أمريكا وعملاؤها في أفغانستان..صراع السياسة والسلاح
9 محرم 1425

في الوقت الذي تقوم فيه القوات الأمريكية والباكستانية بإجراء العمليات العسكرية المكثفة ضد حركة طالبان و(تنظيم القاعدة) على كلا جانبي الحدود بين أفغانستان وباكستان، تسعى الحكومة الأفغانية العميلة للإسراع في ملء الفراغات السياسية التي أحدثها إزاحة حركة طالبان عن حكم دولة أفغانستان، مستفيدة من حاجة الرئيس القادم لمزيد من الأصوات والجماعات المساندة للفوز في الانتخابات، وكذلك من أجل ضمان الأمن بعد نهاية الانتخابات.<BR> <BR><font color="#0000FF"> ملء الفراغ السياسي: </font><BR>على الصعيد السياسي كشف حامد كرزاي (الرئيس الأفغاني المؤقت الموالي للاحتلال الأمريكي) الأسبوع الماضي عن اجتماع له مع وكيل أحمد متوكل (أحد زعماء طالبان السابق)، والذي كان يشغل منصب وزير الخارجية في نظام الملا عمر.<BR>وقال كرزاي: " إن متوكل قد كتب له خطاباً لطيفاً، وأنه كان يؤيد المحادثات الثنائية مع الحكومة حول دمج مؤيدي طالبان السابقين مع الحكومة الجديدة".<BR>ويعيش متوكل الآن في منزل مريح في مدينة قندهار تحت الحماية الأمريكية بعد أن أطلق سراحه منذ عدة أشهر!!<BR>ويتبع له عدد من مؤيدي طالبان السابقين، والذين يمكن أن يدخلوا في المرحلة المقبلة مع الحكومة الجديدة تحت قيادة زعيمهم متوكل.<BR> <BR>مصادر أفغانية مسؤولة أكدت أيضاً أن قندهار شهدت اجتماعا هاماً آخر خلال المدة الماضية، برئاسة حاكم المدينة يوسف باشتين.<BR>وناقش الاجتماع إمكانية إعطاء مدينة قندهار دوراً أكبر في الدولة الأفغانية الجديدة.<BR>وكانت هذه الفكرة قد طرحها من قبل والد حامد كرزاي – الذي قتل من قبل مجاهدي طالبان عام 1998م – وتشمل الفكرة أن تكون قندهار هي عاصمة جميع أقاليم البشتون في أفغانستان والموجودة في جنوب وجنوب شرق البلاد.<BR>وعادت هذه الفكرة الآن من جديد لضمان وجود توازن قوى بين مناطق النفوذ الشمالية التي تضم العاصمة كابل، والتي يقل فيها البشتون، مع المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية الشرقية، حيث القبائل والأقاليم البشتونية.<BR> <BR>استطاع كرزاي الحصول على بعض الدعم من قبل أقاليم البشتون حتى الآن، ويمكن أن تثمر اجتماعات حاكم قندهار يوسف باشتين مع زعماء البشتون من جهة ومع الحكومة المؤقتة أو الجديدة من جهة أخرى على حصول البشتون على عاصمة إقليمية بشتونية لهم في قندهار.<BR>وتشير هذه التوجهات الحكومية الجديدة إلى هدف يرمي لاحتواء القبائل البشتونية وضمان ولائها وتعاطفها مع الحكومة العملية ووقف مساعدتها لحركة طالبان.<BR>إلا أن الغالبية من تلك القبائل، والزعامات تساند وبقوة حركة طالبان وغير مستعدة لأن تعقد صفقات حقيقية مع الحكومة المؤقتة ضد الملا عمر.<BR> <BR>وعلى الرغم من أن حامد كرزاي هو من البشتون، وكان والده زعيم قبيلة (بوبوالزاي) إلا أن معظم أعضاء حكومته العميلة في كابل من التحالف الشمالي غير البشتون، والذين وزعوا نحو 20 ألفاً من مؤيديهم في كابل وحصلوا على تسهيلات وسلطات واسعة في العاصمة ، وقاموا باستبدال اللغة البشتونية بالطاجيكية في السياسة والأعمال.<BR> <BR>ويتنامى في مناطق البشتون إحساس بعدم التوازن وبالظلم خصوصاً فيما يتعلق بتقاسم مراكز القوى في العاصمة كابل ، كما يوجد إحساس بالحرمان والتهميش السياسي لدى الكثيرين، وهو ما يزيد معاداتهم للحكومة العميلة.<BR>وتطمح هذه الحكومة لإرضاء البشتون عبر منحهم بعض السلطة والنفوذ في مدينة قندهار بالإضافة إلى الاستعانة بالقوات الأمريكية المحتلة في المنطقة لإيقاف أي حركة أو عمل ضد الحكومة!