فوز حماس الكاسح تحد كبير لعباس وشارون
18 ذو الحجه 1425

حققت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فوزاً كاسحاً في انتخابات البلديات العشر التي جرت في قطاع غزة، وفازت في7 بلديات من أصل 9 خاضتها ، وحصلت على 77 مقعداً من أصل 118 بنسبة 65,25 %، مقابل 26 مقعداً حصلت عليها حركة فتح بنسبة 22% فقط ، في حين حصلت الجبهة الشعبية على مقعد واحد بنسبة 0,84 %، وفاز المرشحون الأفراد المستقلون بخمسة مقاعد بنسبة 4,23 %، وحصلت عائلة تسمي "المصدر" مستقلة أيضاً على تسعة مقاعد بنسبة 7,62%، أما بقية الفصائل فلم تحقق أي مقعد في البلديات العشرة. <BR><BR>ويعد فوز حماس بهذه النسبة العالية في معقلها في غزة، حيث يعيش 1.4 مليون فلسطيني متفوفة على حركة فتح الحاكمة ، إضافة إلى فوزها بنسبة 40% تقريباً مقابل 60% من الأصوات لفتح في معقل فتح التقليدي بالضفة الغربية في 23 ديسمبر 2004م مؤشر هام على مدى شعبية الإسلاميين، وفرض أنفسهم كورقة سياسية مهمة لا يمكن تجاهلها في الحياة السياسية الفلسطينية . <BR><BR>كما أن هذا الفوز الكاسح يأتي في توقيت هام تبدأ فيه السلطة الفلسطينية بقيادة فتح "عملية سياسية" جديدة – بالتعاون مع حكومة شارون - هدفها وقف المقاومة ونزع سلاح الفصائل المسلحة ، وإعلان هدنة مؤقتة مع الحكومة الصهيونية ، والتمهيد للانسحاب الإسرائيلي من غزة ، وتشكيل حكومة فلسطينية جديدة وإدارة تحكم غزة ، ويكشف في ثناياه رغبة حماس في المشاركة في هذه الحكومة ، وهو ما ألمح إليه الناطق باسمها "أبو زهري" الذي قال :" إن النتائج أظهرت أن الشعب الفلسطيني يصر على ضرورة مشاركة حماس في الانتخابات المقبلة " .<BR><BR>ورغم أن الانتخابات البلدية الفلسطينية التي جرت في الضفة في ديسمبر الماضي وفي غزة هذا الأسبوع (يناير 2005م) هي مجرد مرحلتين من 4 مراحل لهذه الانتخابات ولن يحسم مجموع نتائج مراحلها النهائية قبل نهاية العام المقبل 2005م؛ فقد أظهرت هذه المراحل مؤشرات مهمة على صعيد تفوق حركة حماس ومغزى هذا الفوز الذي يعني منافستها لفتح بقوة وفرض خيار المقاومة في وقت تدعو فيه قيادة فتح لوقف المقاومة المسلحة .<BR><BR>وأهمية هذه الانتخابات أنها أول انتخابات بلدية تجرى منذ عام 1967م، عندما كانت حماس لم تظهر بعدُ على الساحة السياسية (بدأ ظهورها القوي في الثمانينيات)، وأول مرة تقتحم فيها حماس المجال الانتخابي بعدما ظلت ترفض المشاركة في انتخابات السلطة الفلسطينية؛ باعتبار أنها تجري وفق اتفاقيات أوسلو المرفوضة، ويبرر خصومها عدم مشاركتها بالخوف من إظهار قوتها الحقيقية في الشارع التي كانوا يقدرونها بأقل من 25% من الساحة الفلسطينية، ولكن ثبت من مرحلتها الأولى والثانية أنها رقم صعب لا يمكن تجاوزه بعدما فازت نافست فتح في معقلها في الضفة فازت بأكثر من 40% من المقاعد البلدية ، وهزمتها في غزة وحصلت على مقاعد يفوق ما حصلت عليه فتح بثلاثة مرات !؟ <BR><BR>ويمكن رصد مغزى ، وأهم النتائج المترتبة علي هذه النتائج في النقاط التالية :<BR>1- بلغت نسبة الاقتراع في هذه الانتخابات نحو 90% ممن لهم حق الاقتراع، وهي نسبة تفوق كثيراً نسبة المشاركة حتى في الانتخابات الرئاسية التي أجريت لاختيار خليفة لـ(الرئيس الفلسطيني الراحل) ياسر عرفات (أبو مازن)، والتي قاطعتها حماس .