المنطلقات الأصولية للحملة الأمريكية2
1 ربيع الأول 1424

</br></br><font color="#0000FF">أثر النصارى البروتستانت: </font></br>النصارى البروتستانت ومن تفرع عنهم من إنجليين، يؤمنون بدولة بني إسرائيل وحتمية قيامها وحكم المسيح، وهؤلاء هم أهل الحل والعقد في أمريكا، بل هؤلاء هم الأغلبية العظمى من سكانها.</br>ولعلك لا تعجب إذا علمت أن اليمين النصراني التوراتي نشأ مع البدايات الأولى لتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك على أيدي المهاجرين البروتستانت والذين كان أول أمرهم ومبتدأ ظهورهم في ألمانيا تبعاً لمارتن لوثر في القرن الخامس عشر.</br></br>ظهر مارتن لوثر بحركته التي ثار فيها على الكنيسة وأصبح له تيار مستقل وعرف أتباعه بـ(البروتستانت) المعترضين أو المحتجين على الكنيسة الكاثوليكية ، ومن الفروق بين هؤلاء وبين الكاثوليك أنهم يؤمنون بالعهد القديم وينزلونه على اليهود الموجودين، ويتطلعون لقيام دولتهم العظمى والتي تستمر ألف عام، بعد معركة (هرمجدون) الفاصلة، بينما الآخرون سواءً أكانوا أرثوذكساً أو كاثوليك فإنهم يرون أن المسيح إنما يجيء عند القيامة فحسب.</br></br>وقد بدأ البروتستانت ينتشرون في أوروبا، ولكنهم وجدوا في بريطانيا تمييزاً ومقتاً فقد كان الإنجليز إذ ذاك كاثوليك أقحاح، فلمّا وجد البروتستانت هذا التمييز والمقت والتضييق هاجروا منذ بدايات القرن السابع عشر إلى أمريكا، وأخـذوا يتدفـقون نحوها وإلى الآن لا يزالون هم أكثـر سكان أمريكـا (56% من مجموع السكان).</br>تقول قريس هالسل في (النبوة والسياسة): " إنّ المسيحيين البروتستانت المؤمنين بالكتاب المقدّس أنشؤوا معظم جامعاتنا الكبيرة بما فيها هارفارد، وبرنستون، وإيموري، ودرو وجامعة جنوب كالفورنيا وكذلك معظم مستشفياتنا الكبيرة، فضلاً عن الكنائس".</br></br>وقد خرج هؤلاء البروتستانت من أوربا بروح التدين التـوراتي فلما دخلوا أمريكا تفـاءلوا بأن هذا الخروج كـخـروج بني إسـرائيل ودخـولهم إلى الأرض المقدسـة، وأخذوا يسمون المدن والمناطق في أمريكا بأسماء من التوراة، ولعلك تلحظ أن كثيراً من مسمياتها تبدأ بـ (San) ويريدون القَدِّيس (Saint)! الشاهد أنهم اعتقدوا أن هذه الأرض البكر بشـرى بشرهم اللّه بها في الدنيا، فتأسس المجتمع الأمريكي على هذا الأساس البروتستانتي التوراتي، وتزامنت هذه الهجرات مع إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية، فكانوا هم المؤسسين الأوائل ثم لحق بهم الكاثوليك في القرن الثامن عشر وواصلوا معهم بناء أمريكا.</br>ثم إن البروتستانت في منتصف القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين رأوا أن هذا المجتمع الذي شيدوه على أكتافهم مجتمع متميز ووطن استثماري، فانعكس ذلك في شعورهم بالاستعلاء والتميز تجاه الآخرين.</br></br>"والأخطر من ذلك أن فكرة التميز هذه أفرزت داخل تيار اليمين المسيحي الأمريكي ما يسمى بالأصولية البروتستانتية المتشددة، التي أصلت لفكرة أن هذا التميز لابد أن يسود العالم كله وأرجاء المعمورة قاطبة، وهي الفكرة التي أفرزت وغذت فيما بعد مبدأ التوسع الإمبراطوري -أو الإمبريالي كما يطلق عليه البعض- بهدف نشر هذا التميز الذي ولدته قيم وروافد الثقافة الأمريكية، وفقاً لمزاعم أصحاب هذا التيار البروتستانتي.<BR>وفي أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت عدة مجموعات تنسلخ من تحت عباءة الكنيسة البروتستانتية بهدف تنظيم نفسها في المجتمع المدني، فعمدت إلى إنشاء تحالفات ومنظمات وجمعيات وهيئات عديدة ضمن منظومة المجتمع المدني، مثل (منظمة الأغلبية الأخلاقية) و(التحالف الإنجيلي الوطني) وعشرات المنظمات والأحلاف الأخرى، ثم بعد أن اجتازت هذه الجمعيات والمنظمات والهيئات مرحلة التنظيم وتكوين الأحلاف بدأت في التغلغل والانتشار في جسد المجتمع الأمريكي كله، وبخاصة في الإعلام والثقافة والسياسة، مستثمرة في ذلك تمويلها للحملات الانتخابية، والتي لم تقتصر على المرشحين البروتسانت فقط، وإنما امتدت لتشمل مرشحين علمانيين ويهود أيضا،بيد أنها ظلت في الوقت نفسه محافظة على تدينها بالبروتستانتية" .