تقرير من العراق : صور المعاناة تحت الاحتلال
20 ذو القعدة 1424

تتصاعد حدة الخوف والقلق لدى المواطن العراقي في ظل ظروف الاحتلال الأمريكي المرعب والمدمر، حيث فقد فيه الأمن والاستقرار وغاب النظام والقانون ، واستباحت الدوريات الأمريكية المدرعة حرمات المساجد والبيوت والشوارع ، التي لا يسمع فيها إلا أزيز الرصاص ، ودوي القنابل والانفجارات، بينما تجوب الطائرات المقاتلة والعمودية سماء البلاد طيلة ساعات الليل والنهار، وباتت الحياة لا تطاق بسبب الفوضى العارمة وكثرة الأزمات والمشاكل التي تثقل كاهل المواطنين حتى أصبح التذمر والشكوى سمة مشتركة بين الجميع إلى الحد الذي باتوا يترحمون فيه على أيام النظام السابق ؛ لأنه كان يوفر لهم الأمان والاستقرار والعمل <BR>وترتسم الحيرة والتردد على وجه أي مواطن عراقي وهو يتجه إلى عمله صبيحة كل يوم ، فهو لا يدري ما إذا كان سيعود سالماً إلى عائلته أم لا ، فالقنابل مزروعة في كل مكان، وقصف عشوائي تقوم به الدوريات الأمريكية ضد المواطنين الأبرياء بمجرد انطلاق رصاصة باتجاههم ؛ لأن هذه القوات تعيش في حالة من الفزع والرعب جراء تصاعد عمليات المقاومة الوطنية ضدهم .. زحام السيارات في جميع مفاصل الطرق والساحات والجسور أصبح يعيق عمل هذه الدوريات .. لذلك فإنهم يلجؤون دائما إلى استخدام القوة في تفريق مئات السيارات المحشورة في كل مفصل من هذه المفاصل وبالتهديد بإطلاق العيارات النارية ، وفي أحيان أخرى تقوم المدرعات والدبابات بالانقضاض على السيارات والاصطدام بها ليخلو لها الطريق من أجل مواصلة سيرها حيث تشاء، وقد تكرر ذلك في الكثير من شوارع بغداد. <BR><BR><font color="#0000FF"> قتل .. وسـلب </font><BR>من جانب آخر تتفاقم جرائم القتل والسلب بصورة واسعة ، كما استشرت في المجتمع العراقي منذ أشهر ظاهرة غريبة لم تكن مألوفة قبل سقوط نظام صدام ، تمثلت في اختطاف الأشخاص المعروفين من رجال الأعمال وذوي الأملاك والأموال من التجار والصناعيين وأولادهم من قبل عصابات منظمة تمارس الخطف مقابل فدية قد تصل في بعض الأحيان إلى مئات الآلاف من الدولارات، ويتم ذلك في ظل ظروف أمنية متدهورة ، وغياب تام للسلطة وقوات الأمن والشرطة . <BR>كما أصبحت سرقة السيارات ظاهرة شائعة هي الأخرى تشهدها شوارع بغداد بشكل واسع في وضح النهار ، وعلى مرأى ومسمع من القوات الأمريكية المحتلة التي غالباً ما تتجاهل ذلك بدعوى انشغالها بأمن قواتها وقلقها الدائم من هجمات أفراد المقاومة العراقية. <BR>أما رجال الشرطة والمرور الذين كثيراً ما يتعرضون لانتقادات شديدة في الشارع العراقي، حيث يتهمهم البعض بالخيانة جراء تعاونهم مع قوات الاحتلال ، فإنهم لا يمتلكون " الشرعية " لأداء واجباتهم ، فهم مجرد رموز تحاول فرض أوامرها وتطبيق القانون دون أن يمتثل لها أحد ، وأصبحت لا تحمي إلا نفسها خوفاً من غضب الناس. <BR>وقد تحدث مقدم الشرطة " محمد عبد الله العمر " من شرطة بغداد لمراسل " المسلم " عن سوء الأوضاع الأمنية ، فأكد أن الجريمة أصبحت في تزايد مستمر؛لأن معظم شرائح الشعب تعاني البطالة والفقر المدقع ، فلجأ البعض إلى العنف في كسب قوتهم ، وارتفع معدل السرقات والسلب والنهب إلى مرحلة لا يمكن معها وضع أي مقياس " أمني " للحد منها ، فبات