المرجفون في غزة
7 ذو القعدة 1428

بينما تزداد الأخطار المحدقة بالمسجد الأقصى المبارك لا تزال زمرة أوسلو تعاني الصدمة جراء ضياع سلطتها وجاهها في قطاع غزة. لقد كانت تلك الزمرة تعيش على حساب الشعب الفلسطيني، مقابل التفريط في حقوقه وثوابته، واستمر مسلسل تنازلاتها لتـنال حتى من رمز حركة فتح عرفات، بعد وعد قطعه دحلان أمام بوش بأن يتولى أمر إذابة عرفات، وفقاً للوثائق التي كشف عنها لاحقاً.<BR> لست بصدد الحديث عن الجرائم التي ارتكبتها ولا تزال ترتكبها هذه العصابات، ولكن السؤال الذي ينبغي على أنصار حركة فتح طرحه على أنفسهم، هل القيادة الحالية في رام الله تمثل حركة فتح؟ هل هي حقاً معنية بإحياء ذكرى عرفات؟ هل هي معنية بفك الحصار عن قطاع غزة؟ هل هي تمثل الشعب الفلسطيني؟<BR> <BR> الأفعال على أرض الواقع كفيلة بالإجابة عن تلك التساؤلات وغيرها، لو كانت هذه الزمرة علمانية لأمكن الالتقاء والحوار معهم ضمن نقاط مشتركة وهي المصالح الوطنية والثوابت التاريخية والحقوق القانونية، والدستور الفلسطيني مثلاً، لكن أفعالها تكشف وبجلاء أنها غدت ضمن الأجهزة الأمنية التابعة للاحتلال الصهيوني والتي تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بدعمها وتقويتها وتسليحها، ولست بحاجة هنا للحديث عن مندوبهم لدي الأمم المتحدة رياض منصور.<BR> "قاتل أبيه لا يرث" هكذا قال عرفات لدحلان بعدما شعر بالمؤامرة التي يحيكها ضده. قيادة رام الله والفُرّارُ معها حقيقة ليسوا معنيين بإحياء ذكرى عرفات طالما أنهم ساهموا في قتله، ألم يطلق عناصر من كتائب شهداء الأقصى النار على عباس عندما قدم للتعزية في عرفات، ألم يكن من أول المهام لعباس ولتلك الزمرة بعد وفاة عرفات تصفية من تبقى من المقاومين في حركة فتح حتى أصبحت شهداء الأقصى أشياعاً وأحزاباً متفرقة.<BR> وبدلاً من أن تحيي حركة فتح "الذكرى" الثالثة لرحيل عرفات بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال الصهيوني، فإنها فضلت أن تحيي "الذكرى" على أشلاء ودماء أبناء قطاع غزة المحاصر والصامد، ففي الوقت الذي يمنع فيه الاحتلال دخول المواد الغذائية والأدوية فإنه يسمح بدخول أعلام فتح وملصقات صور عباس ومن معه، لينتهي ذلك الإحياء بخمسة قتلى وإصابة العشرات من المواطنين.<BR> الحكومة الشرعية أرادت أن تقول لهم إننا لن نقف ضد الحريات السياسية والإعلامية وتم إجراء اتفاق بين الشرطة وقادة فتح، ولكنهم سرعان ما غدروا، إنهم يريدون إلغاء نتائج الانتخابات، والمقاومة التي تشكل مصدر إزعاج لهم أثناء انعقاد مؤتمر أنابوليس.<BR> المهرجان الذي كان من المفترض أن يوجه ضد من اغتال عرفات تحول ليصير مهرجاناً للفتنة والإرجاف من جديد بعد صلاة الضرار. لقد أساء القوم فهم رسائل حماس وكشفوا عن بشاعة ما يضمرون وعن شيء مما يتمنون فيما لو أُتيحت لهم أدنى فرصة.<BR> دعت زمرة عباس إلى الحداد 3 أيام بعد أحداث المهرجان، وقامت قوات الأمن التابعة لعباس بتنكيس العلم الفلسطيني في الضفة الغربية، والسؤال كم ستكون مدة الحداد بعد مؤتمر التنازلات القادم أنابوليس؟! وعلى القوم أن يستعدوا لتنكيس رؤوسهم.