تركيا تدخل البيت الأوروبي بعد زحف بطيء دام 40 عام
17 رمضان 1426

<P align=right><FONT size=3>&nbsp;</FONT></P><BR><P align=right><FONT size=3>وأخيراً؛ قدر لتركيا أن تنال الرضا الأوروبي بعد أكثر من أربعين عاما من الزحف البطيء وطول انتظار مصحوب بالأمل تارة وبخيبة الأمل وتارة أخرى. الإتحاد الأوروبي وافق على فتح باب مفاوضات العضوية أمام تركيا دون شروط في تحرك وصفه المراقبون السياسيون "بالانتصار الدبلوماسي الكبير لحكومة حزب العدالة والتنمية" التي أجبرت أوروبا على الرضوخ لشروطها. هذه الخطوة تعد تاريخية بالنسبة لتركيا التي انتظرتها طويلا في سياق جهودها للانضمام إلى المنظومة الأوروبية وتكمن أهمية هذه الموافقة في أنها ستفتح صفحة جديدة في العلاقات بين أوروبا والعالم الإسلامي أيضا باعتبار أنه في حال انضمام تركيا ستكون أول دولة إسلامية تلتحق بالاتحاد الأوروبي، ومما لاشك فيه أن هذا القبول الأوروبي لن يتحقق بسهولة إذ يتعين على تركيا أن تخوض اختبارات عديدة حتى يتبين لدول الإتحاد الأوروبي حسن سير وسلوك المرشحة التركية للإتحاد.</FONT></P><BR><P align=right><FONT size=3><FONT color=#0000ff>مرحلة جديدة،،</FONT><BR>لقد دخلت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة بعد موافقة الإتحاد الأوروبي بدء مفاوضات العضوية مع تركيا في الثالث من أكتوبر الشهر الجاري، وهذا القرار وإن كان يفتح الباب أمام انضمام تركيا إلى الاتحاد لكنه لا يؤكده في ظل المدة الطويلة من المفاوضات التي سوف تستغرقها بين الجانبين وهو ما قد يؤدي إلى تعثرها لسبب أو لآخر وبالتالي؛ فإن العوائق التي تعترض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي قد تؤدي إلى وأد الحلم الذي راود الأتراك منذ أربعين عاما وهي عمر محاولاتها الجدية للدخول إلى النادي الأوروبي. وهذه العوائق على الرغم من قرار الاتحاد الأوروبي ما زالت قائمة وهي عوائق من الصعوبة بمكان القفز عليها وإنما لا بد من التعامل معها وتحييدها وإزالتها لتسهيل الطريق أمام عبور تركيا جسر الانضمام إلى أوروبا.</FONT></P><BR><P align=right><FONT size=3><FONT color=#0000ff>من وراء الكواليس،،،<BR></FONT>الاتحاد الأوروبي وافق على فتح مفاوضات العضوية مع تركيا لكن عملية انتزاع هذه الموافقة لم تكن سهلة أبدا بل تطلبت يومين متواصلين من تخبط تركيا بين المد والجزر النمساوي حيث كانت النمسا تصر على اقتراح منح تركيا "الشراكة المميزة" لكن الضغوط التي مارستها أمريكا مع بريطانيا وهي الرئيسية الحالية للاتحاد الأوروبي قد دفعت بالنمسا إلى رفع الراية والاستسلام للأمر الواقع لتمهد بذلك طريق التوصل إلى اتفاق أوروبي جماعي على الوثيقة الإطارية المتعلقة بتركيا.<BR>النمسا كانت وحدها من بين دول الاتحاد الأوروبي الخمسة والعشرين ضد بدء محادثات الانضمام مع تركيا وكانت مصرة على موقفها المتمثل بمنح تركيا بديلا للعضوية الكاملة أو على الأقل إلغاء البند الأول من الوثيقة الإطارية التي تتحدث "عن قدرة الاتحاد الأوروبي في استيعاب الدول المرشحة" إلا أنها لم تتمكن من الصمود كثيرا أمام رفض بقية الدول الأوروبية لإلغاء هذا البند وتبريرهم بأنه سوف يعد إخلالا بالقرار الذي تم اتخاذه في قمة 17 ديسمبر/كانون الأول العام الماضي.. لذا فقد تم حل الموضوع بتوسيع البند ليصبح كالتالي "الهدف المشترك للمفاوضات هو الانضمام، وهذه المفاوضات تشكل عملية مفتوحة ونتيجتها لا يمكن أن تكون مضمونة مسبقا". وبهذه الدبلوماسية الناجحة تمكنت تركيا من وضع قدمها على أول سلم في الاتحاد الأوروبي الذي كانت تتوق الدخول إليه لأكثر من 40 عاما </FONT></P><BR><P align=right><BR><FONT size=3><FONT color=#0000ff>الشعب التركي بين مؤيد ومعارض،،،</FONT><BR>أغلبية الأتراك يستبعدون احتمال انضمام تركيا الكامل والفعلي إلى الاتحاد الأوروبي ويعتقدون بأنه حلم لن يتحقق أبدا ويبسطون ذلك بالتأكيد على