المشاكل النووية بين إيران والغرب هل انتهت؟
14 رمضان 1424

أنهت اتفاقية 21 أكتوبر الماضي حالة توتر وترقب بين إيران من جهة والدول الغربية على رأسها أمريكا وإسرائيل من جهة أخرى، عندما أعلنت إيران عن موافقتها على توقيع البروتوكول الإضافي في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في العالم.<BR>وعلى الرغم من أن الإعلام تكلم بشيء من التفاؤل لإنهاء التوتر القائم.. إلا أن الأمر لم ينته بعد، حيث لا يزال الطريق طويلاً وشاقاً أمام الجميع.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">شروط الموافقة الإيرانية: </font><BR><BR>الاتفاقية التي وافق إيران على توقيعها لم تشكل إنقاذاً لإيران من العقوبات الدولية الممكنة فقط، بل مهدت الطريق أيضاً لتعاون أكبر بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فيما يتعلق بالقضايا الدولية الهامة بالنسبة لهم.<BR>كما تعد الاتفاقية منفذاً لإيران من القرار الدولي باستصدار عقوبات دولية ضد إيران ما لم تَنْصَع للمطالب الغربية ضمن جدول زمني حددته الوكالة الدولية ينتهي في 31 أكتوبر، وكان مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمؤلف من 35 دولة عضو وضع هذه الشروط في 12 سبتمبر الماضي،<BR>واشترط نص القرار أن تلتزم إيران بالشفافية والتعاون التام مع الوكالات الدولية، وتجيب على كل الأسئلة التي يطرحها مفتشوها، وأن تفتح منشآتها أمام المفتشين الدوليين في أي وقت، حتى إن كان من دون موعد مسبق، مع توقيف تخصيب اليورانيوم.<BR><BR>الحكومة الإيرانية من جهتها وافقت على توقيع البروتوكول الإضافي لمعاهدة الحظر الدولية، وكنوع من أنواع الانصياع التام، قبلت بذلك حتى قبلت أن تصدق القرار من قبل البرلمان الإيراني، كما وافقت إيران بالالتزام بقف تخصيب اليورانيوم، وبحسب نص القرار الدولي.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">المواجهة الأمريكية الإيرانية عبر أوروبا: </font><BR><BR>الموافقة الإيرانية جاءت بتاريخ 21 أكتوبر، أي قبل 10 أيام فقط من انقضاء المهلة الدولية المحددة، وجاءت أثناء زيارة وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا (فيلبان دومينيك، وجاك سترو، ويوشكا فيشر).<BR><BR>الولايات المتحدة التي تقف خلف هذه الاتفاقية عبر اتهاماتها المتلاحقة لإيران بمحاولة امتلاك سلاح نووي، رحبت بشيء من الحذر بالموافقة الإيرانية، خاصة وأن إيران تعد إحدى دول محور الشر التي تتهمها واشنطن بالإرهاب ومساندته دولياً.<BR>وجاء الترحيب الأمريكي عبر بيان ألقاه السكرتير الصحفي للبيت الأبيض سكوت مكليلان الذي قال: إن الموافقة الإيرانية هي خطوة إيجابية للأمام، وأن الأيام ستثبت صحة الالتزام الإيراني.<BR><BR>قبل الإعلان الإيراني للموافقة على التوقيع وصل الوزراء الأوروبيون الثلاثة إلى طهران في وقت مبكر من صباح الثلاثاء 21 أكتوبر، حيث اجتمعوا مع حسن روحاني سكرتير المجلس الأعلى في إيران والرئيس محمد خاتمي واستمر الاجتماع مدة أربع ساعات حذر خلالها الوزراء الأوروبيون من أن فشل هذه المحادثات سيعني فرض العقوبات الدولية القاسية على إيران عبر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.<BR><BR>إحدى الإذاعات الأوروبية في براغ التقت مع الدكتور دافور هيرميداس (المدرس في جامعة طهران)، والذي أشار إلى أن موافقة إيران على توقيع البروتوكول الدولي يعد رداً إيرانياً للأسئلة الأمريكية والإسرائيلية حول المنشآت النووية الإيرانية.<BR>وقال إن توقيع الاتفاقية أثبت بأن الحوار والنقاش يعد أكثر إنتاجية من السياسة التقليدية الأمريكية المتشددة نحو إيران، والمتمثلة بالضغوطات والتهديدات..!!