لبنان وانتخابات (المتن)
16 شعبان 1428

قد تأتي أهمية لبنان باعتباره جزءاً في بلاد الشام التي تخوض دائما صراعًا في مواجهة غزو بربري همجي في الخارج (الصهيونية في العصر الحديث) وبربرية متصاعدة من الداخل (الباطنية)<BR>وقد تأتي أهمية لبنان لأن المعركة الدائرة فيها هذه الأيام ليست معركة محلية أو داخلية فحسب، بل هو صراع بين المختلفين على أرض لبنان.<BR>ومن هذه الزاوية ما نلاحظه من اهتمام كبير بانتخابات فرعيه في منطقة من مناطق لبنان، وقد حشد كل فريق كل ما يستطيع عليه من مؤيدين في الداخل والخارج وجاءت النتائج مفاجأة لكثير من الناس، لأن كرسي مجلس النواب المتنازع عليه هو في الأصل لآل الجميّل، والمنطقة منطقة موارنة المؤيدين للجميل، فكيف نجح الخصم اللدود (مرشح عون) المتحالف مع الشيعة ومع النظام السوري؟ وهو سؤال محير إلا إذا بدأ المراقب السياسي يحلل الوضع ويعلم من أين جاءت الأصوات التي ساعدت على إنجاح مرشح عون<BR> إن بعض الأمور التي تساعد على تفهم هذه النتائج وقد لا ينتبه لها الناس هي أن الجنرال عون طرح نفسه كممثل عن كل النصارى في لبنان وكأنه كان يقول لهم:<BR>صحيح أني متحالف مع الشيعة ولكن هؤلاء أقلية مثلنا، ومن السهولة التفاهم معهم أما أمين الجميل فهو متحالف مع (السنة)(1)، وهذا المنطق رشح شيء منه في بيان المطارنة الموارنة حين اتهموا (رئيس الوزراء) فؤاد السنيورة بأنه يسعى إلى (تسنين) لبنان؟!<BR>وكلام عون فيه دغدغة لعواطف الجهلة والمتعصبين من النصارى ويبقى السؤال الأهم والمحير: لماذا هذا الدعم الكبير من طائفة الأرمن وما هو السر في ذلك؟، وعند المراجعة لسياسات المنطقة سوف يلاحظ المراقب الحيادي أن إيران التي تدعم "حزب الله" وتدعم بالتالي مرشح عون هي في الوقت نفسه متحالفة مع الأرمن في إقليم أذربيجان وساعدت الأرمن على منافسيهم الأذريين والملفت للنظر أيضًا أن زعيم حزب "الطاشناق" مقيم في إيران وهذا الحزب هو الذي دعم مرشح عون وهكذا يظهر لنا مدى تغلغل الجانب الديني في الأمر السياسي بعكس من يريد إبعاد هذا الجانب عن أي تحليل سياسي لمجريات الأمور كما تظهر هذه الانتخابات مدى الخلل البنيوي فيما يسمى (الاحتكام إلى صناديق الانتخابات) مادام كل إنسان جاهل له (صوت) كما لأكبر العقلاء والشرفاء.<BR><BR><font color="#0000FF">أمريكا وأوروبا</font><BR>جاء في الأخبار أن تقريرًا أعده الخبراء الحياديين في أمريكا وخلاصته أن وضع أمريكا اليوم يشبه وضع الإمبراطورية الرومانية قبل انهيارها ومن أسباب هذا الانهيار المتوقع للولايات المتحدة حسب معدي التقرير عدم وفائها بالمتطلبات الاجتماعية للأفراد أو عدم استطاعتها حل مشاكلها الخارجية لأن كل الزعماء السياسيين لا يعترفون بالحقائق بل يكذبون ويراوغون استعدادًا للانتخابات القادمة. ويتابع كاتبوا التقرير أن المقارنة مع (روما) وإن كانت غير متطابقة في كل الوجوه ولكن لابد من الاستفادة من التاريخ لاستيعاب ما يجري اليوم من الأحداث الكبرى.<BR><BR><font color="#ff0000">تعليق: </font> عندما نتكلم في منطقتنا العربية عن أهمية التاريخ لفهم الأحداث المعاصرة، فإن قومنا يستنكرون ويقولون: لماذا تراجعنا إلى الوراء دائمًا، وما دخل التاريخ في معرفة الحاضر؟ وهذا الكلام في الأدلة على عدم استقرار المفاهيم السياسية الصحيحة، وعدم وضوح معاني (السياسة) في أذهانهم وبالمعنى العلمي للسياسة.<BR><BR><font color="#0000FF">واقعنا مع الزحف الصفوي</font><BR>قد يبتسم الإنسان عندما تفاجئه أحداث كبيرة، مدلاً بذلك على رباطة جأشه، وعزمه على المقاومة والصمود ولكن تلقي بعض الناس بابتسامة لما يحيط بهم من أخطار ومصائب إنما هي ابتسامة البله والانحطاط الفكري حيث لا يقدرون الأمور حق قدرها، ولا ينظرون بعين الحذر للمستقبل القريب، وإذا خفي هذا التدبير الماكر في الصفويين والزحف الشيعي على بعض الناس فليس معنى ذلك أنه غير موجود أو أنه ليس تدبيرًا مبيتًا، فالأحداث لا تأتي فجأة بغير تخطيط سابق، وإن من أعظم النكبات التي تنزل بالأمم هي نكبة الغفلة والنسيان كما يقول شيخ العربية محمود محمد شاكر رحمه الله.<BR>وكما يقول الشاعر:<BR><BR>إن الذين ترونهم إخوانكم X يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا<BR><BR>ــــــــــ<BR>(1) المقصود: تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري.<BR><br>