عبد الله بدوي رئيس الحكومة الماليزية الجديد
8 رمضان 1424

مع نهاية شهر أكتوبر الماضي، أعلن (رئيس الوزراء الماليزي) مهاتير محمد استقالته من الحكومة الماليزية، بعد سنوات طويلة مميزة بالتصدي للنفوذ الأمريكي المتزايد في العالم بشكل عام، وفي منطقة آسيا بشكل خاص، ولمحاولات النهوض باقتصاد ماليزيا، والقضاء على الفساد، <BR>وعلى الرغم من أن الميراث الماليزي السياسي والاقتصادي كبير ومتعب، وقد يرهق عاتقه، إلا أن الرئيس الجديد للحكومة الماليزية عبد الله بدوي قبل استلام المنصب من سلفه مهاتير محمد، ووعد بأن ينتهج نفس منهجه، ويحذو حذوه.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">مدينة ريفية: </font><BR><BR>ينتمي رئيس الوزراء الماليزي الجديد عبد الله بدوي إلى أسرة ماليزية مسلمة، تعيش في مدينة تدعى "كيبالا باتاس"، وهي مدينة ريفية في الشمال الماليزي، حيث تنتشر المزارع والأراضي الزراعية والمنازل الطينية القديمة. <BR>تصف إحدى الصحف الآسيوية مدينة كيبالا باتاس قائلة:" هي بلدة ماليزية تقع في الشمال الريفي، تستمر فيها الحياة رصينة، فيها مركز صغير للبلدة، ومجالس دينية، وتصطف فيها عدة شوارع رئيسة قليلة، يبدو أن العقود الماضية لم تغير فيها الشيء الكثير".<BR>وتشير الصحيفة الآسيوية إلى أن ضواحي البلدة تشهد هذه الأيام تطورات ملحوظة بعد أن أصبح أحد أبنائها رئيساً للحكومة، حيث أصبح فيها طريق سريع "جنوبي شمالي" كما أقيمت فيها بعض المشاريع السكنية.<BR><BR>ويقع منزل عائلة عبد الله بدوي على مقربة من مركز البلدة، حيث تعيش أمه التي تبلغ من العمر (79 عاماً) في منزل خشبي يتألف من طابق مزدوج، متصل بجناح مبني من الخرسانة.<BR>ويوجد على بعد نحو 100 متر من منزل عبد الله بدوي، مجمع ديني يضم مسجداً مبني بطراز جميل وبديع. <BR>وشهدت المدينة يوم السبت الماضي احتفالاً كبيراً، عندما زار عبد الله بدوي بلدته الأم، حيث كان في استقباله نحو 5 آلاف من أبناء البلدة، الذين كانوا فرحين باستقبال ابنهم الذي أصبح رئيساً لحكومة ماليزيا.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">خلفية بدوي العلمية: </font><BR><BR>درس بدوي الفقه الإسلامي، ودخل المعترك السياسي عام 1978م، وتولى حقائب التربية والدفاع والخارجية والداخلية في حكومة محاضر، وعين بعدها نائباً لرئيس الوزراء عند إقالة أنور إبراهيم الساعد الأيمن السابق لمحاضر بشكل مفاجئ عام 1998م.<BR>ويشك المحللون في أن يتميز بدوي على محاضر في مجال حقوق الإنسان, حيث يذكر ملفه أنه عندما كان وزيراً للداخلية صادق على اعتقال العديد من الشخصيات التي اشتبه في علاقتها بتنظيم الجماعة الإسلامية دون محاكمة.<BR><BR>يعد عبد الله أول رئيس للوزراء الماليزي يتمتع بخلفية عملية إسلامية، إذ أنه نال درجات متقدمة في الدراسات الإسلامية، كما يعد كل من أبيه وجده من علماء الدين الإسلامي، وكان والد عبد الله بدوي رئيساً لمنظمة قومية دينية تدعى "المنظمة المحلية للماليزيين الموحدين"، ويوجد مكتب المنظمة أمام مسجد بلدة كيبالا باتاس.<BR>كما يعد والد عبد الله من مؤسسي حزب المنظمة الوطنية المتحدة للماليزيين الذي كان يترأسه مهاتير محمد، ويترأسه الآن عبد الله بنفسه.