<BR>ومما ساهم في تغذية هذا التيار وتوجيهه نحو خدمة اليهود هو اعتقاد البروتستانت في معركة (هرمجدون) الفاصلة، واعتقادهم أن ما جاء في العهد القديم حولها ينطبق على اليهود، بخلاف الكاثوليك، فقامت دعوة البروتستانت في الكنائس الأمريكية، على دعم التسلح النووي لليهود في فلسطين، استعداداً لخوض المعركة الفاصلة في (هرمجدون) التي سوف يقاتل فيها المسيح عليه السلام، وهذا ما أشارت إليه دائرة المعارف البريطانية: "إن الاهتمام بعودة اليهود إلى فلسطين، قد بقي حياً في الأذهان، بفعل المسيحيين المتدينين، وعلى الأخص في بريطانيا، أكثر من فعل اليهود أنفسهم".<BR>ومن أسباب ذلك ما مهد له البروتستانت ومن انشق عنهم من طوائف الإنجيليين، والمتجددين، الذين أطلق عليهم (الأصليون)! ومنهم والمرومون ، والسبتيون أو المجيئيون وشهود يهوه . وهذه الطوائف على ما يذهب الدكتور جرجي كنعان : تحفظ وتقرأ وتبشر من التوراة، أكثر مما تفعل من الإنجيل، وتصر على أن التوراة -الحالية- كتاب مقدس، وأنها أصل الإنجيل، وأن المسيح يهودي، وأن الإنجيل مكمّل للتوراة. ولهذا يعتقد بعض كثير من الأرثوذكس والكاثوليك أن هؤلاء البروتستانت والمتفرعين عنهم صنعة يهودية ، وهذه ليست دعوى مسلمين، ولكنه كلام النصارى أنفسهم، بل قال برسوم ميخائيل في رسالة له بعنوان: (يهوه بين الكتاب المقدس والمدعين بأنهم شهود يهوه) يقول: "شهود يهوه هم جماعة لا يمكن أن نضمها ضمن أي طائفة أو مذهب مسيحي رغم ادعائهم بأنهم يؤمنون بالكتاب المقدس بينما نجد أن تعاليمهم تختلف عن ما جاء به جملة وتفصيلاً. يضمون بين تعاليمهم عشرات من البدع والهرطقات التي جمعوها معاً ليقدموا لنا تعليماً جديداً".<BR>وأخيراً لعل من الجدير بالذكر التنبيه على أن رؤساء أمريكا جميعاً كانوا نصارى بروتستانت غير (جون كندي) المقتول في أول فترته الرئاسية وذلك عندما أعلن عن برامجه الإصلاحية، والتي تتضمن بناء أمريكا من الداخل، ونهج التعايش السلمي مع الخارج.<BR> <BR><font color="#0000FF"> أثر النصارى الكاثوليك: </font><BR>الكنيسة الكاثوليكية كانت تتمسك بنظرية القديس أوغسطين، وتقول: بأن ما ورد في الكتاب المقدس بشأن مملكة الله أنها قائمة في السماء وليست على الأرض، وبالتالي فإن القدس وصهيون ليسا مكانين محدودين على الأرض لسكن اليهود، ولكنهما مكانان سماويان مفتوحان أمام كل المؤمنين بالله، ولذلك كان رجال الدين الكاثوليك يعتقدون أن الفقرات الواردة في العهد القديم لا تنطبق على اليهود، لأن اليهود طبقاً للعقيدة الكاثوليكية اقترفوا إثماً، فطردهم الله من فلسطين إلى منفاهم في بابل، وعندما رفضوا دعوة المسيح عليه السلام نفاهم مرة ثانية، وبذلك انتهت علاقة اليهود بأرض فلسطين إلى الأبد.<BR>وقد وضح هذه النقطة بطريرك الروم الكاثوليك في دمشق في كتاب له مؤرخ في 17/11/1977، حيث قال: "إنه يفوت بني قومي أن السيد المسيح نسخ أحكام العهد القديم القومية، فبعد أن لعن سبع لعنات فقهاء العهد القديم (متى 23)، ختم بهذا الحكم المبرم قائلاً: "هوذا بيتكم خراباً" (متى 23ـ38) وقد تحققت نبوءة السيد المسيح الذي رفضوه ولم يبق لهم وعد الله التوراتي بالأرض المقدسة".<BR>كما أن الكنيسة الكاثوليكية وغيرها من الكنائس الأخرى لم تكن تعترف بأن اليهود هم شعب الله المختار، لأن المسيح عليه السلام حارب بشدة هذه النـزعة العنصرية فيهم، ودعا اليهود وغيرهم إلى الدخول في ملكوت الله المفتوح أمام جميع الصالحين كما زعموا: "لأن الله لا يخص أحداً بالرعاية لأسباب ذاتية، فالشمس تسطع على الجميع سواء بسواء".