الأجندة الأمريكية في الجزيرة العربية-2
9 جمادى الأول 1426

<font color="#000080"> كيسنجر: الولايات المتحدة تتجه نحو العُزلة الدولية </font></br></br>احتلال العراق 2003م وترتيب بناء القواعد العسكرية الدائمة فيه وإحكام السيطرة على حقول النفط هناك هو جزء لا يتجزأ من الأجندة الأمريكية في الجزيرة العربية، لكن – يستدرك كيسنجر – أن علاقات الولايات المتحدة العامة آخذة بالتوتر في كل مكان نظراً لسياسات الهيمنة الواضحة التي تنتهجها في كل مكان وأن هذا التوتر بالعلاقات (مع أوربا والصين والشرق الأوسط وغيره) من المحتمل والمرشح أن يقود الولايات المتحدة إلى عُزلة دولية في نهاية المطاف.<BR><BR>يقول بالحرف في كتابه الذي أشرنا إليه سابقاً (Does America need a foreign Policy?) ص 287:<BR>“No matter how selfless America perceives its aims, an explicit insistence on predominance would gradually unite the world against the U.S and force it into imposition that would eventually leave it isolated and drained”.<BR><BR>ليس هذا فحسب، بل إن كيسنجر يُنَبِّه الإدارة الأمريكية الحالية بأن لقوة الولايات المتحدة حدوداً وقدرات لا تستطيع تجاوزها حتى لا تقع في غطرسة القوة وحسب تعبيره The arrogance of power يقول بالحرف في كتابه ص 284:<BR>“The United States will drain its psychological and material resources if it does not learn to distinguish between what it must do, what it would like to do, and what is beyond its capacities”.<BR>المحصول السياسي لاحتلال العرق – حتى من منظور أمريكي – لم يكن مُشجعاً، ولو تفحّصنا هذا الأمر مليّاً وعلى مستوى استراتيجي بعيد المدى ووضعنا كلمات كيسنجر في الفقرة السابقة أمام أعيننا لخلصنا إلى أن احتلال العرق كان ضربة تحت الحزام في جولة ملاكمة كانت ستنتهي في النهاية لمصلحة التحالف الأنجلو أمريكي ضد العراق وليس فقط صدام حسين.<BR><BR>فسقوط هذا الأخير كان شبه مؤكّد دون الحاجة لسيناريو هذه الحرب المدمّرة التي أفرزت مشهداً كثير التعقيد والتشابك والمفتوح على احتمالات لن يكون في مُكْنة الأمريكان – واضعين في الاعتبار خبرتهم النيّئة raw في الشؤون العراقية – معالجتها دون الوقوع في كوارث أخرى.<BR><BR>أما انعكاس التعثر الأمريكي في العراق على أجواء الجزيرة العربية رسمياً وشعبياً فحدِّث ولا حرج: فالأوساط الحاكمة في دول مجلس التعاون الخليجي باتت أقل ثقة بالقدرات السياسية للأمريكان الذين يتصرفون في المنطقة وكأنهم في (زور خانه)، وأمّا شعبياً فالناس – عموم الناس – يُرعبهم صراع الفيلة الدائر في العراق ويُرعبهم أكثر احتمال اندلاق ذاك الصراع على شريط النفط الممتد ما بين الكويت ومسقط؛ والذي فجّرته الحرب الأمريكية على العراق 2003.<BR><BR>تأسيساً على ذلك أعتقد بأني لا أُجانب الحقيقة إذا قلت بأنّه ليس ثمة حماس شعبي في دول مجلس التعاون الخليجي لاحتذاء نموذج العراق – الذي يُروّجه الأمريكان على أنه مشروع للإصلاح السياسي في المنطقة – وذلك لأن الناس هنا في دولة مجلس التعاون الخليجي يختزنون في ذاكرتهم خبرات سارّة عن دولة الرفاهية وسياساتها الرحمانية وهي دولة – لو فتشنا في تاريخ العراق المنكوب – لما وجدنا لها ذكراً ولا أثراً.<BR><BR>وإذا كانت الإدارة الأمريكية الحالية تحرص على تسويق مشروعها في العراق على أنه مشروع إصلاحي سياسي؛ فالناس – عموم الناس – في الخليج والجزيرة العربية أبناء للتنظيم الصحراوي وهو تنظيم ينهل من مدرسة وفكر الصحراء الحَذِر المُحتشم سياسياً المُتشبث بالتقاليد المُتّكئ عليها والذي يدرك أن حراثة الأرض (الجديدة) والتربة (الجديدة) صعبة دائماً.<BR>هذه الرحابة اللامتناهية للصحراء أعطتنا نحن أبناء الجزيرة العربية مقدرة على قراءة الأُفُق في شكل صحيح دون تشويق ولا تزويق ولا تلبيس بالسُّكّر Sugarcoating.<BR><BR><BR><BR><BR><b><font face="Arabic Transparent" color="#000080" size="4"><a href="http://www.almoslim.net/figh_wagi3/show_file_main.cfm?id=619"><font color="#FF0000">الأجندة الأمريكية في الجزيرة العربية  </font><span lang="ar-sa"><font color="#FF0000">(الحلقة الأولى )</font></span></a></font></b><BR><BR><br>