موريتانيا .... والنفق الطويل !
10 ربيع الثاني 1424

<center><font color="#0000FF" size="4">لمحة تاريخية </font></center> </br>    في ديسمبر 1899، أطلق كبولاني اسم " موريتانيا الغربية" على جزء من "المجموعة الموريتانية" ثم حل هذا الاسم تدريجيا محل أسماء أخرى عرفت بها البلاد مثل " شنقيط" المعروف في المشرق العربي و"الصحراء الغربية" الذي أطلقه الرحالة الأوروبيون و"تراب البيظان" الذي هو الاسم المتداول عند السكان المحليين..<BR>ولقد كان هذا المجال الجغرافي "الموريتاني"، أرض تلاقح بين الأقوام والثقافات وتبادل بين الحضارات. كما سبقت إمبراطورية غانة(وهو الاسم الذي أخذته منذ سنة 1957 دولة ساحل الذهب سابقا) بشعبها البربري (الصنهاجي) والزنجي( من الناطقين بالسونيكية وغيرهم من الأعراق التابعة). </br>وبعاصمتها كومبي صالح، في منطقة الحوض الموريتاني، أوائل القبيطيين الفرنسيين، أقدم سلالة مالكة أوروبية على الإطلاق. </br>وعاصرت إمبراطورية غانه ونافستها دولة المرابطين التي وحدت جزءاً كبيراً من المغرب العربي واحتلت الأندلس- تلك الدولة التي ولدت على ضفاف المحيط الأطلسي ونهر صنهاجة الذي أطلق عليه البرتغاليون فيما بعد نهر السنغال.<BR>وأدى وصول قبائل بني حسان العربية في القرن الخامس عشر الميلادي إلى تغيير البنية الاجتماعية والتركيبة العرقية للمجتمع "الموريتاني"، حيث فرضوا تدريجيا لهجتهم العربية التي ما تزال تعرف بالحسانية كما أملوا، حتى الاحتلال الفرنسي، موازين القوى من خلال الإمارات التي أسسوها إلى جانب إمارة إدوعيش. </br>وقد دخلت الإمارات البيظانية في صراع طويل الأمد مع سلطات مستعمرة السنغال وهو الصراع الذي انتهى بسقوط البلاد بأسرها في يد الاستعمار الفرنسي.<BR>ويمكن تلخيص فترة الاستعمار القصيرة في موريتانيا على النحو التالي:<BR>1902 بداية التغلغل الاستعماري.<BR>1903 تحويل موريتانيا إلى محمية تسمى "محمية بلاد البيظان".<BR>1904 تحويل موريتانيا إلى إقليم مدني.<BR>1920 تحويل موريتانيا إلى مستعمرة فرنسية.<BR>1934 نهاية المقاومة المسلحة.<BR>1945 تحويل موريتانيا إلى إقليم من أقاليم ما وراء البحار التابعة للاتحاد الفرنسي.<BR>1957 استفادة موريتانيا من القانون الإطار المعروف بقانون (دوفير).<BR>1958 الاستقلال الداخلي، إعلان الجمهورية الإسلامية في 28 نوفمبر.<BR>1960 حصول البلاد على الاستقلال الوطني في 28 نوفمبر بمقتضى الاتفاقيات الفرنسية الموريتانية المتعلقة باستعادة السيادة. <BR>ومن سنة 1960 إلى سنة 1978، عاشت موريتانيا فترة حكم مدني استثنائي تحت قيادة الرئيس المختار ولد داداه (1957 - 1978)، مع السيطرة الكاملة لنظام الحزب الواحد، حزب الشعب الموريتاني، طوال الفترة من 1964 إلى 1978.<BR>وبعد انقلاب 10 يوليو 1978، والذي قاده العقيد مصطفى ولد السالك، دخلت البلاد في دوامة الحكم العسكري، فلم يلبث ولد السالك عام حتى استطاعت وجهة النظر المغربية التي تولى قيادتها العقيد محمد ولد لولي ورئيس وزرائه القوي أحمد ولد بوسيف أن تتغلب وترجح كفتها هذه المرة فاستطاع ولد لولي القيام بانقلاب أزاح من خلاله ولد السالك عن الحكم عام 1979. وكما تدين تدان فبعد عام أيضاً، قام العقيد محمد خونه ولد هيداله بقلب الحكم وقد كانت تربطه بالجزائر علاقات متينة وأصبح الحاكم الفعلي للبلاد من 