قراءة في تقرير (راند).. الرؤية الأمريكية للتعامل مع العالم الإسلامي
18 ربيع الأول 1426

أفقدت تفجيرات 11 سبتمبر 2001م الأمريكان عقولهم، ودفعتهم للسؤال دوماً: لماذا يكرهوننا؟ (أي المسلمين)، وكيف نتعامل معهم مستقبلاً؟ وهل ننتظر رد الفعل الغاضب من العالم الإسلامي على سياساتنا المرفوضة، أم نبادر نحن ونحدد استراتيجية معنية للتعامل مع المسلمين والعرب؟!<BR><BR>وتحت هذا البند الأخير أجريت عشرات الدراسات والأبحاث عبر العديد من مراكز الأبحاث الأمريكية المتصلة بدواليب الحكم كلها تدور حول رسم سياسات جديدة للتعامل بين الإدارة الأمريكية والعالم الإسلامي بعضها يفرق بين الحكومات والشعوب، وبعضها يفرق بين "المعتدلين" و"المتطرفين"، والبعض الآخر وضع الجميع في سلة "تطرف" و"إرهاب" واحدة!<BR><BR>أحد هذه الدراسات الهامة صدرت من مؤسسة (راند) للأبحاث - وهي جماعة بحثية تابعة للقوات الجوية الأمريكية - في ديسمبر 2004م، وأعيد نشرها في مارس الماضي 2005م في 500 صفحة بعنوان " العالم الإسلامي بعد 11 سبتمبر " استهدفت تحديد "استراتيجية التعامل الأمريكية مستقبلاً مع العالم الإسلامي "، وكيف يتعامل قادة الولايات المتحدة مستقبلاً مع العالم الإسلامي.<BR><BR>أهمية الدراسة أنها تتضمن وصفاً لنظام أو وسيلة يمكن من خلاله التعرف على التوجهات الفكرية الرئيسة في الإسلام، والتمعن في الانقسامات بين الجماعات الإسلامية والفروق بين السنة والشيعة، وتتبع الأسباب طويلة الأمد والحالية لما يسمي "التطرف الإسلامي"، كما أنها تشير إلى بعض الاستراتيجيات السياسية والعسكرية المتاحة للمساعدة في تحسين الأحوال التي أنتجت ذلك التطرف". <BR><BR>قالت الدراسة: إن الأحداث المزلزلة التي وقعت خلال الثلاث سنوات الماضية – بما فيها الحادي عشر من سبتمبر و"الحرب على الإرهاب" – يلاحظ هنا التعبيرات الأمريكية في توصيف الأحداث - في أفغانستان والعراق وما بعدها- قد أثرت على العالم الإسلامي، وعلى موقفه تجاه الولايات المتحدة، بشكل خطير، وإن من الأهمية بمكان إعداد إستراتيجية محددة للتعامل مع العالم الإسلامي من شأنها "المساعدة في تحسين الأحوال التي أنتجت التطرف الديني والسياسي، والمواقف المعادية للولايات المتحدة ". <BR><BR>وإن القوات الجوية الأمريكية طلبت من مشروع مؤسسة "راند" للقوات الجوية، دراسة التوجهات الأكثر احتمالاً في التأثير على مصالح الولايات المتحدة وأمنها في العالم الإسلامي، واستجابة لذلك، قام الباحثون بإعداد هيكل تحليلي للتعرف على التوجهات الفكرية الرئيسة في الإسلام، والتمعن في الانقسامات بين الجماعات الإسلامية، وتتبع الأسباب طويلة الأمد والحالية "للتطرف الإسلامي"، وعلى أمل أن يساعد هذا الهيكل صناع القرار في الولايات المتحدة في فهم الاستراتيجيات السياسية والعسكرية التي يمكن اتباعها للتفاعل مع الظروف المتغيرة "في هذا الجزء الخطير من العالم". <BR><BR><font color="#0000FF"> موقف المسلمين من الديمقراطية والعنف! </font><BR>ركز المركز في دراسته على توضيح آلية (typology ) للتمييز بين التيارات الإسلامية الدينية والسياسية، بناءً على أفكارها وتوجهاتها السياسية والقانونية، والأشكال المفضلة لديها من أنظمة الحكم، ومواقفها من حقوق الإنسان، والأجندة الاجتماعية، وعلاقاتها بالإرهاب، وميلها إلى العنف.