<BR>وبالنسبة للعهد القديم (التوراة)، فقد كان مهملاً قبل الحركة التي سموها بـ (حركة الإصلاح الديني)، فقد كان الاعتماد الأساسي على العهد الجديد والرسل والإلهامات الغير مكتوبة للبابوات، وأتت اللغة العبرية لغة ميتة، حيث كانت الأساطير الكاثوليكية ترى أن دراسة اللغة العبرية تسلية الهراطقة، وأن تعلمها بدعة يهودية. هذا هو أصل المواقف الكاثوليكية.<BR>ولعل المساهمة الكبرى في تعميم العهد القديم وجعله جزءاً من الثقافة الإنجليزية الكاثوليكية والمصدر الوحيد لمعرفة التاريخ القديم، كانت على يد الملك هنري الثامن ملك إنكلترا عام 1538، وذلك عندما أمر بترجمة التوراة إلى اللغة الإنجليزية، ونشرها، وإتاحتها للقراءة من قِبل العامة، وللدلالة على أهميتها في الثقافة الإنكليزية، أطلق على هذه التوراة المترجمة سم "التوراة الوطنية لإنكلترا".<BR>ولم تقتصر حركة التأثر بالتوراة والتعرف على محتوياتها على إنكلترا فحسب، بل شملت أوروبا كلها؛ هذه التوراة المملوءة بالأساطير والأشعار، التي تتحدث عن تاريخ اليهود، وقصص أنبياء بني إسرائيل وملوكهم وأسباطهم وتعاليمهم وطقوسهم الاجتماعية والمدنية والدينية ونفيهم وخروجهم من مصر وفلسطين، وحروبهم وأغانيهم ومراثيهم، وهكذا دخلت فلسطين في قراءات الكنائس ومواعظها، وأصبحت في العقل المسيحي في أوروبا البروتستانتية الأرض اليهودية، وصار اليهود "شعب فلسطين الغرباء في أوروبا، والغائبين عن وطنهم والعائدين إليه في الوقت المناسب".<BR>ولذلك يمكننا القول إن السياسة الإنكليزية في علاقتها مع اليهود تدين بهذا التحول، مما جعل البروتستانتية تتحول بذلك إلى داعية شديدة الحماس من أجل ما أسمته "عودة اليهود إلى فلسطين" "أرض شعب الله القديم".<BR>من جهة أخرى فإن الاضطهاد الذي وجده البروتستانت من الكاثوليك في بريطانيا والذي اضطرهم للهجرة إلى أمريكا، يبين البعد الأصولي المتجذر عند الكاثوليك، وأسلوب تعاملهم مع من كان على خلاف طريقتهم، فكيف إذا كان المخالف تاركاً لجميع دينهم مسلماً لله رب العالمين، وهنا وقفة يحق لكل مسلم أن يتعجب منها، ألا وهي زعم قساوستهم المعاصرين أن الإسلام -هذا الدين الذي ما جاء إلاّ رحمة للعالمين- دين يولد الكراهية تجاه الآخرين! بينما هم في كتابهم المقدس يقولون، كما في رسالة يوحنا الثانية: " كل من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله.ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الأب والابن جميعاً. إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة" .<BR>وما محاكم التفتيش عنّا ببعيد! وقد وكان إلغاء محاكم التفتيش بأمر من الملك الفرنسي جوزيف الذي نصبه أخوه نابليون بونابرت ملكاً على إسبانيا سنة 1808 م بعدما خلع ملكها (فرناندو) السابع وقام نابليون باعتقال البابا (بيوس) السابع وسجنه إذ كانت البابوية مؤيدة لمحاكم التفتيش. لكن الأسبان استعانوا بالإنكليز على الفرنسيين فأخرجوهم من إسبانيا 1814سنة وأطلق سراح البابا بيوس السابع وعاد فرناندو إلى الحكم فأعاد تأسيس محاكم التفتيش بموافقة البابا بيوس السابع! فقامت ثورة إسبانية ضده فاستعان بالفرنسيين فدخلوا إسبانيا سنة 1823 وأخمدوا الثورة وعطلوا "محاكم التفتيش" إلا أنه حولها إلى منظمات إرهابية عرفت باسم "عصب الإيمان" والتي شنقت معلماً سنة 1826 بتهمة (الهرطقة)! وحلت محاكم "عصب الإيمان" سنة 1835 بعد وفاة فرناندو سنة 1833.<BR>الشاهد أنه في 19/9/1998 اعتذر البابا يوحنا بولس الثاني "للبروتستانت عن الأذى الذي لحق بهم في القرن السادس عشر وما بعده على أيدي الكاثوليك..."، أما الأذى الذي لحق الأرثوذكس من الكاثوليك فمن عجيب ما يذكر فيه أنه حين أعلن الفاتيكان عن الرحلة رقم‏93‏ للبابا والتي قيل أنه سيمضي فيها علي خطي القديس بولس‏,‏ مبتدئا باليونان وماراً بسوريا ثم منتهيا بزيارة جزيرة مالطة‏,‏ كان الصدي في أثينا متحفظا‏...‏ وذلك لأن اليونان التي تعد أحد معاقل الأرثوذكسية لم تخف مرارتها إزاء قيادة الكنيسة الكاثوليكية‏.