المواطن لا يأمن على حياته أو حياة عائلته ؛ لأنه يتعرض باستمرار إلى سلب ما لديه من أموال أو سرقة سيارته الخاصة ، وتعرضه للقتل في حالة رفضه الخضوع لإرادة المجرمين. <BR>إلى جانب تفشي وانتشار المخدرات والمشروبات الكحولية وحبوب الهلوسة، ويشكل انتشار بيع الخمور وموائد القمار على الأرصفة في الشوارع العامة وفي مداخل الأسواق ظاهرة لم تكن مسبوقة قبل الحرب الأخيرة التي أدت إلى احتلال العراق ، حيث كانت محال بيع الخمور محصورة في أماكن محدودة ، ويشترط أن تقترن بموافقة وزارة الداخلية ، ولا تمنح إلا لمن هو من غير المسلمين ، أما اليوم فإن المناطق الشعبية في بغداد كالبياع وبغداد الجديدة ومدينة الثورة والباب الشرقي تزدحم بالبائعين من الشباب المسلمين الذين يتذرع البعض منهم بأنه اضطر إلى ذلك بسبب البطالة أو التسريح من الجيش بعد الاحتلال الأمريكي . <BR>كما تنتشر في أسواق بغداد وبقية المحافظات العراقية مئات الأنواع من الأغذية الفاسدة والبضائع " الإسرائيلية "، والتي يحمل بعضها ماركات لشركات تركية وقبرصية ، وهي لا تصلح للاستهلاك البشري ، بل ويسبب الكثير منها أمراضاً حذرت دائرة الرقابة الصحية من تداولها دون جدوى ، فهي تنتشر وتباع بشكل واسع وبأسعار رخيصة جداً رغم ما تخلفه من آثار سلبية ومرضية كالتسمم والعقم والموت أحياناً. <BR><BR><font color="#0000FF"> الذل .. والمهانة </font><BR>لعل أهم وأقسى ما يعانيه العراقيون في ظل الاحتلال هو الشعور بالمهانة والذل وهم يرون جنود الاحتلال وآلياته تجوب شوارعهم كل يوم ، ويعتقد معظم الناس في العراق أن السكوت على هذا الاحتلال هو أمر مخالف لمعتقداتهم الدينية والإنسانية . <BR>ولم يعد العراقيون يصدقون الادعاء الأمريكي الذي يزعم بأن قوات التحالف جاءت لتحرير العراق وليس احتلاله ، وخاصة عندما راح المحتل يكشف عن وجهه الحقيقي من خلال تدمير منشآت البلد وقتل أبنائه واقتحام البيوت وترويع الأطفال والنساء، وحرق المزارع وتجريفها ـ على الطريقة الإسرائيلية، وخاصة في الرمادي والفلوجة والخالدية وديالى ، وإعلانه الصريح عن الرغبة في البقاء الدائم في العراق من خلال بناء القواعد العسكرية الثابتة، وفرضه للعملاء والأذناب الذين يأتمرون بأوامره في مراكز الحكم والقرار، والعمل على طمس معالم الحضارة العربية والإسلامية، وتشجيع الحركات العنصرية والطائفية المعادية لتاريخ العرب والمسلمين ، وفتح الأبواب مشرعة أمام الشركات والمنظمات الصهيونية للتغلغل في مفاصل الحياة العراقية، ومن هنا فإن تصاعد عمليات المقاومة ماهي إلا تعبير عن رفض شعب العراق لهذا الاحتلال البغيض . <BR><BR><font color="#0000FF"> مدينة الحواجز .. والأسلاك الشائكة </font><BR>بعد أن كانت بغداد مدينة العلم والعلماء ، وحاضرة الشعر والشعراء تزهو بحدائقها الغناء وشوارعها المضاءة حتى الفجر ، أضحت اليوم وفي ظل الاحتلال الأمريكي ، مدينة خراب شعثاء ، يعلوها غبار المجنزرات الأمريكية وتكتظ شوارعها بالحواجز الترابية والأسلاك الشائكة والبراميل المملوءة بالإسمنت بصورة لا مثيل لها في كل بلدان العالم وأصبح التفتيش في الشوارع وأمام الدوائر والمؤسسات أمراً قسرياً، حيث يصطف العشرات من زوار الفنادق والمصارف والمباني الرسمية في طوابير