خطوات جادة لإعلان اتحاد عالمي لعلماء الإسلام
26 ربيع الأول 1425

انتهى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي من وضع مسودة مشروع "الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام"، ذلك الحلم الذي ظل يراود عدداً كبيراً من العلماء طوال ربع قرن من الزمان.<BR><BR>وكان التفكير في المشروع قد بدأ في عام 1980م بفكرة من الدكتور علي فخرو الذي كان يشغل وقتها منصب وزير المعارف في البحرين.<BR><BR><font color="#0000FF">الأهداف الأصلية والفرعية للاتحاد: </font><BR>ويهدف المشروع إلى تحقيق عدد من الأهداف منها ما هو أصلي ومنها ما هو فرعي، أما عن أهدافه الأصلية، فهي: <BR>1- الحفاظ على الهُويّة الإسلامية للأمة؛ لتبقى كما أرادها الله أمة وسطًا، شهيدة على الناس، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، مؤمنة بالله. <BR>2- الوقوف في وجه التيارات الهدامة التي تريد أن تقتلع الأمة من جذورها، داخلية كانت أم خارجية.<BR>3- موالاة الأمة بالتفقيه والتثقيف والتوعية حتى تعرف حقيقة دورها ورسالتها، وتندفع إلى أداء مهمتها بإيمان وإخلاص، موحدة الغاية، موحدة المرجعية، موحدة الدار، مستقيمة المنهج والطريق.<BR><BR>أما عن الأهداف الفرعية للمشروع، فهي: <BR>1ـ التعاون على حسن تفقيه المسلمين بدينهم وتوعيتهم حيثما كانوا بالإسلام الصحيح – إسلام القرآن والسنة – عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، فكرًا وسلوكًا، في شموله ووسطيته ويسره وسماحته، بعيداً عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.<BR><BR>2ـ تنبيه المسلمين إلى الأخطار التي تهدد هويتهم العقدية والثقافية، وتعمل على تمزيق روابطهم، وإبعادهم عن الإسلام الذي يجمع بينهم، ومقاومة هذا الغزو المنظم، بمثل أسلحته، وتحذير الأمة من الأسلحة الجديدة التي تستخدم ألفاظًا براقة مثل الحداثة والعولمة وغيرهما.<BR><BR>3ـ تعبئة الشخصية الإسلامية الفردية والجماعية، وتهيئتها لتقوم برسالتها الكبرى في عبادة الله - تعالى - وعمارة الأرض، وخلافة الله – تعالى - وتقوم بالشهود الحضاري على البشرية، حتى يبرز تدينها في الحياة؛ علمًا نافعًا، وعملاً متقنًا، وخلقًا قويمًا، ورشدًا في الفكر، وثراء في الإنجاز، وسموًا في الأخلاق.<BR><BR>4ـ إنارة السبيل للمسلمين في الأوضاع المستجدة، والأحوال المتطورة من حياة الأفراد والأسر والمجتمعات، بتوجيههم إلى الآراء الناضجة، والحلول الناجعة لمشكلات حياتهم الفكرية والعملية، من خلال أحكام الشريعة وقواعدها في ضوء الاجتهادات المعاصرة المعتبرة، الصادرة من جهات موثقة، أو من علماء مشهود لهم بالكفاية والأمانة.<BR><BR>5ـ توحيد جهود العلماء ومواقفهم الفكرية والعلمية، في قضايا الأمة الكبرى؛ لتبصير الأمة بمواقع الخطر، والأبواب التي تهب منها رياح الفتن، حتى لا تؤخذ الأمة على غرة، أو تغوص دعائمها، أو ينتقص من أطرافها، وهي غافلة عما يدبر لها، فالعلماء هم عينها التي بها ترى، كما أنهم لسانها الناطق باسمها، المعبر عنها.<BR><BR>6ـ تجميع قوى الأمة كلها، على اختلاف مذاهبها واتجاهاتها ما داموا من أهل القبلة، والسعي إلى تضييق نقاط الافتراق، وتوسيع نقاط الاتفاق، والتركيز على القواسم المشتركة، والاستهداء بالقاعدة الذهبية الشهيرة: "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، وبهذا نواجه أعداء الأمة صفاً واحداً.