توصيات مؤتمر "العمل الإسلامي" في مواجهة الأزمات
1 جمادى الثانية 1425

أكد العلماء والمفكرون المشاركون في انعقد في مؤتمر (العمل الإسلامي بين الاتفاق والافتراق) الذي عقد مؤخرا في العاصمة السودانية الخرطوم تحت شعار: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، أن الأمة الإسلامية تعيش منعطفاً خطراً، وتواجه عدواً شرساً، وتكتلات كبرى وأن عليها ان تتكاتف وتتعاون للخروج من المأزق .
وخرج المؤتمر الذي استغرق 3 أيام، ونظمه قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم، تحت رعاية النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية، وشارك فيه لفيف من علماء ومفكري العالم الإسلامي، ونوقشت فيه 31 ورقة وبحثا علميا قدمها عدد من العلماء والباحثين والمفكرين من داخل وخارج السودان، وشارك في مناقشتها عدد كبير من المهتمين بالعمل الإسلامي، بعدد من التوصيات الهامة وهي : -

توصيات المؤتمر:
(1) التأكيد على ضرورة جمع كلمة الأمة الإسلامية ونبذ الفرقة.
(2) إيجاد ميثاق شرف بين العاملين للإسلام؛ بالعمل على المتفق عليه، والتحاور في المختلف فيه، والأعذار فيما سوى ذلك.
(3) وضع آلية لتفعيل مبدأ الائتلاف والاجتماع في العمل الإسلامي، يتفق عليها العاملون في الحقل الإسلامي.
(4) إدراج آداب الحوار والتعامل مع المخالف في مناهج التعليم والمناهج الدعوية .
(5) حث العاملين للإسلام على الإكثار من اللقاءات الدورية، والندوات المشتركة، والزيارات المتبادلة؛ لتقريب وجهات النظر، وإصلاح ذات البين.
(6) على العلماء والدعاة والخطباء والإعلاميين تفعيل فقه الحوار في خطابهم الدعوي وكتاباتهم، وبيان خطر الافتراق وأثره في الفشل وتسلط الأعداء.
(7) دعوة العاملين للإسلام إلى تبني دورات وندوات عن منهج الإسلام في الاجتماع والافتراق، ونشر ذلك في وسائل الإعلام.
(8) التعاون على تنفيذ برامج مشتركة بين العاملين للإسلام.
(9) أن يعهد إلى القائمين على وسائل الإعلام الإسلامية بإضافة موضوعات تتحدث عن آداب الخلاف وطرق التعامل مع المخالف، مع إنشاء مركز متخصص لتزويد وسائل الإعلام بجميع ما يخدم الأهداف الإسلامية.
(10) عقد مؤتمر دوري كلَّ سنتين للتواصل في هذا الموضوع في مكان مناسب.
(11) تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات وتفعيلها.

فعاليات الافتتاح:

وكان الدكتور عبد الحي يوسف رئيس قسم الثقافة الإسلامية بالجامعة رئيس المؤتمر قد ألقى كلمة في الافتتاح قال فيها :" لا يخفى على أحد أن الأصل في الإسلام أن أهله يتفقون ولا يختلفون، ويتحدون ولا يتفرقون، ودعا العاملين في الحقل الإسلامي من الدعاة المخلصين والعلماء النجباء أن يسعوا إلى تجديد دين الله وتصحيح المسار".
وطرح الدكتور عبد الحي أسئلة مثل : كيف نربي شبابنا على أدب الحوار؟ ومعرفة أمور الاجتهاد؟ والاعتراف بالخطأ؟ والتثبيت في النقل والأخبار؟ طرح هذه الأسئلة وغيرها وبيّن أن العلماء النجباء أتوا من كل صوب للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها، ودعا إلى الاستفادة من العلماء علماً وهدياً ورحمة، مشيرا إلى أنه " ما أجمل أن يكون لشيوخنا روح الشباب، ولشبابنا بصيرة الشيوخ".

وبعده رحب البروفيسور إبراهيم غندور مدير جامعة الخرطوم بالمشاركين، مؤكدا على أن جامعة الخرطوم التي بناها المستعمر للخدمة المدنية شاء الله عز وجل أن تكون مشعلاً للإسلام، وكانت ثمرة ذلك هذا المؤتمر الذي قام به أبناؤها من قسم الثقافة الإسلامية، وتمنى أن يخرج المؤتمر بقرارات تكون مشاعل يحملها أبناء المسلمين في هذه البلاد وفي كل بلاد المسلمين، وأكد على أن المؤتمر جاء في وقته وزمانه وفي مكانه.