‏ فأصدر رئيسها المطران (كريستودولوس) بياناً صحفياً رحب فيه بالبابا‏,‏ لكنه طالبه باتخاذ مجموعة من الخطوات الضرورية‏,‏ إذا ما أراد أن يستقبل في أثينا.‏ واشترط عليه أن يعبر عن اعتذاره وتوبته كرئيس للكنيسة الكاثوليكية عما وصفه بالعداء الذي أبدته تجاه الكنيسة الأرثوذكسية علي مر العصور منذ عهد الإمبراطورية البيزنطية وحتى الآن.‏<BR>والعجيب أن البابا اعتذر لهؤلاء كما اعتذر للبروتستانت، فقد أعلن البابا طلب الصفح التاريخي هذا بعد أن عقد لقاء مطولاً مع (كريستودولوس) في مطرانية أثينا الأرثوذكسية.‏ وفي يوم السبت 5/5/2001 نقلت وكالات الأنباء من العاصمة اليونانية أثينا الخبر التالي‏:‏ "أمام رئيس كنيسة الروم الأرثوذكس المطران (كريستودولوس) طلب الباب يوحنا بولس الثاني الصفح عن الكاثوليك الذين ارتكبوا خطيئة في حق الأرثوذكس,‏ وأعلن البابا أنه يعتذر عن كل المرات السابقة والراهنة التي أخطأ فيها أبناء وبنات الكنيسة الكاثوليكية عملاً أو امتناعاً تجاه إخوتهم وإخوانهم الأرثوذكس ليمنحنا الله الصفح الذي نطلبه منه‏".‏<BR>أما الأمر الذي جعل بعض المسلمين يفغرون أفواههم دهشة، ويبتلعون لعابهم من مرارة الغصة، هو أن البابا لم يعتذر للمسلمين عمّا نالهم أيام محاكم التفتيش على الرغم من أن الذي نالهم ثلاثة أضعاف ما نال البروتستانت، ولم يعتذر لهم أخرى عن الحروب الصليبية على الرغم من أن الغزو الصليبي دمر في بلاد المسلمين أضعاف ما دمره في المملكة البيزنطية الأرثوذكسية، حتى قال فهمي هويدي في مقال له نشر بالأهرام (8/5/2001): "من حقنا أن نعبر عن الاستياء والغضب إزاء تجاهل بابا الفاتيكان الاعتذار للمسلمين عن الفظائع التي ارتكبها الصليبيون بحقهم في أثناء الزيارة التي قام بها هذا الأسبوع لدمشق‏.‏ ليس فقط لأن موكبه في بلاد الشام نكأ‏ جراحاً في الذاكرة العربية والإسلامية لم تندمل بعد‏,‏ ولكن أيضاً لأنه قبل يوم واحد من قدومه إلينا كان قد اعتذر للأرثوذكس في أثينا,‏ وفي العام الماضي اعتذر لليهود‏.‏ أما المسلمون والعرب فقد ضن عليهم بكلمة اعتذار واحدة"! وحقاً:<BR><center>من يهن يسهل الهوان عليه       ما لـجرح بميـت إيـلام. </center><BR>وأخيراً قد لا تكون لجميع الكاثوليك دوافع عقدية أصولية يدينون بها ترجح اتخاذ عمل عسكري تجاه مسلمي الشرق الأوسط، فهم لايؤمنون بـ(هرمجدون)، ولايؤمن بأن شعب الله المختار هم اليهود، كما مضى، ولكن يبقى معهم أصل العداء الذي أخبر الله عنه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)، وقد قيل:<BR><center>كل العداوات قد ترجى مودتها      إلاّ عداوة من عاداك في الدين</center><BR>ولايعني عدم وجود عقيدة خاصة تتعلق بالمنطقة، عدم وجود أسباب أخرى تدفع للتواطؤ مع الإدارة الأمريكية في حربها على الإسلام في منطقة ما، ولكن دوفع اختيار تلك الأرض، قد تكون سياسية، أو اقتصادية نفطية أو مائية أو غير ذلك، وقد تكون الظروف العامة جعلت من المناسب ترجمة ذلك البغض إلى عمل عسكري في منطقة ما لأن الأوضاع تهيأت لذلك في تلك البقعة دون غيرها، طالما أن هذا لا يتعارض ومصالح أخرى.<BR>أما إذا تعارض مع مصالح أخرى، أو لم تكن هناك دوافع كافية لترجمة عدم الرضى إلى عمل عسكري، ففي هذه الحال قد يعبر من يمثلون هذا الاتجاه عن احتجاجهم ورفضهم للحرب، لاسيما وأن الناس قد جبلوا على بغض الظالم والتعاطف مع المظلوم.<BR><BR><BR><font color="#0000FF"> الحركة الصهيونية: </font><BR>وهكذا، لم يعد مستغرباً، تحت وطأة هذه التأثيرات والقناعات المتشكلة في العقل النصراني الغربي (البروتستانتي وما تفرع عنه خاصة) أن تجد الأغلبية البروتستانتية تدعم توجه اليهود، وتنادي بالصهيونية.