"نوبل البرادعي".. الدلالات السياسية السلبية والإيجابية
10 رمضان 1426

<P><FONT size=3></FONT>&nbsp;</P><BR><P><FONT size=3>لقي فوز الدكتور محمد البرادعي بجائزة نوبل كثاني مصري يحصل على الجائزة السياسية، والرابع الذي يحصل عليها بشكل عام من المصريين ابتهاجاً شعبياً ورسمياً مصرياً، ولكنه لم يسلم في الوقت نفسه من انتقادات ضمنية وتساؤلات عن المغزى السياسي لفوز البرادعي هذا العام (عقب تحويل الملف الإيراني لمجلس الأمن) رغم أنه كان مرشحا لها العام الماضي أيضاً ولم يفز. </FONT></P><BR><P><FONT size=3>وما بين فرحة الشارع المصري وأجهزة الإعلام والمسؤولين الرسميين المصريين، وتساؤلات مراقبين وسياسيين عما إذا كانت هناك أسباب سياسية وراء منح الجائزة للبرادعي باعتبار أن هناك سوابق سياسية أخرى لمنح الجائزة (منحت عام 1978 للرئيس السادات ومناحم بيجين (رئيس وزراء إٍسرائيل) لتوقيع اتفاقية السلام، ومنحت عام 2003 للمحامية الإيرانية شيرين عبادي لجهودها ودعمها على تحسين حقوق الإنسان)، يمكن حصر التساؤلات التي دارت حول الدلالات السياسية للجائزة في أسباب داخلية وأخري دولية.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>&nbsp;فمن (الأسباب الداخلية) التي نوه لها مراقبون وسياسيون مصريون قولهم: </FONT></P><BR><P><FONT size=3>- أن الجائزة عموما لها مرامي سياسية وأنه رغم أحقية المصريين الذين فازوا بها لخبرتهم في مجالاتهم مثل العالم المصري أحمد زويل والكاتب نجيب محفوظ ومحمد البرادعي إضافة إلى (الرئيس الراحل) السادات، فقد أعطيت لهم الجائزة في توقيتات وعقب تصريحات تصب في خانة التطبيع مع الدولة الصهيونية أو لأسباب ذات مغزى سياسي أيضا. - ومن هذه (الأسباب الداخلية) أيضاً أن البرادعي لم يقم بمجهود كبير لحصار البرنامج النووي "الإٍسرائيلي" رغم أنه معلن وينتج أسلحة نووية، وبالمقابل اهتم بتفكيك والتضييق على البرامج النووية العربية السلمية، والبرنامج الإيراني حتى أنه صرح عقب فوزه أن من إنجازاته "التخلص من البرنامج النووي العراقي‏ والكشف عن برنامج كوريا الشمالية النووي‏ وتخليص ليبيا من برامج التسلح المحظورة‏‏ وتحقيق تقدم كبير في موضوع البرنامج النووي الإيراني‏ " دون أن يتطرق للبرنامج النووي "الإٍسرائيلي". - ومنها أيضا أن البرادعي شارك في حملة غربية مشبوهة ضد البرنامج النووي المصري السلمي في العام الماضي زعمت أن مصر تطور نظائر مشعة دون إخطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث صرح البرادعي حينئذ (يناير 2005) أن: "مصر ستلقى نفس المعاملة الصارمة التي تلقاها أي دولة أخرى موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، وقال: "أنا موجود هنا بصفتي مديرا عاما وليس كمصري وسنواصل تطبيق نفس معايير الشفافية والاحتراف، ولن نخفي أي جزئية من المعلومات "، وربما لهذا خرجت صحيفة "العربي" الناصرية بمناشيت رئيسي الأحد 9 أكتوبر 2005 تقول فيها: (لماذا لم يفرح المصريون بفوز البرادعي بجائزة نوبل للسلام؟).</FONT></P><BR><P><FONT size=3>&nbsp;أما الأسباب الخارجية والدولية فمنها: </FONT></P><BR><P><FONT size=3>- أن فوز البرادعي – في سياق المرامي السياسية للجائزة - جاء كنوع من المكافأة له وللوكالة الدولية للطاقة على موقفهما ضد البرنامج النووي الإيراني وتشجيعهما على الاستمرار في تصفية هذا البرنامج، وهو ما أيده عدد من المحللين الغربيين منهم "اويفين بريغ" المحلل السياسي في قناة "تفي تو" النرويجية الذي قال لـ "القدس العربي:" إنه لا يمكن تجاهل أن منح الجائزة له مغزى سياسي تجاه إيران وكوريا الشمالية، وأن البرادعي حالياً منشغل بالملف النووي الإيراني ولجنة نوبل أرادت إعطاء دفع ودعم جهود الوكالة الدولية لمنع انتشار السلاح النووي وخصوصاً إيران، علماً أن لجنة نوبل للسلام منحت الجائزة عام 2003 إلى (المحامية الإيرانية) شيرين عبادي لجهودها ودعمها على تحسين حقوق الإنسان في بلادها، وكانت الجائزة ذات مغزى سياسي واضح وموجهة أيضا ضد إيران. - أن فوز البرادعي رغم أنه يبدو موجها ضد رغبة الولايات المتحدة التي سعت لمنع التجديد له على رأس الوكالة لمدة ثالثة بسبب رفضه الانصياع لمطالبها بشأن الرفض المتكرر من جانب البرادعي لتحويل الملف الإيراني لمجلس الأمن، فهو جاء أيضا في توقيت ملفت للنظر يتعلق بصدور توصية أخيرة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبتمبر الماضي 2005 بتحويل ملف إيران النووي لمجلس الأمن وكأن الأمر كان معلقا بهذا القرار!؟ وقد أعلن البرادعى عقب فوزه أن منحه الجائزة سوف يقوى من عزيمته هو وزملائه في الوكالة في "قول الحقيقة فيما يخص اتهام بعض الدول بتطوير أسلحة نووية من قبل بعض الدول العظمى"، في تأكيد واضح أنه سيركز على النووي الإيراني لأن القوي العظمي الأمريكية تهتم بذلك في حين يتوقع التغاضي عن النووي الإٍسرائيلي لأن القوي العظمي لا تتهم تل أبيب بهذا! - أن البرادعي والوكالة الذرية لم يقوما بذات النشاط فيما يخص البرنامج النووي "الإٍسرائيلي" رغم أنه برنامج عسكري واضح وليس سلميا كباقي برامج الدول العربية والإسلامية التي سعت الوكالة لتفكيكها أو إثارة الشبهات حولها، واقتصر الأمر على زيارة لتل أبيب وإشادة بتعاونها، وبالمقابل جري إجهاض مشاريع عربية أخرها – بدعم من الغرب - في اجتماع الوكالة الأخير في سبتمبر الماضي 2005، وقبلها أيضا عام 2004 لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي ومناقشة البرنامج "الإٍسرائيلي"" وإجبار تل أبيب على التوقيع على هذه المبادرة. </FONT></P><BR><P><FONT size=3>البرادعي.. والنووي المصري </FONT></P><BR><P><FONT size=3>رغم أن البرنامج النووي المصري السلمي ضعيف لتخوف مصر من دخول هذا المجال بقوة منذ انفجار مفاعل تشرنوبيل، ويقتصر على مفاعلين صغيرين للأغراض البحثية، فقد أثيرت ضده ضجة في الغرب عدة مرات اعتبرها محللون مصريون "مفتعلة" لصالح "إٍسرائيل" لاستمرار الضغط على مصر وإرباكها. وكان رد فعل محمد البرادعي (رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية) بدوره على هذه الضجة ضعيفا، بل ومشاركا في الجدل الذي دار حول هذه الشائعات عندما لم يحسم الأمر بتبرئة مصر ربما للتخوف من اتهامه بمجاملة مصر. ففي أوائل نوفمبر 2004 أثيرت شائعات بشأن وجود برنامج نووي مصري سري من جانب "إٍسرائيل" بهدف "تمييع" المطلب العربي المقدم لاجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 25 نوفمبر 2005 والداعي لتفريغ منطقة الشرق الوسط من أسلحة الدمار الشامل والضغط على "إٍسرائيل" لتدمير أسلحتها النووية وقيل حينئذ أن الحملة "إٍسرائيلية" /أمريكية مشتركة على الأرجح وسربها دبلوماسيون من الطرفين لصحف فرنسية - رغم علم الطرفين بأنه لا يوجد برنامج نووي مصري سري أو حتى سلمي - لتحقيق أكثر من هدف في وقت واحد، مثل تبرير رفض التجديد لرئيس الوكالة الدولية محمد البرادعي، وإعطاء "إٍسرائيل" مبرر رفض التخلي عن أسلحتها النووية في ظل احتمالات امتلاك إيران (وربما مصر كما أشاعوا) لسلاح نووي ومن ثم إجهاض المبادرة العربية المقدمة للوكالة. </FONT></P><BR><P><FONT size=3>وقد استغرب مسؤولون من وكالة الطاقة الذرية المصرية حينئذ أن تتركز الشائعات التي نقلت على لسان دبلوماسيين غربيين بشأن امتلاك مصر برنامج نووي سري على الحديث عن العثور على أثار لمادة "البلوتونيوم" تحديدا قرب مفاعل مصري، باعتبار أنها المادة التي تستخدم في السلاح النووي، وقالوا أن ذلك يكشف نوايا خبيثة ضد مصر، وقد أخذ بعض علماء مصر على الوكالة الذرية ورئيسها البرادعي عدم المبادرة لنفي هذه المزاعم،كما أخذوا عليه تهديده في مقابلة مع رويترز بأن: "مصر ستلقى نفس المعاملة الصارمة التي تلقاها أي دولة أخرى موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي رغم علمه أنها تسرب شائعات، وقوله: "أنا موجود هنا بصفتي مديرا عاما وليس كمصري وسنواصل تطبيق نفس معايير الشفافية والاحتراف، ولن