<BR>وهذا ربما سيدعم بدوي في انتهاج صحيح للإسلام السياسي، أو أسلمة السياسية. <BR>وهو ما يمكن أن يدعم موقفه في وجه أحزاب المعارضة الرئيسة في ماليزيا، التي يزيد نفوذها في الساحل الشرقي لماليزيا، في كل من "كيلانتان" و"تيرينجانو".<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">تحدي الانتخابات القادمة: </font><BR><BR>ويشير المحللون الماليزيون إلى أن الحزب الحاكم بقيادة بدوي من المتوقع له أن يطرح تحدياً قوياً في وجه الأحزاب المعارضة في عدة مناطق من الولايات الماليزيا، منها: ولاية " كيداه" الشمالية التي خرج منها رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد، وأيضاً في الولاية المركزية "باهانج"، <BR>وفي المقابل أكد مسؤولون في حزب الإسلام الماليزي الذي يمثل حزب المعارضة الرئيسي في ماليزيا أن الحزب سيخفف من توجهه الإسلامي المحافظ للتقرب إلى من يوصفون بالمعتدلين خلال الانتخابات العامة التي ستجرى العام القادم. <BR>ووصف الحزب هذه الخطوة بأنها" تضحية " لتهدئة مخاوف الحلفاء غير المسلمين في المعارضة قبل الانتخابات المقرر إجراؤها عام 2004م، وذكر أعضاء من الحزب المحافظ أنهم يريدون أيضاً استمالة قطاع أوسع من السكان متعددي الأعراق الذين ساندوا حكومة الجبهة الوطنية في كل انتخابات عامة أجريت منذ الاستقلال عام 1957م.<BR> <BR>وقال أحد مخططي انتخابات حزب الإسلام الماليزي: "إن الأمر يتعلق بالتقرب إلى نمط تفكير الشعب، كما يتعلق بإرضاء حلفائنا في المعارضة".<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">توقعات في سياسة بدوي الجديدة: </font><BR><BR>تتوقع مصادر إعلامية ماليزيا وآسيوية على أن ينتهج رئيس الحكومة الماليزية الجديد سياسة إسلامية في مواجهة التدهور والفساد الأخلاقي الذي تشهده بعض المناطق في ماليزيا، كما تتوقع أن يحارب بدوي الفساد الموجود في الدولة عبر تزعمه لوكالة مكافحة الفساد، إلا أن النقاد يقولون: إن الفساد في ماليزيا منتشر بشكل كبير، وهو متغلغل في دوائر سياسية وتجارية، ومن الصعب استئصاله. <BR><BR><BR>ويجب على رئيس الوزراء الجديد البالغ من العمر (63 عاماً) أن يخضع لمنافسة انتخابية في منتصف عام 2004م، حيث يتعين عليه دخول انتخابات الحزب الذي ينتمي إليه هو ورئيس الحكومة السابق من أجل بقائه في منصبه.<BR>خاصة وأن عبد الله بدوي وصل إلى رئاسة الحكومة عبر استلامه المنصب "تلقائياً" بعد استقالة الرئيس السابق قبل إجراء الانتخابات المتوقعة منتصف العام القادم.<BR> <BR> ويقول أحد المراقبين السياسيين: إن سياسة عبد الله بدوي لن تثبت وترسخ بشكل شامل ما لم يتم انتخابه رئيساً للحزب الحاكم، ويضيف "آنيل نيتو": "حيث يفتقر الآن لإحساسه بشرعية الحكم؛ لأنه لم ينتخب بعد كرئيس للحزب، إذ لا يزال نائباً للرئيس، خاصة بعد تنحي الرئيس السابق وسجن النائب الأسبق أنور إبراهيم".<BR><BR>ويتابع المحلل السياسي الماليزي: " ستظهر سياسة عبد الله بشكل جيد عبر سياسته الانتخابية العامة المقبلة، حيث سيكون على أرض ضعيفة في شمال ماليزيا، الذين يتبعون لحركة الريفورماسي، وأمام الماليزيين العرقيين الذين ينتمون للطبقة المتوسطة المحبطين، بسبب عدم تمكن سياسة مهاتير محمد من تطوير الريف المدني الوعر، والقضاء على الفساد".