1980 حتى نهاية 1984. وبعد أربع سنوات من الحكم ذهب الرئيس ولد هيدالة لحضور مؤتمر فرانكفوني لتتنامى إلى أسماعه في المؤتمر بأنه لم يعد يمثل البلاد، وذلك إثر الانقلاب الأبيض الذي قاده معاوية ولد سيدي أحمد الطايع. الجدير بالذكر أن ولد الطايع كان أحد أعضاء اللجنة العسكرية التي أطاحت بنظام المختار ولد داداه في 10 يوليو/ تموز 1978<BR>في سنة 1992 قامت انتخابات رئاسية، كانت نتيجتها فوز معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، بالاقتراع العام المباشر، إضافة إلى تكوين مجلس شيوخ يتألف من 56 عضواً وجمعية وطنية تتألف من 79 عضوا.<BR>وفي سنة 1994، تم تكميل هذا الجهاز المؤسسي بانتخاب 4.000 مستشار بلدي يمثلون 208 بلديات كما تم تجديد انتخاب أول ثلث من أعضاء مجلس الشيوخ.<BR>وفي سنة 1996، تم تجديد انتخاب ثلث ثان من أعضاء مجلس الشيوخ، كما جدد انتخاب الجمعية الوطنية.<BR>وفي 12 ديسمبر 1997، اختار الشعب الموريتاني، للمرة الثانية منذ 1992، رئيسه من خلال الاقتراع العام المباشر من بين خمسة مرشحين حيث أعيد انتخاب معاوية ولد سيدي أحمد الطايع لمندوبية ثانية مدتها ست سنوات.<BR><BR><center><font color="#0000FF" size="4">معلومات أساسية </font></center><BR>موريتانيا دولة تقع في شمال أفريقيا بمحاذاة الجزء الشمالي من المحيط الأطلنطي، بين السنغال والصحراء الغربية.<BR><font color="#0000FF"> تبلغ مساحة اليابسة فيها: </font> 1030400 كم مربع، وبإضافة نحو من 300 كم مربع من المسطحات المائية، يصبح مجمل مساحة موريتانيا 1030700 كم مربع.<BR><font color="#0000FF"> اسمها الرسمي الكامل: </font> الجمهورية الإسلامية الموريتانية.<BR><font color="#0000FF"> سكانها: </font> وفقاً لإحصائيات 2002م نحواً من 2828858 نسمه يعيش 50% منهم تحت خط الفقر، ونسبة المسلمين فيهم 100% فقد دخلت جميع مكونات الشعب الموريتاني العرقية من عرب وزنوج (فولان، سوانك، ولوف) في دين الله أفواجا منذ أكثر من ألف عام.<BR><BR><font color="#0000FF"> ولاياتها: </font> ثلاثة عشر ولاية هي ولاية نواكشوط، ولاية آدرار، ولاية لعصابة، ولاية البراكنة، ولاية داخلة انواذيبو، ولاية كركول، ولاية كيديماغة، ولاية الحوض الشرقي، ولاية الحوض الغربي، ولاية إينشيري، ولاية تكانت، ولاية تيرس زمور، ولاية الترارزة.<BR>وبالإضافة إلى ذلك، فقد أسفر مسار اللامركزية الذي بدأ انتهاجه منذ سنة 1986 عن إنشاء 216 بلدية.<BR><font color="#0000FF"> عملتها: </font> الأوقية، وتعادل كل 1000 أوقية 3.92 من الدولار.<BR><font color="#0000FF"> الأجنحة العسكرية: </font> تتكون من عدة قطاعات وهي: الجيش، وسلاح البحرية، والدفاع الجوي، الدرك الوطني، الدفاع الوطني، الشرطة الوطنية، والحرس الرئاسي.<BR><font color="#0000FF"> معلومات تقنية: </font> حتى عام 2001م عدد الهواتف المسجلة يبلغ 26500 خط، أما النقالة فيبلغ عددها 35000 هاتف، وبها محطة بث تلفزيوني واحدة، يستقبل بثها نحواً من 98000 إنسان، كما يوجد بها خمس مزودي خدمة إنترنت، ويبلغ مجمل المشتركين في الخدمة 7500 إنسان.