<BR>يقول الدكتور سفر:" فكرة الصهيونية النصرانية كانت قبل فكرة الصـهيونية اليهودية وتبنيها لفكرة عودة اليهود إلى فلسطين تمهيدًا لعودة المسـيح التي كان بعضهم يظن أنها ستكون بداية هذا القرن الميلادي، وأبرز رجال هذه الحركة في أمريكا هو (بلاكستون) الذي تحتفل الدولة اليهودية بذكراه ، وهو ليس يـهوديًا بل بروتستـانتي ولد عام 1841 ودعا إلى الحركـة الصهيونية قبل هرتزل بزمن وذلك في كـتابه المسمى (عيسى قادم) وقد ترجم إلى أكثر من 48 لغة منها العبرية وطبع عدة طبعات وطبع منه أكثر من مليون نسخة وكان أوسع الكتب انتشارا في القرن التاسع عشر في الغرب . <BR>ويتلخص فكر بلاكستـون فيما أسماه (الاستعادة الأبدية لأرض كنعان من قبل الشعب اليهودي) واستطاع بلاكستون بعد ذلك أن يصوغ مع طائفة من أعـوانه عريضة ويوقعها مع أكثر من 413 شخصية أمريكية من النواب والقضاة والمحامين والنخب ويرفعوها إلى الرئيس بنيامين هريسون يطالبونه فيها باستخدام نفـوذه ومساعيه لتحقيق مطلب الإسرائيليين بالعودة إلى أرض فلسطين ، وقد قدمت هذه العريضة عام 1891 م" . <BR>إذاً فرجالات الفكر الصهيوني أميركيون نصارى قبل أن يكونوا يهوداً، بل إن (تيودور هرتزل) مؤسس الحركة الصهيونية حينما طرح فكرة "الدولة اليهودية" لم تكن دوافعه دينية بالأساس، فهو قومي علماني في الصميم، ولذلك كان مستعدا لقبول استيطان اليهود في أي مكان. أما المسيحيون الصهاينة في أميركا وغيرها فقد آمنوا من أول يوم بفلسطين وطنا لليهود، واعتبروا ذلك شرطا في "عودة المسيح"، وأخرجوا "المسألة اليهودية" من الإطار السياسي إلى الإطار الاعتقادي. ولذلك فقد "انتقدوا الموقف المتساهل لهرتزل! في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897، حتى إن بلاكستون أرسل إلى هرتزل نسخة من العهد القديم، وقد علَّم على صفحاتها، مشيرا إلى الفقرات التي عين فيها النبيون فلسطين تحديدا بأنها "الوطن المختار للشعب المختار".<BR>فليس عجيباً إذاً أن يقف يهودي إسرائيلي في مؤتمر الحركة الصهيونية ببازل عام 85م ويشير إلى أن استفاء الرأي في إسرائيل أظهر أن ثلث الإسرائيليّين يفضّلون مقايضة الأرض المحتلة عام 1967 بالسّلام.. فيردّ عليه (فان ديرهوفن) الناطق باسم الكنيسة المسيحيّة العالميّة: إنّنا لا نهتمّ بما يصوّت عليه الإسرائيليّون. إنّنا نهتم بما يقوله الله. والله أعطى هذه الأرض لليهود .<BR>ولم تكن كلمة هذا الرجل مجرد اجتهاد فردي عنّ له بل هو ما ينادون به في كل حين، ففي اليوم الأول لمؤتمر "ايباك" الماضي وقف شخص اسمه (غاري باور) على المنصة، وذكر الآلاف المشاركة في المؤتمر، بأن الله قد منح أرض إسرائيل للشعب اليهودي، ولذلك يحظر عليه أن يتنازل عنها لأي شعب آخر. (وباور) هذا ليس عضوا في المفدال، ولا في مركز الليكود، بل ليس بيهودي! (باور) محسوب على مجموعة المبشرين البارزين في صفوف اليمين المسيحي الأمريكي من أولئك الذين يعتقدون بأن الشعب اليهودي هو شعب الله المختار، وأنهم سيختارون المخلص الصحيح حينما تحين ساعة الآخرة .<BR>ثم يقول الدكتور سفر: "وفي بريطانيا أسس البروتستانت صندوقا سمي (صندوق اكتشاف فلسطين) أيام حـكم فكتـوريا وكـان رئيس الصندوق هو رئيس أسـاقـفـة كنتربري وهو أكبر الأساقفة في بريطانيـا. وذلك بغرض اكتشاف أرض الميعاد وحدودها ومعالمها كما وردت في التوراة . <BR>ثم ظهر بعد ذلك (بلفور) صـاحب الوعد المشهـور. وتقول مـؤلفة حياته وهي ابنة أخته : " إنه كان يؤمن إيمانًا عميقا بالتوراة ويقرأها ويصدق بهـا حرفيًا . وأنه ، نتيجة لإيمانه بالتوراة أصـدر هذا الوعد " .<BR>وكان رئيـس وزراء بريطانيا في أيامه هو (لويد جورج) الذي يقول عن نفسه: <BR>"إنه صهيـوني وإنه يؤمن بما جاء في التوراة من ضرورة عـودة اليهود وأن عودة اليهود مقدمة لعودة المسيح " .<BR>وجاء في مجلة (سان رييجو مجازين) في آب من عام 1985م مقالاً ل‍ِ (جيمس ملز) الذي كان رئيساً لمجلس شيوخ ولاية كاليفورنيا قال فيه: إن ريجان قال له أثناء مأدبة عشاء حضرها: "إن كل النبوءات التي يتعين تحقيقها قبل معركة مجدو قد حدثت، والفصل 38 من سفر حزقيال يقول : إن الله سيأخذ إسرائيل من وسط الكفار بعد أن يكونوا مشتتين ، ثم يلم شملهم مرة أخرى في أرض الميعاد ، وقد حدث هذا بعد قرابة ألفي سنة، ولأول مرة في التاريخ فإن كل شيء مهيأ لمعركة مجدو والمجيء الثاني للمسيح".