<BR><BR><font color="#0000FF">وسائل تحقيق أهداف الاتحاد: </font><BR>ولتحقيق هذه الأهداف، فقد وضع المؤسسون لهذا الاتحاد عدداً من الوسائل والأساليب المشروعة المتنوعة، تلتقي كلها عند الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والحوار بالحسنى، والإقناع بالحجة، باللسان أو بالقلم، بالكتاب والصحيفة، أو بالإذاعة والتلفاز، أو بالقنوات الفضائية، أو شبكة (الإنترنت)، أو غيرها من الآليات المعاصرة.<BR><BR>ومن هذه الوسائل نذكر على سبيل المثال :<BR>1ـ الخطاب التثقيفي المباشر لتفقيه المسلمين في دينهم، وتصحيح مفاهيمهم ومواقفهم وتصرفاتهم وفق تعاليم الإسلام، حفاظًا على الشخصية الإسلامية للأمة وأبنائها من المؤثرات الداخلية والخارجية، التي قد تنحرف بها عن مسارها الصحيح، سواء كان هذا الخطاب شفهيًا عن طريق المنبر والمسجد، أم مبثوثًا عن طريق التلفاز والقنوات الفضائية، استثمارًا لوسائل الإسلام المعاصرة بحسب ما تتيحه الفرص، والتزامًا بنشريات دورية ثابتة.<BR><BR>2ـ توجيه النصح – بالرفق والحكمة – لقادة المسلمين، وأهل السلطان فيهم، وكل من هو في موقف التأثير والتوجيه العام منهم، لترشيد مسيرتهم، وتسديد مواقفهم، ومساعدتهم على اتخاذ القرارات السليمة التي تخدم العقيدة الإسلامية، والأمة الإسلامية، وتؤكد الهوية الإسلامية، وتحذيرهم من مواضع الزلل، ومواطن الخطر، ومكايد الأعداء، قياماً بواجب النصيحة، وتواصياً بالحق والصبر.<BR><BR>3ـ التعاون من المؤسسات النظيرة العاملة على تحقيق نفس الأهداف، وإن يكن بوسائل وطرق مغايرة كالمؤسسات العلمية الأكاديمية، والمؤسسات الثقافية الاجتماعية والسياسية، والمؤسسات الخيرية الإنسانية، دعماً وتأييدًا لها: معنويًا بالنصرة والمشورة، وعلميًا بالرأي والفتوى، واستفادة منها بتحشيد جهودها وثمارها في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة التي تصب في آخر المطاف في مصب واحد مشترك.<BR><BR>4ـ التوعية الدائمة بالقضايا والأحداث المهمة الطارئة ذات العلاقة بالإسلام والمسلمين، سواء كانت ذات طبيعة ثقافية أم اجتماعية أم سياسية أم اقتصادية، وذلك بكشف أسبابها وأبعادها وآثارها فيما يتعلق بالهوية الإسلامية للأمة، واتخاذ موقف منها يبصّر المسلمين بحقيقتها، ويدعوهم إلى التعامل معها بما يحفظ هويتهم، ويدرأ خطرهم عنهم، ويمكن أن يكون ذلك بطريق البلاغات والبيانات والعرائض والمنشورات، في نطاق ما ذكر آنفاً من التبليغ بالحسنى، والإقناع بالحجّة، بعيدًا عن كل ما يثير الفتنة ويمزق الوحدة.<BR><BR>5ـ الحوار مع التيارات والمذهب الفكرية والسياسية المختلفة الموجودة في الساحة الإسلامية، من أجل الحد من أثرها السلبي إن كانت ضارة، والاستفادة منها إن كان لها عطاء مفيد، و توجيهها ما أمكن في خدمة الهدف المرسوم للاتحاد بحسب ما يكون من نقاط الالتقاء معها في سبيل ذلك الهدف، وبذلك توجّه كل قوى الأمة الفاعلة في معركة البناء والتقدم.<BR><BR><font color="#0000FF">سمات وخصائص الاتحاد: </font><BR>ولهذا الاتحاد المزمع إعلانه سمات وخصائص يجب أن يتصف بها، ويتميز عن غيره، نذكر منها على سبيل المثال:<BR>1ـ الإسلامية: فهو اتحاد إسلامي خالص، يتكون من علماء مسلمين، ويعمل لخدمة القضايا الإسلامية، ويستمد من الإسلام منهجه، ويستهدي به في كل خطواته؛ وهو يمثل المسلمين بكل مذاهبهم وطوائفهم.<BR><BR>2ـ العالمية: فهو ليس محلياً ولا إقليميًا، ولا عربيًا ولا عجميًا، ولا شرقيًا ولا غربيًا، بل هو يمثل المسلمين في العالم الإسلامي كله، كما يمثل الأقليات والمجموعات الإسلامية خارج العالم الإسلامي.