الصين.. العملاق الاقتصادي القادم
9 صفر 1426

تعد الصين واليابان والولايات المتحدة من أسرع ثلاث اقتصاديات منتجة في العالم.<BR>إلا أن الصين تعد -اقتصادياً- الأسرع نمواً من بين تلك الدول، إذ حافظت خلال العقدين الماضيين على متوسط نمو قدره 9.5% في العام الواحد.<BR><BR>وفيما بدأت الديون المالية والمشاكل الاقتصادية ترهقان اقتصاد الولايات المتحدة واليابان.. تبدو الصين متجهة بقوة لأن تحتل مكانة متقدمة عالمياً في مراكز الاقتصاد، قد تجعلها تتبوأ المركز الأول خلال السنوات القادمة.<BR><BR>فالصين اليوم تعد سادس أكبر اقتصاد في العالم (الولايات المتحدة أولها، تليها اليابان)، وهي ثالث أكبر شريك تجاري مع الولايات المتحدة بعد كندا والمكسيك.<BR>إلا أنه وطبقاً لإحصائيات ودراسات من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) فإن الصين عملياً تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، نسبة إلى أساس معادلة القوة الشرائية، وهو يتعلق بما تنتجه الصين في الواقع، بدلاً من المضاربات بأسعار العملات وأسعار الدولار.<BR><BR>وبحسب إحصاءات الـ(CIA) فإن إجمالي الدخل المحلي للولايات المتحدة يتم احتسابه عبر حساب القيمة الكلية لجميع الخدمات والسلع التي أنتجتها الولايات المتحدة خلال عام واحد.<BR>وبناء عليه، فإن أكبر اقتصاد في العالم هو الولايات المتحدة بواقع 10.4 ترليون دولار.. وثاني أكبر اقتصاد في العالم هو الصين، بواقع 5.7 ترليون دولار.<BR>وهذا يعني أن إجمالي الدخل لـ1.3 بليون شخص في الصين يعادل 4.385 دولاراً للفرد الواحد.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">مخاوف أمريكية من الاقتصاد الصيني: </font><BR>خلال الأعوام بين 1992-2003م كانت اليابان تعد أكبر شريك تجاري مع الصين.<BR>إلا أن اليابان تراجعت إلى المركز الثالث بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلال العام 2004م.<BR>وقد وصل حجم تجارة الصين خلال عام 2004م إلى 1.2 ترليون دولار، وهو يعد ثالث أضخم تجارة اقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة وألمانيا، محتلاً مركزاً متقدماً أمام اليابان التي بلغ حجم تجارتها العالمية مبلغ 1.07 ترليون دولار.<BR><BR>واحتل التبادل التجاري للصين مع الولايات المتحدة نسبة 34% من حجم التجارة الصينية عام 2004م، محولة شواطئ لوس أنجلوس بكاليفورنيا وشواطئ أوكلاند خلية عمل للتبادل التجاري الصيني.<BR><BR>وأبرز ما شهده عام 2004م في التجارة الصينية هو بروز الاتحاد الأوروبي كأكبر شريك اقتصادي مع الصين، حيث برز ككتلة اقتصادية مقابل الكتلة الأمريكية اليابانية، وفق ما ترى صحيفة الفايننشال تايمز الأمريكية، التي تؤكد أن الصين التي دخلت منظمة التجارة العالمية قبل 3 سنوات فقط (عام 2001م) لم يعد نفوذها هاماً، بل حاسماً في كثير من الأمور، مشيرة إلى أن معظم الكومبيوترات المباعة في الولايات المتحدة مصنوعة في الصين، بالإضافة لملايين مشغلات الأقراص الـ(DVD) والتلفزيونات وغيرها..