مجلة "هاي": الترويج للثقافة الأمريكية بين العرب
19 ذو القعدة 1424

قبل أن تفتح يديك صفحات مجلة "هاي" تستطيع أن تحكم على مضمونها، فليس من الصعب أن نقرأ المضمون في شكل مجلة صممت من أولها إلى آخرها من أجل الترويج للثقافة الأمريكية.<BR><BR>وهذا ليس غريباً، إذ إن مجلة "هاي" يصدرها مكتب الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية الأمريكية، وهو القسم المسؤول عن الترويج ليس فقط للثقافة الأمريكية، بل لكل شيء أمريكي بدءاً من السياسة وانتهاءً بالألعاب والهوايات والأطعمة..<BR>وعلى الرغم من أن المجلة لم تحظَ بشعبية واسعة بين العرب، إلى أن الوزارة تأمل بأن تستحوذ على أكبر قدر ممكن من الجمهور العربي من أجل اصطياد الجميع، وإخضاعهم لـ"الحلم الأمريكي".<BR>في عينة عشوائية انتقاها موقع "المسلم" لإجراء دراسة "تحليل مضمون" عليها نشرت صورة "العلم الأمريكي" في خمسة أماكن من المجلة، احتلت منها صورتان غلاف المجلة.</br>وتركز مختلف الوسائل الإعلامية الأمريكية على نشر صورة العلم الأمريكي كرمز مصاحب لكل ما تود الترويج له من أفكار وثقافات وعادات؛ لذلك فإن المجلة تركز هي الأخرى على هذه النقطة، وتحاول إبراز صورة العلم في كل فرصة تراها سانحة..</br>العدد الذي تمت دراسته هو عدد شهر أكتوبر 2003، والذي احتوى على 72 صفحة، فضلاً عن الغلاف..</br>وشكلت المواد الصحفية والإعلامية في المجلة النسب التالية:</br><p align="center"><img border="0" src="http://www.almoslim.net/images/High_Magazen_usa_2004.jpg" width="458" height="99"></p></br><font color="#0000FF"> التحقيقات: </font></br>من الجدول السابق، يلاحظ أن المجلة تركز في الدرجة الأولى على التحقيقات كمادة إعلامية، والتحقيق الإعلامي كما هو معلوم من أهم فنون العمل الصحفي، إذ هو يبنى بشكل أساسي على آراء الناس من العامة أو من المختصين، فإن المجلة استغلت هذه النقطة من أجل عرض آراء أكبر عدد ممكن من الناس لخدمة الأهداف التي تطمح إليها، وهو الترويج للثقافة الأمريكية بالدرجة الأولى..</br></br>أحد التحقيقات جاء بعنوان "سرعة وشهرة"، وكان هو موضوع الغلاف، عرض لإحدى الرياضات الغربية عبر بطل أمريكي (بالطبع)..<BR>جاء التحقيق في 6 صفحات مع العديد من الصور التي رافقها وجود العلم الأمريكي على سيارة وخوذة، والذي تحدَّث بشكل موسّع عن رياضة سباق السيارات عبر السباقات والمنافسين الأمريكيين بالتحديد، وعن مدى انتشار هذه الرياضة في الولايات المتحدة.<BR>فيما تكلم تحقيق آخر عن الشراء والبيع عبر الإنترنت من خلال عرضه لموقع أمريكي يقوم بهذه العمليات التجارية في الشبكة العالمية.<BR>التحقيق تكلم بشيء من التفصيل عن هذا الموقع، عارضاً له من عدة جوانب وبدا كأنه "تحقيق إعلاني" يخدم موقعاً أمريكياً خاصاً.<BR><BR>وعرض التحقيق الثالث في مجموعة التحقيقات التي تناولتها المجلة عن الاختبارات الخاصة بدخول الشباب الأجانب إلى الجامعات الأمريكية.<BR>وفيه يشير الكاتب إلى إجراءات دخول الجامعات الأمريكية لمتابعة التحصيل العلمي والنصائح الخاصة لتقديم "طلب" وطرق الالتحاق بالجامعات والحصول على "فيزا" والكتب والنجاح في الاختبارات الطويلة والصعبة... وغيرها.<BR><BR><font color="#0000FF"> المنوعات: </font><BR>شكلت المنوعات مادة هامة في المجلة، حيث جاءت في 21% منه عبرعدة أبواب تساهم بشكل مباشر في عرض الثقافة الأمريكية وجذب اهتمام الناس لما يوجد في أمريكا، وإذا كان العديد من الناس يجدون صعوبة في معرفة أمريكا بسبب اللغة الإنكليزية، فإن المجلة حرصت على تقديم هذه المعلومات عبر اللغة العربية وعبر لغة (الصور) التي لن تحتاج إلى ترجمة.