
هيئةُ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ جهازٌ فريدٌ متميزٌ في النسيجِ الحكومي السعودي؛ ويبدو أنَّ هذا الجهاز من الدرجةِ العاشرة – أو بدونِ درجة – لدى كثيرٍ من صُحفنا ووسائلِ إعلامِنا المحليِّة، وندعو الله ألاَّ تكونَ درجته كذلكَ في الخططِ الخمسية والموازناتِ والمواردِ المالية والبشرية .<BR>وفي هذا الأسبوع ركَّزتْ عددٌ من الصحف المحلية المقيمة والمهاجرة في صفحاتها الأولى والأخيرة على ثلاثِ حوادث وَفيَّاتٍ في مركزٍ للهيئة بالرياض وفي مركزٍ آخرَ بتبوك إضافةً إلى سقوطِ عاملةٍ منزليةٍ من الدورِ الرابعِ بعدَ مُداهمةِ الهيئة لعمارتها في جدة ؛ وقد اهتزتْ الصحفُ طَرباً لهذه الحوادثِ في محاولةٍ – محكومٍ عليها بالفشل- لتكرارِ ما حدث في حريقِ المدرسةِ المكيِّةِ قبلَ خمسِ سنوات.<BR>وقد حفظنا شنشةَ الصحافةِ ومَلَلناها فلسنا نستغربُ منهم هذا التزامن غيرَ أنَّه لا بدَّ من توضيحِ بعضِ الأمور:<BR>* أصدرتْ الجهاتُ المعنِّيةُ في الرياضِ ومكَّةَ وتبوك بياناتٍ وتصريحاتٍ رسميةً وطلبتْ من الجميع الانتظارَ إلى حينِ انتهاءِ التحقيقات ؛ وحذَّرتْ من الخوضِ في مُجرَياتِ الأحداثِ بلا علمٍ ولم تلتزمْ بعضُ صحفنا بذلك.<BR>* الخطأ واردٌ في كلِّ عملٍ ومن كلِّ إنسان ، ولو كانَ مُقتضى الخطأ الإلغاء أو التحجيم ومعاقبة الجميع لما بقيَ عملٌ ولا عامل.<BR>* كلُّ مَنْ تَعسَّفَ في استخدامِ الحقِّ أو النظامِ أو استغلَّ المهمةَ الرسميةَ لصالحهِ الشخصي فعقابُه متعينٌ وليسَ الحكمُ قصراً على هيئة الحسبة أو الوزارات " المشيخية".<BR>* الموتُ من جرَّاءِ الخوفِ والفزعِ حالةٌ معروفةٌ طبياً ورُبَّمَا لا تُنسبُ لفاعل؛ وقدْ أجهَضتْ امرأةٌ خوفاً من عمرَ بنِ الخطاب-رضيَ اللهُ عنه- لمَّا رأته؛ كما أنَّ التصرفاتِ الخرقاءَ ساعةَ المحنِ والضيقِ والحصارِ أمرٌ مشاهدٌ كما في حالاتِ الانتحارِ وإيذاءِ النَّفس؛ والملامةُ أكثرُ ما تنصرفُ لمن آذى نفسه في الغالب.<BR>* تقعُ أخطاءٌ طبيةٌ وإداريةٌ وغيرها تجاه الأرواحِ والأموالِ والأعراضِ ومعَ ذلكَ لم تبرزها الصحافةُ المحليةُ بتشفٍ وتستغلها بجرأةٍ كما فعلتْ معَ أخطاءِ هيئةِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عنْ المنكرِ-أو ما تظنُّه أخطاء-.<BR>* لا يفوتنا أنْ ندعوَ للموتى بالرحمة والغفران والستر ولأهلهم بالصبر والسلوان ؛ والدعاءُ يتضاعفُ للمحتسبين في قمعِ المنكراتِ ومنعها. <BR>* كان يجدرُ بصحافتنا أنْ تغلِّبَ جانبَ المهنيةِ الصحفيةِ ومصلحةَ التحقيقاتِ على الثاراتِ الأيديولوجية والمكاسبِ الحزبية.<BR>* في يومياتِ الصحافةِ أخطاءٌ وعيوبٌ وثغراتٌ غيرُ قليلة؛ ولو تكَّفَلَ بتتبعها وفضحها وأخذ الحقِّ منها بعضُ المحتسبين والمصلحين وفضلاءُ الإعلاميين والمحامين لكانَ في هذا المسلكِ من الخيرِ مالا يخفى على الناظر.<BR> <BR>ومعَ هذه الهجماتِ المنسَّقةِ المتواليةِ من صحافتنا على ثوابتنا الدينية وخصائصِ المجتمعِ وعواملِ وحدتِه وتماسكِه تبرزُ الحاجةُ جلِّيةً لصوتِ " الأمة" الذي ينطقُ الكلمةَ الطيبةَ من الأرضِ الطيبةِ ليستفيدَ من ثمارها وفيئها الأفرادُ والمجتمعُ والدولة؛ وليس هذا بمستغربٍ أوْ مستكثرٍ على خيرِ أمَّةٍ أُخرجتْ للنَّاس بشرطِ الخيريِّةِ وضابِطِها القرآني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.<BR><br>