الحرس الوطني العراقي.. ما الدور الذي يؤديه؟
4 ذو القعدة 1425

تتسم نظرة العراقيين نحو أفراد الحرس الوطني بنوع من الريبة وعدم الارتياح والعداء أحياناً، ويعد بعض العراقيين قوات الحرس، الابن غير الشرعي للقوات الأمريكية! ولهذه النظرة السلبية تجاه الحرس الوطني ما يبررها في بعض الأحيان، فقد أنشئت هذه القوات على يد قوات الاحتلال الأمريكي بقرار من (الحاكم المدني الأمريكي السابق) بول برايمر، لتكون بديلاً عن الجيش العراقي، بعد حل هذا الجيش في أيار من عام 2003م.<BR><BR>وأنيطت بقوات الحرس الوطني مهمات محددة، قد تكون هي المهام التي من أجلها قد تم تأسيسها، وهو أن يكون المساند والظهير للقوات الأمريكية في مهامها في مطاردة واعتقال وقتال خلايا المقاومة العراقية،حيث أظهرت تشكيلات الحرس الوطني ولاءً منقطع النظير في هذا الجانب، وتنفيذ الأوامر الأمريكية الصادرة لها في المهام القتالية أو عمليات المداهمة، والاعتقال ضد السكان المدنيين العراقيين بحثاً عن رجال المقاومة.<BR><BR>مما جعلها موضع ثناء وتقدير من قبل القادة العسكريين الأمريكان الذين أثنوا على أداء قوات الحرس الوطني التي شاركت ثلاث ألوية منها في معارك الفلوجة الحالية جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية، حيث وصف القادة الأمريكان أداء هذه القوات بأنه كان ممتازاً، واستطاعوا احتلال الأهداف الموكولة إليهم وفق الخطة القتالية المعدة لهذا الغرض، رغم شكواهم في بعض الأحيان من عدم انضباطها، والذي تسبب في وقوع خسائر بشرية في صفوفهم قدرت بأكثر من 60 قتيلاً وجريحاً. <BR><BR>ويبلغ تعداد أفواج الحرس الوطني حالياً حوالي 40 ألف جندي تدربت في معسكرات خاصة على أيدي الضباط الأمريكان، باستثناء قوات البشمركة التي يبلغ تعداد ها 25 ألف جندي ألحقت أيضا بقوات الحرس الوطني ضمن حدود منطقة كردستان العراق.<BR><BR><font color="#0000FF">الحرس الطائفي: </font><BR> وتأمل القيادة الأمريكية بتوسيع أفواج الحرس الوطني ليصل تعدادها إلى 100 ألف مقاتل لكي تأخذ على عاتقها مهمات حفظ الأمن الداخلي للتخفيف من العبء الذي تقوم به القوات الأمريكية في هذا الجانب، والذي سبب لها خسائر بشرية كبيرة وصلت إلى أكثر من 10 آلاف قتيل وجريح منذ انتهاء الحرب.<BR><BR>وتغلب على تشكيلات أفواج الحرس الوطني الطابع الطائفي ، حيث إن أغلبية أفرادهم من مليشيات الأحزاب الشيعية الذين انخرطوا في صفوف الحرس، بعد تسهيلات خاصة قدمت لهم على اعتبار أن أحزابهم في القوى المعارضة المناهضة للنظام السابق، مثل: منظمة بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وحزب الدعوة وحزب الله وغيرها من التنظيمات الشيعية، ورغم أن التعليمات تنص على وجوب ترك المنخرط في صفوف الحرس الوطني للتنظيمات الحزبية الذي كان منتسباً لها،إلا أن الحقيقة هي خلاف ذلك ، حيث إن الغالبية منهم ما زالوا منخرطين في تنظيماتهم السابقة وعلى ولاء لها ويلتقون في بعض الأحيان ، وهذا ما دعا السنة وهيئة علماء المسلمين أن يناشدوا المرجعيات الشيعية في النجف أن يصدروا فتاوى تحرم على الجنود الشيعة في قوات الحرس قتال أبناء الفلوجة إلى جانب القوات الأمريكية ، لكن المرجعيات الشيعية العليا لم تستجب لهذه المطالب !