العراق تحت حكم اليهودي غارنر ...إلى أين !؟
10 صفر 1424

لا تأبه الإدارة الأمريكية كثيراً لنبض الشارع العربي أو العراقي، ولا لمشاعر المسلمين، لذلك فلم يكن لديها أي مشكلة في تعيين الجنرال المتقاعد جاي غارنر (Jay Garner) حاكماً لعراق ما بعد صدام حسين، ليس لأنه أمريكي، فالأمريكيون يفرضون أنفسهم على ما شاء الله من مناطق متفرقة من العالم، ولكن لأنه يهودي الانتماء، وليكودي التوجه، ونصير لإسرائيل، فهو قد أعلن قبل أن يتولى منصبه الجديد أنه "سيطبق بسرور ما يتوقع أن يكون أول القرارات لحكومة عراقية جديدة، وهو الاعتراف بدولة إسرائيل". </br></br> فكيف يمكن لنا أن نتصور حال العراق بعد توليه السلطة فعلياً في العراق. </br> لا أحد يستطيع أن يتكهن بما يفكر فيه هذا الرجل الذي تصف صحيفة«نيويورك تايمز» عمليته القادمة بأنها «سرية بصورة مثيرة»، حتى أحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي المعارض والذي وعدته الإدارة الأمريكية أن يكون له دوراً بارزاً في عراق ما بعد صدام رفضه غارنر ورفض أي تدخل في عمله القادم.</br></br> ولكن هل يحق لنا مثلاً أن نتسائل لماذا اختارت الإدارة الأمريكية هذا الشخص بالذات كي يحكم العراق، ولماذا لم تختار أي من الجنرالات الذين لم يتقاعدوا بعد ويتطلعون لدور بهذه الأهمية، خاصة وأن الرئيس الأمريكية بوش قد استدعى غارنر من منزله التقاعدي المريح في منطقة فارهة تقع على البحيرات إلى الشمال من مدينة ديزني في غابات فلوريدا كي يلعب هذا الدور.؟</br></br><center><font color="#0000FF" size="4"> التخريب أولاً أم الإعمار: </font></center></br> يتمتع جاي غارنر الجنرال الأميركي المتقاعد بخبرة واسعة في الشرق الأوسط وقد اختير ليكون المدير المدني المؤقت المسؤول عن الجهود الأولى لإعادة الإعمار المدني والمساعدة الإنسانية في العراق نظرا لسمعته كخبير محنك في الشؤون اللوجستية.<BR> تحقيق أجرته صحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل» قبل شهرين كشف أن الجنرال السابق والصديق الشخصي لدونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي، كان حتى تعيينه لتولى منصبه الجديد، رئيساً لشركة المقاولات العسكرية المتخصصة بأنظمة الصواريخ. وهذه الأنظمة تتضمن صواريخ الباتريوت التي استخدمت بكثافة في العراق ونظام أرو الدفاعي، الذي تم نشره في إسرائيل.</br> كان غارنر جنديا لمدة 38 عاما. وقد انضم إلى الجيش الأميركي في بداية الستينيات وخدم مرتين في فيتنام. واصبح مختصا في الإرهاب والأنظمة الصاروخية، وكان رائدا في مجال استخدام اجندة الليزر في ساحة المعركة<BR> وبعد ذلك أصبح قائد الدفاع الاستراتيجي والفضاء في القوات البرية، الهيئة التي أنشأت في إطار برنامج الدفاع المضاد للصواريخ، ثم عمل في القطاع العسكري في منصب نائب رئيس أركان القوات البرية الأميركية. </br> وخلال حرب الخليج الثانية عام 1991م كان مسؤولاً عن أنظمة صواريخ الباتريوت المضادة للصواريخ، وفي نهاية النزاع كلف بضمان عودة اللاجئين الأكراد إلى شمال العراق. </br> وبعد أن غادر الجيش في 1997 ورغم خبرته شبه المعدومة في القطاع الخاص، عين غارنر رئيس مجلس إدارة «اس واي تكنولوجي» الشركة التي اشترتها العام الماضي المجموعة الصناعية الدفاعية «الـ -3 كوميونيكيشن» المتخصصة في التحكم بالصواريخ‚ وغادر هذه المؤسسة في يناير الماضي.