<BR><BR>2- أظهرت النتائج فوز قائمة "التغيير والإصلاح" التابعة لحركة حماس في بلديات مهمة في مناطق التماس مع قوات الاحتلال في شمال وجنوب قطاع غزة ، مثل بلدية بيت حانون شمال قطاع غزة التي فازت حماس بـ11 مقعداً من 13 فيها ، مقابل مقعد للجبهة الشعبية ومقعد للمستقلة ابتسام الزعانين ، وفازت قائمة التغيير والإصلاح في بلدية "بني سهيلا" جنوب قطاع غزة بـ 12 مقعداً، مقابل مقعد واحد لمستقل إسلامي ،و فازت القائمة أيضاً في بلدية دير البلح وسط قطاع غزة بـ13 مقعداً من 15 ، مقابل مقعد واحد لحركة فتح / ومقعد لمستقل ، بالمقابل فازت فتح في وسط غزة، حيث مراكز السلطة والشرطة ، مثل: بلدية المغازي وسط قطاع غزة، التي فازت فيه فتح بعشرة مقاعد ، وفازت في بلدية الزهراء جنوب مدينة غزة بستة مقاعد .<BR><BR>3- ستفرض هذه النتائج خصوصاً في غزة على قيادة فتح مستقبلاً أخذ مواقف حماس وقوتها السياسية التي أظهرتها الانتخابات في الاعتبار، كما ستبعث برسالة إلى محمود عباس (رئيس السلطة الفلسطينية الجديد) عن مدى القوة التي يشكلها الإسلاميون في الساحة الفلسطينية (الجهاد وقوى إسلامية أخرى لم تشارك في الانتخابات)، وضرورة أخذ مواقفهم في الحسبان مستقبلاً. <BR><BR>4- كشفت النتائج تراجع فتح عموماً ليس فقط في غزة، ولكن أيضاً الضفة الغربية ، وكشفت بالتالي أسباب تردي موقف فتح وعدم فوزها بأكثر من 90% كما كان عليه الحال منذ احتلال الضفة وغزة عام 1967م، وهي أسباب كثيرة ومعروفة، أبرزها تفكك كيان فتح -مع بدء عمليات التسوية السلمية- بين الحمائم والصقور داخل الحركة ، وانتشار الفساد في أرجاء السلطة الفلسطينية وتقلص الخدمات التي تولتها حماس بشكل كبير .<BR><BR>5- ستقوي هذه النتائج مطالب حماس في المشاركة في السلطة ، ودخول منظمة التحرير وتغيير نظمها ومرجعيتها، خاصة أنه كان المعروض سابقاً على حماس من جانب فتح أقل من 25% من المناصب في المنظمة؛ وهو ما لا يعبر عن قوتها التي أظهرتها الانتخابات البلدية ، كما ستقوي النتائج قوة حماس السياسية وتأثيرها في التسويات السياسية للقضية الفلسطينية رغم ما يتردد عن انهيار الحركة وتدهور قوتها مع تزايد الضربات الصهيونية الموجهة لها واغتيال العشرات من قادتها وكوادرها .<BR><BR>6- سيكون على قيادة فتح والسلطة الفلسطينية مستقبلاً أخذ مواقف حماس السياسية في الاعتبار، ومن ثم التريث في مسائل، مثل: نزع سلاح فصائل المقاومة، أو القيام باعتقالات للمقاومين على غرار ما كان يحدث عقب توقيع أوسلو. <BR><BR>وخلاصة القول: إن فوز حماس بهذه النسبة الكبيرة نسبياً (أكثر من 40% في الضفة و65% في غزة) وفي مدن تعد معاقل تقليدية لفتح، يفتح الطريق أمام تغيير حقيقي في التركيبة السياسية الفلسطينية، وأمام فرز جديد للقوى السياسية يختلف كلياً عن فرز الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وسيترتب عليه متغيرات جديدة في الساحة الفلسطينية. <BR>وقد أثبتت حماس بهذه النتائج أنها حققت اختراقاً سياسياً كبيراً، وثبتت أقدمها في وقت تطالب فيه أطراف في السلطة الفلسطينية والحكومة الصهيونية بحصارها وتقييد أيديها ونزع سلاحها .<BR><br>