
<BR><BR>المشهد الباكستاني بكل سوداويته، منذ قرر الجنرال مشرف أن يلبس البذلة المدنية ليحكم الشعب بالقبضة الحديدية، و بمسدس كاتم للصوت. لم يعد يلقب بالجنرال، بل بالسيد، لكن "للسيد" له كل الصلاحيات ذاتها التي كانت له و هو جنرال. لهذا لا فرق بين برفيز مشرف المدني و برفيز مشرف العسكري، و لا حتى برفيز مشرف المهرج في المسرح السياسي الباكستاني و الدولي. لا فرق، سوى قبالة المآسي المتكررة التي يعاني منها الباكستان، لإعادته إلى الخلف. فقط لأن القنبلة النووية لا يجب ان " تقع بين أيدي المسلمين"! بيد أن اغتيال بيناظير بوتو ليست في الحقيقة سوى حلقة من مسلسل باكستاني طويل، لا يمكن الوقوف عنده أمام اغتيال شخص واحد حتى لو كان ذلك الشخص رئيس حزب معارض يعشق السلطة حتى النخاع، و كان مستعدا أن يتحالف مع " الشيطان" لأجل نيل تلك السلطة. و إن كاد جورج دابليو بوش أن يبكي لاغتيال بيناظير بوتو، فليس لأنه متعاطف معها أو مع الحزب الذي تمثله، والذي يتكون أيضا من آلاف من المواطنين المعارضين للولايات الأمريكية أساسا، بل لأن ثمة دمية محتملة كانت ستفعل شيئا، بدل الدمية الحالية التي اسمها برفيز مشرف.. والحال أن الاغتيال، أراد أن يوحي فقط أن ثمة دائما الإسلاميين الذين يقفون في وجه "الديمقراطية"، و أن هؤلاء الإسلاميين "الإرهابيين" هم الذين يحاربهم جورج بوش" عن جدارة"! و هم الذين لأجل محاربهم يؤيد تحت الطاولة الجنرال برفيز مشرف ويريده على الكرسي سواء باللباس المدني أو باللباس العسكري أو من دون لباس حتى، لأن " الديمقراطية عايزة كدا"..! <BR><font color="#0000FF">الفعل الإرهابي!</font><BR>عندما خرج برفيز مشرف إلى الشعب ليقول أن اغتيال بوتو عملية إرهابية، كان يشير بكلماته المسمومة إلى الإسلاميين، فهم المتهم رقم واحد. هم المتهم الجاهز في الحوارات السياسية الدولية التي تعتبر من المسلم قنبلة متفجرة، وكأن وظيفة المسلم هي القتل فقط.. القتل وليس سوى القتل، مع ان بوتو نفسها قبل أسابيع كانت قد اتهمت مخابرات برفيز مشرف بأنهم خلف محاولة اغتيالها يوم وصلت إلى البلاد، مثلما اتهمت صحف غربية برفيز مشرف بأنه يقود البلاد إلى الإرهاب، ناهيك على أن مشرف نفسه المتهم الجاهز الذي لا غبار عليه منذ قرر توظيف سلطته لإبادة المعارضين سواء أكانوا من الإسلاميين أم من غير الإسلاميين. لأن شعاره هو إما أنا وإما أنا.. و هو شعار لم يعد سرا منذ كشفت الصحف الأمريكية قبل مدة أن الإدارة الأمريكية بإمكانها ان تنهي حكم برفيز مشرف في 24 ساعة لو شاءت، و لكنها لن تفعل لأن أمريكا لن تجد "دمية" أفضل من الجنرال الباكستاني الحالي، ولأن برفيز مشرف هو الواجهة المثلى لتمرير كل المشاريع الممكنة ليس لمكافحة الإرهاب، لأن الإرهاب تقوده أمريكا، بل لأن القنبلة النووية الباكستانية (اللعبة القذرة في الموضوع) يجب أن يكون ملفها السري بين أيدي "الإسرائيليين" الـذين ( للغرابة) لديهم كل صغيرة وكبيرة عن أدق تفاصيل القنبلة النووية الباكستانية (وهم كانوا وراء كشف ما يسمى بملف العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان الذي أوقعته باختراق شبكته العملية التي أنجزها طوال عشرة أعوام داخل باكستان مرورا ببعض الدول بمن فيهم الدول التي مدت أو استفادت من المشروع، وهو الملف الذي نشرته صحيفة هآرتس "الإسرائيلية"، كأنها لتؤكد أن عيون "إسرائيل" في كل مكان، كيف لا وقد نشرت الصحف العبرية نفسها بشكل مستفز وعلى الصفحة الأولى في ثلاث صحف يومية "إسرائيلية" أهم المنشآت الإستراتيجية الجزائرية دون أن