أصداء من القمة العربية في الجزائر
12 صفر 1426

خاص بـ ( المسلم ) من الجزائر<BR><BR>تتوالى القمم العربية قمة بعد قمة، ولا جديد تحت الشمس يذكر، ولقد كشفت القمة الحالية في الجزائر، بعد الاجتماعات التحضيرية لمندوبي الجامعة، ووزراء الخارجية العرب على جملة من الملاحظات، كان أبرزها التقرير الذي قدمه (أمين عام الجامعة) عمرو موسى عن الوضع المالي للجامعة، و كان التقرير- حسب المطلعين عليه- مريراً وغير مشرف، إذ إن مجموعة كبيرة من الدول العربية لم تف بوعودها بدفع التزاماتها المالية، ودول أخرى دفعت فتاتاً من حصتها، وأخرى لم تدفع شيئاً بسبب عجزها.<BR><BR>وتسبب هذا العجز في تعطيل أكثر من 450 مشروعاً عربياً عن الإنجاز، ومن جهة أخرى يبقى التسيير المالي للجامعة محل غموض، إذ إن غياب الشفافية في هذا المجال يخفي معلومات مهمة عن المبالغ الكبيرة التي تنفقها الجامعة، على المشاريع و الاجتماعات العقيمة و مصاريف كبار موظفي الجامعة وإقامتهم وتنقلهم بين العواصم.<BR>ومن الغريب أن الوضع المالي المزري للجامعة لم يثنها عن قرارها إنشاء برلمان عربي، يرى كثيرون أنه سيكون ثقباً أسود آخر لتسرب المبالغ الطائلة التي ستصرف على البرلمانيين العرب.<BR><BR>وتساءل العديد من المراقبين عن مدى قدرة الجامعة العربية، في هذه الظروف المالية الصعبة، على مواجهة التحديات الدولية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تتزايد يوماً بعد يوم، خصوصاً من أمريكا والصهاينة والاتحاد الأوروبي.<BR><BR>ومن أصداء القمة أيضاً زعم المسؤولين الجزائريين والعرب أن قمة الجزائر ستكون قمة المصالحة، بين الإخوة الأشقاء والقادة المتخاصمين، في هذا الصدد ذكر (وزير الخارجية الجزائري) عبد العزيز بلخادم: أن القمة ستخلو من الملاسنات والصدمات الكلامية، التي شهدتها القمم السابقة، كما أن وزراء الخارجية وقادتهم سيلتقون فيما بينهم، ليعتذر بعضهم لبعض عما بدر منهم من أخطاء.<BR><BR>إلا أن المراقبين عن كثب لتحضيرات القمة وبدايتها لا يوافقون على هذا الطرح، فالقمة في رأييهم، لن تصالح أحداً مع أحد، ولن تحل المشاكل العالقة بين الفرقاء ؛ لأنها ببساطة قمة تتجنب الخوض في المشاكل، بأسلوب وضع الرؤوس في الرمال، أي أن المشاكل التي سببت الخلافات العربية أجلت لإشعار آخر، فالقمة العربية فضلت تعاطي المسكنات، بدل تقديم أي علاج.<BR><BR>ومن جهة أخرى فإن تصرفات القادة العرب ووزرائهم لا تنبئ بأنهم سيتصالحون، فقبل أسابيع من القمة كانت كل قيادة عربية تشترط على الحكومة الجزائرية أن توفر لبعثتها، المشاركة في القمة، مكان إقامة مختلف وبعيد عن مكان إقامة البعثات الأخرى، فبضهم اختار النزول في فندق الهيلتون، وآخرون في الشيراتون، وآخرون في السوفيتل، و..الاوراسي وغيرها من الفنادق والأثامات الرسمية، مما لا يدع مجالاً للالتقاء بين أعضاء البعثات في ردهات الفنادق ومصاعدها !!!<BR><BR>وعلق أحد الإعلاميين على هذه الحالة، بأنها فعلاً حالة عربية فريدة، فالقادة العرب لا يريد أن ينظر بعضهم في وجوه بعض، فكيف السبيل إلى المصالحة العربية في هذه الظروف؟<BR>والأشد من ذلك أن عند بداية الاجتماعات التحضيرية، لاحظ الصحفيون وغيرهم كيف كان المسؤولون العرب يتفادى بعضهم البعض في أروقة القمة وردهاتها، و بالنسبة للقادة فإن ثلثهم سيغيب، والحاضرون اشترطوا لحضورهم عدم إدراج قضايا مهمة تزعجهم، مثل الرئيس السوري الذي هدد بالتغيب إذا أدرجت قضية الانسحاب من لبنان على جدول أعمال القمة.