دور الليبراليين الجدد في الاستراتيجية الأمريكية
22 ربيع الثاني 1427

الفكرة المباشرة في فهم دور الليبراليين العرب الجدد في إطار الاستراتيجية الأمريكية هي أنهم يؤدون دورًا يعجز عنه الأعداء، أو هم بالدقة يقومون بالدور الذي يعجز عنه أعداء الأمة بقواتهم العسكرية،وبشكل أكثر دقة هم يقومون بالتمهيد للغزو العسكري وبالدور الذي يكمل مهمة الغزو العسكري، حيث الحروب لا تنجح أبدًا في تحقيق نتائجها إذا اقتصرت على العمل العسكري – بل حتى العمل العسكري لا يتم دون حرب نفسية – إذ أن العمل العسكري في حد ذاته لا ينجم عنه إلا هزيمة القوة العسكرية للبلد الذي تجري مهاجمته أو يجري العدوان ضده، وهو أمر لا ينجم عنه هزيمة لإرادة المجتمع. وكذلك إنهم يمثلون طابور الغزو الثقافي وهم راس الجسر الاقتصادي وهم النخب التي تتولى تطويع إرادة الدول والمجتمعات للقبول بالاحتلال على كافة الصعد. <BR><BR>ولذلك هم يركزون هجومهم على المقومات الصلبة والثابتة في بناء الإنسان من عقيدة وفكر، وكذلك يوجهون هجومهم ضد كل الحركات المقاومة في الأمة. فمن يتابع كتابات هؤلاء الليبراليين أو المتصهينين العرب الجدد يلحظ أنهم دأبوا وباستمرار على الهجوم العنيف على المقاومة المسلحة في فلسطين والعراق وأفغانستان حتى وصل الأمر بأحدهم إلى القول بأن الشعب الفلسطيني سيهزم في النهاية 'الإرهابيين' في فلسطين، وأن الشعب الفلسطيني سينتصر على أمراء الموت وسيمد أيديه بالسلام إلى جيرانه بدلاً من الأحزمة الناسفة'. <BR><BR>وهم كذلك يصفون المقاومة العراقية بالإرهاب ويعتبرون أن المعركة الجارية في العراق ليست معركة ضد الاحتلال، وإنما معركة بين الشعب العراقي والإرهابيين، ومن ثم فهم يقومون بدور أخطر من هؤلاء الذين يقومون بدور الطابور الخامس خلف خطوط الدفاع في الأمة أو بدور الحرب النفسية والتيئيس لعوامل النهوض والمقاومة أو بدور المروجين للاستسلام للأعداء، حيث إنهم يضربون في صميم عقيدة الأمة وملامح هوية الأمة على جميع الصعد؛ لجعل الإنسان العربي المسلم مجرد إنسان بلا هوية، يسهل تشكيل عقله على هوى المحتل، وذلك هو ما دفع الكثيرين للربط بينهم وبين المحافظين الأمريكيين الجدد الذين يستهدفون فرض القيم الأمريكية على المجتمعات العربية والإسلامية.<BR>لكن لفهم دورهم في هذه الاستراتيجية المحددة،يجب إن نحدد الاستراتيجية الأمريكية نفسها لندرك أي مكانة لهم في إطارها.<BR><BR><font color="#0000FF"> الإستراتيجية الأمريكية: </font><BR>ما نقصده هو الخطة الأمريكية التي وضعت ويجرى تنفيذها في المنطقة بما تشمله،من تحديد للأهداف المطلوب تحقيقها و تعيين للتحديات التي تواجهها عملية تحقيق هذه الأهداف ومن تحديد للمشروعات العامة والخطوات التي تتبع لتنفيذها وكذلك الآليات والوسائل المعتمدة لتنفيذها ضمن إطار الخطة الاستراتيجية الأمريكية دوليا.<BR><BR>-ما الذي تريده أمريكا؟هذا هو السؤال الأول الذي يواجه كل مخطط استراتيجي بعد قراءة معطيات الواقع:ما الهدف أو الأهداف المطلوب تحقيقها؟ والأهداف في الاستراتيجية هي أهداف ترتبط بمقدرات الدولة وطبيعة مصالحها فتكون أهداف إقليمية أو دولية حسب قدرات كل بلد.