<BR> وبمجرد المقارنة البسيطة بين ما يجري لأنصار حماس في الضفة وبين ما جرى في غزة، يدرك الجميع حالة الحرية التي كرستها حماس في غزة بمقابل حالة القمع الذي مارسته لا أقول فتح بل تلك الزمرة التي سيطرت على حركة فتح، فهي التي منعت حتى مسيرة للتضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال في الخليل.<BR>حركة فتح شكلت في مدينة رام الله مكتباً إعلامياً تحريضياً لمهاجمة حكومة هنية وحركة حماس في قطاع غزة، بالتنسيق مع عدد من وسائل الإعلام بالإضافة إلى تهديد المراسلين والصحفيين، وبحسب المصادر المقربة من قيادات في حركة فتح، فإن المكتب الجديد يهدف إلي التشهير بحكومة هنية وبقيادات حركة حماس السياسية والعسكرية، وافتعال الأكاذيب الإعلامية، وتأليب الرأي العام الفلسطيني على حركة حماس، ونشر الشائعات التي تبين أن حركة "حماس" تعاني أزمات داخلية عميقة. <BR>وبينَّت المصادر ذاتها أن المكتب الإعلامي التحريضي يرأسه الطيب عبد الرحيم، ويضم في عضويته كلاً من: توفيق أبو خوصة وماجد أبو شمالة وجمال نزال وعبد السلام أبو عسكر الذي أسندت إليه مهمة جهاز الدعاية المشكّل ضمن المكتب الإعلامي التحريضي.<BR> قيادات حركة فتح في غزة لا يقدرون على الظهور؛ إلا وهم مهددون خائفون من أبناء الشعب الفلسطيني، الشعب الذي لم يعد مقتنعاً بأهدافهم وهو يرى أفعالهم في الضفة الغربية، ولا تزال ذاكرته مليئة بجرائمهم طوال سنوات تسلطهم على غزة، وأسمى ما يملكونه اليوم في غزة هو الإرجاف، وحالهم كما قال عز وجل: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا} قال القرطبي رحمه الله: " وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة قَوْم كَانُوا يُخْبِرُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَسُوءهُمْ مِنْ عَدُوّهُمْ , فَيَقُولُونَ إِذَا خَرَجَتْ سَرَايَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُمْ قَدْ قُتِلُوا أَوْ هُزِمُوا, وَإِنَّ الْعَدُوّ قَدْ أَتَاكُمْ "، واليوم يهدد قادة فتح (الشعب المحاصر) باجتياح اليهود لغزة ويقفون في وجه كل محاولة لفك الحصار، يستمدون قوتهم المادية والمعنوية من الاحتلال، ووضعوا كل آمالهم على خرافة الخريف، يلهثون وراء كل شائعة، وهذا هو الإرجاف، َقَالَ اِبْن عَبَّاس رضي الله عنه: الْإِرْجَاف اِلْتِمَاس الْفِتْنَة, وَالْإِرْجَاف: إِشَاعَة الْكَذِب وَالْبَاطِل لِلِاغْتِمَامِ بِهِ، وَقِيلَ : تَحْرِيك الْقُلُوب، قَوْله : {لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ } قال ابْن عَبَّاس رضي الله عنه: لَنُسَلِّطَنَّك عَلَيْهِمْ.<BR> ألا يزال القوم يعلقون آمالهم على الاحتلال، ألا يزال القوم بحاجة لتكرار الحسم في الضفة، ألا يزال القوم يأملون بنجاح الحصار! ألم يدرك القوم أن في الخريف تتساقط الأوراق! ألم يدرك القوم بَعدُ نهاية كل عميل وخائن وغادر! .. ألم يدرك القوم أنهم لن يطفئوا نور الله بأفواههم! .. ألم يعلموا أن {...الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.<BR><BR><br>