<BR><BR>وحسب الإحصاءات الرقمية لحجم التجارة الصينية مع دول العالم.. فقد بلغت عام 2004م، (177.2) بليون دولار مع الاتحاد الأوروبي، و(169.6) بليون دولار مع أمريكا، و(167.8) مع اليابان.<BR><BR>دول العالم الاقتصادية تدرك تنامي الثقل الاقتصادي للصين في العالم.. إلا أن الولايات المتحدة واليابان تنظران بعين القلق نحو معدلات النمو الاقتصادية وأثرها على توازن القوى العالمية.<BR><BR>وحسب توقعات وكالة الاستخبارات الأمريكية، فإن إجمالي حجم الناتج القومي الصيني سوف يعادل الناتج القومي لليابان في عام 2009م، وسيقفز إلى معدلات تساوي ضعف الناتج القومي الألماني خلال عام 2017م.. وسيواصل صعوده نحو معدلات الناتج القومي الأمريكي عام 2042م.<BR><BR>إلا أن (نائب الرئيس السابق لقسم البنك الدولي للصين) جافيد بركي، يتوقع أنه خلال العام 2025م سيصل الناتج القومي الصيني مبلغ 25 ترليون دولار، وبالتالي سيصبح أكبر اقتصاد في العالم.. متقدماً على الاقتصاد الأمريكي البالغ (20 ترليون دولار).. والهند (13 ترليون دولار).<BR>وتأتي توقعات بركي على أساس احتفاظ الاقتصاد الصيني بنسبة نمو سنوية تقدر بـ6% خلال العقدين القادمين.<BR><BR><font color="#0000FF">توقعات بنمو صيني وتدهور ياباني: </font><BR>وحسب توقعات بركي التي نشر جزءاً منها مجلة (آسيا تايمز) فإن الاقتصاد الياباني سوف يعاني من تدهور حتمي، بسبب انكماش أعداد اليابانيين ابتداءً من عام 2010م.<BR>إذ طبقاً لتقارير وزارة الشؤون الداخلية اليابانية، فإن عدد الرجال في اليابان هبط بنسبة 0.01% خلال عام 2004م، وبناءً عليه فإن خبراء الإحصاء يتوقعون أنه بنهاية القرن الحالي سيكون عدد سكان اليابان قد هبط إلى الثلثين.<BR>وعلى عكس ذلك فإن أعداد الصينيين سوف تستقر عند 1.4 بليون نسمة خلال السنوات القادمة.<BR><BR>وتشير صحيفة النيويورك تايمز إلى أن السياسة الحكومية الصينية التي تطبق في مناطق واسعة من الصين، تحتم على أي عائلة عدم إنجاب أكثر من ابن واحد، وأنه حسب الإحصاءات الصينية فإن نسبة الذكور إلى الإناث في الصين بلغت 129 ذكراً لكل 100 بنت، وترتفع هذه النسبة إلى 147 ذكراً لكل 100 بنت لدى العائلات التي تنجب طفلاً ثانياً أو ثالثاً.<BR><BR>لذلك فإن النمو الاقتصادي المحلي للصين من المتوقع له أن يستمر في التقدم، خاصة وأن الصين لا تعاني من ديون خارجية، على عكس الولايات المتحدة واليابان.. اللتين تقيدهما ديون كبيرة خلال المدة القادمة.<BR>كما يوجد آلاف الشركات الصغيرة التي تقوم بإنتاج ملايين القطع والسلع والبضائع، يتم بيعها في أسواق عائلية، دون أن تسجّل في الإحصاءات الرسمية الصينية.<BR><BR>كما تعاني الولايات المتحدة من تزايد حجم الإنفاق الحكومي والعسكري (خاصة بعد احتلال أفغانستان والعراق).. كما تؤدي أي مشكلة تعاني منها دول جنوب شرق آسيا (التي ترتبط عملاتها بالدولار) إلى تفاقم مشكلة الدولار الذي هبط إلى مستويات متدنية خلال المدة الماضية.