<BR><BR><center><font color="#0000FF" size="4">الرئيس الحالي </font></center><BR>ولد الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع سنة 1941 بمدينة أطار الواقعة في شمالي موريتانيا. <BR>إختلف إلى الكتاب قبل دخول المدرسة في أطار، حيث أكمل الدراسة الابتدائية. وواصل دراسته الثانوية في مدينة روصو الواقعة على نهر السنغال في جنوبي البلاد، قبل أن يختار مهنة الجندية والالتحاق بأكاديمية عسكرية في فرنسا.<BR>وكان معاوية ولد سيد أحمد الطايع أحد أوائل ضباط الجيش الموريتاني الوليد.<BR><BR><font color="#0000FF"> الانقلاب على ولد داداه </font><BR>كان معاوية أحد أعضاء اللجنة العسكرية التي أطاحت بنظام المختار ولد داداه في 10 يوليو/ تموز 1978، بعد ما تورطت موريتانيا في حرب الصحراء الغربية التي أنهكتها اقتصاديا وعسكريا. وقد اختاره العسكريون عند توليهم السلطة ليكون أحد أعضاء اللجنة العسكرية للإصلاح الوطني، ثم اللجنة الوطنية للإنقاذ الوطني التي تلت ذلك، وقد تقلد مناصب سياسية وعسكرية فكان وزيرا أول ثم قائد أركان الجيش الوطني. <BR><font color="#0000FF"> رئاسة موريتانيا </font><BR>في 12 ديسمبر/ كانون الأول 1984 تزعم معاوية انقلاباً عسكرياً أبيضاً أطاح بمحمد خونا ولد هيدالة. <BR>المنقلب المنتخب<BR>أعلنت موريتانيا من خلال دستور يوليو/ تموز 1992 عن نظام تعددي أجريت بموجبه أول انتخابات رئاسية في ديسمبر/ كانون الأول 1992 فاز فيها الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع بنسبة تزيد على 60%. وأعيد انتخابه في ديسمبر/ كانون الأول 1997 في انتخابات رئاسية تعددية بنسبة زادت على 90%. ومن المقرر أن يتقدم لاستحقاق ثالث مقرر أن يكون في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني 2003.<BR><BR><center><font color="#0000FF" size="4">خلفيات المحاولة الانقلابية الأخيرة </font></center><BR>قبل حولي شهر تقريباً وتحديداً في اليوم الخامس من شهر ربيع الأول للعام الجاري، طالعتنا الأنباء باعتقالات لمجموعات من الإسلاميين والبعثيين في موريتانيا، وكان من أبرزهم الشيخ: محمد الحسن ولد الددو، أحد آيات الحفظ التي قدمتها موريتانيا في هذا العصر، وكان من المعتقلين الإسلاميين أيضاً عمدة بلدية عرفات بنواكشوط محمد جميل منصور، وبصرف النظر عن السؤال: ما هي التهمة الموجهة من قبل الدولة؟، فإن ما شاع في الأوساط الشعبية وتناقلته الأنباء هو أن "الشيخ الددو قد أصدر من قبل فتوى شاركه التوقيع عليها كبار علماء موريتانيا تقضي بوجوب قطع العلاقات مع إسرائيل ومقاطعة البضائع الأميركية"، أما ولد منصور فحسبه أنه رئيس الأمانة العامة للرباط الوطني لمقاومة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القدس في موريتانيا. وهذا ما ينافي سياسة التطبيع الكامل التي انتهجتها الدولة، والتي تعد من أوائل ثلاثة دول عربية طبعت العلاقة مع إسرائيل بالكامل.<BR>وقد اتهمت السلطة الموريتانية مؤخراً –فيما يشبه التمهيد لهذه الاعتقالات- الأئمة والخطباء بتوظيف المنابر لأغراض سياسية، وقد تناقل الناس تهديد وزير الثقافة للأئمة وكان فحواه: لئن لم تنتهوا لأحولن المساجد إلى مخابز!<BR>هذا وقد أصدر كبار علماء موريتانيا بعدها بثلاثة أيام بيانا أبلغوا فيه الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع رفضهم "سجن العلماء والأئمة الدعاة ومنعهم من أداء واجبهم في التوجيه والإرشاد". <BR>وذكروا أن هذا التصرف المشين يمثل سابقة خطيرة، وقد التمس العلماء من الرئيس "رفع الظلم عن المظلومين كيفما كانوا"، وهو ما فسر بأفراد حزب البعث، الذين اعتقلوا وليس ثمة سبب ظاهر غير إثبات الولاء لأمريكا أثناء حربها على العراق.