تثير هذه الصور مجرد "احتجاج صغير" من الدولة المعني! لكن، عندما نتكلم عن "إسرائيل" يقول بعض المتفيهقين سياسياً: "لماذا تحشرون إسرائيل دائما في المشاكل الداخلية للدول الإسلامية؟" فنقول فقط أن أمريكا نفسها تقودها "إسرائيل"، وأن "إسرائيل" التي اخترقت جيوب الأنظمة العربية هي نفسها التي تعانق أبا مازن وتدك سكان غزة يوميا تحت الأرض؛ لأن "إسرائيل الديمقراطية" التي يعايرنا الغرب بها، هي التي توعدت في ما سماه موقع "كونفدونسييل" باتفاقيات تورنتو السرية التي عقدها بارونات الحرب الصهاينة وأشقائهم الجمهوريون وبعض الديمقراطيين من المؤسسة العسكرية الأمريكية ( البنتاجون) خططت لتفتيت العديد من الدول الإسلامية والعربية على حد سواء، والدول الموضوعة تحت خطة التفتيت هي باكستان والهند والعراق، والجزائر والمغرب، واليمن، والسعودية، ومصر والأردن، وفلسطين (ما يسمى بالسلطة الفلسطينية)، وهي الدول التي تعتبر في المنظور الأمني الأمريكي/الصهيوني (خطرا كبيرا)! <BR><font color="#0000FF">السلطة الفاسدة هي التي تغذي الإرهاب!</font> <BR>ما يثير التقزز أن تكون هذه الدمى هي التي تقود الشعوب.. أن تكتشف أن الأنظمة ليست أكثر من الناطق الرسمي باسم الفساد والارتهان السياسي في أرذل صوره.. لهذا من الصعب تلميع صورة بوتو أكثر مما قامت به وسائل الإعلام، كونهم يقولون أننا فقط يجب أن نذكر "محاسن" موتانا!! إنما الذي يبقى مثيرا للخوف أن يكون باكستان حقل تجارب للدول الغربية اليوم، يشن منها بوش حملته المسعورة لمكافحة من يسميهم بالإرهابيين، كما لو أنه لم يحتل دولة ولم يعث فيها فسادا! من باكستان أيضا يجب النفث على الجمر لإشعال النار ضد الهند (القنبلة النووية الأخرى) التي صارت صديقة حميمة لـ"إسرائيل"، تدرب لها جزء من جيشها لمواجهة حرب العصابات المحتملة! فـ"إسرائيل" مدرسة في هذا المجال، ولن تضطر إلى بذل الجهد لتلقين الدول "الصديقة" فنون القمع، وهي التي تستعين بمجلس الأمن الدولي لاتهام حماس بالإرهاب لأنه يطلق صواريخ تسقط اغلبها على الحقول، بينما أهداف الصهاينة فهي التي تبدو دقيقة بالريموت كونترول سواء داخل غزة أو خارجها، والعالم كله جاهز ليقول أنه دفاع عن النفس ضد الإرهابيين الفلسطينيين! فهل سمع منكم أحدا يدين الموساد بأنه خطط ونفذ عمليات اغتيالية ذهب ضحيتها عشرات العلماء العراقيين الذين رفضوا الانضمام إلى هيئة البحث العلمي الصهيوني، مثلما اغتالت الصحافيين الذين حاولوا كشف ما يفعله العملاء والخونة داخل العراق في مجال شراء الأراضي وتهجير العراقيين والتحالف الواضح مع القوى الأخرى لإبادة السنة لأنهم "مصدر الإرهاب" ولأنهم قبل أن يقتلوا يجب أن يقتلوا! تلك فلسفة تدافع عنها حتى منظمات حقوق الإنسان التي لم تنتقد لا أمريكا ولا "إسرائيل" ولا مجرمي العالم التابعين استراتيجيا للدولة العظمى، بينما ينتقد العالم المتحضر كل المسلمين الذين يذبحون كباشهم صباح العيد (وهذا دليل على الدموية!) مثلما ينتقدونهم أنهم لم يمنحوا الناموسة حق قرص أنوفنا، بينما تتم إبادتنا بالتقسيط في رحلة مكافحة الإرهاب" التي صارت العصا دونما جزرة، والتي تعشقها الأنظمة أيضا لإبادة شعوبها الرافضة للذل السلطوي وللفساد وللهمجية السياسية الحاصلة، والتي عقابها هو " خلق غول اسمه الإسلام الدموي" لجعلك تتوب عن خطاياك! والحال أن من يبحث عن العزة خارج الإسلام يذله الله. و هي حكمة ستظل إلى أن يرث الله الأرض و من فيها.. <BR><BR>ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<BR>* كاتبة جزائرية.<BR><br>