<BR><BR>وقال: إن الجماعات الإسلامية المختلفة في العالم الإسلامي تتراوح بين جماعات تؤيد القيم الديمقراطية وترفض العنف، وأخرى ترفض الديمقراطية وتتبنى العنف، وإن آلية التمييز هذه، يمكن أن تساعد صناع القرار في الولايات المتحدة في التعرف على الشركاء المحتملين في العالم الإسلامي، الذين قد يتعاونون في الترويج للديمقراطية والاستقرار، ومواجهة تأثير الجماعات المتطرفة والتي تمارس العنف.<BR><BR>والملاحظة الجوهرية هنا أنه عقب صدور هذه الدراسة لوحظ نوع من الانفتاح الأمريكي علي بعض الحركات الإسلامية في العالم العربي مثل الإخوان المسلمون وما تردد عن سعي أمريكا – وأوروبا- لفتح حوار معهم، وتأكيد (وزيرة الخارجية الأمريكية) رايس أن واشنطن ليس لديها مشكلة في حالة إجراء انتخابات حرة تصل بموجبها حركات إسلامية للحكم!<BR><BR><font color="#0000FF"> كيف نستفيد من الانقسامات في العالم الإسلامي؟! </font><BR>حرصت الدراسة علي رصد انقسامات أخرى بين المسلمين – بجانب الخلافات الفكرية – قالت: إنها "تفتك بالعالم الإسلامي ويمكن الاستفادة منها؛ لأن لها تأثيراتها في مصالح الولايات المتحدة واستراتجيتها، مثل:<BR><BR>1- خلاف السنة والشيعة: حيث غالبية المسلمين من السنة، في حين أن الشيعة يشكلون 15% من مسلمي العالم، وهم الفئة المهيمنة في إيران، والأغلبية المهمشة في البحرين، وفي المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، كما أنهم كانوا كذلك في العراق قبل إزاحة صدام، وهنا تحث الدراسة حكام الولايات المتحدة على التعامل مع الشيعة في بعض المناطق قائلة: "إن هنالك مصلحة للولايات المتحدة للانحياز بسياساتها إلى جانب الجماعات الشيعية، التي تطمح في الحصول على قدر أكبر من المشاركة في الحكم، والمزيد من حرية التعبير، السياسية والدينية "، وأنه "إذا أمكن تحقيق هذا التوافق، فإنه قد يشكل حاجزاً أمام الحركات الإسلامية المتطرفة، وقد يخلق أُساس لموقفٍ أمريكيٍ مستقر في الشرق الأوسط "!<BR><BR>ونلاحظ هنا أن هذه السياسة أو التوصية نفذتها وزارة الدفاع الأمريكية في العراق بالفعل عبر تهميش السنة الذين يقودون الجهاد ضد الاحتلال، والتعامل مع الشيعة لضرب هؤلاء السنة!!<BR><BR>2- الخلاف العرقي بين المسلمين العرب وغير العرب: حيث يشكل العرب حوالي 20% من مسلمي العالم، والعالم العربي يتصف بمعدلات أعلى للاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من المناطق الأخرى، وبالمقارنة، المسلمون غير العرب يتمتعون بقدر أفضل من الديمقراطية من الناحية السياسية، ويفتخرون بأغلبية الحكومات التي تتبنى الديمقراطية بالكامل أو بشكل جزئي، وهم أكثر علمانية في رؤاهم. <BR><BR>وبالرغم من أن الشرق الأوسط كان يعد "نواة" العالم الإسلامي من الناحية التقليدية، إلاّ أنه يبدو أن مركز الجاذبية سينتقل إلى القطاعات غير العربية، إذ إن الفكر الأكثر ابتكاراً وتطوراً حول الإسلام يوجد في مناطق تقع خارج العالم العربي، مثل: جنوب شرق آسيا، والجاليات التي تعيش في المهجر ببلاد الغرب.<BR><BR>وهنا تحث الدراسة الولايات المتحدة "أن تعير اهتماماً خاصاً لهذه التطورات المتوالية؛ لأنها تستطيع مواجهة التفسيرات الأكثر تطرفاً للإسلام، والتي توجد في بعض أجزاء العالم العربي "، ويلفت هذا الأنظار أكثر لما وقع في العراق من ترجيح للبعد الطائفي والعرقي في توزيع المناصب السياسية بهدف إبعاد (العرب السنة) بقدر الإمكان وترجيح كفة الشيعة أو الأكراد مثلاً!! <BR><BR>3- المجتمعات الإثنية والقبائل والعشائر: حيث كان الإخفاق في فهم السياسة القبلية من بين الأسباب الكامنة وراء التورط المأساوي للولايات المتحدة في الصومال، وبالرغم من مرور عشر سنوات على ذلك، إلا أن الولايات المتحدة لا تزال تعرف القليل جداً عن القوى القبلية المحركة في المناطق التي توجد بها، أو قد تعمل فيها القوات الأمريكية.