<BR>وأضافوا أنهم يقدرون ما قام به الرئيس من محاسبة للمسؤولين، مشيرين بذلك إلى إقالة وزير الثقافة لتصريحاته السابقة.<BR>ولكن الدولة لم تلتفت لالتماس العلماء، فكان من الطبيعي أن تشهد نواكشوط مظاهرات حاشدة، واعتصامات كان من أبرزها إضراب سوق العاصمة المركزي، واعتصام زوجات المعتقلين الإسلاميين والبعثيين أمام وزارة الداخلية في العاصمة نواكشوط، ولكن الحكومة أبت إلاّ أن تزيد الدموع بإطلاق الغاز المسيل للدموع من أجل تفريق المتظاهرات.<BR>وعلى الرغم مما أحدثته الاعتقالات من اضطرابات وإضرابات، تزعزع بسببها الأمن، إلاّ أن الحكومة ارتأت حفظ الأمن برفع حصيلة المعتقلين إثر الاعتصامات إلى نحو خمسين أو مائة معتقل والشك لتضارب الأنباء، وجل هؤلاء من تيارات إسلامية لم تعرف باعتماد القوة كوسيلة للتغير، كالتيار السلفي، وتيار الإخوان المسلمين ومن العجيب أن الاعتقالات نالت التبليغيين الذين لم يعهد عنهم توجه نحو السياسة أصلاً! وهذا ما حدى ببعض المحللين إلى القول: "القيادة الموريتانية تسعى إلى تضخيم القوة الإسلامية، وتصويرها بصورة الخطر المحدق، من أجل إقناع الدول الغربية أن دعمها متعين، وأن البديل عنها هو هؤلاء الملتحون". (محمد المختار الشنقيطي : موقع العصر)<BR>وأياً كان التحليل فإن الحكومة مضت في طريقها وواصلت تصعيدها فتناقلت الأنباء في أواخر الشهر الماضي خبر اعتقال قوات الأمن عدداً كبيراً من أساتذة وموظفي المعهد الإسلامي السعودي في العاصمة نواكشوط، والذي يتبع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. <BR>وتم على إثره استدعاء القائم بالأعمال السعودي في نواكشوط من قبل وزارة الخارجية الموريتانية لإبلاغه بالأمر. وقد رفض المسؤولون السعوديون التعليق على تدخل الشرطة الموريتانية.<BR>ثم كان من قرارات مجلس الوزراء الأخير في 5/4/1424 أي قبل يومين أو ثلاثة من الانقلاب، مصادقة مشروع مرسوم يتضمن فصل جميل ولد إبراهيم ولد منصور، عمدة بلدية عرفات.<BR>ولكن رفض -فيما يبدو- قطاع عريض من الجيش والشعب إلاّ أن يكون معاوية ولد أحمد الطايع هو المفصول، وذلك إثر تحركات بدأت منذ منتصف ليلة الأحد 8/4/1424 الموافق 8/6/2003، لم يشعر بها الرئيس على الرغم من أنه ضابط استخبارات عسكرية سابق، وقد عين على الوحدات العسكرية أصدقاء موثوقين أو أقارب معروفين أو موالين جهويين (أغلبهم من الشمال مسقط رأس الرئيس) يجدون في النظام مبتغاهم ويعتبرون أمنه من أمنهم الشخصي. <BR>فأعلنت لندن قبيل الساعة الخامسة عصراً بتوقيت مكة، من يوم الأحد، أن الرئيس المخلوع: "طلب اللجوء السياسي لفرنسا في أعقاب وقوع انقلاب ضد حكومته"، الأمر الذي نفاه بعض الدبلوماسيين الفرنسيين، ثم تناقلت وكالات الأنباء أن الانقلابيين بقيادة ضابط مستقل يدعى صالح ولد حننا سيطروا على عدة مراكز حساسة في العاصمة نواكشوط, وأن مظاهرات شعبية جرت قبالة القصر الرئاسي تأييدًا للمحاولة الانقلابية. ثم تضاربت الأنباء فجاءت تصريحات بعض المسؤولين الموريتانيين مفيدة بأنه تم القضاء على فلول الانقلابيين وقتل رئيسهم واعتقلت قادتهم وأن ولد الطايع يقود الحرب ضدهم بنفسه إثر تعزيزات وصلته من ولايات البلاد المختلفة، ولكن ما لبث الناس قليلاً حتى قالت المدافع كلاماً آخر! خرج المتابعون منه بأن الأمر –على الأقل- لم يحسم بعد.