وفى حالة الولايات المتحدة فان الأهداف هي أهداف عالمية ومن ثم فإن الخطط هي خطط عالمية ولذلك حين نحاول التعرف على الخطة الأمريكية في منطقتنا لابد أولا أن نتعرف على الأهداف والخطة الدولية للولايات المتحدة والتي تأتى خطتها في كجانب منها وفى إطارها.<BR><BR><font color="#0000FF"> والأهداف الأمريكية على المستوى العالمي يمكن تلخيصها بشكل مكثف في التالي: </font><BR>" إبقاء السيطرة الأمريكية الراهنة على العالم، سواء على صعيد السيطرة على ثروات الشعوب الأخرى أو على صعيد قيادة الوضع الدولي، لتظل الولايات المتحدة هي الدولة الأقوى في العالم والأكثر رفاهية وثروة وتقدما والأكثر قدرة على تقرير مصير الدول الأخرى خدمة لمصالحها هي...إلخ، وبطريقة أخرى فان المخطط الأمريكي يستهدف أن تظل معالم الحالة الراهنة –كما يتصورها المخطط –حالة دائمة وان يكون اتجاه تغيرها هو باتجاه تعزيز هذه الأوضاع أو يجعل تغيرها يجرى دون خروج عن ملامح الحالة الراهنة".<BR><BR>-وما هي التحديات العالمية التي تجابهها هذه الأهداف في محاولة تحقيقها؟..هذا هو السؤال الثاني الذي يجيب عليه المخطط.ويمكن تلخيص هذه التحديات في التالي:<BR>1- صعود الأقطاب الأخرى في العالم بما يعنى إضعاف النفوذ والهيمنة الأمريكية أو منازعتها للولايات المتحدة على السيطرة على مقدرات الشعوب الأخرى، وهو تحدى لا يستهان بخطورته على الخطط الأمريكية إذ هو كان تاريخيا هو السبب الأساسي لإشعال حربين عالميتين.(يشمل هذا الصعود تطور قدراتها الاقتصادية والعسكرية وقوة تماسكها الداخلي كما يشمل قدراتها على التحالف مع دول أخرى) بما يستدعي وجود خطط متكاملة على مستويات بعيدة المدى وقصيرة المدى وعلى مختلف الصعد ولكل أجهزة الدولة الأمريكية لمنع صعود قوة أي من هذه الدول إلى مرتبة المنافسة.<BR><BR>2- عودة روح التمرد والمقاومة لدى الدول والشعوب المهيمن عليها أو التي سيجرى الهيمنة عليها (بوجود أبعاد عقائدية أو أيديولوجية للنهضة –أو بسبب ظهور تيارات سياسية تحمل ملامح النهضة لهذه الشعوب أو الدول أو بسبب تغير في موقف الشعوب أو هبوط درجة شعبية النخب والنظم الحليفة للولايات المتحدة الخ) بما يتطلب وضع خطط لمنع قوى المقاومة من توسيع قدراتها ونفوذها سواء بتحطيم بعضها أو باستئناس بعضها أو بعزلها عن بعضها البعض...الخ.<BR><BR>3- حدوث تغييرات مفاجئة غير متوقعه على هذا الصعيد أو ذاك –تمردات أو ثورات أو انقلابات -بما يتطلب وضع خطط طوارئ تمنع احتمالات تأثير هذه الأحداث على تحقيق الأهداف والمصالح الاستعمارية الأمريكية.<BR><BR>- وما هي عوامل القوة في الموقف الأمريكي التي يسعى المخطط الاستراتيجي لتعزيزها (وما هو الطارئ منها وما هو المستديم) وما هي عوامل الضعف لتلافيها؟ الخ،وما هي عوامل القوة لدى الأطراف الدولية الأخرى لإضعافها وعوامل الضعف لديها لتعزيزها،هذا هو النمط الثاني من الأسئلة التي تواجه المخطط؟<BR><BR>وفى ذلك لا شك أن المخطط الأمريكي سيجد أن أهم عوامل القوة الشاملة لدى الولايات المتحدة في التالي (مع العمومية الشديدة):<BR>1- القوة العسكرية والتكنولوجيا المتطورة التي تسبق الآخرين بمراحل.