
كانت الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة نقطة فارقة في تاريخ تركيا الحديث فرغم التوقعات المسبقة والتكهنات المبكرة للانتخابات فإن النتيجة لم تخل من مفاجآت صاحبت اكتساح حزب العدالة والتنمية الإسلامي لنسبة 46.7 بالمئة من الأصوات الشعبية بينما الأكراد ولأول مرة منذ 16 عاما تمكنوا من الدخول إلى البرلمان كنواب مستقلين بأربعة وعشرين مقعدا.<BR><BR><font color="#0000FF">عودة الأكراد إلى البرلمان،،،</font><BR><BR>عاد النواب الأكراد إلى البرلمان التركي بعد إقصائهم عنه قبل 16 عاما ولكنهم عادوا هذه المرة بقوة وبـ 24 نائبا مما ينذر بسخونة المسألة الكردية في تركيا خلال المرحلة القادمة.وكان حزب المجتمع الديمقراطي أبرز الأحزاب الموالية للأكراد الذي يتمتع بتأييد كبير في المنطقة قدم 60 مرشحا للانتخابات على إنهم "مستقلون" بهدف الحصول على الحد الأدنى من الأصوات(10%) المطلوب على المستوى الوطني لتمكين أي حزب من دخول البرلمان.ومن المؤكد هو إن النواب الجدد لن يستقبلوا بالورود في أنقرة حيث يعتبر "حزب المجتمع الديمقراطي" واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني بسبب رفضه وصفه بأنه "منظمة إرهابية".وقد كثف حزب العمال الكردستاني من عملياته هذه السنة ما أثار ردود فعل القوميين ودعوات إلى التدخل في شمال العراق المجاور حيث للمتمردين قواعد واعتبر تزايد هذا العنف أحد الأسباب الرئيسية التي أسهمت في عودة الحزب القومي إلى البرلمان بعد غياب دام خمس سنوات.<BR><font color="#0000FF">حالة فريدة،،</font><BR><BR>سجلت هذه الانتخابات حالة فريدة من نوعها وهي فوز ناشطة مسجونة في اسطنبول وكان يفترض أن تحاكم بسبب اتهامها بالتعامل مع الانفصاليين الأكراد فقد فازت الكردية المعتقلة في السجن بتهمة عضويتها في المنظمة الانفصالية "صباحات تونجال" بأصوات كاسحة في الدائرة الثالثة بمدينة اسطنبول عن لائحة المرشحين المستقلين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وستتجمد محاكمة صباحات تونجال بعد توقيع أوراقها كنائبة نظرا للحصانة البرلمانية التي ستتمتع بها.وأعلن المسئول عن اسطنبول في حزب المجتمع الديمقراطي (الكردي الوحيد في تركيا) فرحات تاغاي أن صباحات تونجال سوف تدخل البرلمان بعدما اكتسحت الأصوات في دائرتها في سابقة هي الأولى نوعها في تركيا.<BR><font color="#0000FF">الأقلية الكردية في تركيا،،</font><BR><BR>يشكل الأكراد في تركيا ثاني أكبر مجموعة عرقية بعد العرق التركي وإذ يقارب تعداد سكان تركيا حوالي 70 - 75 مليونـا فإن الأكراد يقدرون باثني عشر مليونا أو حوالي خمس السكان.<BR>ولم تعترف تركيا مطلقا بالأكراد كمجموعة عرقيـة مختلفة عن العرق التركي واعتبرتهم أتراكا وكانت تطلق عليهم لقب "أتراك الجبال ".واستمرت هذه النظرة الرسمية سائدة حتى آخر العام 1991 حين أقر رئيس الحكومة التركية حينها سليمان ديميريل، بوجود "واقع كردي"، خلال جولة له في جنوب شرق تركيا حيث الغالبية كردية.ويتمركز الوجود الجغرافي للأكراد في تركيا في مناطق الجنوب الشرقي المحاذية لسوريـا والعراق وإيران ولا سيما في محافظات: حقاري، فان، آغري، بتليس، موش، دياربكر، اوفا، قارس، مردين، بينغول، ايلازيغ، تونجيلي، آدي يمان، ارزبخان، غازي عينتاب، ملاطيا.ويتوزع الأكراد في تركيا مذهبيا بين سنة (70 في المئة، ومعظمهم شافعيون) وبين علويين (30 في المئة) مع وجود أقليـة تقدر بـ 10 - 20 ألفا من اليزيديين (أو الأزيديين). ويتحدثون جميعا اللغة القرمانية (أي الكردية المعروفة). وتنشط في صفوفهم الطرق الدينية التقليدية وفي مقدمتها النقش بندية والقادرية فيما يسود مجتمعهم التنظيم العشائري.ويعتبر أكراد تركيا امتدادا لأكراد العراق وإيران وسوريا.ويطلق تاريخيا على المناطق التي يقطنون اسم "كردستان"، لذا يعتبر أكراد تركيا مناطقهم بأنها "كردستان الشمالية" فيما أراضي العراق الشمالية "كردستان الجنوبية" وأراضي إيران الكردية "كردستان الشرقية". <BR><font color="#0000FF">بداية سياسية جديدة،،</font><BR><BR>لم يكن الفوز فقط من نصيب حزب العدالة والتنمية فحسب طبعا الأكراد أيضا كان لهم نصيبا من كعكة الانتخابات التاريخية التي سمحت لهم ولأول مرة بإدخال 24 نائبا إلى البرلمان وإن كانت طموحاتهم أكبر من هذا العدد لكنها تعتبر بداية سياسية جيدة في طريق الحصول على حقوقهم من قلب البرلمان.ومما لا شك فيه أن دخول النواب الأكراد إلى البرلمان سيحدث تحولات كثيرة منها أنه سيكون له حق المشاركة ككتلة برلمانية في عضوية اللجان البرلمانية وسيكون لأعضائه الحصانة النيابية.ويعتبر دخول الأكراد إلى البرلمان بعد غياب طويل هام جدا في هذه المرحلة الحساسة التي تمر به القضية الكردية بتعقيدات للغاية.ويريد الأكراد هذه المرة الحفاظ على الأهداف الإنجازات السياسية التي حققوها حيث يقول زعيم حزب المجتمع الديمقراطي أحمد ترك نريد العيش في وطننا تركيا بهويتنا الكردية دون أي مشاكل.وللنواب الأكراد تجربة مريرة مع الحكومات التركية السابقة ففي انتخابات عام 1991 حيث شارك الأكراد تحت لواء الحزب الاجتماعي الشعبي الديموقراطي الذي كان يرأسه اردال ابن الزعيم التاريخي عصمت اينونو وكان يسعى لمقاربة المسألة الكردية بطريقة أكثر معاصرة وقد أحدث أولئك النواب زوبعة في البرلمان رفضوا أداء القسم باللغة التركية أو إعلان الانتماء إلى الأمة التركي وسجن النواب الأكراد الأربعة في العام 1994 أثناء خروجهم من البرلمان، ولم يغادروه إلا في العام 2004.<BR><BR><font color="#0000FF">وأخيرا </font><BR>... إذا كان المشهد السياسي في تركيا قد ’اختصر حاليا بثلاثة أحزاب، فإن الواقع يؤكد وجود حزب رابع غير مرئي قد يعلن عنه في أي وقت يتمثل في كتلة النواب الأكراد المستقلين.. فهذه هي فرصتهم.. وهذا عام المفاجآت التاريخية في تركيا.<BR><BR><BR><br>