ممتدة تخضع للتفتيش الدقيق ، يشعرون خلالها بالضجر والمهانة، ويعانون من التأخير الممل بسبب الاختناقات المرورية الحادة التي تضيق بها شوارع العاصمة مما خلق حالة من السخط والكراهية للاحتلال ، وللممارسات التي يفرضها بدعوى البحث عن السيارات المفخخة التي تمت سرقتها من د وائر الدولة أو المواطنين ، والتي تقدر بعشرات الآف، وقد تم تهريبها إلى خارج العراق عن طريق المنطقة الشمالية. <BR><BR><font color="#0000FF"> البطالة .. والتسريح </font><BR>تعاظمت مشكلة انتشار البطالة في العراق إلى الدرجة التي أصبحت فيها الشغل الشاغل لجميع العراقيين ، وتركت نتائجها الخطيرة آثاراً واضحة على بنية المجتمع العراقي ، وتسببت في تهديم الكثير من المعايير والقيم الأخلاقية والتربوية في ظل الاحتلال الذي كان سبباً مباشراً في إشاعة ذلك الخراب من خلال إلغاء العديد من الوزارات المهمة كوزارة الدفاع، وتسريح مئات الآف من الجنود والضباط ، وحل دوائر الأمن والمخابرات والاستخبارات ووزارة الأعلام والتصنيع العسكري ، وطرد عشرات الآف من موظفي الدوائر الأخرى، حتى زاد العدد على مليون شخص أصبحوا مشردين يعانون من الجوع والحرمان والخوف من المجهول الذي ينتظر مصير عوائلهم ،بينما الإدارة الأمريكية ما زالت ترفض تخصيص رواتب لهم ، بل وترفض إحالتهم على التقاعد ، وأن ما تعطيه لهم هو عبارة عن " منحة طوارئ" لا تكفي لسد احتياجاتهم لبضعة أيام فقط. <BR>لقد تسبب حل هذه الدوائر وتسريح مئات الآف من موظفيها دون مصدر عيش بخلق الكثير من العلل الاجتماعية، منها: لجوء البعض إلى الانحراف أو السرقة أو السقوط الأخلاقي ، وهي إفرازات بدأت تطفو على سطح المجتمع العراقي في ظل ممارسات الاحتلال وطغيانه. <BR>يقول السيد عبدالغفور مراد إبراهيم (مستشار سابق في وزارة الإعلام) عن هذه الظاهرة : لقد لجأ الكثير من الإعلاميين والعسكريين إلى امتهان بعض الأعمال التي لا تليق بهم إطلاقا فأصبحوا باعة للسجائر وبعض أنواع الأطعمة ولعب الأطفال؛ لأن عوائلهم بأمس الحاجة إلى رواتبهم التي حجبتها قوات الاحتلال ، فهم مضطرون إلى ممارسة أي عمل من أجل توفير قوت يومهم ، فالحصة التموينية التي تمنح لهم لا تكفي إضافة إلى رداءة النوعية من الأرز والسمن " الزيوت " تحت ذريعة أن مخازن الدولة ووزارة التجارة قد نهبت في الأيام الأولى لسقوط بغداد <BR>أما شريحة المتقاعدين فلم يتقاضوا رواتبهم منذ احتلال العراق حتى اليوم. <BR>وإنما حصلوا على منحة طوارىئ أيضاً، ومعروف وضع المتقاعدين وما يعانونه من أمراض أوظروف صعبة بسبب كبر السن ، فهل يعقل أن تحجب رواتبهم لمدة تصل إلى " 10 " أشهر ؟ <BR>وفي حين يزعم الأمريكان أن خزينة العراق خاوية فإنهم يتقاضون منها أعلى الرواتب كما يتقاضى أعضاء مجلس الحكم الانتقالي رواتب شهرية عالية جداً وبالملايين. <BR><BR><font color="#0000FF"> أزمات دائمـة </font><BR>قال أحد أئمة الجوامع مرة في خطبة الجمعة : إننا في العراق نخشى أن تحسدنا شعوب الشرق الأوسط على النعيم الذي نعيشه في ظل الاحتلال الأمريكي البريطاني .. فلا كهرباء ولا ماء ولا بنزين ولا أمان ولا وظائف ، بل وحتى النفط الذي يعد العراق أحد أكبر منتجيه في العالم ، بات يباع في الأسواق السوداء وبعشرات أضعاف سعره رغم حلول فصل الشتاء وبرودة المناخ .. فهل هناك نعيم أحسن من هذا ؟ <BR>وهكذا فإن ظاهرة تهريب النفط العراقي ومشتقاته كالبنزين والجاز تفاقمت بشكل خطير عبر الحدود المجاورة للعراق، مما تسبب في خلق أزمة محلية تجلت في وقوف طوابير المركبات المنتظرة لساعات طويلة في محطات تعبئة الوقود واضطرار البعض إلى المبيت ليلة كاملة في سيارته ليحصل على البنزين في اليوم الثاني ،في بلد يمتلك ثاني أكبر احتياطي في العالم ، وقد اتسعت ظاهرة بيع البنزين في السوق السوداء إذ يقف العشرات من الشبان على امتداد الشوارع الرئيسة في بغداد لبيع البنزين في عبوات بلاستيكية بأضعاف سعرها الرسمي . <BR>أما النفط الأبيض المستخدم في تدفئة المنازل فقد اختفى منذ بداية شهر كانون الأول الماضي ، رغم الانخفاض الشديد في درجات الحرارة ، وقد تضاعف سعره في السوق السوداء إلى ما يزيد من " 80 " ضعفاً، مما أدى إلى توقف المخابز والأفران تماماً عن استخدامه، وقد دفع ذلك الأفران إلى استخدام الحطب وقطع الأشجار.. <BR>أما الغاز فقد شح هو الآخر، وارتفع سعر القنينة الواحدة من 250 دينار إلى 5000 دينار .. الأمر الذي دعا الكثير من الأسر العراقية إلى الإحجام عن شرائه، خاصة الفقيرة منها والتي تعاني من البطالة والفاقة. <BR>كما ارتفع سعر الكاز إلى عشرات الأضعاف بسبب الإقبال على استخدامه في المولدات الكهربائية نظراً للانقطاع المستمر للتيار الكهربائي الذي يشكل هو الآخر أزمة حادة ، حيث يخيم الظلام على بغداد والمحافظات كل يوم ليغمر معظم الأحياء والمدن لساعات طويلة، و تزداد معاناة العراقيين ولا سيما المرضى والأطفال وطلاب المدارس الذين يتعذر عليهم مراجعة دروسهم حتى في الامتحانات بسبب عدم وجود الكهرباء ولجوئهم إلى استخدام القناديل الزيتية أو مايسمى محلياً "اللالة".. <BR><BR><font color="#0000FF"> غلاء المواد الغذائية </font><BR>لا يكاد بيت عراقي يخلو من الحديث عن ارتفاع الأسعار، وخاصة أسعار المواد الغذائية، حيث لم تقتصر عملية التهريب على الوقود، وإنما تعدتها إلى تهريب الأغنام والخضروات التي تعد المادة الرئيسة للعائلة العراقية في غذائها اليومي، مما تسبب في ارتفاع أسعارها بشكل فاحش إلى 750 دينار، وكيلو اللحم إلى 7000 الآف دينار بعد أن كان 2000 دينار بعد الحرب . <BR>يقول أحد تجار الأغنام :" نبيع الأغنام إلى دول الجوار بأسعار مضاعفة وبالعملة الصعبة ، وهم يقبلون على شرائها لمعرفتهم بجودة الأغنام العراقية ، وأن لحومها متميزة بسبب اعتمادها على الأعلاف الطبيعية مما تسبب في ارتفاع أسعارها بالداخل". <BR><BR><font color="#0000FF"> انتشار الأوبئة والأمراض </font><BR>تردت الأوضاع الصحية في العراق منذ سقوط بغداد بصورة لم تشهدها البلاد حتى في أقسى ظروف الحصار الذي امتد لاثني عشر عاماً ، وأصبح انتشار الأوبئة والأمراض، وخاصة السرطانية، وفيروس الكبد، والالتهاب الرئوي لدى الأطفال أمراً يهدد بكارثة صحية حذرت الكثير من الدوائر الصحية والشخصيات الطبية في العالم من خطورة نتائجها، وقد تزايد عدد الأمهات اللواتي يتوفين أثناء الحمل والولادة في العراق ثلاثة أمثال ما كان عليه في عام 1990م .. جاء ذلك في تقرير عن صندوق الأمم المتحدة، ونشر في الصحف العراقية قبل شهر، وقال التقرير: بأن النزيف والحمل خارج الرحم وساعات المخاض الطويلة من أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات الوفيات من 117 من كل مئة ألف حالة ..