<BR>2- القوة الاقتصادية القادرة على الإبقاء على مختلف مجالات التفوق (قوة الدولار – قوة التصنيع وطاقتها – البحث العلمي المتقدم والمتفوق... الخ).<BR>3- وجود نفوذ فعلى في مناطق العالم وحالة من السيطرة على الأرض وعلى نظم الحكم في مختلف مناطق العالم وبشكل يفوق جميع الدول المنافسة لها في العالم وفى المناطق الإقليمية المختلفة.<BR><BR><font color="#0000FF"> وماذا عن نقاط الضعف للولايات المتحدة؟ </font><BR>لا شك أن المخطط الاستراتيجي سيحدد نقاط الضعف لدى الولايات المتحدة ويعمل على تقويتها.سواء على صعيد القدرات الداخلية (ضعف معدلات التنمية وتفكك حالة الإجماع الوطني...إلخ)أو على صعيد القدرات الخارجية(كراهية الشعوب الأخرى للسياسة الأمريكية –التورط في حروب مرهقة للميزانية وتنزف الروح الوطنية والمجتمعية).<BR><BR><font color="#0000FF"> وماذا عن نقاط قوة الآخرين للعمل على إضعافها؟ </font><BR>يحدد المخطط الأمريكي عوامل قوة الأقطاب الأخرى،فيجد مثلا،أن عوامل قوة الصين هي في نموها الاقتصادي وعدد سكانها الكثيف وسيطرة قيادة موحدة على المجتمع الخ، فيعمل على تحويلها لعوامل ضعف،كما يحدد عوامل ضعف الصين في إنها بلد نامٍ، وأنها تعانى من مشكلات صراعات استراتيجية في المحيط كما أنها تتكون من قوميات عديدة فيعمل على تعزيز جوانب الضعف.كما يحدد عوامل قوة الطرف الأوروبي من الوفرة الاقتصادية والتطوير البحثي ومن احتمالات تعزيز الوحدة الأوروبية بما يعطى أفاق للمنافسة..الخ فيعمل على إضعافها ويحدد عوامل الضعف في تعدد الهويات الوطنية ووجود صراعات تاريخية بين دولها (ألمانيا –فرنسا –بريطانيا) فيعمل على تعزيز عوامل ضعفها وهكذا.<BR><BR><font color="#0000FF"> تحديات تواجه تحقيق هذه الأهداف: </font><BR>يواجه تحقيق الأهداف الأمريكية على المستوى العالمي عدة تحديات منها:<BR>1-أن المنظمات الدولية (الأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين..الخ) كانت تأسست وفق قواعد لا تتيح الهيمنة الأمريكية الكاملة بسبب المرحلة التاريخية التي تشكلت خلالها أي ما بعد الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة.<BR>2- أن العالم يشهد حالة صعود أقطاب دولية أخرى متعددة دفعة واحدة بما يجعلها تمثل قوة في حالة وجود علاقات تعاون فيما بينها في مواجهة الولايات المتحدة.<BR><BR><font color="#0000FF"> المنطقة العربية والخطة الأمريكية: </font><BR>حاولنا في الرصد السابق القيام بمحاولة تلمس مختصرة للخطة والرؤية الأمريكية الإستراتجية على المستوى الدولي والآن ماذا عن الخطة في المنطقة العربية والإسلامية والتي تأتى تحت شعار "الإصلاح والتغيير " التي نشهد تصعيدا في نغمتها والإلحاح عليها لندرك دور الليبراليين العرب بشكل محدد؟<BR><BR>ثمة تحفظين أوليين على الأمر من ناحية مصطلحي "الإصلاح" أو "التغيير":<BR>1- أن الولايات المتحدة لا تنشد "الإصلاح والتغيير في المنطقة بالمعنى المتداول " بل إننا إذا شئنا الدقة فإنها تريد قطع الطريق على الإصلاح وعلى التغيير الحقيقيين.