مشروع غاب التركي ، والدور الإسرائيلي المشبوه
9 رمضان 1425

"مشروع جنوب شرق الأناضول (غاب) التركي يحظى بأهمية خاصة لدى الحكومة الإسرائيلية التي كانت في طليعة الدول المتطوعة لتقديم المساعدات من أجل تسريع عجلة تنفيذ هذا المشروع.. من الواضح أن إسرائيل تضع أمالاً كبيرة على هذا المشروع الحياتي بالنسبة لها، والذي ترغب من خلاله في بسط ذراعيها لتحقيق حلمها المنشود بالأرض الموعودة من النيل إلى الفرات، وهو الأمر الذي بدأت تركيا سياسة وصحافة تستشعر بخطورته مؤخراً بيد أنه يكاد لا يمر يوم واحد إلا ونرى الصحف التركية العلمانية والإسلامية على حد سواء وهي تكتب عن هذه الخطورة تحت تساؤل مهم: ما المصلحة الإسرائيلية من هذا المشروع؟". <BR><BR>صحيفة "يني شفق" الإسلامية لسان حال حكومة حزب العدالة والتنمية التركي طالعتنا مؤخراً بخبر في غاية الخطورة يتحدث عن أن الإسرائيليين قاموا بشراء أراضٍ كثيرة في منطقة "غاب"، خصوصاً بعد صدور قرار البرلمان التركي في التاسع عشر من شهر تموز/يوليو 2003م، والذي أباح بمقتضاه للأجانب حق امتلاك الأراضي في تركيا.<BR> <BR>هذا التطور الخطير دفع بالحكومة التركية إلى بحث هذه القضية من كل جوانبها وتداعياتها على مستقبل منطقة "غاب" خصوصاً وتركيا عموماً، حيث قامت مديرية الملكية التركية بتحضير تقرير مفصل عن الدول التي تشتري أراضي في مشروع غاب حين لاحظت الحكومة التركية خلال اجتماعها تدفق أعدادا كبيرة من الإسرائيليين لشراء أراضي في منطقة "غاب" التركي الأمر الذي آثار مخاوف المسؤولين حول النية الإسرائيلية من عمليات الشراء هذه.<BR><BR>ولعل أهمية المشروع إستراتيجياً وضخامته من الأسباب التي لفتت انتباه إسرائيل وجعلها تكثف جهودها في السنوات الأخيرة لوضع قدمها في هذا المشروع حتى يكون لها نصيب الأسد فيه، فعلاوة عن أهمية المشروع من الناحية الاقتصادية فإن إسرائيل تولي له أهمية من الناحية السياسية والاجتماعية أيضاً، ولهذا فقد أرادت جمع المكاسب الثلاث في خانة واحدة لكي تصب في مصلحتها الخاصة. <BR><BR><font color="#0000FF">تقرير خطير... </font><BR>كشف تقرير نشرته مجلة "نقطة" المتخصصة في الشؤون السياسية والاستراتيجية التركية النقاب عن واقع التغلغل الإسرائيلي داخل تركيا ومخاطره على مستقبلها وأجيالها القادمة، وأوضح التقرير أن نحو ستين مواطناً يهودياً تركياً قاموا بشراء أراض في المنطقة التابعة للمشروع العملاق لسدود جنوب شرق الأناضول "غاب" تقدر مساحتها الإجمالية بنحو أربعمائة وخمسين ألف دونم، ونقلت المجلة التقرير الذي أعدته منظمة تركية مدنية أن كل شخص من هؤلاء المواطنين اليهود الأتراك قام بشراء ما بين خمسة آلاف إلى عشرة آلاف دونم، وأوضح التقرير أنه بالرغم من أن هذه الأراضي مملوكة اسماً ليهود أتراك إلا أن أصحاب هذه الأراضي الحقيقيين من الإسرائيليين؛ لأن اليهود الأتراك لا يملكون القدرة المالية على شراء هذه المساحات الشاسعة مشيرة إلى أن المعلومات الاستخبارية تؤكد أن المورد المالي الرئيس لشراء هذه المساحات الضخمة من أراضي جنوب شرق الأناضول يرجع إلى رجال إسرائيليين يحملون صفة رجال أعمال، كما تؤكد هذه المعلومات الاستخبارية أن عنوان هذا المورد المالي هو مدينة اسطنبول التركية.<BR><BR><font color="#0000FF">اللعبة الإسرائيلية الأمريكية على تركيا: </font><BR>توصل موقع "خبر نت" على الإنترنت إلى وثائق تكذب الذين ينكرون حقيقة شراء الأجانب للأراضي التركية، وطبقاً للخبر الذي نشره الموقع التركي، فقد قال بأنه أرسل موفداً صحفياً له إلى مدينة "كارس" (شرق تركيا) ليتحرى عن صحة الأخبار التي سبق وأن نشرتها الصحف تحت عنوان "اللعبة الأمريكية الإسرائيلية البشعة على كارس.." فقال بأن موفده التقى هناك بأورهان أزكايا (نائب المدير العام السابق لدائرة التمليك في كارس)، الذي زوده بلائحة عن الشخصيات التي اشترت أراض في هذه المدنية مع الإشارة منه إلى أن عملية الشراء تفجرت بقوة، خصوصاً بعد القانون الذي استصدرته الحكومة التركية وأعطت فيه الأجانب حق تملك الأراضي في تركيا، وأورد الموقع بالتدريج أسماء الدول التي اشترت أراض في عموم تركيا <BR>وبالنسبة لأزكايا فإن هذه الأرقام التي أعلن عنها رسمياً منذ عام 2001م تبقى نسبية مقارنة بالعامين الماضيين الذي حمى الوطيس فيهما لشراء الأراضي بالضعف، وطبقاً للمعلومات التي حصل عليها الموقع، فإن مشروع غاب من أكثر المناطق التي تستحوذ على اهتمام الأجانب، وخصوصاً اليهود عن بقية المدن التركية الأخرى بنسبة 15.4 بالمئة.