<BR><BR><BR><font color="#0000FF" size="4">الشارع الإيراني ضد الاتفاقية: </font><BR><BR>وعلى الرغم من أن حسن روحاني حاول الدفاع عن القرار الإيراني بأنه لا يمثل إذلالاً للحكومة الإيرانية ولا يؤثر على أمن وسيادة الدولة.. إلا أن الكثير من المحللين السياسيين الإيرانيين وصفوا الموافقة الحكومية كنوع من الاستسلام غير المشروط لأمريكا وإسرائيل، ما يعطي دلالات على التصرف الإيراني الحكومي بوجه مشاكل ومواجهات قد تظهر مستقبلاً بينها وبين إسرائيل المدعومة أمريكياً، أو أمريكا المدعومة دولياً.. خاصة وأن الاتفاقية تعطي للمفتشين الدوليين الحق بدخول إيران في أي وقت وتحت أي ظروف والتفتيش في أي مكان يرغبون فيه، دون أي قيود.<BR><BR>إحدى الصحف الشيعية المتشددة (الجمهورية الإسلامية) التابعة للزعيم الإيراني على خامئيني، صدرت في اليوم التالي وهي تحمل عنواناً كبيراً على الصفحة الرئيسية تقول فيه (لا توقع البروتوكول).<BR>وجاء في الافتتاحية أن على طهران ألا توقع هذه الاتفاقية التي تعد تحقيراً لها، وأشارت إلى أن موافقة الحكومة على فتح الأبواب أمام المفتشين الدوليين تعد نهاية للسيادة القومية في البلاد، وأضافت: "ليس لدى الإيرانيين أدنى شك بأن توقيع هذا البروتوكول سيكون إهانة أبدية لنا، وعلى السياسيين الإيرانيين أن يعرفوا بأنهم إن لم يقفوا الآن بوجه الولايات المتحدة والأوروبيين فإنهم لن يتوقفوا قبل أن يدمروا إيران كلها"..<BR><BR>وقالت صحيفة أخرى على لسان حسين شاري، أحد ضباط المخابرات الإيرانية، والذي يكتب في صحيفة "كيهان" المسائية، إن أفضل شيء هو التخلي الكلي عن الاتفاقية الدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية...<BR><BR>أما التحرك الشعبي فتمثل بقيام مئات المحافظين بمظاهرة احتجاجية على توقيع البروتوكول أمام مقر الاجتماع في مبنى هافيزيه بطهران، حيث ردد المتظاهرون شعارات مناوئة للاتفاقية، وحملوا لافتات كتب على أحدها.. (اخجلوا من النفاق) و(سفراء الإمبرياليين).<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">محاولات التستر الحكومية: </font><BR><BR>عبد الله رمضان زاده (الناطق بلسان الحكومة الإيرانية) أعلن على الفور بأن المفاوضات التي أدت إلى الموافقة الإيرانية جاءت مطابقة لرؤية الزعيم الشيعي الأعلى علي خامئني، وقال للصحفيين عقب الاجتماع إن خامئني قد كلّف حسن روحاني بالاجتماع مع الأوروبيين.<BR>وهذه الكلمة لم توجه للصحفيين الدوليين فقط أو للإيرانيين، بل وجهت لمجلس الأوصياء الذي يعد معقل المحافظين الشيعة الذين قد يعارضون مشروع قرار موافقة الحكومة على توقيع البروتوكول النووي.<BR>حيث قال: إن ما أنجز حتى الآن قد أقرّ من قبل أعلى سلطة في البلد ومن غير المحتمل أن يواجه القرار صعوبات".<BR>إلا أن رمضان زاده ألمح إلى أن موافقة إيران على وقف تخصيب اليورانيوم يعد آني، ووفقاً للمرحلة الزمنية الحالية.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">الاتفاقية من وجهة نظر الوكالة الدولية: </font><BR><BR>الوكالة الدولية أعربت على لسان رئيسها محمد البرادعي أنها تأمل بأن تكون إيران صادقة بالتزامها الدولي النووي، وأن يكون إعلانها دقيقاً، وقال: إن المهم بالنسبة للوكالة الدولية في المرحلة المقبلة هو أن تفهم بشكل كلي البرامج النووية الإيرانية.<BR>وطبقاً للبرادعي فإن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيبدؤون بالفعل في العمل في إيران في العشرين من الشهر الحالي لفحص وتفتيش المراكز والمشاريع الذرية الإيرانية في كافة المجالات.<BR>وقال لصحيفة اللوموند الفرنسية إن الوكالة ستعرف أين هي من البرنامج الإيراني حال بدء التفتيش القادم.<BR><BR>كما قالت (الناطقة بلسان الوكالة الدولية للطاقة الذرية) "ميليسا فليمنج" في حديث هاتفي مع الإذاعة الأوروبية "راديو أوروبا الحرة: إن الأيام القادمة في التفتيش ستعد إفشاء كاملاً لأنشطة إيران النووية السابقة المتعلق بكافة برامجها النووية في كل المناطق.<BR>وأشارت إلى أن الوكالة ستحصل على جميع الأجوبة التي طرحتها خلال الأشهر الماضية، ولم تتلق الإجابات حولها. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4">نقطة خلاف محورية: </font><BR><BR>الثقة الهشة بين إيران والوكالة الدولية جاء بعد تسريب معلومات عبر مجموعات إيرانية معارضة، وصور الأقمار الصناعية الأمريكية التي أكدت أن إيران تعمل على تخصيب اليورانيوم بشكل سري، دون إخطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية. <BR>الإيرانيون قالوا: إن لا شيء يلزمهم لنشر أخبار تخصيب اليورانيوم، وإخبار الوكالة الدولية بذلك.<BR>النقطة الرئيسية تتمحور حول الأجهزة المستعملة في تخصيب اليورانيوم، والتي اشترتها إيران من دولة لم تكشف حتى الآن عن اسمها. <BR>الأجهزة المكتشفة لدى إيران هي أجهزة طاردة، تستخدم في تخصيب اليورانيوم، وتعد أساسية في صنع القنبلة الذرية، وهي غير متوافرة بسهولة دولياً، وتحاول الوكالة الدولية الحصول من إيران على معلومات حول تاريخ ومصدر شراء الآلات الطاردة النووية، إلا أن إيران لا تزال حتى الآن تمتنع عن الكشف عن هذه المعلومات. <BR>إلا أن المسؤولين في فينا (مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية) قالوا: إن إيران أكدت التزامها التام بالكشف عن آثار اليورانيوم المخصب الذي وجد في بعض المرافق الإيرانية. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4">التهديدات المباشرة: </font><BR><BR> إيران تصر بأنها تستخدم اليورانيوم للأغراض السلمية فقط، دون أي خطة لتحويلها إلى صناعة لضمان أمنها الدولي أو اعتبراه استراتيجية دفاعية مستقبلية. <BR>وتقول: إن المفاعل النووي في بوشهر هو من أجل الحصول على الكهرباء التي يتزايد الطلب عليها محلياً.<BR>إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل،بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية، اتهمت إيران بأنها تملك طموحات نووية، وأن مفاعل بوشهر هو واجهة لإخفاء محالات تعزيز الترسانة النووية الإيرانية. <BR><BR>السؤال الذي تطرحه الدول الغربية، هو: هل ستقوم إيران بفتح جميع منشآتها النووية أمام المفتشين الدوليين أم لا؟<BR>في مقابلة له مع صحيفة اللوموند الفرنسية، قال محمد البرادعي: إنه يأمل بأن تفتح إيران جميع مواقعها أمام المفتشين، وأن يقبلوا بالفعل في التفتيش، كما عبر عن أمله في أن يكشف الإيرانيون عن جميع أنشطتهم النووية الماضية والحالية والمستقبلية. <BR>إلا أن المراقبين الإيرانيين يقولون: إن هذا سيكون مستبعداً، ليس فقط بسبب عدم ثقة القيادة في طهران بالمفتشين الدوليين وبأهدافهم، بل أيضاً لأن هناك مواقع عسكرية استراتيجية مقصورة على سيطرة الحرس الثوري الإيراني فقط، ولن يتم السماح لأحد أن يفتشها. <BR>بالإضافة إلى ذلك فإن إيران تعد المفتشين الدوليين هم جواسيس لأمريكا وإسرائيل، حيث قال أحد الخبراء الإيرانيين لصحيفة آسيوية على الإنترنت: إن القيادة الإيرانية والمعارضة يرون أن الخبراء والمفتشين الدوليين ليسو أكثر من جواسيس لأمريكا وإسرائيل، وأنهم حصلوا على قرار الأمم المتحدة من أجل فتح المنشآت العسكرية والاستراتيجية أمام هؤلاء الجواسيس. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4">نهاية أم بداية: </font><BR><BR>على أن الزعماء الثلاثة؛ الفرنسي والبريطاني والألماني وجهوا رسالة واضحة جداً لإيران بأن عليها أن تنصاع للقرار الدولي، وتوافق على توقيع البروتوكول الإضافي، مقابل تزويدها بالوقود النووي اللازم لتشغيل المفاعلات النووية، بالإضافة على حصولها على مساعدات تقنية نووية (سلمية)، وهو ما تقول إيران: إنها تتبناه وتحاول الحصول عليه. <BR>وفي المقابل فإنها وبحال امتنعت عن الموافقة، فإنها ستواجه عقوبات كتلك التي واجهتها العراق من قبل.<BR>لذلك لم يكن أمام إيران إلا الموافقة، والانصياع للأوامر الدولية.<BR>فهل تسعى إيران لكسب المزيد من الوقت ؟ <BR>وهل ستستمر الأوقات السعيدة بين إيران والدول الغربية مدة طويلة ؟<BR>هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.<BR><BR><BR><BR><br>