وأهمية استخدام المصطلح المناسب تأتى من أن المصطلح إنما يقدم مفهوما معينا،فإذا قلنا إنها تريد الإصلاح فان ذلك لا يخلط القضية فقط وإنما يوقع المتابع في مأزق،فإذا كانت أمريكا تطلب الإصلاح فذلك يعنى أنها تعمل لمصلحة الشعوب أكثر مما تعمل حكوماتنا لمصلحتها،وان الولايات المتحدة هي الأحرص على مصالح امتنا من القوى التي تعارضها.أما إذا كانت تنشد قطع الطريق على الإصلاح ومنع التغيير بالطريقة التي تحقق مصالح الشعوب والحكومات،فان ذلك يحصن المتابع ضد الخطط الأمريكية من الأصل. ونفس الأمر بالنسبة لمصطلح "التغيير"،فالولايات المتحدة لا تنشد التغيير وإنما هي تنشد تعزيز حالة الضعف وتطوير المعركة ضد الإسلام والحركات الإسلامية،والقومية والحركات القومية والوطنية والحركات الوطنية أو بالدقة هي تستهدف تعزيز الطاقة المدمرة في الحالة الراهنة،أما من ينشد التغيير فهو من هو مختلف جذريا مع السائد حاليا ومع الولايات المتحدة في إن واحد،إذ إن معيار التغيير هو تحقيق مصالح الشعوب والمجتمعات ونظم الحكم أيضا باتجاه النهضة والمنعة.<BR><BR>2- أن الولايات المتحدة لا تبدأ تطبيق استراتيجيتها الجديدة من العدم في المنطقة، بل هي تطور من أوضاعها الموجودة في المنطقة، بناءً على ما هو موجود ومتعدد في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية، كما هي بالفعل تملك شبكة واسعة مع المرتبطين بمصالحها في المنطقة.<BR><BR><font color="#0000FF"> والآن ما هي الأهداف الأمريكية في المنطقة التي تعمل الولايات المتحدة لتحقيقها: </font><BR>الأهداف متنوعة على صعيد المنطقة منها ما يأتي بالارتباط مع الاستراتيجية الدولية ومنها ما هو أهداف تخص استراتيجيتها في المنطقة.<BR><BR><font color="#0000FF"> أهداف في المنطقة ضمن استراتيجيتها الدولية: </font><BR>1-السيطرة على بترول المنطقة،للسيطرة على مصدر القوة المحركة لاقتصاديات العصر الحديث ولتقليل الأمان الاستراتيجي في مجال الطاقة بالنسبة للدول الأخرى المنافسة لها.<BR>2-منع دول المنطقة من الدخول في أية تحالفات بينها وبين بعض الدول المنافسة للولايات المتحدة على المستوى الدولي.<BR>3- تحويل حالة السيطرة الجزئية أو النمطية الأمريكية حاليا في المنطقة إلى حالة سيطرة كلية دائمة.<BR><BR><font color="#0000FF"> تحديات تواجهها تحقيق هذه الأهداف: </font><BR>1- أن المنطقة ملاصقة لخصوم أو منافسين محتملين مثل أوروبا والصين وروسيا والهند الخ.<BR>2- أن المنطقة بها نظم من مصلحة نخبها الحاكمة الإفلات من الهيمنة الأمريكية من خلال قدر من العلاقات والتوازنات بين القوى الدولية المختلفة.<BR><BR><font color="#0000FF"> أهداف في المنطقة العربية والإسلامية في ذاتها: </font><BR>1-منع قيام حالات من القوة والتوحد على أي صعيد بين هذه الدول باعتبار أي عامل توحد يعطى قوة ومنعه في مواجهتها وغيرها.<BR>2-منع اقتصاديات الدول العربية والإسلامية من التأثير على قوة الوضع العربي والإسلامي أو منع استخدام الثروات والطاقات البشرية الهائلة في المنطقة لأحداث نهضة أو في امتلاك الإرادة والقرار السياسي لتطوير أوضاعها الدولية أو الداخلية على المستويات الاقتصادية أو الصناعية أو الزراعية أو العسكرية الخ.<BR>3- استمرار الهيمنة الأمريكية على اقتصاديات وثروات المنطقة وإطاحة الحكومات التي لا تتعاون كاملا مع الخطط الأمريكية أو تنفذ الإرادة وتحقق المصالح الأمريكية.