<BR>فيبدو إذن أن المصالحة العربية كتب لها أن تكون ضرباً من الطوباوية والخيال.<BR><BR>النفاق السياسي والتطبيع<BR>قبل انعقاد القمة الحالية، ذكرت العديد من الأوساط السياسية والإعلامية، أن القمة العربية في الجزائر ستكون قمة للتطبيع مع الصهاينة، إلا أن المسؤولين الجزائريين، عبر تكثيف التصريحات الصحفية نفوا هذا التوجه، كما صرح بذلك وزير الخارجية الجزائري، حيث ذكر: أن بلد المليون شهيد لن تكون بلداً للتطبيع، وقال في هذا الصدد (مندوب الجزائر في الجامعة العربية) عبدالقادر حجار: من أراد أن يطبع فليطبع في بلده وليس في الجزائر بلد الشهداء.<BR><BR>و دأب المسؤولون الجزائريون، منذ الاستقلال على المتاجرة بدم الشهداء في مواقفهم السياسية وغيرها من المواقف، إلا أن المؤشرات تدل على أن الجزائر لن تخرج عن الإجماع العربي في إقامة علاقات مع الصهاينة آجلاً أم عاجلاً.<BR>ولقد بدأت هذه الخطوات في الجزائر منذ سنوات، منها خطوة السماح لمجموعة من الصحفيين العلمانيين بزيارة الكيان الغاصب، ومصافحة بوتفليقة لـ(رئيس الوزراء الصهيوني) باراك، إبان تشييع جنازة (العاهل المغربي) الحسن الثاني، فيما وصف حينها بدبلوماسية الجنائز، ثم مؤخراً معانقة بوتقليقة لشيمون بيرز في مدريد وتبادلهما كلمات ودية.<BR><BR>ومع أن القمة اتفقت على رفض مشروع الورقة الأردنية للتطبيع، والتأكيد على مبادرة السلام العربية المتفق عليها في بيروت، ورفض التطبيع المجاني، إلا أن المراقبين يعتقدون أن الأمر لا يعدو أن يكون نفاقاً سياسياً، فالتطبيع يجري على قدم وساق في الدول العربية، التي تهرول لفتح المكاتب الاقتصادية والسفارات والقنصليات على أراضيها، وتبادل الزيارات السرية والعلنية بين العرب والصهاينة.<BR><BR>ومن الواضح أن الإدانة للتطبيع مع الصهاينة تتولاه القمم العربية، أما التطبيع الفعلي فتتولاه كل دولة على حده، وقد صرح وزير خارجية الكيان الغاصب بأن عشرة من الدول العربية تقف في طابور التطبيع، تنتظر دورها بشغف، في الوقت الذي تنافق سياسياً تلك الدول أمام عدسات الكاميرا، مهللة بحقوق الفلسطينيين والعرب.<BR>ومن الغريب كذلك أن البيان الختامي الذي تسرب من القمة أغفل التطورات السلبية الخطيرة للوضع الفلسطيني، التي حدثت بعد قمة بيروت، منها وعد بلفور الثاني الذي قدمه بوش لشارون بعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، والتهام الجدار العنصري لآلاف الهكتارات من أراضي الضفة الغربية، وزيادة عدد بؤر الاستيطان، كان آخرها بالأمس، عندما وافق وزير الدفاع الصهيوني على بناء 3000 مسكن جديد في الضفة، مما يوشك على تهويد مدينة القدس نهائياً، فالعرب يتحدثون عن مبادرة سلام قديمة، هزيلة، لا تغني ولا تسمن من جوع، أمام الإصرار الشاروني الذي لا يعرف التراجع إلى الوراء.<BR><BR>إن القمة العربية الحالية تملأ الجو صياحاً، وسيخرج القادة العرب، كالعادة ببيان باهت عاجز عن تقديم أدنى الحلول لقضية العراق وسوريا وفلسطين والسودان؛لأن كل أوراق القضية بيد الإدارة الأمريكية.<BR>أما الشعوب فبعضها مهموم بظروفه المعيشية اليومية الصعبة، وآخرون قطعوا كل أمل في القمم العربية وينتظرون الفرج، ولو جاءهم على دبابة أبراهمز وطائرة أل ب 52<BR><BR><br>