أصلان مسخادوف.. الجهاد في زمن الاستسلام
29 محرم 1426

يعد (الرئيس الشيشاني السابق) أصلان مسخادوف، من أبرز قادة المجاهدين الشيشان الذين قادوا الجهاد المسلح للدفاع عن الشيشان المسلم، خلال أعوام طويلة، شملت الحربين الرئيستين بين الشيشان والاحتلال الروسي.<BR><BR>كما يعد من أبرز القادة المطلوبين لجهاز الأمن الروسي، بسبب أعماله الباسلة ضد قوات الاحتلال الروسية، وقيادته السياسية والعسكرية، التي ساهمت في دحر الاحتلال الروسي بعد الحرب الأولى.<BR>إذ رصد جهاز الأمن الروسي الاتحادي مبلغ 300 مليون روبل (حوالي 10.3 مليون دولار) مقابل اعتقال أو اغتيال أصلان مسخادوف، و(قائد المجاهدين الميداني) شامل باساييف.<BR><BR>ولأنها ليست المرة الأولى التي يقتل فيها أحد قادة الجهاد في الشيشان، فإن عملية اغتيال مسخادوف ستبقى مسألة رمزية بالنسبة للمجاهدين، ومن غير المتوقع أن تؤثر سلباً على عزيمتهم في الجهاد، أو تحبط من معنوياتهم أو تفرقهم، كما تأمل موسكو.<BR>بل على العكس، قد تساهم عملية اغتياله في إثارة نفوس الكثيرين من محبي مسخادوف والموالين له، من بين المجاهدين وغيرهم، وقد تشهد روسيا والشيشان المحتل خلال المدة القادمة، عمليات مسلحة، كرد على اغتيال مسخادوف.<BR><BR>كما أعلنت جماعة المجاهدين على الفور، أنها بصدد إجراء مشاورات مكثفة، لاختيار خليفة لمسخادوف، لئلا يحدث فراغ قيادي بين المجاهدين.<BR>ورغم ذلك، إلا أن هذا لا ينتقص من مكانة وأهمية مسخادوف، وفقدان المجاهدين الشيشان لأحد أهم رموزهم القيادية السياسية والعسكرية، خاصة وأنه قاد المجاهدين في السلم (كرئيس للبلاد) وفي الحرب (كقائد للمجاهدين).<BR><BR><font color="#0000ff">حياته:</font><BR><BR>ولد الرئيس أصلان مسخادوف عام 1951م، في جمهورية كازخستان، وغادرها مع والديه، وهو في سنّ السادسة، للعيش في قرية زبير يورت، وبالتحديد في مقاطعة نادترشني، بجمهورية الشيشان وإنجوشيا، والتي كانت تتمتع آنذاك بالاستقلال الذاتي اسمياً ضمن الاتحاد السوفيتي السابق.<BR>ثم عاد مع عائلته إلى الشيشان عام 1957م.<BR><BR>تخرّج أصلان مسخادوف عام 1972م في كلية تبليسي العليا لسلاح المدفعية في العاصمة الجورجية، تبليسي، ثم التحق بأكاديمية كالينين العسكرية، في مدينة لينينغراد، حيث تخرج بتقدير امتياز عام 1981م.<BR>والتحق بالجيش السوفيتي، ليخدم بين صفوف وحداتها في كل من هنغاريا وليثوانيا، قبل أن يصبح رئيس هيئة أركان الجيش الشيشاني عام 1993م بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.<BR><BR>خلال سنوات خدمته في الجيش الروسي، عمل مسخادوف قائداً لسرية مدفعية، ثم قائداً لفوج ضمن القوات السوفيتية، التي كانت متمركزة سابقًاً في المجر. <BR>وفي يناير 1991م، وبعد ترقيته إلى رتبة عقيد، شارك مسخادوف، على رأس فرقة للصواريخ والمدفعية، في محاولة من الجيش السوفيتي السابق لاحتلال برج التليفزيون في مدينة فيلنيوس ، عاصمة ليتوانيا ، وذلك في إطار المحاولات الفاشلة التي قام بها (الرئيس السوفيتي السابق) ميخائيل جورباتشوف لوقف الحركات الانفصالية داخل جمهوريات البلطيق.<BR><BR>وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي إلى دول، عاد مسخادوف إلى الشيشان، عام 1992م، ليعمل ضمن القوات المسلحة الشيشانية، حيث رقي إلى رتبة لواء، وأصبح رئيساً لهيئة الأركان في ديسمبر 1993م.<BR><BR><font color="#0000ff">العسكري المحنك يدحر الروس:</font><BR>خلال الحرب الشيشانية الأولى، قاد مسخادوف القوات الشيشانية ضد قوات الاحتلال الروسية، التي حاولت السيطرة على الجمهوريات السوفياتية السابقة، وجعلها تابعة لروسيا.<BR>واستطاع العسكري المحنك، أن يقود الجيش الشيشاني من نصر إلى آخر، ضد القوات الروسية التي أرسلتها موسكو لاحتلال الشيشان، خلال السنوات التي امتدت حتى ديسمبر 1994م.<BR><BR>وأخيراً وفي عام 1997م، وقع ماسخادوف و(الرئيس الروسي آنذاك) بوريس يلتسين، على اتفاقية وصفت بأنها ستنهي (400 عام) من النزاع بين موسكو والمنطقة الشيشانية.<BR><BR><font color="#0000ff">سنوات المفاوضات الساخنة:</font><BR><BR>خلال هذه السنوات، شارك مسخادوف كعضو بارز في المفاوضات التي دارت بين القادة الشيشان والمسؤولين الروس، تمهيداً لاستقلال الشيشان عن جمهورية روسيا الاتحادية، وذلك في مدينة جروزني.