نخفي أي جزئية من المعلومات ". ورغم ترحيب علماء هيئة الطاقة الذرية المصرية بفوز البرادعي وعلى رأسهم الدكتور على إسلام رئيس الهيئة، الذي سبق أن رد على مزاعم وجود برنامج سري نووي مصري، وقولهم أن البرادعي شخصية محايدة جدا تحاول أن تبذل أقصي جهد للسلام ومنع انتشار الأسلحة النووية واتجاه العالم للسلم، فهم قدر حرصوا على تأكيد أن مهمته صعبة، وألمحوا إلى ما "أثير ضده" – كما قال ياسين إبراهيم (الرئيس التنفيذي لهيئة المحطات النووية)، وإن اتفقوا في نهاية الأمر (الأهرام 8 أكتوبر 2005) على "أنه بالرغم مما أثير ضد الدكتور محمد البرادعي فقد أكد نجاحه الحقيقي وعمله الجاد طوال مشواره الحافل بالنجاحات المشرفة لمصر في فيينا ". </FONT></P><BR><P><FONT size=3>البرادعي والنووي "الإٍسرائيلي": </FONT></P><BR><P><FONT size=3>وقد جاء التساؤل حول موقف محمد البرادعي من البرنامج النووي "الإٍسرائيلي" من أكثر القضايا إثارة للجدل في الشارع المصري خصوصا أن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعترف ضمنا عام 2004 بامتلاك "إٍسرائيل" سلاحا نوويا حيث قال في مقابلة صحفية مايو 2004 مع تلفزيون "العربية" أن: "حجم برنامج الأسلحة النووية الإٍسرائيلية غامض بالنسبة للوكالة التابعة للأمم المتحدة"، وقال - ردا على سؤال عن حجم برنامج الأسلحة النووية "الإٍسرائيلية"-: "للأسف لا أستطيع أن أعطي رأيا دقيقا عنه؛ لأننا لا نقوم بعمليات تفتيش في إٍسرائيل ". </FONT></P><BR><P><FONT size=3>ولكنه أضاف: "أعرف أنه برنامج متطور وأن إٍسرائيل لا تنفي أن لديها القدرة النووية إنما حجم هذا البرنامج ومدى تطوره حقيقة لا أستطيع أن أعرف.. يكفي أن اعرف أن لديها قدرة نووية.. هناك قناعة أن لديها سلاحا نوويا "!!</FONT></P><BR><P><FONT size=3>&nbsp;وقد زار البرادعي تل أبيب في 6 يوليه 2004 في ثان زيارة له منذ عام 1998 والثالثة له لتل أبيب، وقالت جابرييلا جافني (ممثلة "إٍسرائيل" الدائمة لدى وكالة الطاقة من فيينا مقر الوكالة): "إنها زيارة روتينية يجري الإعداد لها منذ أشهر "، في حين قالت مليسا فليمينج (المتحدثة باسم الوكالة): "أن إٍسرائيل عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن من الطبيعي أن ينوي البرادعي الاستفادة من الزيارة للتشاور حول ما فوضه به المؤتمر العام للوكالة الدولية لتعزيز عدم الانتشار وجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية بالإضافة إلى مناقشة التعاون المشترك في العلوم النووية وتطبيقاتها. </FONT></P><BR><P><FONT size=3>بيد أن البرادعي لم يقم بزيارة مفاعل ديمونه، وقيل: إن السبب غير المعلن للزيارة الذي ألمح إليه البرادعي خلال محاضرة أمام طلاب جامعيين في القدس، هو "انتقال السلاح النووي إلى مجموعات إرهابية"، وقال له شارون أن:"الحديث حول نزع السلاح يجب أن يأتي فقط بعد إتمام تنفيذ المراحل الأولى لخطة السلام".</FONT></P><BR><P><FONT size=3>&nbsp;وفي مواجهة هذه التلميحات لسلبية دور البرادعي تجاه النووي "الإٍسرائيلي" دافعت أوساط صحافية وبحثية مصرية عن دور البرادعي في هذا الصدد، وقالت تقرير نشرته صحيفة الأهرام الرسمية اليوم 9 أكتوبر 2005: إن محمد البرادعي (مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية) أول مدير عام للوكالة يتعامل مع النزاع العربي "الإٍسرائيلي" من خلال الجانب الأمني في عملية السلام بشكل مباشر‏، وأنه سعي لعقد لقاءات مباشرة بين العرب و"الإٍسرائيليين" لمناقشة هذا الخطر وضمان نزع السلاح النووي من المنطقة، بيد أن رد الفعل العربي لم يكن متفهما لخطط البرادعي الهادئة لإخلاء المنطقة من السلاح النووي واقتصر الأمر على اعتبار ما هو مطروح بأنه "تطبيع" مرفوض! فهل فوز البرادعي له علاقة برضا الغرب عما يقوم به من تصفية البرامج النووية العربية والإسلامية، أم أن فوزه جاء لحياده ضد الضغوط الغربية وسعيه عموما لإخلاء بعض مناطق العالم من السلاح النووي؟<BR></FONT></P><br>