<BR><BR>ورغم أن اليابان تمتلك أكبر احتياطي من العملات الأجنبية في العالم، تقدر بنحو (841 بليون دولار) إلا أن الصين بدأت تمتلك (609.9 بليون دولار) منذ مطلع عام 2004م بسبب الفائض التجاري مع الولايات المتحدة..<BR>وإذا استمر الوضع كذلك، فإنه وخلال زمن بسيط ، ستكون الصين أكبر دولة تمتلك احتياطياً من العملات الخارجية في العالم.<BR><BR>يقول الصحفي الأميركي "جيمس إف. هوج"، في مقال سابق له:" إن وضع الصين لا ينتهي عند هذا الحد. فاقتصاد الصين، (التي تلعب دوراً بارزاً في الاقتصاد الدولي)، يرتبط على نحو وثيق بالنظام الدولي العالمي، فالصين ما هي إلا قاطرة تقود اقتصادات الدول الآسيوية المتعافية من أزمة التسعينيات".<BR>ويتابع هوج بالقول: " لقد أصبحت اليابان، على سبيل المثال، المستفيد الأول من تنامي اقتصاد الصين، وتدل إحصاءاتها الاقتصادية على ذلك، فتشير الأرقام الرسمية الأخيرة إلى أن معدل الدخل القومي الحقيقي كان قد زاد بمعدل 6.4 % في الربع الأخير من العام 2003م، وهو المعدّل الأعلى منذ العام 1990م، وقد خرجت اليابان ـ بفضل الصين ـ من عقد التوعّك الاقتصادي الذي مرّت وما زالت تمر به، إلا أن جدوى هذا مرهون بمدى صمود اقتصاد الصين".<BR><BR>ومن ناحية أخرى، فإن الصين تعد من أوائل الدول التي تتمتع بوجود استثمارات أجنبية لديها، بلغت في المتوسط 35 بليون دولار في العام، وهي نسبة أعلى بكثير من أي دولة أخرى.<BR><BR><font color="#0000FF">صعوبات محتملة: </font><BR>رغم ما يحققه الاقتصاد الصيني من انتعاش مستمر، إلا أن بعض الخبراء يرون أن الأرقام السابقة لا تعني أن الاقتصاد الصيني لا يعاني من عقبات أو صعوبات، أو أنه يسير في طريق سهل ويسير.<BR><BR>حيث يواجه الاقتصاد الصيني بعض العقبات التي تؤثر سلباً على نمو اقتصاده إلى حد ما، والتي تتمثل في ارتفاع أسعار النفط نظراً لزيادة الطلب الصيني عليه بشدة خلال العام الماضي 2004م، إضافة إلى أن الصين تمثل ربع الطلب العالمي على النحاس والألومنيوم والزنك، حيث أشادت شركات المعادن بالنتائج الإيجابية التي سجّلتها بفضل ارتفاع الطلب الصيني على هذه المعادن، وسط ضعف شديد في الطلب من جانب الأسواق الغربية. <BR><BR>وتشير الإحصاءات إلى نمو سريع في العلاقات بين كل من الصين وإفريقيا، موضحة كم الاستفادة التي جنتها دول هذه القارة من شراكتها مع الاقتصاد القوي.<BR> <BR>وفي المقابل تأتي التجارة البريطانية لتسجل نتائج ضعيفة، حيث قُدّرت قيمة صادراتها العام الماضي بأقل من 2.4 مليار إسترليني، أي بنسبة 1.2%، ووارداتها بأكثر من عشرة مليارات إسترليني، مما أسفر عن عجز يُقدّر بثمانية مليارات إسترليني.<BR><BR>كذلك فإن الأمور السياسية التي باتت تدفع إلى التوتر بالعلاقة الصينية مع تايوان، أصبحت تشكل مخاطر محتملة على الصين.<BR>كما تواجه الصين دولة أخرى، يتوقع أن تبلغ معدلات النمو فيها حداً يقودها إلى تبوأ المنصب الأول عالمياً من حيث حجم الناتج المحلي، وهي الهند.<BR>إذ تستمر الهند في تحقيق معدل اقتصادي تصاعدي يقترب من نسبة 8% سنوياً، وهو ما يشير إلى إمكانية أن تحقق الهند قفزات تنافسية مع الصين خلال السنوات القادمة.<BR><br>