<BR><BR>وهنا يقدم الباحثين في مركز راند نصيحة للقوات الأمريكية في العالم أو المناطق المضطربة من العالم تقوم على " دراسة وفهم إدارة القضايا الإقليمية والقبلية " في المناطق التي يوجدون فيها. <BR><BR><font color="#0000FF"> لماذا يكرهوننا؟! </font><BR>هنا تسعى الدراسة للدخول إلي لب الموضوع بالسعي للتعرف على الأسباب المستمرة والمباشرة لانتشار التطرف الإسلامي طيلة العقود الماضية وكراهية أمريكا، ويحددون عدة نقاط ، منها:<BR>1- الأحوال السائدة في العالم الإسلامي، مثل: فشل النماذج السياسية والاقتصادية في كثير من الدول العربية، والتي أدت إلى إشعال حالة من الغضب ضد الغرب، حيث أخذ المسلمون المحرومون يلومون سياسات الولايات المتحدة على فشل دولهم.. ولكن الدراسة تقول: إن هذا العداء "الهيكلي" لأمريكا لا يستجيب للعلاج من خلال الوسائل السياسية أو الدبلوماسية، فضلاً عن ذلك، فإن لا مركزية السلطة الدينية في الإسلام السني، فتحت الباب على مصراعيه للمتطرفين من ذوي القناعات القاصرة ليستغلوا الدين في غاياتهم !! <BR><BR>2- الصحوة الإسلامية التي ظهرت في الشرق الأوسط خلال الثلاثين سنة الماضية جرى تصديرها إلى المسلمين غير العرب في العالم الإسلامي، ما أدى إلى زيادة التأييد للأصولية، ومن ثم انتشر الفكر الإسلامي المتطرف في المجتمعات القبلية التي تفتقر إلى سلطة سياسية مركزية قوية (كما هو الحال في مناطق البشتون في باكستان وأفغانستان)، مما أدى إلى إنتاج خليط، يعتقد بعض المراقبين بأنه "يقود إلى ابن لادن"، فضلاً عن ذلك، نجح الإسلاميون المتطرفون في تشكيل شبكات تدعم الأنشطة الأصولية، بل حتى الإرهابية أيضاً، من خلال التمويل والتجنيد، والكثير من هذه الشبكات تقدم خدمات اجتماعية للمجتمعات المسلمة، مما صعب مهمة اكتشافها وتمزيقها، وأخيراً ظهور القنوات الفضائية الإقليمية مثل: قناة الجزيرة، قدم وسائل قوية لتقوية الأفكار المسبقة عن العداء لأمريكا، وقصص التضحيات العربية التي تخدم أجندة المتطرفين!!<BR><BR>3- بعض الأحداث نقلت البيئة السياسية في العالم الإسلامي إلى التطرف، مثل: الثورة الإيرانية، وحرب الأفغان مع السوفييت، وحرب الخليج عام 1991م، وحرب الإرهاب، التي اندلعت بعد الحادي عشر من سبتمبر، كما أن الحرب على العراق وإزاحة صدام حسين، كان لها تأثيرها على العالم الإسلامي دون شك، ومن هنا يصر التقرير الأمريكي علي "أن عراقاً مستقراً وتعددياً وديمقراطياً سيتحدى وجهات النظر المعادية للغرب في الشرق الأوسط، وسيقضي على حجج المتطرفين "، ولكن إذا عاد العراق إلى الحكم المتسلط أو انقسم إلى دويلات عرقية، فحينئذ ستضمحل مصداقية الولايات المتحدة، وستجد الجماعات المتطرفة فرصاً أكبر للإمساك بناصية الأمور. <BR><BR><font color="#0000FF"> كيف ستتعامل واشنطن مع المسلمين؟ </font><BR>هنا تصل الدراسة للجزء الهام الذي يحدد كيف ستتعامل واشنطن مع هذه التحديات، وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تتجاوب مع التحديات والفرص التي تفرضها الظروف الحالية على مصالحها في العالم الإسلامي، حيث يقترح باحثوا "راند" سلسلة من الخيارات الاجتماعية والسياسية والعسكرية على النحو التالي: <BR><BR>1- تشجيع إنشاء الجماعات أو الشبكات المعتدلة لمواجهة الدعوات المتطرفة، حيث تؤكد الدراسة أن المسلمين الليبراليين والمعتدلين لا يملكون شبكات فعالة كالتي أنشأها المتطرفين، وعليه من الضروري إنشاء شبكة عالمية للمسلمين المعتدلين لنشر الرسائل المعتدلة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ولتوفير الحماية للجماعات المعتدلة، وقد تكون هنالك حاجة لقيام الولايات المتحدة بمساعدة المعتدلين الذين يفتقرون إلى الموارد اللازمة لإنشاء هذه الشبكات بأنفسهم (لاحظ التحركات الأمريكية الحالية لخلق مجموعات إسلامية تدعو لما يسميه البعض دين أمريكي جديد مثل الدعوة لعدم تطبيق الحدود أو إمامة المرأة للصلاة، أو قبول التطبيع مع الصهاينة بدون مقابل وهكذا ).<BR><BR>2- تمزيق الشبكات المتطرفة، ويتطلب ذلك – وفق الدراسة- فهم صفات هذه الشبكات المتطرفة، والقواعد التي تدعمها، والكيفية التي تتبعها في التواصل والتجنيد، ونقاط الضعف التي تعاني منها، ومن ثم وضع إستراتيجية (لتمزيق أو فك العُقَد) تستهدف هذه المناطق الخطيرة، وتفكيك الجماعات المتطرفة، والعمل على تمكين المسلمين المعتدلين.<BR><BR>3- رعاية عملية إصلاح المدارس الدينية والمساجد، فهنالك حاجة ملحة – وفق الدراسة - لقيام الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بدعم جهود الإصلاح والتأكد من أن المدارس الدينية تقدم تعليماً متحرراً وحديثاً، وكفاءات مرغوبة، ومن وسائل تحقيق هذا الغرض، المساعدة في إنشاء أو تقوية مجالس إجازة التعليم العالي، التي تتولى مراقبة ومراجعة المناهج الدراسية في التعليم الحكومي والخاص، وبالرغم من أن الأجانب يترددون في إقحام أنفسهم فيما يزعمون أنها شؤون دينية، إلاّ أنه يمكن إيجاد بعض الوسائل لدعم جهود الحكومات والمنظمات الإسلامية المعتدلة، للتأكد من أن المساجد لا يتم استخدامها منابر للأفكار المتطرفة (يلاحظ هنا ما يثار عن التدخل في مناهج التعليم الديني والقيود على الأوقاف الخيرية وحلها، وإقدام حكومات عربية تحت ضغط أمريكي على ما يسمي "تأميم المساجد" و"تمدين" التعليم الديني )!<BR><BR>4- توسيع الفرص الاقتصادية، ومقصود به تحسين الأحوال والخدمات الاقتصادية والاجتماعية لحرمان المتطرفين من استغلالها، حيث "إن مقدرة بعض المنظمات المتطرفة في تناول المشاكل الاجتماعية والاقتصادية العميقة، أدت إلى إيجاد قاعدة متنامية من المؤيدين لسياساتها "،ولذلك، فإن توفير الخدمات الاجتماعية البديلة في الكثير من الأماكن قد يساعد على ضرب إغراء المتطرفين بطريقة غير مباشرة والولايات المتحدة وحلفائها على وجه الخصوص، عليهم التركيز على المبادرات التي ترمي إلى تحسين الظروف الاقتصادية المستقبلية للشباب، كما أن البرامج التي تعمل على تشجيع التوسع الاقتصادي والاكتفاء الذاتي قد تساعد في تقليل فرص استغلال المتطرفين للصعوبات الاقتصادية، والقول بأن مصالح الولايات المتحدة في العالم الإسلامي مجرد مصالح عسكرية فقط.<BR><BR>5- دعم "الإسلام المدني"، بمعني دعم جماعات المجتمع المسلم المدني التي تدافع عن الاعتدال والحداثة، بحيث يكون هذا مكوناً أساسياً لسياسة أمريكية فعالة تجاه العالم الإسلامي، وعلي الطريق لهذا "يجب منح الأولوية لمساعدة جهود المنظمات العلمانية والمنظمات الإسلامية المعتدلة للقيام بأنشطة تعليمية وثقافية" كما تقول الدراسة، "كما يتوجب على الولايات المتحدة وحلفائها المساعدة في تطوير المؤسسات الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني ".<BR><BR>6- قطع الموارد عن المتطرفين، فمن العناصر المكملة لاستراتيجية دعم المنظمات العلمانية والمنظمات الإسلامية المعتدلة، هو "حجب الموارد عن المتطرفين" بمعني التدخل في عمليتي التمويل وشبكة التمويل "إما في الدول التي يأتي منها التمويل (مثل: المملكة العربية السعودية) أو التي يمر من خلالها (مثل: باكستان) لدعم الجماعات المتطرفة ".<BR><BR>7- موازنة متطلبات الحرب على الإرهاب مع تشجيع الاستقرار في الدول الإسلامية المعتدلة، بحيث يكون على الولايات المتحدة التأكد من أن الخطوات التي تقوم بها لا تصب في مصلحة المتطرفين، الذين يقومون بتصوير هذه التحركات على أنها حرب على الإسلام، كما يجب على الولايات المتحدة أن تثبت أن جهودها هذه لا ترمي إلى تقوية الأنظمة الظالمة أو المتسلطة، بل ترمي إلى إحداث التغيير الديمقراطي.<BR><BR>8- إشراك الإسلاميين في الحكم، وهنا يؤكد التقرير أن "من القضايا الصعبة مدى إمكانية أن تسمح عملية تطوير ديمقراطيات إسلامية، بالمشاركة السياسة للأحزاب الإسلامية التي قد لا تكون لديها قناعات كاملة بالديمقراطية "، ويضيف أنه "بالرغم من أن هنالك مخاوف من أن يتحرك الحزب الإسلامي الذي قد يتولى السلطة ضد الحريات الديمقراطية بمجرد توليه لمقاليد الأمور، إلا أن إشراك هذه الجماعات في المؤسسات الديمقراطية المفتوحة قد يشجع على الاعتدال في المدى البعيد"، كما أن الالتزام التام باللاعنف وبالعملية الديمقراطية يجب أن يكون شرطاً أساسياً للمشاركة. <BR><BR>9- إشراك المسلمين في المهجر، والهدف من إشراك مسلمي المهجر – كما يشير التقرير – هو "إن الجاليات المسلمة في بلاد المهجر هي المدخل للشبكات (أي المعتدلة التي تشجعها أمريكا كما في البند الأول)، وقد تساعد على تقديم القيم والمصالح الأمريكية "، فالولايات المتحدة على سبيل المثال، يمكنها العمل مع المنظمات الإسلامية غير الحكومية في التعامل مع الأزمات الإنسانية ".<BR><BR>10- إعادة بناء العلاقات العسكرية - العسكرية مع الدول الرئيسة، وهذه من أخطر نقاط التقرير التي تلمح صراحة لتربية كوادر مسلمة عسكرية علمانية في أمريكا تتفق مصالحها مع مصالح أمريكا للاستعانة بها في أوقات الحاجة، حيث يشير التقرير هنا إلى " أن المؤسسات العسكرية ستستمر في كونها لاعباً سياسياً مؤثراً في العالم الإسلامي، ولذلك فإن العلاقات العسكرية – العسكرية ستكون لها أهميتها الخاصة لأي إستراتيجية أمريكية في العالم الإسلامي "، ويقول: "إن هنالك حاجة ماسة إلى إعادة بناء نواة من الضباط المدربين في الولايات المتحدة، داخل جيوش الدول الإسلامية الهامة"، كما أن بعض البرامج مثل برامج التعليم والتدريب العسكري الدولي ليست مجرد تأكيد على أن قادة الجيوش في المستقبل قد سبق لهم التعرض لقيم وممارسات الجيش الأمريكي وحسب، بل يمكن ترجمتها إلى المزيد من التأثير والتدخل الأمريكي.<BR><BR>11- بناء قدرات عسكرية ملائمة، ومقصود هنا توفير الاستعدادات للأعمال العسكرية من استخبارات ومترجمين وتجهيزات نفسية، في حالات التواجد الأمريكية "في بعض المناطق الحساسة في العالم الإسلامي"، وزيادة أشكال أخرى مختلفة من هذا التواجد (كالاستخبارات، والعمليات النفسية، وبعض الشؤون المدنية مثل المساعدات الطبية)، بحيث سيكون على الجيش الأمريكي أن يعمل على تحسين مداركه الثقافية من خلال المزيد من المختصين العرب والفرس والأفارقة في المجالات الإقليمية واللغات.