<BR> <BR>ويؤكد المحللون السياسيون بأن الولايات المتحدة تعقد آمالاً كبيرة على وكيل أحمد متوكل في أن يقوم بجمع عدد من أعضاء طالبان السابقين في خدمة الحكومة الجديدة، ولم تقم بالإفراج عنه إلا من أجل ذلك، خاصة وأنه قبل احتلال أفغانستان عام 2001 م اتهم بالتخادل وأنه سلّم نفسه للقوات الأمريكية حال دخولها إلى أفغانستان.<BR> <BR><font color="#0000FF"> الوضع السياسي وانتخابات الرئاسة: </font><BR> منذ احتلال أفغانستان وحتى الآن تجمع العديد من وسائل الإعلام بأن أفغانستان لم تكن بعيدة عن إقامة نظام سياسي ناجح كهذه المدة،<BR>فعلى الرغم من أن الانتخابات الرئاسية من المقرر لها أن تبدأ في يونيو القادم، إلا أن كرازاي يسعى خلال هذه المدة لتأجيلها بسبب الأوضاع السياسة والأمنية السيئة والمرشحة لمزيد من التدهور بسبب استمرار الاحتلال وأداء الحكومة الهزيل وتصارع قوى العرقيات المختلفة داخل الحكومة .<BR>كما أن طالبان لا تزال تسيطر على العديد من المناطق الأفغانية، في حين توجد مناطق نفوذ للقائد قلب الدين حكمتيار، ومناطق أخرى تحت نفوذ بعض القادة المناوئين للاحتلال فيما تبقى الحدود الأفغانية الباكستانية - رغم كثرة العمليات العسكرية – مناطق ساخنة ومليئة بالمخاطر وعدم الاستقرار.<BR> <BR><font color="#0000FF"> أسامة بن لادن: </font><BR> عندما زار (وزير الدفاع الأمريكي) رونالد رامسفيلد أفغانستان يوم الخميس الماضي، رأت بعض الأوساط الإعلامية أن هذه الزيارة قد يكون لها علاقة باعتقال محتمل لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن،<BR>وفي الوقت الذي أكدت فيه أمريكا بأنها لم تستطع حتى الآن اعتقال ابن لادن أو تحديد مناطق وجوده ، تراهن التقارير الإخبارية العالمية بأن الوضع الأمني سيبقى على هذه الحالة إلى أن يتم أحد أمرين: الأول أن يستطيع المجاهدون الأفغان إخراج القوات الأمريكية المحتلة من المنطقة،أو أن تعثر القوات الأمريكية أو الباكستانية على أسامة بن لادن والملا عمر وحكمتيار فتعتقلهم مع أن ذلك ليس كافياً لضمن توقف المقاومة.<BR>وفي وقت تصعب فيه التخمينات ، تبقى أفغانستان تحت وطأة الاحتلال والعمليات العسكرية المتكررة وانعدام الأمن في البلاد.<BR> <BR>أوردت الإذاعة الإيرانية الرسمية تقارير من خلال قسمها الخاص الذي يبث بلغة البشتون، والذي يغطي المناطق الأفغانية والباكستانية، تفيد بأن ابن لادن قد أسر من قبل القوات الباكستانية والأمريكية في منطقة الحدود المشتركة بين باكستان وأفغانستان منذ وقت طويل .<BR> <BR>مدير خدمة راديو إيران باللغة البشتونية (أشيك حسين) ادعى قائلاً: "إن تقارير لديه من مصادر موثوقة (من مراسله في منطقة الحدود) تفيد بأن ابن لادن رهن الاعتقال لدى القوات الأمريكية منذ وقت ليس بالقصير، وأن الرئيس الأمريكي جورج بوش أجّل الإعلان عن اعتقاله إلى ما قبل الانتخابات الرئاسية في فبراير المقبل" من أجل الاستفادة من إعلان ذلك في فوزه بولاية رئاسية جديدة".<BR>مضيفاً أن القوات العسكرية قامت بعملية عسكرية بعد تحديد المكان العام لابن لادن وتطويقه ، إلا أن المسؤولين الأمريكيين والباكستانيين أنكروا ذلك.<BR>وبرر التقرير زيارة وزير الدفاع الأمريكي ردونالد رامسفيلد إلى أفغانستان يوم الخميس الماضي بأنها كانت بخصوص اعتقال زعيم القاعدة.<BR> <BR>إلا أن لاري دي ريتا (المتحدث الرسمي باسم البنتاجون)، والذي سافر الأسبوع الماضي مع رامسفلد إلى أفغانستان أنكر تماماً هذه الأخبار، وقال: " ليس لدي أي سبب كي أعتقد أن (هذا التقرير) حقيقي".