<BR><BR>.. من بين المواد المنوعة 6 صفحات كاملة جاءت تحت عنوان "لحظات أمريكية"، وهي عرض لصور كبيرة مع تعليق بسيط جداً عليها، يتناول أكبر قدر ممكن من اهتمامات الناس وهواياتهم، فمن رياضة كرة السلة إلى الغولف والسباحة والاستلقاء على شاطئ البحر ومشاهدة الغروب وقضاء أوقات في مدينة الملاهي وصيد السمك.<BR><BR>وإذا كانت الصورة تعد في (العرف الإعلامي) مغنية عن 1000 كلمة، فإن المجلة رصدت هذه المادة من أجل محاولة جذب أكبر عدد ممكن من الناس في إضفاء نوع من التواصل والإغراء للمتلقين مع تلك الأماكن التي تعرض لها الصورة، حيث كل المناظر مأخوذة تحديداً من أمريكا.<BR><BR>إحدى المواد الأخرى في قسم المنوعات جاءت تحت عنوان "أخبار وطرائف"، والتي تتكلم بإسهاب عن أماكن أو معلومات أو عادات وتقاليد أمريكية 100%، في محاولة لكسب اهتمام الناس عبر مواد خفيفة، وتقديم تلك الأفكار الأمريكية بقوالب منوعة وقصيرة.<BR>كما تضم هذه المادة باباً خاصاً بعنوان "أسئلة لأمريكا" تجيب فيها المجلة عن أي تساؤل خاص بالمعلومات حول أمريكا مثلاً تاريخها أو الدراسة فيها أو الكتب التي تتحدث عن حقبة معينة فيها... إلخ.<BR><BR>بالإضافة لذلك فإن المجلة قد رصدت باب "وجوه" في إبراز الجوانب الهامة العلمية والفنية والثقافية لشخصيات تعيش في أمريكا، إما من المواطنين الأمريكيين أو من الأجانب الذين يعيشون ويعملون فيها.<BR>ومن خلال ملاحظة كثرة الاهتمام بإبراز جوانب حياة وأفكار الأجانب الذين يعيشون في أمريكا فإن المجلة تسعى لإيجاد قاعدة عريضة بين الناس يصبح السفر إلى أمريكا حلماً كبيراً يراود مخيلتهم ويوجد لها تصوراً براقاً للحياة فيها، ما يؤدي إلى تقبل أي شيء صادر عنها أو خاص بها.<BR><BR><font color="#0000FF"> المواد الطبية والعلمية: </font><BR>عالج الموضوع الرئيس في المادة الطبية التي جاءت في المجلة مشكلة صحية عامة، إلا أنها تتركز بشكل رئيس في الولايات المتحدة، وجاءت مقدمة التحقيق الخاص بمرض السمنة، لتقول: "السمنة تصيب قطاعات واسعة من أفراد المجتمع الأمريكي"..<BR>وتابعت: "ثمة مشكلة تؤرقنا نحن الأمريكيين: إننا نزداد سمنة باستمرار".<BR><BR>على الرغم من أن المجلة موجهة إلى العرب بشكل خاص، إلا أن الملاحظة العامة التي تتسم بها المجلة هي معالجتها للقضايا والمشاكل الأمريكية، بعيداً عن المشاكل العربية، وذلك ليس نقصاً في التخطيط وقلة في الخبرة الإعلامية أو عدم المقدرة على التعاطي مع المشاكل التي تهم العرب والمجتمعات المسلمة، بل هي خطة نحو إقحام الحياة الأمريكية والمشاكل والاهتمامات والأفكار المحيطة بها في أذهان العرب؛ لخلق جو من التواصل بين الفكر العربي والحياة الأمريكية.<BR><BR>وهذا ما ينطبق أيضاً على المادة العلمية التي لم تعرض لأي قضية أخرى أوروبية أو يابانية أو عالمية، بل جاءت بشكل خاص لعرض الاختراعات والأفكار الأمريكية..<BR>وحتى عندما تحدث تقرير عن الموسيقى الرقمية عبر شبكة الإنترنت فإنه تحدث من خلال المنطق الأمريكي، وذلك عبر الإشارة إلى المواقع الأمريكية وعرض آراء المحامين الأمريكيين في الشركات التكنولوجية حول حقوق نشر وبث التسجيلات الصوتية.<BR><BR>كما جاء ذلك أيضاً في المادة الخاصة بالعلوم الطبية التي تناولت الفحوصات الجينية من خلال عرض قصة امرأة أمريكية عانت من مشكلات صحية تمت معرفتها عبر التحليل الطبي للشيفرة الوراثية لها في مراكز بحثية وطبية أمريكية.<BR>ثم عرضت المجلة لبعض أكثر الأمراض الوراثية انتشاراً في أمريكا.<BR><BR><font color="#0000FF"> المواد الاجتماعية: </font><BR>بالطبع فإن المجلة لن تنسى أن تخصص قسماً خاصاً بالعلاقات الاجتماعية بين الناس، وبالتأكيد فإن القسم الخاص بالعلاقة بين الشاب والفتاة ستأخذ حيزاً ثابتاً..