البوصلة الأمريكية ... لا تحدد القِبلة!!
20 شعبان 1428

إذا أردنا التنبوء بالخطوات القادمة التي يمكن أن تقوم بها حكومة رام الله – عفواً حكومة دايتون - بالتنسيق مع بقاياها في غزة فينبغي علينا أن نقرأ في السيرة النبوية، ونتأمل تحديداً مؤامرات المنافقين التي كانت تتم بشكل فردي أو جماعي، وبالتنسيق مع يهود المدينة أو مع قريش، وبالتشويش على بعض المؤمنين أو بالتفريق بينهم، لقد اتخذوا كل السبل والوسائل في سبيل تحقيق أهدافهم.<BR> <BR>ومن بين تلك المؤامرات بناؤهم لمسجد الضرار، وكان ذلك لما اتخذ بنو عمرو بن عوف مسجد قُباء ، وبعثوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتاهم ، فصلى فيه ، حسدهم إخوتهم بنو غَنْم بن عَوف وكانوا من منافقي الأنصار ، فقالوا : نبني مسجداً ، ونرسل إلى رسول الله فيصلي فيه ، ويصلي فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام؛ وكان أبو عامر قد ترهَّب في الجاهلية وتنصَّر ، فلما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، عاداه ، فخرج إلى الشام، وأرسل إلى المنافقين أن أعدُّوا من استطعتم من قوة وسلاح ، وابنوا لي مسجداً ، فاني ذاهب إلى قيصر فآتي بجند الروم فأُخرج محمداً وأصحابه ، فبنوا هذا المسجد ، إلى جنب مسجد قباء ، وكان الذين بنوه اثني عشر رجلاً ، ومنهم خِذام بن خالد ومِن داره أُخرج المسجد ، فلما فرغوا من بناء المسجد، أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا : إنا قد ابتنينا مسجداً لذي العلَّة والحاجة والليلة المطيرة ، وإنا نحب أن تأتينا فتصليَ فيه، كان هذا تبركاً في ظاهر الأمر ، وتقريراً لوجود هذا المسجد. <BR> <BR>فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بقميصه ليلبسه ، فنزل عليه القرآن وأخبره الله خبرهم ، فدعا نفراً من الصحابة وقال : " انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فاهدموه وأحرِقوه " وأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتُخذ كُناسة تُلقى فيها الجيف، قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: « رأيت الدخان من مسجد الضرار حين انهار » رواه الحاكم في المستدرك بإسناد صحيح.ومات أبو عامر بالشام وحيداً غريباً .<BR> <BR>لقد كانت المؤامرة كبيرة وكان مكرهم عظيماً {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، ونسجت خيوط المؤامرة بعناية فائقة ولكنها واهية كبيت العنكبوت {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت}، ظاهر البناء الخير والصلاح، وأما الباطن فهو حرب على الله ورسوله وتفريقاً للمؤمنين، لقد كان المسجد أنموذجا فالصور تتنوع والأساليب تتعدد والهدف واحد والدرع الذي يتترس {إن أردنا إلا الحسنى}، فجاء القرآن فاضحاً لهم كاشفاً لزيفهم ولزيف كل من سار على دربهم، قال تعالى: { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا <BR>إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }، إنه المصير المحتوم لكل مشروع ضرار لا بركة فيه منهار معنوياً وسرعان ما ينهار حسياً بإذن الله، لا ثبات له ولا قرار فمن يقيم فيه؟! .. وكيف يكون له ثبات وقد بُني على حافة حفرة وعلى تربة غير متماسكة سرعان ما يسقط وينهار إذ الأرض الطيبة لا تقبله ولا أهلها الطيبون. <BR> <BR>ها