيعة الآثار التي يتركها التوحيد على معتنقيه، وكما كان التوحيد ولا زال؛ القضية الأولى لدعاة الحق عبر تاريخ البشرية ومحور دعوة الرسل والأنبياء، فإن الكفر والشرك والبدع في المقابل هدف دعاة الباطل (شياطين الإنس والجن) ومحور مشروعاتهم وحركتهم في الحياة.<BR>وتأكيدا على كشف التقرير عن البيئات التي يمكن أن يزدهر فيها النفاق وينمو (حول القبور) فإنه قد اقترح بعض الخطط للتضييق على المساجد وتحجيم دورها باعتبارها البيئة التي تنشأ فيها الأفكار المعارضة للديمقراطية!! وتزدهر فيها المعارضة الشرعية لمشروعات صناعة النفاق والكفر.<BR>إن من أبرز ما يتميز به هذا التقرير أنه أعلن عن طبيعة المعركة <font color="#ff0000">{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ}</font> الأنعام33. فالمعركة ليست مع متشددين ولا متطرفين؛ إنها مع الفكرة نفسها (الإسلام) <font color="#ff0000">{.. وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ..} </font>جزء من آيةالبقرة217، أمام وقودها فهم أرذل البشر –المنافقون- نعوذ بالله من حالهم.<BR>التقرر –الهدية- يقدم تفسيرات لكثير من الأخطاء التي ترتكب بحق الشعوب المسلمة من الحكومات في العالم الإسلامي، فهو يطرح فكرة تغيير المعتقدات والثقافة بكل صراحة، ويعول على "الفكر السياسي الأتاتوركي والتونسي!!" في تحقيق أهدافه، ويشترط إخلاص المؤسسات والحكومات الصديقة في تبني تغيير الثقافة من الداخل، إيمانا منهم بدور النفاق.<BR>الذي يقرأ التقرير سيجد إجابات عن تساؤلات ملحة حول عدد من القضايا في مجتمعات المسلمين، منها: لماذا يجري التغيير الاجتماعي بالقوة؟ ولماذا العمل على زيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية من خلال القضاء على الطبقة الوسطى –الممولة للأعمال الدعوية والإغاثية- في غالب المجتمعات المسلمة؟ لماذا تنهب أموال الناس في وضح النهار؟ لماذا الفساد الإداري والقضائي في العالم الإسلامي؟ لماذا تشغل ساحات الثقافة بـ(عصرنة الإسلام: تنسيق!! الإسلام ليتواءم مع العصر) وليس بأسلمة العصر!؟ لماذا يصرخ الإعلام الرسمي و(التجاري!) في وجه القيم والأخلاق؛ علنا والرقيب والحسيب معني بحماية الساسة فقط؟ لماذا حصرت قضايانا الاجتماعية في تجريد المرأة من كل فضيلة توصلها إلى طاعة ربها؟ لماذا تتزايد البطالة في صفوف الشباب الذكور، وثقافة الحرية الشخصية؟<BR>إن تقرير راند حجة كبيرة على كل مؤمن بالله واليوم الأخر، فالأعمال المطلوبة لهزيمة العدو كثيرة لكنها واضحة جدا، ومرتبة بحسب أولوياتها، تنطلق من إحسان المسلم لعلاقته الداخلية مع الله سبحانه وتعالى (تقديم القدوة) وإعمار المساجد بالطاعات، ثم القيام بالواجبات في المحيط الاجتماعي انطلاقا من إصلاح الأسرة، ثم الدائرة الأكبر؛ لتجفيف منابع القوة الأمريكية (النفاق) من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاستمرار في العمل الجاد على هزيمة كل القيم المادية في الحياة، فذلك كفيل بهدم الكيان المادي (الولايات المتحدة) وغيرها من الكيانات الخاوية من المعاني السليمة للحياة. <BR>كل الأحداث تسوق الناس –بأمر الله- نحو فهم صحيح للحياة، فالصراع الذي يتأجج يوما بعد يوم هو مواجهات قيمية وأخلاقية، بين الأنظمة الأخلاقية في عالم البشرية (القديم والمعاصر والمستقبلي)، وتلك الأنظمة لا تخرج عن الأنظمة الثلاثة التي يعرضها القرآن الكريم: النظام الأخلاقي الإسلامي: (يستمد قوته الإلزامية من حب الخالق ورجاء ما عنده). والنظام الأخلاقي الكفري: (يستمد قوته الإلزامية من هيمنة المحسوس (المادي) وقصور العقل عن تجاوز إطار الحس). والنظام الأخلاقي النفاقي: (يستمد قوته الإلزامية من "درجة قوة" ضغط النظام الأخلاقي الإسلامي)، وهنا ينكشف تكتيك المعركة بين الأنظمة الثلاثة؛ فعندما تسود القوة الإلزامية لنظامنا الأخلاقي على حركتنا وفعلنا في الحياة؛ يُهدم الفكر المادي وتضعف هيمنة المحسوس، وبالتالي يضطر المنافق للمخادعة وكبح ثوراته في وجه الحق، إما إذا ضعفت القوة الإلزامية لنظامنا الأخلاقي في نفوسنا؛ فسوف ينتفش العدو، وفي كل الأحوال؛ تتجلى الحقيقة: <font color="#ff0000">{.. قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ..} </font> جزء من آية آل عمران165. فلا عذر لأحد.<BR><br>