<BR>والخلاصة أن هذه الدعوات تمخض عنها في نهاية الأمر ظهور تيار قوي ومهم داخل المذهب البروتستانتي عرف باسم "الصهيونية المسيحية الأصولية "، والتي من أبرز رجالاتها الآن في أمريكا القس (بات روبرتسون) قائد ما يسمي باسم (التحالف المسيحي) والذي يضم في عضويته مليون عضو، ويدير امبراطورية هائلة تهيمن علي عدد كبير من المؤسسات الإعلامية ، منها شبكة (فوكس) الإخبارية وشبكة (إن. بي. سي) وشبكة (سي. إن. إن) التليفزيوينة وشبكة (سي. بي. إس) وغيرها.<BR>وترتكز المقومات العقائدية لتيار الصهيونية المسيحية على اعتناق ثلاثة مبادئ رئيسية: الإيمان بعودة المسيح وبأن تلك العودة مشروطة بقيام دولة إسرائيل، وأن قيام إسرائيل لن يتحقق إلا بتجمّع اليهود في فلسطين، وأن شريعة الله وحدها (التوراة) هي التي يجب أن تطبق على اليهود في فلسطين بوصفهم شعب الله المختار.. وقد لعبت هذه الأفكار الثلاثة دوراً أساسياً ومحورياً في صناعة وعد بلفور وقرار قيام إسرائيل وتهجير اليهود إليها، وفي دعمها ومساعدتها وإعفائها من الانصياع للقوانين والمواثيق الدولية فيما بعد.<BR><BR><BR><font color="#0000FF"> إطلالة سريعة على الخارطة السكانية الأيدلوجية تلقي بأضواء على الأحداث : </font><BR>بنظرة سريعة إلى التعداد السكاني للدول المشاركة في الحملة على العراق نجد أن:<BR>- الولايات المتحدة الأمريكية، نسبة البروتستانت فيها نحواً من 56% أما الكاثوليك فحوالي 28% أي نصف البروتستانت! واليهود جمعهم حوالي2% ولكنه متغلغل في المناطق الحساسة كمراكز صنع القرار السياسي وكذلك الإعلام، والمؤسسات الاقتصادية الكبرى.<BR>- بريطانيا نسبة الإنجيليين فيها ثلاثة أضعاف الكاثوليك 27 مليون مقابل 9 مليون مع وجود يهود وطوائف أخرى من المتعصبين لهم.<BR>- استراليا نسبة الكاثوليك فيها 26% فقط والأغلبية إنجيليون، ولكن هذه النسبة الكبيرة نسبياً للكاثوليك تفسر حركة الشارع الأسترالي واحتجاجه على الحرب.<BR>- فرنسا عدد الكاثوليك فيها مابين83%-88% والمسلمون ما بين5%-10%، أما اليهود فنحو 1%، وهذا يفسر وضع الشارع الفرنسي والحكومة الفرنسية، خاصة مع اضطراب المصالح الاقتصادية.<BR>- أسبانيا أغلبيتها العظمى كاثوليك، ومع ذلك ارتأت حكومتها المشاركة، ولكن لعلك تلحظ أمرين في هذه المشاركة، أولهما: عدم الزج بالجنود في القتال، وذلك لكونها قضية لا تفدى بالنفوس ولكنها مصالح اقتصادية مع أصل البغض النصراني الموجود، فلا بأس بتقديم تسهيلات لوجستية، والمشاركة في الغنيمة بعد ذلك، والأمر الآخر الملاحظ: حركة الشارع الأسباني واعتراضه الشديد على هذه الحملة، إذ لايرى أن الناقة والجمل تبرر ما يحصل في أرض الواقع لأبناء ملتهم أولاً ثم قد يكون لغيرهم للطبيعة البشرية.<BR>وهذا ما ينبغي أن يلاحظ، فإن أغلب هذه البلدان تشهد مظاهرات احتجاج من قلة، والسبب هو تباين الطوائف، واختلاف –حتى أصحاب التيار الواحد- في تقدير المصالح، مع ما بين التيارات المختلفة من تنازع وتنافس، فلا يعني كونهم كاثوليكاً حرصهم على مصالح المسلمين!<BR><BR><font color="#0000FF"> الإدارة الحالية و بعض أقوال أشهر منظريها: </font><BR>كنتيجة طبيعية للمعطيات السابقة، تعاقبت على إدارة دفة السياسة الأمركية، زمر متحالفة من اليهود، والنصارى الصهاينة، مع قلة من الأقليات التي ليس لها أثر ولا نظر، وليست في أسفل القدر ولا أعلاها، بل كما قيل:<BR>إذا ابتدر الرجال ذرى المعالي مسابقة إلى الأمـر الخطـير<BR>تعثّـر في غبـارهم فـلان فلا في العير كـان ولا النفير<BR>فلم تشهد أمريكا رغم تعاقب ثلاثة وأربعين رئيساً عليها، إلاّ رؤساء نصارى بروتستانت أو إنجليين، خلا (جون كندي) المقتول في أول فترته الرئاسية! ثم كان من أبرز رجالات الإدارات الأمريكية السابقة جملة من قادة ومنظري هذا الفكر الصهيوني، سواء أكانوا سياسيين