<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">مشاكل داخلية على الطريق: </font><BR><BR>يتعين هنا على عبد الله بدوي أن يعيد توجيه مشاريع التطوير لكي يكون أقرب للناس والعامة، إلا أنه رغم الآمال في ذلك، ورغم أنه يجب عليه أن يكون تعلم من أستاذه مهاتير، إلا أن خلفيته الاقتصادية أبسط بكثير من خلفية مهاتير.<BR><BR>ويواجه عبد الله بدوي خلفية قضايا شائكة تركها سلفه مهاتير في المجتمع الماليزي، حيث ابتدأ مهاتير محمد بسياسة وقف تمويل المدارس والمراكز الدينية الإسلامية، وهذا ما يجب على بدوي أن يتابعه، إلا أن بدوي والذي كان وزيراً للتعليم في السابق، يجب عليه أن يتبع سياسة تعليمية جديدة للهروب من هذه المواجهة مع الإسلاميين، حيث من تتوقع مصادر ماليزية أن يقوم بتجديد المناهج الدراسية، ليركز فيها على الجانب العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي، وهو يكون بالتالي يقوم بتكملة سياسة مهاتير في التصدي للادعاءات القائلة بأن المدارس والمراكز الإسلامية تخرّج الجماعات المسلحة.<BR> <BR>كما يواجه بدوي في الانتخابات القادمة الكثير من رؤساء الأحزاب الماليزية القدامى في الائتلاف الحاكم، والذين بقوا سنوات طويلة على رأس أحزابهم، وبالتالي نمت لهم شعبية متزايدة في ماليزيا، من بينهم رؤساء الحزب الهندي الماليزي، وحزب جيراكان الذي تمتد علاقاته وأصوله إلى الصين وغيرها، إلا أنه رغم ذلك يأمل أن ينتهج الماليزيون سياسة "الدم الجديد والشاب" في رئاسة الحكومة.<BR><BR>وتحتل الأديان الأخرى في ماليزيا 40% من السكان، وكانت سياسة مهاتير محمد السابقة تعتمد على دعم هذه الأقليات في بقائه في رئاسة الحكومة التي استمرت مدة 22 عاماً، وكثيراً ما تباها مهاتير بالقول: إن حكومته تمثل بقوة جميع الأجناس والديانات والثقافات.<BR><BR>كما سيكون أمام عبد الله مهمة قاسية أيضاً في إصلاح المؤسسات الحكومية الماليزية. على أن بدوي الذي كان يشغل منصب وزير الشؤون الداخلية، سمح بأن يكون هناك انتهاك لحقوق الإنسان وحقوق الإسلاميين، حيث أمر باعتقال أكثر من 90 من الإسلاميين المتهمين بالتطرف في ماليزيا دون توجيه تهم، ودون محاكمتهم، وذلك وفق قانون الأمن الداخلي الماليزي، كما أنه لم يسمح بحريات واسعة للإعلام.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">إجابات قادمة: </font><BR><BR>تنظر دول الجوار بشيء من الترقب، كما المجتمع الداخلي الماليزي، إلى عبد الله بدوي، بانتظار أن تتكشف خيوط سياسته القادمة في ماليزيا، وبناءً على تلك السياسة سيكون للصين وفيتنام والدول الأخرى أسلوب تعامل مع شخص بدوي، إلا أن المراقبون لا يتوقعون أن يبتعد بدوي كثيراً عن نهج وسياسة سلفه مهاتير الذي يعده أستاذه وقدوته، على الرغم من بعض التناقضات الموجودة والظاهرة في كلا الرئيسين، ربما من أهمها أن بدوي ليس قوياً كفاية أن يعلن للعالم أن اليهود يحكمون العالم بالنيابة، وأنهم يذيقون المسلمين الويلات في كل مكان.<BR><br>