ثم تلاه الدكتور الشيخ محمد صيام ممثلاً للعلماء، وبعد الترحيب قام بإلقاء ثلاث كلمات أولها شكراً للسودان رئيساً يقظاً، وحكومة جادة، وشعباً معطاءً، وأرضاً خيرة، وكلمته الثانية شكراً لجامعة الخرطوم، وثناءً عليها، وأنها كانت وما تزال معلماً من معالم الحضارة في هذه البلاد حريصة على رفع شان الأمة وإرساءً للعلم، وكانت كلمته الثالثة للحضور المشاركين وقدم قصيدة دعا فيها لوحدة الصف واجتماع الكلمة وألفة القلوب.

وفي الختام أكد الدكتور الزبير بشير طه وزير العلوم والثقافة ممثل نائب رئيس الجمهورية، حاجة المسلمين إلى جمع الكلمة وحاجة الأمة إلى العلم، وأن العلم يحمله العلماء؛ فهم أهلٌ للنصح والإرشاد، وأكد على أن الأمة مستهدفة في دينها وعقيدتها، فهي تستهدف في الأقصى والحرمين، وفي مراكز الحضارة في بغداد والقاهرة، وفي مؤسساتها التعليمية الشرعية والعلمية، ومستهدفة في الإعلام.
وأكد على أن الصراع دائم بين الإسلام والعلمانيين، حتى في المؤتمرات الطبية والهندسية، مؤكداً على أن الصراع صراع معايير الحلال والحرام، والحسن والقبح، والخير والشر، وأكد على ضرورة معالجة قضايا التعليم والقيم التربوية، ودعا العلماء أن يكونوا دوماً في قلب الأحداث كما هم يفعلون، وأكد على أنهم مطمئنون إلى نصرة الله للمسلمين.

ورقة الشيخ ناصر العمر:
ثم انطلقت الفترة الصباحية من اليوم الأول للمؤتمر بإدارة الدكتور الحبر يوسف نور الدائم الأستاذ بجامعة الخرطوم مدير الجلسة الذي قدمت فيه أربع ورقات : الورقة الأولى: بعنوان " الاختلاف في العمل الإسلامي.. الأسباب والآثار"، قدمها الدكتور ناصر بن سليمان العمر، والذي أكد على أهمية موضوع المؤتمر خاصة في هذا الوقت الذي تتكتل فيه قوى الكفر والنفاق على المسلمين، رغم ما بينهم من خلاف وشتات، ولكنهم جميعاً متفقون على عداء هذه الأمة، داعيا للخروج بتوصيات عملية، مشيرا إلى أن " الكثير قد زهد في المؤتمرات لأن نتائجها محدودة، وأن أثرها معدوم أو قليل الأثر".

ثم دلف الشيخ العمر إلى الورقة فقال إن العلماء قرروا أن الاختلاف ينقسم إلى قسمين :
أ ـ اختلاف تنوع: وهذا لا حرج فيه، وقد أشبعه العلماء بحثاً، وعدد مجموعة الأمثلة لا سيما الاختلاف في الأنشطة، فتلك فئة تتخصص في تحفيظ القرآن، وأخرى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وثالثة في الدعوة وغيرها.
ب ـ اختلاف تضاد: ذكر فيه تفصيل الإمام ابن القيم لهذا النوع.
ثم أكد أن يكون الاتفاق بين المسلمين من النوع الأول، وبين ذم أهل العلم للمتعصبين من المذاهب، الذين بلغ بهم الأمر إلى أن يسألوا هل يجوز زواج الحنبلية من الشافعي؟
وأجمل الشيخ العمر أسباب التفرق في الآتي :
1ـ التفاوت في الطبائع والميول والتفاضل في العقول.
2ـ التفاوت في العلم والمعرفة.
3ـ فساد الطوية وسوء النية.
4ـ التعصب المذموم المقيت.