<BR>ثم بدأ الوضع يستقر ليتكشف الغبار في مساء يوم الاثنين عن فشل الانقلاب، الذي يعد المحاولة الأقوى لإسقاط ولد الطايع، والذي سبقته محاولات متعددة لكنه يبقى هو الأقوى منها عسكرياً والأوفر حظاً بالنجاح في ظل الظروف التي يعيشها البلد والتذمر الداخلي المتزايد. وهذا بالتحديد هو ما دفع بالعديد من المراقبين ومن المعارضة الموريتانية أن يتحدثوا عن دعم صهيوني جوي لنظام ولد الطايع ووحدات قوات خاصة يهودية تدخلت مباشرة في القتال، وأن هذا تم بناء على اتفاقات مبرمة بين البلدين في طور التطبيع المتزايد بينهما. لكن هذا التفسير للحسم السريع لمحاولة الانقلاب يقتضي تورط أطراف أخرى في هذا الدعم إذا أخذنا بالاعتبار البعد الجغرافي الكبير بين البلدين..!!.<BR><BR><center><font color="#0000FF" size="4">من هم الانقلابيين </font></center><BR>جاء في أنباء السي إن إن نقلاً عن محمد الكوري رئيس تحرير صحيفة "إنميش" أن القوات الحكومية قتلت قائد الانقلابيين الكولونيل لمين دحيان، بينما نقلت أكثر الوكالات معلومات تفيد أن قائد المجموعة هو العقيد صالح ولد حننا الذي سرح من الجيش قبل أكثر من سنة مع مجموعة قيل إنها كانت تخطط لانقلاب عسكري بسبب إقامة حكومة ولد الطايع علاقات مع إسرائيل.. لكنها تستبعد وجود أي انتماء حزبي للرجل المنحدر من منطقة معروفة الولاء للناصريين.<BR>وتصل التكهنات بعدد المشاركين في المحاولة إلى نحو من 40 ضابطا أغلبهم من المناطق الشرقية ذات الكثافة السكانية العالية والحضور الكثيف في الجيش الوطني.. وإن ظهر بين الأسماء المتداولة ضباط من الشمال أبرزهم قائد الأركان المتقاعد مولاي ولد بوخريص ذو الميول الناصرية والولاء الصحراوي والذي قيل إن ولده من متزعمي الحركة الانقلابية.<BR>كما تحدث الناس عن ضباط من عرب الجنوب الغربي المعارضين للحكومة التي استلبت السلطة من تلك المناطق منذ انقلاب العاشر من يوليو/ تموز 1978 الذي أطاح بالمختار ولد داداه أول رئيس لموريتانيا.<BR><BR><center><font color="#0000FF" size="4">هل للإسلاميين يد؟ </font></center><BR>على الرغم من خروج الشيخ محمد الحسن الددو والعديد من المعارضين من سجنهم، فإن الذي يظهر أن الإسلاميين بعيدون عن التدبير لهذا الانقلاب، وذلك لأسباب عدة منها:<BR>جل الإسلاميين المعتقلين هم من تيار الإخوان المسلمين المعروفين بالتزامهم بالنضال السلمي في مراحله الأخيرة، بالإضافة إلى الشيخ الددو، وبعض السلفيين وهؤلاء معروفون كذلك بدعوتهم المعتدلة، وأخيراً بعض التبليغيين المعروفين ببعدهم عن السياسة أصلاً.<BR>عدم صدور أي بيان من المؤسسات الأخرى غير الجيش، وعدم تأييد الانقلاب من أي جهة خارجية، رغم القاعدة الإسلامية العريضة في موريتانيا، يشير إلى أن من دبر الانقلاب جهات مستقلة.<BR>ظهر أن التحرك جاء من الجيش، وهو السلاح الذي يمثل قادته التيار العلماني الفرانكفوني، وقد عني قادته بإزاحة كل من لا يمثل هذا التيار.<BR>تواردت التقارير بأن المتمردين متعاطفون مع العراق، ومعروف أن الحكومة قد قامت بحملة إعتقالات ضد المتعاطفين مع صدام حسين أثناء حرب العراق الأخيرة، ومعروف أيضاً أن الإسلاميين وإن كانوا متعاطفين مع شعب العراق، غير أن لهم موقفهم الواضح من صدام حسين ونظامه.