<BR><BR><font color="#0000FF"> تحديات تواجهها الخطة في المنطقة: </font><BR>1-أن شعوب المنطقة تملك مظاهر متعددة للتوحد فيما بينها ومخزون حضاري كامن يمكنها من الانطلاق نحو النهضة والقوة.<BR>2- أن في المنطقة قوى مقاومة وممانعة قوية متعددة منها ما هو تيارات جهادية مقاومة ومنها ما هو في صورة جماعات وأحزاب ومنظمات ومنها ما هو في صورة حكومات تحاول الإفلات من الضغوط والهيمنة الأمريكية.<BR><BR><font color="#0000FF"> اتجاهات تنفيذ الخطة: </font><BR>أولا: هدم كل المفاهيم والقناعات الراسخة لدى سكان المنطقة التي يمكن أن تحولها إلى منطقة مستقلة بذاتها سواء على المستويات العقيدية الدينية أو المبادئ القومية أو الفكر الوطني.<BR>ثانيا:إنهاء كل أشكال القوة الحالية والمحتملة المتمثلة في تنظيمات المقاومة والتيارات التي تقاوم الهيمنة والوجود الأمريكي والصهيوني أو التي لا تنفذ الخطط الأمريكية.<BR>ثالثا:منع أية نظم بالمنطقة من إقامة علاقات بأقطاب دولية أخرى بما يؤثر على الخطة الأمريكية،وتطويع إرادات الحكومات للعمل ضمن إطار الخطة الأمريكية.<BR><BR><font color="#0000FF"> كيف يجرى تنفيذ تلك الخطة من قبل الولايات المتحدة: </font><BR>يمكن القول بان الخطة الأمريكية لمواجهة هذه التحديات في المنطقة تقوم على ما يلي:<BR>1- إدخال تعديلات على المكون البشرى في الحكومات والنظم وفى أسلوب حكمها بالمنطقة لتكون اشد قدرة على مواجهة تمرد الشعوب ومقاومتها.<BR>2- تفتيت قدرات المجتمع وضرب كل مقومات التوحد والتماسك والنهضة من خلال توجيه نصل الطعن إلى العقيدة الإسلامية والمفاهيم العروبية والوطنية.<BR>3- ضرب كل أشكال المقاومة المنظمة وإحلال أشكال سياسية بديلة محلها واستيعاب أية قوى بما فيها قوى إسلامية داخل إطار المشروع الأمريكي لعزل القوى المقاومة في مرحلة ثم الاستدارة ضد هذه القوى في مرحلة لاحقة.<BR><BR><font color="#0000FF"> دور الليبراليين العرب الجدد في هذه الخطة: </font><BR>الليبراليون العرب الجدد،هم بالدقة النخب الجديدة التي يجرى تربيتها وتنميتها داخل جسد المجتمعات العربية والإسلامية وعبر كل وسائل الدعم،لكي تصل إلى الحكم بديلا لنخب الحكم الراهنة التي فقدت مشروعيتها أو ترهلت قدراتها في السيطرة على المجتمعات العربية والإسلامية أو بحكم أنها لم تعد قادرة على تطويع إرادة جماهير الأمة لتحقيق المصالح الأمريكية،أو باعتبارها لم تعد قادرة على مواجهة التيارات الفكرية المتصاعدة قدراتها ونفوذها في المجتمعات العربية والإسلامية،أو بالنظر إلى رفض بعضها بهذه الدرجة أو تلك تنفيذ الخطط الأمريكية أو تمرير المخططات الأمريكية..الخ.<BR><BR>والليبراليون العرب الجدد هم أهم جانب من جوانب تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة،إذ إن دورهم يتحدد بالدقة في هدم كل المفاهيم والقناعات الراسخة لتسهل السيطرة على المنطقة ولتتم محاصرة كل أشكال المقاومة،وهم بعد إن يصلوا إلى السلطة يصبح الاحتلال كاملا لتحقق كل أهداف الخطة الأمريكية.