أنه طالما بقيت تركيا متمسكة بعاداتها وتقاليدها الإسلامية فإنها ستبقى خارج النادي الأوروبي المسيحي الذي لن يقبل بدخيل إسلامي كثيف وضخم مثل تركيا. وبسؤالنا أحد المواطنين الأتراك عن رأيه في انضمام تركيا إلى الإتحاد قال "إن الأمر سخيف للغاية لا أعتقد أن الأوروبيين يسمحون لنا بالدخول إلى الإتحاد الأوروبي مهما فعلنا". أما عثمان وهو إرول إمام جامع فقال "انضمام تركيا إلى عضوية الإتحاد الأوروبي سوف يعنى الزوال النهائي لما تبقي للشعب التركي من الهوية الإسلامية". بينما أشارت إليف إرغيتش محررة صحيفة في مجلة نقطة الأسبوعية إلى وجود إيجابيات كثيرة من دخول تركيا للإتحاد الأوروبي منها (حياتنا تصبح مدنية وستزداد فرص العمل فلذا أؤيد دخول تركيا إلى الإتحاد الأوروبي). أما السيدة غوتشه كلجيك مساعدة مسئولة شئون الإتحاد الأوروبي في تركيا عن إيجابيات دخول تركيا للإتحاد الأوروبي، فقالت: " الإصلاحات الدستورية التي أقدمت عليها تركيا في الفترة الأخيرة لاقت ترحيبا كبيرا من قبل المسئولين في الإتحاد الأوروبي الأمر الذي جعل الأوروبيين ينظر إلى عضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي نظرة مختلفة عن السابق.. وأعتقد أن سلوك تركيا الحسن الأخير هام جدا من أجل التحاق تركيا في عضوية الإتحاد الأوروبي وأرى أن المرحلة القادمة ستكون هامة بالنسبة لتركيا بل مصيرية بالنسبة لعضويتها كما أنني أرى أنه ما زال هناك وقت للعمل أكثر من أجل تحقيق الهدف وهو الحصول على العضوية الكاملة في الإتحاد".</FONT></P><BR><P align=right><FONT size=3><FONT color=#0000ff>ماذا كسبت الحكومة التركية في لوكسبورغ؟،،،<BR></FONT>حكومة حزب العدالة والتنمية أضافت نجاحا هاما إلى سجلها في لوكسمبورغ بفتح باب مفاوضات العضوية مع الاتحاد الأوروبي للانضمام إليه بعد الجهود المكثفة التي بذلتها في هذا الشأن منذ تشكيلها. وانتزعت الحكومة التركية على الصعيدين الداخلي والخارجي مكاسب كثيرة لعل المكسب الأول والأهم إظهار الحكومة قدرتها على المناورة والمساومة في المحادثات الدولية دون التخلي عن القضايا القويمة ودون التنازل عن مصالح البلد لإرضاء الطرف الآخر فقد أثبتت حكومة إردوغان التي كانت توصف من قبل المعارضة بقلة الخبرة والتجربة في السياسة الخارجية واللهث وراء الاتحاد الأوروبي أنها قادرة على الدفاع عن مصالح تركيا. ويشكل حصول تركيا على بدء المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لانضمامها إليه خيبة أمل للمعارضة التركية وكل من كان يعد نفسه لما بعد لوكسبورغ تحسبا لفشل الحكومة في الحصول على بدء المفاوضات بعد كل الجهود والإصلاحات. ومهما يكن فإن (رئيس الوزراء التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية) رجب طيب إردوغان عزز موقفه في السياسة الداخلية وقطع شوطا آخر في الطريق إلى رئاسة الجمهورية حسب ما يرى محللون. وأما على الصعيد الخارجي فهذه أهم تجربة لحكومة إردوغان في السياسة الخارجية بعد تجربة سياسة المماطلة الناجحة مع أمريكا قبل غزو العراق وإبعاد تركيا عن مستنقع العراق ورفض البرلمان التركي بتأييد من الحزب الحاكم نشر القوات الأمريكية في الأراضي التركية. ويشير المراقبون إلى التحول الجذري في السياسة الخارجية من سياسة مبنية على التحالف مع أمريكا وصداقة إسرائيل وحسب إلى سياسة مبنية على المصالح المشتركة مع الدول الأوروبية ودول المنطقة ومنفتحة على العالم مع تعزيز العلاقات مع العالم الإسلامي لتلعب تركيا دورها الفعال في القضايا العالمية.. ويبقى القول أن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي ستكون له منافعه الكثيرة للعالم العربي والإسلامي فقد أثبتت تركيا التي تسير باتجاه الديمقراطية وتمثل قيمها الحقيقية وبقيادة التيار السياسي الإسلامي التركي أنها لا يمكن أن تقف ضد القضايا العربية العادلة حيث تعمل تركيا كرأس جسر ثقافي للعالم الإسلامي.</FONT></P><br>