<BR>كما قال المقدم بريان هيلفرتي (المتحدّث باسم القوات العسكرية الأمريكية المحتلة في أفغانستان): " ليس لدي أي معلومات حول اعتقال ابن لادن"<BR> <BR>كما نفى (وزير الإعلام الباكستانيّ) شيخ رشيد أحمد قضية الاعتقال، وقال: "إن هذه الأنباء ليس لها أساس من الصحة".<BR>وأضاف " لم نقبض على أسامة وليس لدينا أية معلومات عنه".<BR> <BR>كما قال الجنرال شوكت سلطان (المتحدّث باسم الجيش الباكستاني أيضاً): إن التقرير ليس حقيقياً، وتلك المعلومات التي أوردها خاطئة".<BR> <BR><font color="#0000FF"> الحملة العسكرية الباكستانية: </font><BR> في المرحلة الأولى للعمليات العسكرية الأمريكية على الجانب الأفغاني للحدود المشتركة مع باكستان، وعمليات القوات الباكستانيّة على الجانب الآخر في المناطق القبلية في إقليم لوزيرستان الجنوبي ادعى المسؤولون الباكستانيون بأنهم ألقوا القبض على أكثر من 20 مقاتلاً عربياً، من بينهم مصريون وسعوديون ويمنيون.<BR>كما ادعت القوات الباكستانية بأنها استطاعت إجبار الكثير من مقاتلي طالبان العودة من أماكن تمركزهم في باكستان إلى ملاجئهم في أفغانستان، فيما تستمر العمليات العسكرية الأمريكية في الأقاليم الأفغانية كبكتيا وباكتيكا وخوست ووادي كنار.<BR> <BR>تركزت العمليات العسكرية الباكستانية في المناطق المتاخمة للحدود مع أفغانستان، وعلى الرغم من أن بعض المصادر الإعلامية توقعت أن تشهد الأسابيع القادمة تنامياً في حجم الأعمال العسكرية في المنطقة، أعلنت القوات الباكستانية أنها أنهت عملياتها على الحدود بعد أن حشدت الآلاف من المقاتلين الحكوميين المدعمين بالأسلحة الثقيلة.<BR>وجاء الإعلان متزامناً لإعلان آخر بإلقاء القبض على 20 مقاتلاً من تنظيم القاعدة ، كما تضاربت الأنباء في باكستان حول اعتقال ابن أيمن الظواهري (المساعد الأول لزعيم القاعدة)،<BR>حيث ذكرت إحدى الصحف الباكستانية أن ابن الظواهري كان من بين المعتقلين، نقلت صحيفة أخرى تصريحات حكومية بعدم تمكن القوات الباكستانية من إلقاء القبض عليه، كما تضاربت الأنباء أيضاً حول اعتقال مزعوم لأسامة بن لادن شخصياً..<BR> <BR><font color="#0000FF"> الحملة العسكرية الأمريكية: </font><BR> الجهود التي تبذلها القوات الأمريكية والأقمار الصناعية التي تقوم بالبحث واعتراض المكالمات الهاتفية وأجهزة الاستخبارات والتنصت، ووجود عملاء في بعض المناطق الموالية للقاعدة فشلت حتى الآن في الإيقاع بابن لادن، ليس فقط بسبب عجز الأمريكان عن ذلك، بل أيضاً بسبب الخبرة الطويلة للزعيم القاعدة في التخفي وتجنب كل ما يمكن أن يشي بمكانه، ومن ذلك تجنب المكالمات الهاتفية واستبدلها بالكتابة اليدوية وتكثيف الحراسة الأمنية من خلال دوائر حماية متعددة من أخلص الرجال وأكثرهم ولاء .<BR> <BR>في أفغانستان تجري قوات الاحتلال عمليات البحث المكثفة منتقلة من منزل إلى آخر في بلدات عديدة كخوست وضواحيها، وتقوم باعتقال الأشخاص الذين تشمل أوصافهم (اللحية والعمامة السوداء).<BR>وتقول القوات الأمريكية: إنها تبحث بشكل أساسي عن زعماء في المقاومة كجلال الدين حقاني، وسيف الله منصور، وغيرهم.<BR>وتؤكد وسائل إعلام باكستانية أن باكستان سمحت للولايات المتحدة باستخدام بعض قواعدها الجوية من أجل سهولة الحركة والتنقل والاتصال والعمليات اللوجيستية من بينها قواعد في كوهات وبانو،<BR>وقد اعتاد سكان المناطق الحدودية في الأقاليم الغربية الشمالية رؤية رحلات طائرات التجسس الأمريكية بشكل متكرر في المنطقة.<BR>وتعتمد القوات الأمريكية في عملياتها العسكرية على أمرين:<BR>نشر القوات العسكرية في مناطق شاسعة، و الاستفادة القصوى من أعمال التجسس والاستطلاع البشرية والجوية (أقمار صناعية – طائرات).<BR><br>