أو رجال دين (يعيرون السياسة عناية خاصة!). <BR>وليس هذا مقام الإسهاب في تتبع ذلك، ولكن أكتفي بإشارات توضح المراد:<BR>- يقول أحد أشهر قسيسهم وهو (بات ربتسون) : "إن إعادة ميلاد إسرائيل، هو الإشارة الوحيدة إلى أن العد التنازلي لنهاية العالم قد بدأ، كما أنه مع مولدها؛ فإن بقية التنبؤات ستتحقق بسرعة"، ويقول (جيمي سواجارت) Jimmy Swaggart القس الأمريكي الإنجيلي الشهير موعظة في 22/9/1985م فقال : "كنت أتمنى أن أستطيع القول بأننا سنحصل على السلام ، ولكني أؤمن بأن هرمجدون مقبلة ، إِن هرمجدون مقبلة ، وسيخاض غمارها في وادي مجيدو، إِنها قادمة ، إنهم يستطيعون إن يوقعوا على اتفاقيات السلام التي يريدون ، ولكن ذلك لن يحقق شيئاً. هناك أيام سوداء قادمهّ ... إنني لا أخطط لدخول جهنم القادمة، ولكن الإِله سوف يهبط من عليائه ... يا إلهي! إنني سعيد من أجل ذلك ... إنه قادم ثانية، إن (هرمجدون) تنعش روحي" .<BR>وليس (جورج بوش) عن هذه الاعتقادات ببعيد، وأذكر بعض الحقائق التي تبين مدى علاقته وترابطه مع هؤلاء الإنجيليون:<BR>- تصدر (نشيد المسيح!) افتتاح أعمال المؤتمر القومي للحزب الجمهوري من أجل اختيار بوش مرشحاً رسمياً في مارس 2000، وأعلن فيه تنبيه لأفكار تيار اليمين المسيحي .<BR>- من أكبر الداعمين لبوش هو قائد اليمين المسيحي القس (بات روبتسون) والذي سبقت الإشارة إليه وذكر اعتقاده.<BR>- (فرانكلين جرهام ) القس الإنجيلي المعروف كان هو المقدم للأدعية الافتتاحية لمباركة الفترة الرئاسية في حفل تنصيب الرئيس بوش الصغير.<BR>- قام حزب بوش في 16/أكتوبر/2002 بتكريم كل من القسيسين (بات روبتسون) و(جيري فالويل) لمساهمتهم في دعم التيار اليميني المحافظ والحزب الجمهوري. الجدير بالذكر أن (جيري) هذا هو صاحب كتاب: "فلنتقدم إلى معركة هرمجدون" .<BR>- قام البيت الأبيض في يوم الجمعة 4/أكتوبر/2002م بالإعلان عن منحة دينية قدرها نصف مليون دولار أمريكي للقسيس (بات روبتسون) والجدير بالذكر أنها المنحة الأولى التي يمنحها البيت الأبيض لأي مؤسسة أو شخصية دينية.<BR>- مدح بوش العلني للقسيس (جيري فيناز) باعتباره من المتحدثين بصدق عن دينهم، وهذا الرجل عمد بوش ليكون من النصراء الأوائل لسماحة العقيدة!<BR>وكل هؤلاء الذين ورد ذكرهم لاتربطهم علاقات حميمة بالإدارة الأمريكية فحسب، بل هم أجزاء أساسين في صنع قراراتها، لا يتوانون عن التأكيد على أهمية تأييد إسرائيل، وحث الإدارة الأمريكية على الدعم غير المشروط لإسرائيل تحت دعاوى تحقيق التنبؤات الدينية للتيارات اليمينية المرتبطة بالحزب الجمهوري.<BR>كما يجدر التنبيه على مسألة أخرى مهمة قد تكون خارج إطار هذا البحث، ألا وهي أن هؤلاء المذكورين يعملون جميعاً على تشويه صورة الإسلام وتقرير أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم (إرهابي سفّاك دماء) ، ولعل هذا يفسر شيئاً من مفهوم الإرهاب عند الإدارة الأمريكية.<BR>ومما يجدر قوله هنا أن هؤلاء الذين يتهمون دين الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم بالإرهاب، هم أول من يباركون هذه الحرب البربرية التي سوف تنال أولاً أطفال العراق ونساءه!<BR>يقول (بات روبرتسون) في اللقاء الذي عقدته شبكة CBN الإخبارية مع الكولونيل بل تايلور قال: "مرة أخرى كل أمريكا سوف تكون في صلاة من أجل رجالنا ونسائنا الذين هم في هذا القتال (يعني حرب العراق)، وليس بالضروري أن تكون المعركة سهلة، فهي في قطعة أرض قذرة وهم يقدرون حجم قوة الخصم... إنه جرذ محصور في زاوية وهم يعلمون ما سوف يفعله الجرذ عندما يحصر في زاوية، سيحاول أن يعض، ولا ندري بعد كيف تكون العضة" . وقد شكره الرئيس الأمريكي على صلواته ودعواته في مؤتمره بفلوريد الذي خاطب فيه أسر وأفراد القيادة الوسطى .