<BR><BR><font color="#0000FF">ما هو مشروع الغاب؟ </font><BR>لقد أصبحت أهميته الاقتصادية بالنسبة لتركيا معروفة بقدر ما اشتهر اسمه. مشروع جنوب شرق الأناضول المختصر بـ(غاب) يحمل في مضمونه العام معنى النهضة الاقتصادية في المنطقة عامة إلى جانب جنوب شرق الأناضول خاصة، ويهدف هذا المشروع بالدرجة الأولى إلى إنعاش الاقتصاد في الأناضول لرفع مستوى الإيرادات الفردية والقضاء على أزمات الفاقة والبطالة. <BR> <BR>كما أن (غاب) الذي سيساهم في خدمة أهداف تأمين الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي والنهضة القومية هو مشروع منظم. وتأتي الطاقة والزراعة في طليعة القطاعات المهمة التي تأخذ مكانها في هذا المشروع مثل المواصلات والمساكن والصناعة والتعليم والصحة والسياحة، وبمعنى آخر أن استراتيجية هذا المشروع قائمة على فلسفة النهضة الإنسانية، كما يمكننا وصف هذا المشروع على أنه نهضة اقتصادية للمنطقة عامة. <BR>ويتألف مشروع الغاب من 22 سداً و19 محطة للطاقة الكهربائية ومشروعات أخرى متنوعة في قطاعات الزراعة والصناعة والمواصلات والري والاتصالات، وهو من حيث المساحة أضخم مشروع في العالم، ويشمل ثماني محافظات وعند إتمامه تقارب مساحة الزراعة المروية من خلاله 8.5 مليون هكتار أي نحو 19 % من مساحة الأراضي المروية في تركيا، كما أنه سيوفر لنحو 106 مليون شخص فرص عمل جديدة في هذه المناطق ذات الأكثرية الكردية، والجدير بالذكر أن مشروع الغاب تم تصميمه بأيدي خبراء إسرائيليين نذكر منهم خبير الري شارون لوزوروف، والمهندس يوشع كالي. <BR><BR>أما المشروع التركي الثاني فهو مشروع سد أورفة الذي شرعت تركيا بمساعدة مالية من إسرائيل ـ في بنائه.<BR>ويستطيع سد أورفة بعد إتمامه أن يحبس مياه دجلة والفرات لمدة 600 يوم، مما يعني تجفيف مياه النهرين تماماً، وهو الأمر الذي آثار مخاوف دمشق وبغداد اللتين تعدان التعاون المائي التركي-الإسرائيلي بداية لحرب أقسى بكثير من الحروب العسكرية.<BR><BR>مع مرور الأيام تزداد أهمية مشروع غاب بالنسبة لتركيا، ففي الآونة الأخيرة ارتفعت الطاقة الصناعية والزراعية للمنطقة خمسة أضعاف بالمقارنة مع السنوات الماضية إضافة إلى أن منطقة مشروع غاب قد وفرت فرص عمل إلى 3.5 مليون شخص مع العلم أن عدد سكان المنطقة سيصل عددهم إلى 9 ملايين نسمة مع حلول عام 2005م، ويلعب مشروع غاب دوراً كبيراً في تحريك مؤشرات الاقتصاد التركي، ومن المتوقع ارتفاعه في السنوات المقبلة أي بعد اكتمال المشروع، كما أنه سيساعد على النهوض بالاقتصاد التركي المتدهور…<BR><BR><font color="#0000FF">وأخيراً؛؛؛</font><BR>إسرائيل تضع السيناريوهات من خلف الكواليس وتحيك المؤامرات ضد تركيا لكي تشغلها عن الخطط الجهنمية الهادفة إلى التمركز في منطقة مشروع غاب أولاً ومن بعدها جنوب شرق الأناضول امتداداً للوصول إلى إمبراطوريتها المزعومة، والأكيد في الخطة الإسرائيلية هي أنها بدأت من نهر النيل ووصلت الآن إلى الفرات.. كما أن النقطة التي لا يمكن التغافل عنها هي أن إسرائيل داخل اللعبة الكردية فهي تصعد التوتر في شمال العراق لكي تشغل تركيا والعراق وسوريا بالمشكلة الكردية ليتسنى لها أن تسرح وتمرح في المنطقة دون رقيب أو حسيب يدعمها في ذلك الانحياز الأمريكي السافر، بل المشجع لأهدافها التوسعية في المنطقة على حساب المسلمين.<BR><br>