<BR>ولكن لا شك أن من دوافعه التي مهدت له هو تصرف الدولة حيال قضايا الإسلاميين، الأمر الذي منح الانقلابيين تعاطفاً على نطاق واسع في موريتانيا وخارجها.<BR><BR><center><font color="#0000FF" size="4">المخاوف المرتقبة </font></center><BR>لم تصب الحكومة يوم خالفت القطاع العريض من مسلمي موريتانيا الذين يرفضون التطبيع مع إسرائيل، ولم تصب يوم تعاملت بالقمع مع مشايخ مرموقين، وإسلاميين معروفين بنشاطهم السلمي المناهض لإسرائيل، ولم تصب كذلك عندما لم تلتفت لالتماس العلماء، وأخطأت مرة أخرى عندما وسعت دائرة الاعتقالات، وتعاملت بالقوة مع المتظاهرين المنددين.<BR>فكان نتيجة ذلك ردة فعل متوقعة، فلم يكن مستغرباً عند المحللين أن تسكت أصوات التنديدات، لتفسح المجال لجولة أولى تتفاوض فيها المدافع بلغتها التي تُسمع وتُرى.<BR>وأخشى ما يخشاه المحللون من أبناء موريتانيا أن يتواصل مسلسل الأخطاء وأن يهيمن منطق القوة على كل منطق، فتدخل البلاد في حرب أهلية، قد يبدوا دخولها سهلاً، ولكن سيكون الخروج منها صعباً.<BR><BR><center><font color="#0000FF" size="4">تاريخ العلاقة الموريتانية الإسرائيلية </font></center> <BR><BR>بدأت الاتصالات بين موريتانيا وإسرائيل نهاية التسعينيات في ظروف خاصة بدأ فيها الرئيس الموريتاني يفقد الثقة في أصدقائه التقليديين من الفرنسيين ويتطلع إلى حماة جدد.<BR>ويرجع البعض الآخر هذه العلاقات إلى عام 1995 عندما انطلقت مسيرة التطبيع الموريتاني التي رعتها اسبانيا وقتها، ووقّع وزيرا خارجية إسرائيل ونواكشوط اتفاقية بهذا الخصوص في مدريد. وافتتح الجانبان سنة 1996 مكاتب لرعاية المصالح بينهما. <BR><BR>تولى في بادئ الأمر مهمة الاتصالات السرية سفير موريتانيا في الأردن محمد سالم ولد الأكحل، كما أسهم وزير الخارجية الموريتاني الحالي "الداه ولد عبدي" -الذي كان سفير موريتانيا لدى فرنسا يومذاك- في تلك الاتصالات السرية. وقد فوجئ الموريتانيون والعالم بافتتاح مكاتب اتصالات في نواكشوط وتل أبيب دون مقدمات ظاهرة. <BR><BR>وفي شهر أكتوبر/ تشرين الأول 1999 أعلن البلدان عن إقامة علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء بين موريتانيا وإسرائيل، وأشرفت وزيرة الخارجية الأميركية يومها "مادلين أولبرايت" على توقيع الاتفاق واعدة بأن ذلك "سيعود بثمرات طيبة على الشعب الموريتاني".<BR><BR>وعندما سئل ولد موسى عضو لجنة الشؤون الخارجية للجمعية الوطنية الموريتانية عن مبالغة موريتانيا بعلاقتها مع إسرائيل أجاب: لا بالعكس إن هذا الكلام مبالغ فيه، نحن منحنا سفارة في إسرائيل وهم فتحوا في بلادنا كما فعلت الأردن ومصر وفلسطين نفسها، وحينما زار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات موريتانيا والتقى بالرئيس ونصحه بتكوين العلاقات مع إسرائيل ، وموريتانيا لديها إيمان من خلال علاقتها بإسرائيل بأنه لا سلام إلا بالسلم وتبادل العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل وهذا سوف يوفر الاستقرار لكل المنطقة وأن السلام لن يطبق إلا إذا طبق مبدأ الحوار.