<BR> <BR><font color="#0000FF">أكراد متأمركون: </font><BR>وتقاتل إلى جانب القوات الأمريكية في الفلوجة أيضاً أفواج من الحرس الوطني قوات من البشمركة الكردية، وتعتمد القوات الأمريكية بشكل كبير على أفواج الحرس الوطني الكردية لإطاعتها العمياء للأوامر الأمريكية، وكان قتال هذه الأفواج في معركة الفلوجة الأولى في نيسان الماضي إلى جانب القوات الأمريكية قد تميز بطاعة وانضباط شديدين في تنفيذ الأوامر الصادرة لها، مما جعلها محل اعتماد كبير من قبل القوات الأمريكية التي استدعت المزيد من قوات البشمركة من شمال العراق خاصة بعد أن رفض الفوج 31 من الحرس الوطني تنفيذ الأوامر الصادرة إليه بالتوجه إلى الفلوجة وقتال المسلحين فيها، وهو الأمر الذي كررته القوات الأمريكية في العاشر والحادي عشر من الشهر الجاري عندما سقطت الموصل على أيدي المسلحين الذين اجتاحوها وسيطروا على عشرة مراكز للشرطة، مما أدى إلى فرار أكثر من 3 ألف من شرطة الموصل وتركهم لمراكزهم، عندها استدعت القوات الأمريكية ثلاثة آلاف من الحرس الوطني التي تضم أفراد البشمركة الكردية وتعيد السيطرة لهم على الوضع في الموصل بعد قتال شرس مع المسلحين استمر ثلاثة أيام.<BR><BR><font color="#0000FF">الخشونة وتقليد الأمريكان: </font><BR> ويغلب طابع الخشونة والفظاظة على تصرفات الحرس الوطني ، وخاصة في تعاملهم مع الناس عند نقاط التفتيش في الشوارع، ويحاولون تقليد الأمريكان في تصرفاتهم الاستفزازية عند سيرهم في الطرق والشوارع واستهتارهم بأرواح الناس وتوجيه الكلمات النابية إلى سواق السيارات إذا ما تأخروا في فسح المجال للمرور لهم.<BR><BR>ويقول جمال صالح المشهداني (صاحب شركة للمقاولات والبناء):<BR> إنه لا تعجبه تصرفات بعض أفراد الحرس الوطني حين يحاولون تقليد الجنود الأمريكان في قصة شعرهم ولبسهم للنظارات السوداء التي تسمى بالسحب علاوة على ارتدائهم الملابس العسكرية الأمريكية. <BR><BR>أما المواطن كاظم محمود الحيالي (موظف في وزارة الري) فيقول: إنه لاحظ أن هناك عدم انضباط في تصرفات الحرس الوطني، ففي إحدى المرات شاهد دورية للحرس الوطني أوقفت سيارة اشتبهت بها، ورغم تقديم صاحب السيارة كل المستمسكات التي تثبت عائدية السيارة له وما يثت شخصيته إلا أن تصرفات أفراد الحرس معه كانت فظة، حيث بدؤوا بالصياح عليه وأهانوه بدون أي مبرر ودون أن يبدر منه ما يستحق ذلك.<BR><BR><font color="#0000FF">عصيان الأوامر: </font><BR> ورغم أن أمر الدورية الذي كان برتبة نقيب أمرهم بإطلاق سراحه والإفراج عن السيارة إلا أن باقي أفراد الدورية أصروا على احتجازه، <BR>مما جعله يتعجب في كيفية عصيانهم لأوامر قائدهم الذي وقف عاجزاً أمام عصيان جنوده!<BR><BR>وأضاف: كنت أعرف أحد أفراد الدورية، وعندما سألته فيما بعد باندهاش كيف يتم عصيان أوامر الضابط من قبل الجنود أجاب هذا الشخص ؛ لأن أفراد الدورية ينتمون إلى تنظيم أحد الأحزاب الشيعية القوية، ولهذا لا يستطيع الضابط أن يعمل شيئاً ضدهم!