<BR><BR><font color="#0000FF"> برواز منفصل: ماذا تعرف عن مركز (راند) العسكري؟ </font><BR> شركة راند هي مؤسسة بحثية ومركز دراسات استراتيجية خاضت في مختلف قضايا الحياة الأمريكية، وعمرها قرابة خمسين عاماً انغمست خلالها في كثير من القضايا الدولية، وهي انسلخت من رحم شركة أسلحة أمريكية شهيرة (شركة دوجلاس لصناعة الطائرات) في 15 مايو 1948م واسم (راند) هو اسم مشتق من كلمتين، هما "الأبحاث والتنمية" Research And Development.<BR><BR>وقد تأسست في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا، وهذا هو المركز الرئيس لها على الرغم من وجود فروع رئيسة فاصلة لها في واشنطن، ونيويورك، وبتسبرج داخل الولايات المتحدة.. ولها كذلك أربعة فروع خارجية، أحدها يقبع في الخليج العربي وتستضيفه دولة قطر، إلى جانب فروع دولية في هولندا وبريطانيا وألمانيا.. ومن المعروف عن راند ارتباطها الوثيق جداً بصناعة القرار العسكري داخل البنتاجون الأمريكي.<BR><BR>وقد ظهرت الشركة في المدة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، والحاجة إلى مزيد من البحث والتطوير في القطاعات التكنولوجية والعسكرية على وجه الخصوص، وتحديدا ربط التخطيط العسكري بالدراسة والبحث بما يحقق الأهداف العسكرية من خلال مؤسسات مدنية،وجاء تأسيس راند عن قناعات لهيئات الأركان العسكرية الأمريكية (الجيش، البحرية، الطيران).<BR><BR>فقد رأى هؤلاء القادة أن تأسيس مركز أبحاث ودراسات وبيت خبرة متخصص سيكون له حاجة كبيرة في السنوات التي ستلي الحرب الثانية،ورفعت هذه الأركان العسكرية توصياتها إلى وزير الحرب الأمريكي وقبلها، ولعب عدد من العسكريين والمستشارين في وزارة الحرب والمستشارون في الصناعة العسكرية دوراً محورياً في تأسيس هذه الشركة.<BR><BR>وتحقق ما كان يسمى بمشروع راند من خلال تعاقد بحثي مع شركة دوجلاس للطيران، وجري توفير دعم مالي من خلال اقتراض بدون فوائد من شركات مثل مؤسسة فورد التي قدمت مبلغ مليون دولار للشركة الوليدة حتى يمكن أن تطلق مشروعاتها البحثية.<BR><BR>وقد بدأت راند واستمرت في الشأن العسكري، ولكن فتحت المجالات الأخرى لها فيما بعد، ومن هذه المجالات قطاعات العلوم الاجتماعية والتربوية، حيث عقدت ندوة في نيويورك لتعزيز هذا التوجه بعد حوالي عامين من تأسيسها، إدراكاً منها لأهمية الشأن الاجتماعي في دورها البحثي. <BR><BR>وتعاملت راند مع عدد كبير من العملاء، يعد بالمئات من مختلف القطاعات، فتعاونت مع عدد من الكليات والجامعات الأمريكية وعدد كبير من الشركات الكبرى في مختلف ميادين الصناعة (الأسلحة، الأدوية، السيارات، القطارات، التكنولوجيا، وتقنية المعلومات) وكذلك تعاونت مع الحكومات المحلية، وحكومات الولايات والحكومة الفيدرالية الأمريكية، وتعاونت مع منظمات وهيئات عالمية.<BR><BR>وعالمياً تعاونت مع كثير من دول العالم في أوروبا وآسيا، وأمريكا الشمالية، وهناك فرع لراند في دولة قطر، حيث تم تأسيس معهد راند للسياسات العامة في قطر قبل حوالي أقل من عامين تعاوناً بين مؤسسة قطر ومؤسسة راند لإجراء دراسات معمقة في قضايا الشرق الأوسط الكبير، وأعطت قطر فرصة مهمة لمؤسسة راند في أن تعمق من حضورها في منطقة الخليج العربي وتزيد من اهتمامها بالمنطقة العربية والخليجية بشكل خاص.<BR><br>