<BR><BR>وفى سبيل تنمية وتطوير أوضاع تلك النخب وإيصالها إلى الحكم،يجرى الآن إقرار ديموقراطية شكلية لتوسيع مساحة الحركة أمام تلك التيارات،والتي ينتظر إن تحصل من خلال "آليات الديموقراطية " على شرعية الوصول للحكم،وتنفيذ البرامج والخطط الأمريكية وفق نمط من الزخم الشعبي وعلى نحو أكثر كفاءة أو وفق متطلبات العولمة وغيرها.<BR><BR>وحتى يمكن حصولهم على الشرعية الجماهيرية،فان عملية معقدة تجرى لإطاحة وإزاحة وتهميش النخب الحاكمة حاليا،وتنمية النخب العلمانية أو الليبرالية الجديدة،وتوسيع القاعدة الاجتماعية المؤيدة والمساندة لها في المجتمعات العربية والإسلامية،مع عزل التيارات والأشكال المقاومة.وهذا هو جوهر فكرة الإصلاح الأمريكية.<BR><BR><font color="#0000FF"> فكرة الإصلاح الأمريكي: </font><BR>بطبيعة الحال أننا لم ننصب الولايات المتحدة لإصلاحنا أو تغييرنا،فالشعوب لم تجمع توقيعات على عرائض موجهة إلى (الرئيس الأمريكي) جورج بوش أو إلى (وزيرة الخارجية) الأمريكية كوندليزا أو إلى رجال الإدارة الأمريكية راجين منهم التدخل "لإصلاحنا " كما أن لا احد أعطى تفويضا لهما بالحديث نيابة عن الشعوب ولا حتى عن الحكومات،كما أننا لا نملك صلة قرابة بين شعوبنا والإدارة الأمريكية حتى تجد أن من واجبها تصويبنا.من البداية إذن فإن أحداً لم يدع أمريكا لإصلاحنا، بل إن المفارقة هو أن سادة واشنطن يتحدثون عن أنهم هم الذين يدركون مصالحنا أكثر من حكوماتنا وأنهم أقرب إلى فهم مصالحنا والتعبير عنها من أحزابنا الوطنية في وقت هم يقاتلونا ونقاتلهم وأنهم وفى وقت يتحدثون فيه عن إصلاحنا يتحدثون عن أن حربهم علينا إنما هي حرب مقدسة وأنهم يعدون مقاومتنا إرهاباً وإرهابهم إصلاحاً.<BR><BR>والسؤال الأول في التعرف على الرؤية الأمريكية للإصلاح هو:إصلاح ماذا؟ والحقيقة أن متابعة التصريحات والدراسات الأمريكية تكشف أن المقصود بالإصلاح أولا:هو إصلاح النظم العربية،وان هذا الإصلاح من وجهة النظر الأمريكية هو كيف تكون هذه النظم أكثر واشد موالاة للولايات المتحدة وليس أكثر موالاة لا لديننا ولا لعروبتنا ولا لوطنيتنا ولا لمصالح شعوبنا والمقصود بالإصلاح ثانيا:هو تغيير عقائد شعوبنا ومفاهيمها وقيمها وعاداتها وتقاليدها لتكون أكثر اقترابا من السائد في المجتمع الأمريكي نفسه، و إذا كنا أوضحنا فيما سبق إن الخطة الأمريكية تستهدف جعل العالم مستمرا تحت الهيمنة الأمريكية وحددنا التحديات التي تواجهها الخطة الأمريكية،وكذا كيف أنها في مواجهتها لهذه التحديات إنما تعمل على تغييب الدين من حياة البشر في هذه المنطقة وكذلك الفكر القومي والوطني وأنها تسعى إلى إدماج الكيان الصهيوني في جسد الأمة من خلال الشرق أوسطية لتوطين حالة الضعف الخ نشير إلى الآليات التي تعتمدها الولايات المتحدة لإنفاذ مشروعها وخطتها وكذا لتحويل نقاط قوة أمتنا إلى نقاط ضعف، وكما سيظهر سيكون الليبراليون العرب الجدد هم من يقوموا بكل هذا الدور جملة وتفصيلا.<BR><BR><font color="#0000FF"> الإطار العام للخطة الأمريكية –الشرق الأوسط الكبير </font><BR>الإطار العالم الذي ينظم الخطة الأمريكية هو العمل من خلال إطار ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير، وهو نمط إطاري مثل نمط اتفاقية هلسنكى لحشد الغرب كله في المعركة ضد الإسلام والإسلاميين تحت القيادة الأمريكية.