المهمة المزدوجة في المغرب: التنصير والتجسس
8 ربيع الثاني 1426

يواصل المنصرون الإنجيليون الأمريكيون عملهم في المغرب سراً وعلانية، ويستعدون لتنظيم مهرجان مسيحي بمدينة مراكش أيام 6 و7 و8 مايو القادم تحت غطاء "قافلة الصداقة". مهرجان سيحضره حسب المنظمين له إلى حوالي 100000 مشارك قادمين لمناقشة القضايا المرتبطة بالإسلام والمسيحية، وستشارك فيه عدة فرق موسيقية مسيحية أمريكية تطوعت بالمشاركة مجاناً.<BR><BR> وقد ذكرت الصحيفة الأسبوعية المغربية "لاغازيت دوماروك" أن مشاورات ومفاوضات جرت وتجري لتسهيل تنظيم المهرجان، وأن مايكل كيرتلي هو الذي ضغط على (السفير المغربي بواشنطن) عزيز مكوار للتدخل لدى السلطات المحلية بمراكش، وبالنسبة للكنائس المسيحية الفرنكوفونية بالمغرب، فإنه مما لاشك فيه أن هذا المهرجان يراد من ورائه الدعوة للمسيحية الأمريكية الإنجيلية، كما جاء على لسان قس بروتستانتي بالدار البيضاء وعضو مجلس الكنائس المسيحية بالمغرب (الكاثوليكية والأرثوذوكسية والبروتستانتية). <BR><BR> وقد رفض المجلس المنعقد منذ أيام دعوة وجهت له من لدن السلطات المحلية بمراكش. وتشير عدة تقارير صحافية غربية ووطنية متتابعة هذه الأيام، بل منذ أكثر من عام، إلى تكثيف النشاط التبشيري الأمريكي بالمغرب مع صبغه بالطابع المحلي المغربي (مذكرات سنوية وأشرطة سمعية وبصرية ومراسلات شخصية وكتب موزعة..) انسجاماً وعملاً بالتوصيات الخاصة بعولمة الإنجيلية الأمريكية وإنشاء تنظيم عالمي لها يجمع بين الخصوصية المحلية والبعد العالمي، مع رفع راية الحرية الدينية وحرية الاعتقاد. <BR><BR>وللقيام بهذا العمل يوجد بالمغرب عدة منصرين أمريكيين منذ أكثر من عام، يقدر عددهم بحوالي 800 منصر، يقومون بحملات تنصيرية مكثفة في المدن والقرى متسترين في ذلك بشركات وهمية أو حقيقية مثل "غلوبال إيدوكايشن" المتهمة بنشر الإنجيلية الأمريكية (انظر الحوار الذي أجرته أسبوعية "لاغازيت دوماروك" مع "جاك روزينكو" رئيس الشركة المقيم بالمغرب منذ 13 سنة)، وقد تهرب رئيس الشركة من الجواب عن اتهامه بنشر الإنجيلية المسيحية الأمريكية بالمغرب، بعد أن واجهته الأسبوعية المغربية المذكورة بأن اسمه مذكور في قائمة المنصرين بالمغرب وفق ما جاء في التحقيقات التي أجرتها الجهات المعنية، ومما قاله في هذا الصدد:"إنني مع الحوار والاحترام بين الديانات". ثم عبر عن قلقه في تصريح خطير قائلاً:" إنني في المغرب منذ زمن طويل، ولأول مرة، ومع كل ما نشر أخيراً في الصحافة، بدأت أشعر بالقلق على سلامتي الشخصية". وذكرت التقارير الصحافية أن بعض المنصرين الأمريكيين قاموا بتوزيع كتب ومواد تعريفية بالمسيحية جهاراً في حي المعاريف بالدار البيضاء مؤخراً.<BR><BR>أكثر من هذا، كشفت التحقيقات المغربية، وفق ما جاء في "لاغازيت دوماروك"، عن قيام هؤلاء المبشرين بعمل مزدوج، أي التنصير من جهة، والتجسس من جهة أخرى لعدة دول منها الكيان الصهيوني، مستغلين في ذلك الفراغ القانوني، والتقاعس عن تعريف المغاربة بدينهم على نطاق واسع وشعبي.<BR><BR>ونشر موقع حركة التوحيد والإصلاح خبراً عن توزيع منشور يدعو إلى التنصير تحت مسمى: "مركز الحياة الفضلى"، توصل به بعض التلاميذ والشباب يدعوهم فيها إلى المسيحية ويعدهم بالحصول على شغل، إذ يبعث لهم بكتيب عنوانه: "كيف تبحث عن العمل".<BR><BR>ويسعى "مركز الحياة الفضلى" التبشيري الذي يوجه رسالته إلى "الأعزاء"؟ في شمال إفريقيا وأوربا إلى التعريف بالثقافة المسيحية "الحقيقية" والمبنية على التعاليم الصحيحة وذلك بتقديم دروس مجانية بالمراسلة، وببرامج إذاعية، وبزيارات شخصية.<BR><BR>ويشدد المركز على أن نصائحه وتوجيهاته وإرشاداته بالمجان وبدون مقابل، وأن أعماله التي يقوم بها "محبة لربنا ومحبة لإخواننا العرب.<BR><BR> وتجدر الإشارة إلى أن نتائج الاستطلاع الذي يجريه موقع حركة التوحيد والإصلاح حول أسباب تنامي ظاهرة التنصير بالمغرب(إلى حدود يوم السبت 23 أبريل 2005م)، قد أرجعت نسبة 38,25% أن السبب يعود إلى استغلال الظروف المادية والاجتماعية، فيما أكدت نسبة 29,49% أن ضعف الثقافة الإسلامية والحصانة الذاتية هو السبب في الظاهرة، فيما ذهبت آراء نسبة 19,35% إلى أن التساهل الرسمي مع المنصرين الأجانب هو السبب.<BR>ويأتي تقصير العلماء والدعاة، وتشويه صورة الإسلام لدى بعض المغاربة في المراتب الدنيا بنسب 11,06% و 1,84% على التوالي.<BR><BR>وكانت قد شهدت مدينة طانطان تسليم القوات الأمريكية لإدارة مدرسة عين الرحمة بالمدينة كمية من اللوازم المدرسية يوم 7 أبريل 2005م قصد توزيعها على التلاميذ ووضعت في المحافظ ورقة تحمل اسم كنيسة بمدينة سالت لايك بولاية إيتا في الولايات المتحدة الأمريكية وعنوانها، ويتعلق الأمر بـ"كنيسة عيسى المسيح لقديسي اليوم الآخر".<BR><BR>وأمام كل هذا، يطرح التساؤل عن السياسة الأمريكية المتبعة في العالم العربي والإسلامي من إقليم أتشيه الذي تعرض لزلزال تسونامي إلى المغرب حيث وقع زلزال الحسيمة، وهي السياسة التي تجمع بين الاحتلال والتنصير معاً، كما فعل الاستعمار الأوروبي من قبل، بل إن الدكتور عبد المجيد الصغير (الأستاذ الجامعي المغربي، وعضو منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين) سبق له أن قال في محاضرة علنية إن المسيحية الأمريكية لا تنتشر إلا في الماء العكر ومناطق الأزمات والفقر. غير أن أكبر سؤال هو ما مدى قيام الجهات الرسمية والمدنية بالواجب المنوط بها، خاصة المجالس العلمية المحلية والإقليمية والجمعيات الثقافية والإسلامية، في تعريف الشباب وتحصينهم من زعزعة عقائدهم وتثبيتها أمام العولمة الكاسحة.<BR><br>