<BR>وكثيراً ما يخلط أفراد الحرس الوطني بين واجباتهم العسكرية وولاءاتهم الحزبية الطائفية الضيقة وحادثة الهجوم على مسجد أبي الحنيفة النعمان في الأعظمية عند صلاة الجمعة الأسبوع الماضي، هي أحد الأمثلة على ذلك، حيث أدى هذا الحادث إلى مقتل وجرح العشرات من المصلين واعتقال عدد كبير آخر من المصلين من بينهم إمام الجامع الشيخ مؤيد الأعظمي، وهو الحادث الذي أدى إلى توتير الأوضاع الأمنية في منطقة الأعظمية وآثار استنكار واستهجان سكانها!<BR><BR><font color="#0000FF">تنديد واستنكار: </font><BR>وقد أثار (رئيس ديوان الوقف السني) الدكتور عدنان الدليمي تداعيات هذا الحادث مع (رئيس الوزراء) الدكتور إياد علاوي الذي أوعز بالتحقيق في ملابساته، كما استنكره قائد المجلس الوطني، والذي ألقى باللائمة في وقوعه على أفراد عناصر وصفها بأنها غير منضبطة من أفراد الحرس الوطني ! كما تكرر نفس التصرف من قبل أفراد الحرس الوطني ينتمون إلى تنظيم بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، عندما اقتحموا مسجد" المعز " ببغداد واعتقلوا حراسه وجردوهم من السلاح واتهموهم بأنهم عناصر تابعة لجيش أنصار السنة، واقتادوهم للتحقيق في أحد المقرات الحزبية التابعة لمنظمة بدر وليش في أحد مراكز الشرطة ! وهو الأمر الذي دعا (رئيس ديوان الوقف السني) الدكتور عدنان الدليمي إلى التنديد باقتحام المجلس واعتقال حراسه ومصادرة أسلحتهم التي قال بأنها مجازة من قبل وزراة الداخلية وبالتحقيق غير الأصولي، الذي أجري معهم والاتهامات الخرافية التي وجهت إليهم، وهو الأمر الذي استنكره أيضاً (وزير الدولة لشؤون الأمن) قاسم داوود طالباً من الجهة التي تعتقلهم بإطلاق سراحهم فوراً! وأكد رئيس الوقف السني أنه لا يريد أن يزيد النار اشتعالاً ويحافظ على ما تبقى من وحدة وطنية، خاصة وأن هناك الكثير من المتربصين لإثارة نار الفتنة الطائفية، لكن يجب صيانة حرمة المساجد وعدم التجاوز عليها من قبل مجاميع طائفية ترتدي السراويل العسكرية! <BR><BR>وأشار بألم إلى أن الجهة التي اعتقلتهم قالت: إننا دفعنا رشاوى من أجل إطلاق سراحهم، وهذا كذب رخيص.<BR><BR><font color="#0000FF">جرائم وانتهاكات: </font><BR> تتواصل في الشارع العراقي القصص وحكايات الاعتداء والتجاوزات على المواطنيين العراقيين من قبل أفراد الحرس الوطني العراقي، وتنشر الصحف بين آونة وأخرى بعض هذه الممارسات غير الإنسانية، مما دفع الناس إلى المقارنة بين ما يجري الآن وبين ما كان يجري في المدة التي سبقت الاحتلال، ويرى العراقيون أن ما يحصل الآن على أيدي قوات الحرس الوطني هو امتداد لما تمارسه قوات الاحتلال من أذى وتنكيل بالمواطن العراقي دون أي ذنب. <BR><BR>وقد أكد (عضو المجلس الوطني العراقي) أحمد حكيم أنه سيطالب باستجواب (وزير الدفاع العراقي) حازم الشعلان على خلفية تورط بعض قادة الحرس الوطني في انتهاكات لحقوق الإنسان للمعتقلين من قبل بعض القادة الميدانيين في مدينتي واسط والكوت. وأوضح أن قادة الحرس الوطني ومحافظ واسط ونائب المحافظ متورطون في الخروقات التي تحدث في تلك المدن، حيث هنالك العشرات من القضايا الوهمية والعشرات من حالات الاعتقالات الكيفية وفرض الأوامر التعسفية وحالات التعذيب ضد المعتقلين في تلك المدينة. وأشار إلى أن القادة