<BR><BR>وخلال صيف عام 1995م، وقع مسخادوف اتفاقية هامة بين موسكو وغروزني، تحدد المسائل العسكرية بين الجانبين.<BR><BR>ثم شارك مسخادوف في المفاوضات التي دارت مع ممثّلي الحكومة الفيدرالية الروسية في مدينة نزران ، في يونيه 1996م، وفي مدينة نوفيي أتاجي، خلال المدة من 28 يونيه وحتى 4 يوليه 1996م. <BR><BR>وفي يوم 31 أغسطس 1996م، وبعد مفاوضات مع ألكسندر ليبيد (سكرتير مجلس الأمن الروسي السابق) وقّع أصلان مسخادوف ما يُعرف باتفاقيات" خسف يورت"، التي كان يفترض أن تضع حداً نهائياً للنزاع المسلح مع القوات الروسية. <BR><BR>وتبعت ذلك اتفاقية على المبادئ المنظّمة للعلاقات بين جمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية الشيشان، وقّعها مسخادوف يوم 23 نوفمبر 1996م، في أعقاب مفاوضات دارت في ضواحي موسكو مع فيكتور تشيرنومردين (رئيس الوزارء الروسي الأسبق).<BR><BR><font color="#0000ff">الحكومة الشرعية :</font><BR>ثم أصبح مسخادوف رئيساً للوزراء في الحكومة الائتلافية المؤقتة التي حكمت الشيشان خلال المدة من أكتوبر 1996م وحتى 27 يناير 1997م.<BR><BR>وفي عام 1997م، عندما جرت الانتخابات الرئاسية الشيشانية الحرة، فاز مسخادوف بنسبة 68.6% من أصوات الناخبين، متقدماً على منافسه شامل باساييف. ليصبح رئيساً منتخباً وشرعياً للبلاد،<BR>حيث تم تنصيبه رئيساً لجمهورية الشيشان، خلال حفل رسميّ أقيم في العاصمة جروزني، يوم 12 فبراير 1997م. <BR><BR>وأكد المراقبون الدوليون شرعية الحكومة الجديدة المنتخبة، كما أرسل بوريس يلتسين تهانيه إلى (الرئيس الشيشاني) أصلان مسخادوف، مؤكداً حرص موسكو على إعادة بناء العلاقات مع الشيشان.<BR><BR>وأثناء سنوات رئاسته استطاع مسخادوف أن يقوم بسلسلة زيارات خارجية مثمرة إلى كل من بريطانيا وأمريكا وتركيا والمملكة العربية السعودية وجورجيا آذر بيجان وماليزيا وروسيا.<BR><BR>ورغم فرض عقوبة الحصار الاقتصادي الكامل على جمهورية الشيشان، تم إنعاش مجموعة من المشاريع الاجتماعية والصناعية الهامة في الجمهورية، وكل ذلك بجهود ذاتية. <BR><BR><font color="#0000ff">عودة الحرب:</font><BR><BR>في عام 1999م عادت القوات الروسية لتشن حربها الثانية ضد الشيشان، ورفض مسخادوف الاستسلام، وقاد النضال الشيشاني ضد الاحتلال الروسي مرة ثانية، الذي حاول تنصيب حكومة موالية له من الشيشانيين في المنفى.<BR><BR>وفي يوم 21 يوليو 2001م لأول مرة بعد الخروج من عاصمة الشيشان من مدينة جوهر، تم عقد اجتماع لهيئة القادة من جميع المستويات في منطقة نجاي يورت، حيث قرر الاجتماع مرحلة جديدة في الجهاد الوطني التحرري للشعب الشيشاني تنتقل بموجبها القوات المسلحة الشيشانية إلى عمليات عسكرية على نطاق واسع في كافة أراضي الشيشان.<BR><BR>وأكد مسخادوف مراراً معارضته أية شروط مسبقة لبدء المفاوضات السلمية لتسوية النزاع الشيشاني الروسي. <BR><BR>وبعد حصار المسرح الروسي في موسكو، خلال شهر أكتوبر 2002م، أعلن (الرئيس الروسي) بوتين أنه سيعارض دائماً الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع المجاهدين.<BR>وقام بتنصيب حكومة موالية لموسكو، تسلم قيادتها أحمد قادروف.<BR><BR>إلا أن مسخادوف هدد بأنه سيصل إلى الرئيس الجديد الموالي لموسكو، وبالفعل، وخلال شهر مايو 2004م، نفذ المجاهدون الشيشان عملية تفجيرية نوعية، أسفرت عن اغتيال قادروف، أثناء حضوره حفلاً وطنياً في ملعب الاستاد في غروزني.<BR><BR><font color="#0000ff">الاستشهاد:</font><BR><BR>خلال سنوات الحرب الطويلة بين الشيشانيين بزعامة مسخادوف، والاحتلال الروسي، عملت موسكو بكل جهودها من أجل اغتيال مسخادوف، الذي نجا عدة مرات من محاولات الاغتيال والاستهداف.<BR><BR>إلى إن كتب الله له الشهادة يوم الثلاثاء 27 محرم 2005م، الموافق لـ8 مارس 2005م، خلال عملية مسلحة قامت بها قوات روسية خاصة، شمال العاصمة غروزني.<BR>لتطوى إحدى صفحات قادة الجهاد الشيشانيين الكبار، الذي ضربوا مثالاً حقيقياً في العصر الحديث، لبأس المجاهدين وصبرهم وكفاحهم في سبيل الله.<BR><BR>وليقدم مسخادوف صورة مشرقة من صور الجهاد الحقيقي، في زمن الاستسلام.<BR><BR><br>