<BR>ويقول جري فالويل (Jerry Falwell) وذلك قبل الحرب مما ينم عن علمه بها: "سوف أستمر في دعوة النصارى للصلاة من أجل أمريكا صلاة ليست كتلك التي قبل، فنحن في تقاطع حرج ما بين صدام والإرهاب، نحن حرفياً كدنا أن نصل الآن إلى عمل عسكري ضد العراق، رجاءً! صلوني بصلاتكم من أجل الرئيس بوش وفريقه" . <BR>أما فرانكلين جراهام (Franklin Graham) فيقول في كلمة له ألقاها في أول أيام الحرب على العراق : " هذا هو الوقت الذي يجب أن ندعم فيه جميعاً رئيسنا.. مهما يكن الحكم الذي سوف يتخذ في الساعات القليلة القادمة، فنحن بحاجة إلى أن نجتمع إلى جانب الرئيس [جورج دبليو بوش].. هذا وإن لم يكن الأمر دعم الحرب من عدمه، فنحن يجب أن نقف خلف الرئيس، هذا هو العمل الرزين" .<BR>هذه أقوال منظريهم، ومن نتائج شيوع هذه الأقوال، تشكل رأي عام فلا تعجب إذا وجدت أصحاب برامج مشهورة يرددون مثل هذه العبارات ومن هؤلاء<BR>بني هن (Benny Hinn) الذي يقول: "هذه ليست حرب بين العرب واليهود، إنها حرب بين الله وبين الشيطان".<BR>وتقول آن كولتر (Ann Coulter ) في مقابلة أجرتها على قناة NBC اليهودية عقب أحداث سبتمبر: "نحن يجب أن نجتاح بلدانهم، ونقتل قادتهم، ونحولهم لنصارى" !<BR>وتلك عقائد القوم، فكيف لا تكون هذه رؤاهم فلا عجب إذا اجتهدوا في صنع الأجواء التي تناسب خروج المخلص بزعمهم، مع حرصهم على كتمان أهدافهم الحقيقية حتى يظل الشعب العربي الغافل في سبات عميق، لا يفيق منه إلاّ على أصوات صواريخهم الذكية وقد توجهت إلى رأسه ، ولكن مع ذلك يرى المتتبع دوافعهم الدينية تبدو على ألسنة ساستهم، فكثيراً ما يصلون لجنودهم ويعتبرونهم من خيرة جنود الأرض، وقد تكرر هذا على لسان رامسفلد في أول بيان له بعد ضرب العراق الذي نتابع أحداثه حتى الآن، بل قلّ أن يتحدث متحدث منهم ولا يصلي على تلك الأرواح التي يرونها خيّرة! وما ذاك إلاّ لكونهم يعتقدون أنهم يؤدون مهمة مقدسة، وقد يصرح بعضهم بذلك، كما قول بوش: نشكر الرب أن الحرية وجدت عظماء كهؤلاء يدافعون عنها.<BR>وقد يظهر في بعض فلتتات ألسنتهم ما تكنه أفئدتهم، وما يضمرونه من مخطط يقوم على إعادة تشكيل خارطة المنطقة، لتكون مرحلة أخرى بعدها ألا وهي قيام دولة إسرائل الكبرى، كل ذلك سعي منهم نحو هرمجدون! <BR>وأما ما يذكره بعض ساستهم عن الإسلام ومايبدونه من تسامح معه، فليس إلاّ مناورة سياسية يصدقها الغافلون، وتعارضها أفعالهم، وهذا ما صرحوا به، يقول ريتشارد لاند (Richard Land) رئيس المعمدانية الجنوبية الحالي وصاحب العلاقة الوثيقة بالإدارة الأمريكية: واحدة من استراتيجياتنا الأساسية إسكات صوت الأصوليين (المسلمين)، ودعم الأصوات المعتدلة ...ثم أردف قائلاً: "لكنني أظن أن تعليقه عن الإسلام والمسلمين [يعني قوله: أنه دين سلام] هو أمل أكثر من كونه حقيقة، ولا أظن الإنجليين راضون عن هذا، ولكن هناك أشياء أخرى كثيرة ترضيهم"!<BR>ولو كان صادقاً في مناوراته تلك لسن القوانين واضحة التي تمنع من الإساءة للإسلام وقد ذكر سالم المرياتي المدير التنفيذي لمجلس شئون المسلمين العامة، والذي يوصف بأنه ديمقراطي معتدل، أنه بعد مهاجمة الإسلام والمسلمين عقب 11 سبتمبر كتب ممثلوا مجلس التنسيق السياسي للمسلمين الأمريكان، رسالة يسألونه مقابلة مع الإدارة فكان جواب مسؤول برنامج الرئيس: "الرئيس يقول إنه مشغول جداً ولا يمكنه مقابلتكم"!ثم قال المرياتي: "ثمت إهمال وإقصاء متعمد.. يجب أن يكون هناك شجب واضح لتلك الأقوال، الرئيس بحاجة إلى إصدار قرار واضح بنفسه فيما يختص بذلك النقد اللاذع"<BR>ثم بعد ذلك يقول وليام ليند (William Lind) من مؤسسة المؤتمر الحر: "المسلمون الأميركيون، يجب أن يشجعوا على المغادرة، إنهم الطابور الخامس في هذا البلد"! <BR><BR>ومن تحصيل الحاصل القول بأن إدارة المملكة المتحدة -على الأقل- ليست بأقل حرصاً على مخططات ومصالح اليهود من الإدارة الأمريكية، وقد أعطى (دوقلاس دافز) توني بلير شهادة حسن السيرة في اليهود وذلك في تقريره من لندن الذي قال فيه: "توني بلير مجتهد في إرضاء المجتمعات اليهودية" .<BR><br>