عام 1989م إلى 310 لنفس العدد في العام الماضي ، ويرجع التقرير الأسباب التي أدت إلى ذلك إلى عدم وجود رعاية طبية بسبب تردي الأوضاع الأمنية، وعدم وجود المواصلات إلى المستشفيات، كما أن معظم النساء يلدن في بيوتهن دون مساعدة شخص له خبرة في هذا المجال .. <BR>وقالت الدكتورة سمية أحمد الشماع ( مديرة مستشفى الولادة في المنصور) : إن التقرير قد لا يكون دقيقاً؛ لأنني أعرف أن نسبة الوفيات فاقت ما أورده التقرير ، وخاصة في المحافظات حيث تنعدم الخدمات الصحية بسبب الظروف الأمنية المعقدة ، ولا عجب إذا ما علمنا أن المستشفيات نفسها تفتقد إلى أبسط مستلزمات الرعاية الصحية والمعدات والأدوية اللازمة ، كما أن غياب الأمن مازال عائقا يؤثر على أداء الأطباء، ويحول دون وصول الحوامل إلى المستشفيات . <BR>وقد أدى النقص الحاد في الأدوية لدى المستشفيات والصيدليات إلى تفشي الأمراض الأخرى بين الكبار والصغار حتى اضطر البعض <BR>إلى استيراد بعض الأنواع من الأدوية على حسابه الخاص أو اللجوء إلى شرائه بأسعار خيالية إذا توافرت في الأسواق المحلية .. أما الفقراء فليس لهم سوى رحمة الباري _عز وجل_ ؛ لأنهم لا يقوون على مجاراة الارتفاع الهائل في أسعار تلك الأدوية ، ولقد بات هذا الأمر مشكلة تعاني منها الأسرة العراقية، حيث لا قبل لها بدفع أجور الفحص أو العلاج ليس في العيادات الخاصة أو الأهلية فحسب، بل وحتى الرسمية التي بدأت هي الأخرى تتفنن في اختلاق مبررات هذا الارتفاع. <BR><BR><font color="#0000FF"> المساجد ورجال الدين </font><BR>وإزاء ذلك التردي في الأوضاع الصحية بادر العديد من أئمة المساجد والجوامع في بغداد وعدد من المحافظات إلى فتح عيادات شعبية داخل تلك المساجد والتعاون مع عدد من الأطباء والطبيبات من المؤمنين المتطوعين لرعاية ومعالجة إخوانهم من الفقراء والمتعففين وتقديم الأدوية مجاناً، وقد تبنت ذلك العديد من الهيئات والجمعيات الدينية، وخاصة هيئة علماء المسلمين السنة في بغداد، <BR>حيث نظم جامع " عمر بن الخطاب في حي الإعلام مؤخراً حملة لجمع الصدقات والزكاة للمعوزين والمحتاجين، وتقديم العون المادي لعشرات العوائل المتعففة . <BR>ويقول الشيخ " عبد الباقي محمود (إمام جامع القدوس في بغداد) : <BR>كان للمساجد والجوامع دور كبير في توفير أنواع من الأدوية والمساعدات الإنسانية التي تقوم بعض الجمعيات الخيرية الإسلامية والدولية بإرسالها إلى العراق ، لكن هذه المساعدات أصبحت لا تكفي نتيجة انتشار الأمراض بسبب تراكم النفايات في الشوارع والأماكن العامة الأخرى وتلوث البيئة بالمواد المشعة والسامة، والتي تصل إلى الإنسان عن طريق التربة أو المياه أو الهواء ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية في السوق السوداء ورداءة نوعيتها، وانتهاء صلاحيتها العلاجية ، وقد قام الكثير من ذوي النفوس المريضة ببيع مثل هذه الأدوية في أماكن خاصة وعلى أرصفة الشوارع بشكل عشوائي، مما أدى إلى إصابة الكثير من المواطنين بأضرار بليغة وأمراض خطيرة، وبشكل خاص النساء الحوامل والأطفال الرضع.<BR><br>