<BR> وتثير صلته هذه بالقطاع العسكري الصناعي لإدارة العراق مدنيا بعد الحرب تساؤلات عن نزاع في المصالح، وتعيين عسكري أميركي سابق لإدارة جهود إعمار بلد بعد حرب ليس أمرا جديدا، لكن الأمر الجديد هو تعيين شخص كان يقود شركة مسؤولة جزئيا عن دمار بلد‚ على رأس عملية إعادة إعمار هذا البلد. </br> أستاذ علم الأخلاق في جامعة بيركلي ديفيد كيرب أشار إلى هذا التناقض حين قال: «انه مثال رائع على استهتارنا بالشعب العراقي‚ وهذا يعكس كثيرا غياب الجدية في التفكير لدى ادارة بوش».<BR> ولا بد أن نشير هنا إلى تصريح كان أدلى به غارنر حين قال: «ما لم نعد إلى الحرب العالمية الثانية حيث لم نكن نأبه لمن نقتله، يتعين على الجنود وقوات المارينز أن تتلقى تدريبا بصورة مكثفة وموسعة على المهارات الخفية والخطرة المتعلقة بالعثور على الإرهابيين الذين قد يلحقون الأذى بأميركا وقتلهم» فهل من المعقول أن يكون شخصاً كهذا جديراً بتولي حكم العراق، وكيف سيكون حال العراقيين بعد اليوم.؟</br></br><center><font color="#0000FF" size="4">التأييد الكامل لإسرائيل: </font></center></br> لم يكن اتهاماً ما تناقلته وسائل إعلامية عربية عن كونه «صهيوني» وذلك بسبب مواقفه السياسية الواضحة المؤيدة لإسرائيل وكذلك لعلاقاته المباشرة مع المعهد اليهودي لقضايا الأمن القومي، وصلته الوثيقة بقطاع الأسلحة بإسرائيل. </br> فقد وصفته مجلة (إكسكيوتف إنتلجنس ريفيو) أنه "ليكودي التوجه" وأنه يعمل منذ فترة في المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي "جنزا" المناصر لليكود، وله ارتباطات أخرى مشبوهة. </br> وهذه ليست هي المشكلة الوحيدة. ففي عام 2000 ذهب الجنرال غارنر فيما بدا انه رحلة مجانية إلى إسرائيل استغرقت 10 أيام وكانت بتنظيم من المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي، وهي مؤسسة تسعى إلى «اطلاع الأوساط الدفاعية الأميركية والشئون الخارجية على الدور المهم الذي تلعبه إسرائيل وتستطيع لعبه في تعزيز المصالح الديمقراطية في الشرق الأوسط». <BR> ولجعل الأمور اكثر سوءاً، دعم غارنر في حينه بيانا صادرا عن مجموعة من الأشخاص يشيد بالجيش الإسرائيلي لإبدائه ما وصفه بضبط النفس الكبير في التعامل مع الانتفاضة الفلسطينية. وجاء في البيان أن «وجود إسرائيل قوية هو ميزة يمكن للمخططين العسكريين الأميركيين والقادة السياسيين أن يعتمدوا عليها». <BR>فكيف لنا أن نصدق جدية حكم العراق من قبل شخص كهذا، وهل يمكن أن يكون حال العراقيين أفضل مما كانوا عليه من قبل، خاصة وأن أول عمل يريد البدء به حال توليه منصب الحاكم في العراق أن يعترف بإسرائيل كدولة لها سيادة وسلطة. </br> </br> إن المشكلة الأساسية هي أن عدواً حقيقياً لك يتمكن أخيراً من السيطرة عليك والتحكم بكل ما تملكه من ثروات وإمكانات، لذلك لن يكون غريباً أبداً أن نرى القوات الأمريكية تترك لشعب العراق أن يسلب كل ما كان للحكومة العراقية من مكاتب ومخازن وإدارات ووزارات، بينما تحرص كل الحرص على أن لا يدخل شخصاً واحداً إلى وزارة النفط العراقية بالتحديد.</br> هل يمكن أن يعتبر هذا إلا بداية فرض السيطرة والتحكم الكامل بخيرات العراق، وسحبها بالقوة لتوضع في خدمة عدو حقيقي وخطير لكل العرب.<BR><BR><br>