كانت اتفاقية هلسنكي القديمة (1975) هي إطار الاتفاق والعمل، على ما سمي بنشر الحريات في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية وفق نمط من صراع مرير، عبر الحرب الباردة والأهم أنها كانت تسليما أوروبيا بقيادة الولايات المتحدة للعالم الغربي في هذا الصراع وحشدا لكل القوى الغربية. وإذا نظرنا إلى مشروع الشرق الأوسط الكبير،نجد انه يمثل دمجا لكل مبادرات السيطرة الأوروبية والأمريكية على المنطقة في مشروع واحد " أو هو بديل مشترك لمشاريع "الشراكة الأوروبية المتوسطية".<BR><BR>و"مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط", ولأشكال تنظيم جهود "إعادة الإعمار"-حسب نص المشروع - المتعددة الأطراف في أفغانستان والعراق بما يعنى أنها أيضا مخطط واتفاق لتقاسم ثرواتنا بين الدول الاستعمارية وبعضها البعض.ويشير المشروع إلى أن المنطقة الإسلامية "تمثل مصالحا وطنية للدول الثمانية" فيقول إن الأوضاع في المنطقة "تهدد المصالح الوطنية لكل أعضاء مجموعة الثمانية "وان الأوضاع في المنطقة لزيادة تأكيد المعنى " تمثل تهديدا مباشرا لاستقرار المنطقة والمصالح المشتركة لأعضاء مجموعة الثمانية ".وهو إعلان صريح بالمشاركة في محاولة لإعادة تقسيم المصالح في المنطقة..لا يقل صراحة عن حديث ديك تشيني (نائب الرئيس الأمريكي) أمام منتدى ديفوس والتي كانت الأصرح في فهم تجديد التحالف الأطلسي على أسس جديدة وفى الدعوة لشراكة أمريكية أوروبية للمساعدة على إحلال الاستقرار في العالم العربي وجواره الإسلامي...غير أن مشروع الشرق الأوسط هو خطة متكاملة إذ هي حددت آليات محددة ومشروعات محددة للمشاركة من كل الأطراف لتكامل مع الخطط والجهود الأمريكية في إطار واحد كما حددت أنماطا لمراقبة التنفيذ والمتابعة!<BR>وهنا يظهر أن الداعمين والداعين لخطة الشرق الأوسط الكبير والمروجين لها في منطقتنا..هم الليبراليون العرب الجدد.<BR><BR><font color="#0000FF"> إدخال الكيان الصهيوني في منظومة المنطقة لإضافة عوامل قوة للاستراتيجية الأمريكية وهزيمة الرؤية العربية الإسلامية. </font><BR>ولقد نص المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير في ثلاثة بنود هي الأهم..أو هي الكاشفة لجوهر المشروع..على دمج الكيان الصهيوني في جسد المنطقة.البند الأول منها يتضمن تعريف بالدول التي ستنضوي ضمن مشروع الشرق الأوسط العظيم..فيقول "يشير الشرق الأوسط الكبير إلى بلدان العالم العربي زائداً باكستان وأفغانستان وإيران وتركيا وإسرائيل.ويشير البند الثاني إلى البلدان التي تمثل أولوية في المدة المقبلة في تنفيذ المشروع،فيحدد أن أفغانستان والجزائر والبحرين وإيران ولبنان والمغرب وقطر والسعودية وتونس وتركيا..أما البند الثالث فيشير إلى البلدان التي تقدمت بطلبات إلى منظمة التجارة العالمية وهى لبنان والسعودية واليمن..وأفغانستان وإيران..الخ والى الدول التي طلبت منحها صفة مراقب مثل العراق.<BR><BR>ومن قراءة البند الأول يتضح أن الدول التي سيتم تشكيل الشرق الأوسط الكبير منها هي كلها دول إسلامية –كلها- ما عدا الكيان الصهيوني،والأخيرة هي الدولة الوحيدة التي سيتم "حشرها " ضمن هذا الإطار..