هي اليوم حكومة دايتون تخطط من رام الله إلى جمع البقايا ولكن ليس في مسيرة أو مهرجان بل في صلاة لأنهم أدركوا أخيراً أن الشعب الفلسطيني المسلم شعب متدين، وأن الشعوب المسلمة تقف وتتعاطف مع المتمسكين بدينهم لا مع المتمسكين بالعلمانية، وبأن الصلاة لها هيبتها ومكانتها وقداستها، وبأن الاعتداءات السافرة على المساجد في غزة كانت سبباً في خسارتهم أمام حماس، فدعت جماهيرها إلى صلاة الجمعة في الشارع ولكن جمعة الضرار الأولى التي أقامتها تلك الحكومة باسم حركة فتح لم تفلح في جمع أكثر من مئة من المصلين، فعزمت هذه الجمعة أن تعوض تلك الخسارة، وعادت إلى طريقتها وعهدها السابق في جمع الأنصار وذلك عن <BR>طريق دفع الأموال استغلالاً لحاجة الناس فدفعت للمصلين المال لتأدية الصلاة، لأن عناصر التخريب كانت بحاجة إلى تلك الجموع لتمارس إفسادها وتدميرها للممتلكات متترسة بالصلاة والمصلين. <BR> <BR>وقد نقلت لنا وسائل الإعلام صوراً جديدة للمصلين أثناء الخطبة فهذا يتحدث مع زملاءه، وآخر يمسك بالسيجارة في يده ويدخن أثناء الخطبة، وأولئك جالسون وأمامهم أكواب العصير المثلج، وصفوف الصلاة غير متراصة، بل وليست في اتجاه واحد أصلاً!!!، وبعد انتهاء تلك الصلاة الخالية من الخشوع، انطلقت عناصر من بين المصلين لتدمير المرافق الخاصة والعامة وسباب الذات الإلهية، والهتاف باسم القاتل الهالك (سميح المدهون) ضابط الأمن الوقائي الذي أحرق البيوت والمساجد وقتل الأبرياء قبل أن يتم قتله على أيدي المجاهدين في الأحداث الأخيرة، والعجيب أنه وعن بعد أمتار من مكان تجمعهم للصلاة يقع مسجد الهداية الذي تم اقتحامه في الأحداث الأخيرة من قبل عناصر الأمن الوقائي وحرس الرئاسة وتم قتل إمامه وعدد من المصلين ومسجد العباس الذي تم قتل إمامه أيضاً.<BR> <BR>وأثناء الإعداد لتلك الصلاة المزعومة وللمسيرات حدث انفجار في منزل العقيد في المخابرات السابقة البائدة وهو نعيم حسنين من حي الشيخ رضوان بغزة، حيث تبيّن بعد التحقيق في الأمر أنه كان يقوم بإعداد عبوات ناسفة وقنابل يدوية لاستخدامها في أي تصعيد بين أنصار حركة "فتح" المشاركين في صلاة الضرار وعناصر "القوة التنفيذية" . <BR> <BR>ستبوء تلك المحاولات اليائسة بالفشل – بإذن الله – وسينهار ذلك البنيان الذي أسس على شفا جرف هار، ولن تمسح صور تلك الصلوات صور إنقاذ الأمن الوقائي في جنين للضابط اليهودي وإعادته سالماً إلى الجيش الصهيوني بعد التنسيق معه، بينما يقبع في سجون الاحتلال أكثر من عشرة آلاف أسير وأسيرة من هذا الشعب المسلم الصبور، ولن تمسح تلك الصلوات إغلاق حكومة دايتون لما يزيد عن مئة مؤسسة وجمعية خيرية، والاعتقالات اليومية للمجاهدين وأبناء الحركة الإسلامية في الضفة الغربية. <BR> <BR>ومع هذا كله فإن حركة المقاومة الإسلامية حماس على استعداد وكما أعلنت مراراً لإرشاد هؤلاء المشاركين في تلك الصلاة ومن بعث لهم بالأوامر من رام الله من أجل العودة إلى تجاه مكة المكرمة حيث تم توقيع الاتفاق والتعاهد عند البيت الحرام على الوحدة، ذلك الاتفاق الذي بذلت فيه المملكة كل الجهود من أجل تحقيقه، ولكن وكما يبدو للجميع أن المشكلة الحقيقية لدى حكومة رام الله هي أن البوصلة التي لديهم صناعة أمريكية ولا يمكنها أن تعطي الاتجاه الصحيح لمكة المكرمة!!<BR><BR><br>