ثم اختتم العمر بتقديم مقترحات عملية للالتقاء مثل :
1ـ تعاون المسلمين مع بعضهم وظهورهم بهذا المظهر أمام الغير، حتى لا يقول الكفار أننا مفترقون، وقد استخلص ذلك من قصته صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أبي بن سلول كبير المنافقين فقال صلى الله عليه وسلم : ((حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه)).
2ـ البرامج المشتركة: نقاط الالتقاء والاتفاق بين العاملين في الحقل الإسلامي خاصة التي على منهج أهل السنة والجماعة كثيرة ومتعددة إن كانت متفاوتة، ويمكن القيام بأعمال مشتركة.
3ـ الاشتراك في أعمال المجتمع المدني: المساهمة والمشاركة في أعمال البر والإحسان وفي المستشفيات وغيرها.
4ـ الاتفاق في الأحداث الطارئة المستجدة على المسلمين: قضية فلسطين وقضية العراق وغيرها من القضايا التي تجمع ولا تفرق.
5ـ الاتفاق على ميثاق شرف: ميثاق شرف تتفق فيه كل فصائل العمل الإسلامي، يتم فيه الحوار والنقاش بروية وطلب للحق وأدب للخلاف.
أوراق من المؤتمر:

ثم توالت الأوراق الثلاث تباعا، فعرضت 3 ورقات بحثية، وهي : "اختلاف الفقهاء وأثره في اختلاف العاملين للإسلام" للدكتور عبد الله الفقيه، و"عوامل الافتراق" للدكتور عبد الوهاب الديلمي، واختتمت الجلسة الصباحية بورقة " آثار الافتراق على الأمة" للدكتور حمود بن غزاي الحربي.
وفي الجلسة المسائية، نوقشت 3 ورقات وهي: "نماذج تاريخية ومعاصرة من مآسي الافتراق" للدكتور محمد حسن بن عقيل موسى الشريف، و" آثار الافتراق على الأمة الإسلامية " للدكتور عثمان علي حسن، و"اختلاف الفقهاء وأثره في اختلاف العاملين للإسلام" للدكتور علاء الدين الأمين الزاكي.

وفي ثاني أيام المؤتمر، الأحد 24/5/1425هـ، نوقشت 5 ورقات في الجلسة الافتتاحية، هي على الترتيب:" دور الإعلام في وحدة الأمة" للأستاذ عادل الماجد، و" أسباب التفرق: التشرذم والانغلاق وسوء الظن" للشيخ الأمين الحاج محمد، و" فقه الاختلاف.. الطريق إلى الوفاق" للشيخ محمد سيد حاج، و" دور الرسالة الإعلامية في توحيد المسلمين حول قضاياهم الكبرى.. فلسطين نموذجاً"للأستاذ نزار محمد عثمان، واختتمت الجلسة المسائية بـ " كلمة في الاتفاق والافتراق" للشيخ سلمان بن فهد العودة المشرف العام على موقع الإسلام اليوم .

وفي الجلسة المسائية لثاني أيام المؤتمر، نوقشت 3 ورقات، هي على الترتيب: " الوسائل المؤدية إلى الاتفاق ووحدة الصف" للدكتور هاني الجبير، و" أسباب الاتفاق والاختلاف في العمل الإسلامي بين الخلف والسلف" للأستاذ الدكتور عمر يوسف حمزة، و " تجربة العمل الجهادي في فلسطين" للأستاذ خالد مشعل .

وفي آخر أيام المؤتمر، الاثنين 25/5/1425هـ، ناقشت الجلسة الصباحية 5 أوراق هي على الترتيب:" تجربة العمل الجهادي في فلسطين" للدكتور محمد الشيخ محمود صيام، و" قواعد أصولية واقتراحات عملية للتعاون بين العاملين للإسلام" للأستاذ الدكتور جعفر شيخ إدريس، و" منهج المحدثين وأثره في وحدة الصف" للشيخ أحمد بن عبد الرحمن الصويان، و" الاتفاق والافتراق.. الأقليات المسلمة في أوروبا نموذجاً" للشيخ عماد بكري أبو حراز، واختتمت الجلسة الصباحية بورقة " مفهوم الاتفاق في العمل الإسلامي" للشيخ مدثر أحمد إسماعيل .

وفي الجلسة المسائية لآخر أيام المؤتمر، نوقشت 6 أبحاث، هي على الترتيب :" هدي السلف في الاتفاق" للدكتور يوسف محمد صديق، و" من فقه الائتلاف" للدكتور سليمان بن حمد العودة، و" وسائل تؤدي إلى الاتفاق ووحدة الصف " للدكتور علي محمد علوان، و" الاتفاق في العمل الإسلامي.. الدواعي والوسائل" للأستاذ الدكتور الخضر علي إدريس، و" الإيمان والاتحاد" للشيخ عبد المجيد الزنداني، واختتمت أوراق المؤتمر ببحث حول " دور العلماء المسلمين في مقاومة الاحتلال الفرنسي للجزائر" للشيخ عباسي مدني .