<BR>وتعرض المجلة من خلال باب ثابت بعنوان "أنت والآخرون" العلاقات الثنائية بين الناس.. إلا أنها لم تعرض هذه العلاقة من حيث علاقة الشاب مع الشبان الآخرين أو الفتيات فيما بينهن، فالآخرون هنا هم تحديداً "الجنس الآخر".<BR><BR>"أنت والآخرون" جاءت في هذا العدد بموضوع حمل عنوان "حب بلا حدود" يروّج لإنشاء العلاقات بين الشبان والفتيات عبر الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة من إنترنت وجوال..<BR>مع عرض لقصص بعض الأمريكيين الذين نجحوا في إنشاء علاقات عبر الإنترنت، كما تم عرض قصص عرب يعيشون في أمريكا، مع بعض النصائح الخاصة لتطوير هذه العلاقات والنجاح فيها!!<BR><BR>.. كما جاءت مادة اجتماعية أخرى لتتحدث عن الأعمال تحت باب "مهن وأعمال" رصدتها المجلة للحديث عن "العمل من المنزل".<BR>تقول المجلة: إن نحو 20 مليون أمريكي وأمريكية يعملون من منازلهم (حسب إحصائيات وزارة العمل)، مشيرةً إلى استخدام الإنترنت والهواتف في متابعة الأعمال وإنهائها في المنازل.<BR>كما تعرض المجلة للعديد من النقاط التي تمكن الأمريكيين من ممارسة عملهم بشكل كامل من المنزل.<BR><BR><font color="#0000FF"> المواد الفنية والثقافية: </font><BR>كون المجلة لا تعد متخصصة في أي شأن من الشؤون العامة؛ لذلك فقد جاءت لتشمل معظم النواحي الإعلامية.<BR><BR>وقد خصصت المجلة باباً خاصاً بالفن والأدب تحدثت فيه عن "الغرافيك بين الغائر والنافر" كفن من فنون الحفر والنقش مع عرض للوحات ونقوش خاصة بفنانين أمريكيين وبعض الفنانين العرب، كما عرضت معلومات حول المشاهير منهم.<BR>بالإضافة إلى ذلك فقد احتوت المادة الأدبية على قصيدة شعرية مترجمة لشاعر أمريكي.<BR><BR>فيما خصصت قسم "الموسيقى والسينما" لعرض تقنية الـ"دي جي" في الموسيقى الحديثة.<BR>وتكلمت المجلة عن تاريخ الموسيقى الأمريكية والاختراعات التقنية الخاصة بها، والتي أحدثت ثورة(...) في هذا المجال، وصولاً إلى أغاني "الهب هوب" التي يفتخر بها الأمريكيون، على الرغم من أنها تعد الأغاني الخاصة بأبناء الشوارع في أمريكا.<BR>وأشارت المادة "الفنية" إلى أن الأمريكيين قاموا بشراء ما قيمته 116 مليون دولار من معدات الـ"دي جي" الموسيقة، مشيرة بشكل واضح إلى أن الـ"دي جي" قد حول الأغاني العربية إلى موسيقى أجنبية..<BR><BR><font color="#0000FF"> الزوايا والإعلانات: </font><BR>يوجد في المجلة زاوية واحدة تحت عنوان "قصتي"، وقد أفردتها المجلة في عددها بشهر أكتوبر لإحدى النساء اللاتي نشأن في المملكة العربية السعودية، ثم عادت لتعيش في أمريكا، وعلى الرغم من أن الكاتبة تحدثت عن "تجربة رائعة في السعودية" إلا أنها شملت القصة بما يدور في أمريكا كرمز لحياة جميلة ومختلفة، من خلال ما بدأت تلمسه وتعيشه في بيتها الأم، مع بعض التفاصيل الصغيرة حول الثلج والموسيقى والرياضة.<BR><BR>أما الإعلانات، والتي شكلت نسبة 14% من المجلة، فقد احتلت فيها الإعلانات العربية نسبة 20% والأجنبية 80%.<BR><BR>تبدو محاولات المجلة واضحة بشكل جاد فيما يتعلق بخلق جو من التواصل الفكري بين العرب والأمريكيين، وإذا صحت العبارة، فإن المجلة تقوم بدور كبير في تصدير الثقافة الأمريكية للشعوب العربية؛ محاولةً الاستفادة من معظم الوسائل التي تتيحها المجلة كوسيلة إعلامية لخلق تواصل معها.. مع ملاحظة أن كثيراً من المواد الصحفية في المجلة خصصت زاوية صغيرة لنشر أسئلة استطلاعية هدفها الحصول على توجهات وآراء القراء والاستفادة منها فيما بعد لتحديد رغباتهم وميولهم، ووضعها ضمن الخطط الخاصة بانتشار المجلة.<BR><br>