الميدانيين من الحرس الوطني في تلك المدينة عينوا من قبل القوات الأمريكية بالإضافة إلى المحافظ ونائبه. <BR><BR>وأكد عضو البرلمان أن هؤلاء القادة من أصحاب السوابق ومن المشكوك بنزاهتهم وولائهم للوطن لذلك فنحن نطالب بإقالتهم من مناصبهم وإحالتهم للتحقيق لينالوا عقابهم العادل، وأشار إلى حادثة حصلت قبل عدة أسابيع، حيث تم اعتقال إمام وخطيب أحد المساجد في الكوت هو الشيخ عمار طعمة، وتعرض لتعذيب وحشي، وتم رفع شكوى بهذا الصدد لدائرة المفتش العام في وزارة الداخلية والدفاع من أجل التحقيق في الأمر، وصدمنا بعدم معرفة النتيجة، حيث تمت تبرئة قادة الشرطة والحرس من هذه التهمة، وقبل 3 أيام حدثت حادثة مماثلة، حيث تم اعتقال شابين دون معرفة الأسباب. <BR><BR>وصدم هذان الشابان بالأسلوب الوحشي الذي تعرضا له، فالأول وبسبب قرابته من أحد المسؤولين في المحافظة أطلق سراحه ورأيت بنفسي آثار التعذيب على جسده، أما الثاني فيمكن وصف حالته بأن جلده قد نزع أو سلخ.<BR><BR><font color="#0000FF">الميليشيات الحزبية: </font><BR>وبموجب اتفاق تم التوصل إليه بين (رئيس الحكومة العراقية المؤقتة) الدكتور إياد علاوي في تموز الماضي مع قادة الأحزاب المؤتلفة في الحكومة فسيتم قبول 100 ألف من أفراد سبع ميليشيات حزبية في مؤسسات الجيش والحرس الوطني والأمن في بداية العام القادم، وهي أحزاب الدعوة والمؤتمر الوطني والوفاق الوطني وحزب الله والديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ومنظمة بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية.<BR><BR>ويتحدث أحد ضباط الحرس الوطني عن مهمات الحرس وهو النقيب (وسام عبد الستار) أمير السرية الثالثة في الفوج 304 لواء 40 بقوله: إن مهمتنا هي حفظ أمن المواطن وتعقب الإرهابيين الذين يريدون تدمير البلد وقتل المواطنين واعتقالهم ومنعهم من ذلك، ويضيف النقيب عبد الستار: أن سريته قامت بعشرات الحملات في ملاحقة المسلحين وإلقاء القبض عليهم، ويشير أمير السرية بأسى إلى نظرة بعض الناس إليهم بأنهم عملاء للأمريكان! ويقول: إن هذا غير صحيح بالمرة ، نحن نقوم في بعض الأحيان بواجبات مشتركة مع القوات الأمريكية، ولكن في معظم الأحيان نقوم بوجبات مستقلة، ويتذكر النقيب عبد الستار بألم سقوط العديد من زملائه كقتلى في كمائن، حيث أطلق عليهم المسلحون النار أو قاموا بتفجير العبوات الناسفة ضد سيارتهم ، ويقول: إن تسليحهم لا يوازي مطلقاً تسليح أعدائه الذين يمتلكون المدافع والراجمات والرشاشات الثقيلة، ويضيف: أن الكثيرين من زملائه يخفون وجوهم تحت أقنعة سوداء عند القيام بواجبات المداهمة والمصادرة لكي لا يتعرف عليهم أحد وينتقم منهم ، حيث إن الكثير من جنود الحرس الوطني اغتيلوا وهم في دورهم أو في طريقهم إلى واجباتهم، وهذا ما اضطر الكثير منهم إلى ارتداء الملابس المدنية عند خروجهم من المعسكرات عائدين إلى بيوتهم … وعن كيفية تطوعه في الحرس،<BR><BR>قال النقيب عبد الستار: إنه كان ضابطاً في الجيش السابق، لكنه طرد منه لكون أحد أقربائه من حزب الدعوة، لذا قبلت معاملة تطوعه بسرعة ؛ لأن المفضل هم الضباط المطرودين من الجيش لأسباب سياسية!<BR><br>