<BR><BR>ولم تقتصر العلاقات على هذا الأمر إذ زار وزير خارجية موريتانيا (العافي بن محمد خونة) والذي احتل فيما بعد منصب رئيس الوزراء، إسرائيل بعيد استلام بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء في إسرائيل عام 1998 ليبارك له ويهني حكومة متطرفة قتلت آلاف الفلسطينيين.<BR><BR>وتكررت هذه الزيارة في عام 2001 من قبل وزير الخارجية، ناهيك عن الحفل الذي أقامه السفير الإسرائيلي في نواكشوط بنفس العام بمناسبة عيد الاستقلال الإسرائيلي والذي يوافق يوم النكبة الفلسطينية، وحظر الاحتفال عدد من الشخصيات والمسئولين الموريتانيين.<BR><center><font color="#0000FF" size="4">العلاقات والمصالح المشتركة</font></center><BR><BR>بدأت فيما بعد تتكشف علاقات تمويلية من جانب إسرائيل للحكومة الموريتانية، وهي لم تكن لتمولها بلا مقابل سياسي أو أمني أو ربما مقابل (كما يؤكد البعض) دفن إسرائيل مخلفاتها النووية في الأرض الموريتانية.<BR>فقد نسبت صحيفة "الأحداث" المغربية إلى "مصادر مطلعة" يوم 26/1/1999 قولها إن اتفاقا أبرم بين القيادة الموريتانية وإسرائيل تتخذ إسرائيل بموجبه من الصحراء الموريتانية الفسيحة مدفنا لنفاياتها النووية التي لا تريد أن تؤذي بها شعبها مقابل بضعة ملايين من الدولارات. وأشارت الصحيفة إلى أن "طائرات مجهولة الهوية" حطت في مطار "تجكجة" الموريتاني في بداية تنفيذ الاتفاق المذكور.<BR><BR>كما ظهر أن إسرائيل مولت مشروعا صغيرا لحماية النخيل في إحدى مدن الشمال الموريتاني تحت غطاء برنامج الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وبالتعاون مع رجل أعمال تربطه صلة قرابة بالرئيس معاوية، وقد تضمن المشروع زراعة نخيل إسرائيلي في القصر الرئاسي الجديد بنواكشوط كما صرح بذلك أحد العاملين بالمشروع فيما بعد.<BR> وتشير لائحة المؤسسات الإسرائيلية المشاركة في المشروع –ومن ضمنها معهد "بيريز" للسلام- إلى أنه لم يكن مشروعا زراعيا بريئا، بل كان جهدا سياسيا في طريق التطبيع الشامل. <BR><BR>ثم زار العاصمة الموريتانية نواكشوط وفد طبي إسرائيلي يتألف من الطبيب "إيريت روزمبلات" والطبيبة "آنات روبنسون" يوم 11/7/1999 لإجراء عمليات لعيون بعض المرضى الموريتانيين، وقد روجت وسائل الإعلام الإسرائيلية لهذه الزيارة كثيرا، لكنها نسيت أن تشير إلى قصة أحد الشباب الموريتانيين العاملين في المخبر بالمستشفى الوطني بالعاصمة نواكشوط الذي صفع الطبيب الإسرائيلي "روزمبلات" على الوجه غضبا من وجوده في موريتانيا. <BR>كما زار وفد من الكنيست الإسرائيلي موريتانيا في شهر أبريل/نيسان 2000 وضم الوفد أعضاء الكنيست: نعومي شازان من حزب "ميرتس"، وماكسيم ليفي من كتلة "إسرائيل واحدة"، وجيدون عزرا من حزب "الليكود"، وهاشم محاميد من حزب "اللائحة العربية الموحدة". واستقبل الرئيس الموريتاني وفد الكنيست الإسرائيلي في قصره، كما تم تأسيس جمعية للصداقة الموريتانية الإسرائيلية في نهاية الزيارة (جيروزالم بوست 11/4/2000).<BR><BR>ولد موسى عضو لجنة الشؤون الخارجية للجمعية الوطنية الموريتانية أنه " لا يمكن أن أحدد لك مجال من مجالات التعاون بيننا وبين إسرائيل وإذا كانت هناك علاقات بين أي بلدين فلابد أن يكون هناك عون واستفادة وإلا فما هي الفائدة من هذه العلاقات. وأود أن أشير إلى أن علاقتنا بإسرائيل شأن داخلي". <BR>وهي إشارة ربما إلى وفرة مجالات ومشاريع التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى سرية بعضها بما لا يسمح للحديث عنها الآن.