<BR><BR>3ـ الشعبية: فهو ليس مؤسسة رسمية حكومية، وإنما يستمد قوته من ثقة الشعوب والجماهير المسلمة به، ولكنه لا يعادي الحكومات، بل يجتهد أن يفتح نوافذ للتعاون معها على ما فيه خير الإسلام والمسلمين.<BR><BR>4ـ الاستقلال: فهو لا يتبع دولة من الدول، و لا جماعة من الجماعات، ولا طائفة من الطوائف، ولا يعتز إلا بانتسابه إلى الإسلام وأمته.<BR><BR>5ـ العلمية: فهو مؤسسة لعلماء الأمة، فلا غرو أن يهتم بالعلم وتعليمه وبتراثنا العلمي وإحيائه وتحقيقه ونشره.<BR><BR>6ـ الدعوية: فهو مؤسسة تُعنى بالدعوة إلى الإسلام باللسان والقلم، وكل الوسائل المعاصرة المشروعة، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، ملتزمة بمنهج القرآن بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.<BR><BR>7ـ الوسطية: فهو لا يجنح إلى الغلو والإفراط، ولا يميل إلى التقصير والتفريط، وإنما يتبنى المنهج الوسط للأمة الوسط، وهو منهج التوسط والاعتدال.<BR><BR>8ـ الحيوية: فلا يكتفي بمجرد اللافتات والإعلانات، بل يعنى بالعمل والبناء، وتجنيد الكفايات العلمية والطاقات العملية، تقودها ثلة من العلماء المشهود لهم بالفقه في الدين، والاستقامة في السلوك، والشجاعة في الحق، والاستقلال في الموقف، والحائزين على القبول بين جماهير المسلمين.<BR><BR><font color="#0000FF">المقر في إيرلندا بعد رفض قادة عرب استضافته: </font><BR>وكان الشيخ القرضاوي قد أكد في رسالته التي وجهها للعلماء أن للعلم في الإسلام منزلة عظيمة، فهو الذي يهدي إلى الإيمان، ويدل على العمل، ويرشد إلى منازل الأعمال، ويعرف المكلف الحق من الباطل في المعتقدات، والمسنون من المبتدع في العبادات، والصواب من الخطأ من المقولات، والصحيح من الفاسد في المعاملات، والحلال من الحرام في التصرفات. <BR>ولا غرو أن كان أول ما نزل من القرآن قوله - تعالى-: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق:1-5).<BR>واختتم القرضاوي رسالته بالقول: بأنه لا ريب أن هناك مؤسسات إسلامية قائمة في العالم الإسلامي، تقوم بأنواع مختلفة من الأنشطة العلمية والدعوية والخيرية، ولكن المؤسسة التي ننشدها تختلف عن هذه المؤسسات الموجودة. غير أن بعض هذه المؤسسات يقتصر نشاطها على الجانب العلمي الأكاديمي، مثل: المجامع الفقهية المعروفة؛ مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ومجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وبعض هذه المؤسسات يتبع الدولة التي نشأ فيها، وهي التي تعين أعضاءه، وهي التي تنفق عليه، وتتحكم إلى حد – يقل أو يكثر – في تصرفاته، أو توجهاته، أو هكذا يتصور الناس، وبعض هذه المؤسسات إقليمي بحكم تكوينه، فهو يخدم بلدًا معينًا، أو منطقة معينة، مثل: المجمع الفقهي للهند، والمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث. <BR><BR>وأشار القرضاوي إلى أن "الاتحاد الذي نسعى إليه، له سمات وملامح تشخّصه وتميّزه"، فهو اتحاد مفتوح لكل علماء الإسلام في المشارق والمغارب، ونعني بالعلماء: خريجي الكليات الشرعية والأقسام الإسلامية، وكل من له عناية بعلوم الشريعة، والثقافة الإسلامية، وله فيها إنتاج معتبر، أو نشاط ملموس. <BR><BR>جدير بالذكر انه تم الانتهاء من وضع النظام الأساسي للاتحاد، وتمت الموافقة عليه، وتُتخذ الآن إجراءات إشهاره في أيرلندا "، مشيراً إلى أن المشروع عرض على حاكمين عربيين، ولكنهما رفضا؛(!!) مما دعا المؤسسين إلى اتخاذ قرارهم بأن تكون أيرلندا مكانًا لإنشاء المقر الرئيسي للاتحاد، خاصة أن القوانين هناك تسمح بوجود مثل تلك المنظمات. <BR><br>