<BR><BR>كما تؤكد مصادر مسؤولة حصول القيادة الموريتانية على الخبرة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية التي قد تعينها في سياسة البقاء بعد انهيار ثقتها في فرنسا في هذا المجال.<BR> وقد بدأ تسريب معلومات عن تعاون من هذا القبيل منها ما نسبته صحيفة "النهار" اللبنانية لمصدر دبلوماسي أوروبي يوم 12/3/2001 من قول: إن إقالة بعض الضباط الموريتانيين من مناصبهم في الفترة نفسها كان بناء على "نصيحة" قدمها جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي "الموساد" للرئيس معاوية. وأضافت الصحيفة أن للموساد عدة مكاتب في موريتانيا وأن 100 من "الخبراء" الإسرائيليين يوجدون في موريتانيا.<BR>حصول القيادة الموريتانية على بعض السيولة النقدية من إسرائيل مقابل بعض "الخدمات"<BR><BR><BR><center><font color="#0000FF" size="4">التبريرات الموريتانية للعلاقة </font></center><BR><BR>تعددت أوجه التبريرات الموريتانية الحكومية لعلاقتها مع إسرائيل، فمن جهة يقول المسؤولين في هذا البلد الذي تحكمه حكومة عربية مسلمة (...) أن العلاقات السلمية هو الطريق الوحيد لإقامة سلام في المنطقة، حيث صرح وزير الإعلام الموريتاني الرشيد بن صالح القومي العربي الذي تحوَّل إلى بوق للتطبيع أن هدف الزيارة هو إقناع الإسرائيليين بدرب السلام والتعايش، وكف العدوان عن الأشقاء الفلسطينيين، وأنه بهذه الطريقة سوف يوقف النزف الفلسطيني. <BR><BR>كما علل بعض القادة السياسيين الموريتانيين هذا التطبيع بأنه لإخراج موريتانيا من حالة الفقر المدقع التي ترزح تحتها خاصة (والكلام للمسؤولين) أن الأشقاء العرب لم يعودوا يهتوا بموريتانيا ولا يقدموا لها المساعدات الاقتصادية، على الرغم من أن موريتانيا ليست دولة فقيرة بأي معيار، فهي تملك أغني شاطئ في العالم بالسمك وهي تصَّدر الحديد والنحاس بكميات ضخمة، وتوجد بها موارد من الذهب والماس والنفط لم تستغل بعد مع شعب يبلغ حوالي المليوني نسمة.<BR><BR>إلا أن هنالك أسباباً أخرى ذكرها السيد محمد بن المختار الشنقيطي الكاتب الموريتاني المقيم في أمريكا حيث قال أن قرار القيادة الموريتانية بالتطبيع مع إسرائيل: " جاء في ظروف خاصة ناتجة عن أحداث خاصة، فقد اعتقلت فرنسا في يونيو/حزيران 1999 أحد الضباط المقربين من الرئيس الموريتاني وهو النقيب "علي ولد الداه" بتهمة تعذيب السجناء السياسيين، فأثار ذلك غضبا ورعبا غير مسبوق في أوساط القيادة الموريتانية نظرا لإمكان امتداد الحريق إلى مناطق أبعد داخل الدائرة الحاكمة، فردت السلطة الموريتانية بقرارات غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الموريتانية الفرنسية إذ طردت الخبراء العسكريين الفرنسيين من موريتانيا، وفرضت تأشيرة دخول على جميع الفرنسيين الذين ينوون دخولها. ولم يكن للموريتانيين -الذين اكتووا بنار التبعية لفرنسا عقودا مديدة- إلا أن يفرحوا بهذه القرارات الجريئة.<BR>لكن الخوف من الانكشاف أمام فرنسا دفع القيادة الموريتانية للهروب إلى الأمام، فكانت العلاقات المفاجئة مع إسرائيل التي تهدف –حسب الظاهر– إلى مجرد تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بأقصر طريق، وهي كسب اللوبي اليهودي في الإدارة الأميركية والكونغرس ليكون ذلك تعويضا للدعم السياسي الفرنسي". <BR><br>