وبدون حشرها لكانت التسمية هي الدول العربية والإسلامية..وهو ما يكشف عن أسباب بدء باكستان السير المستتر والمتردد والخجول والمناور في العلاقات مع الكيان الصهيوني منذ بدء الإعلان عن المشروع إلى إن التقى وزير الخارجية الباكستاني علانية مع وزير الخارجية الصهيوني..كما يكشف أيضا لماذا كان الهجوم على العراق وأفغانستان باعتبارهما البلدان الرافضان من قبل لدخول القرن الأمريكي وخطة دمج الصهاينة في المنطقة..وهو يكشف لماذا كانت صيرورة العلاقات التركية الصهيونية على هذا النحو منذ مدة طويلة وكيف كان التفكير الاستراتيجي بها..ويكشف لماذا كان الهجوم على مصر والسعودية وسوريا..إلخ.. وقبل هذا وبعده هو يكشف أن الذي سيجرى هو إنهاء مفهوم الأمة الإسلامية والأمة العربية، حيث المنظومة الجديدة مكونة من دول لا شرط لهويتها العقدية أو الثقافية. وهنا يظهر دور الليبراليين العرب الجدد في الخطة الاستراتيجية الأمريكية من خلال الدعوة لمحو الهوية الإسلامية والعربية.<BR><BR>وبمراجعة البند الثاني يتضح أن الأمر ليس فقط هو فرض لتشكيل عام ومنظومة،تضم دول المحيط إلى دول الداخل ضمن منظومة الشرق الأوسط الكبير..وليس فقط مستهدفا وقاصدا دمج الكيان الصهيوني على كل المستويات داخل الجسد العربي والإسلامي.. وإنما أيضا أن ذلك سيجرى وفق خطة محددة من الخارج ترشح الكيان الصهيوني لكي يكون هو الدولة المحورية في تنفيذ عمليات التطوير والتغيير "الديموقراطي" داخل هذه الدول..فقد أشار المشروع إلى أنه وفق "تقرير فريدوم هاوس للعام 2003 فإن إسرائيل كانت البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي صنف بأنه حر "..وقد حدد هذا البند –الثاني - الدول التي سيجرى فيها انتخابات خلال المرحلة القادمة ليتم تشكيل إطار لمتابعتها ومراقبتها وتشكيل مرجعية للفصل فيها وإنزال العقاب بشأنها بما يعنى تشكيل هيئات تراقب وتتابع وتنفذ عمليات التغيير الداخلي..أما البند الثالث فهو يحدد الدول التي تريد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ليكون الأقطاب الصناعيين جاهزين لتحديد وتقسيم المصالح بشأنها.وإذا كانت الأمور قدمت في هذه البنود الثلاثة وفق رؤية معلوماتية فان بنود المبادرة توضح المقصود منها وفيها بدقة وبتحديد يندر أن يصدر بشان دول ذات سيادة.حيث حددت آليات محددة للرقابة والتدخل والمتابعة والثواب والعقاب!<BR><BR>وهنا مجددا يظهر إن الليبراليين العرب الجدد هم أصحاب الدور الأكبر في تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية من دعايتهم للتطبيع مع الكيان الصهيوني ومن الإشادة بالديموقراطية داخل الكيان الصهيوني ومن خلال الترويج للعولمة ومفاهيمها والإعلان عن نهاية الوطنية والعروبة والإسلام..الخ.<BR><BR><font color="#0000FF"> استهداف الإسلام والعروبة والوطنية: </font><BR>يدرك الأمريكان كما أدرك كل المستعمرين أن الإسلام هو العقيدة المهيمنة والقادرة حين تأخذ بها الشعوب الإسلامية على تشكيل رؤية عقدية مقاومة تولد طاقات هائلة للمقاومة والنهضة والبناء ولذلك وضعت ضمن مخطط الشرق الأوسط إدخال تعديلات هائلة على كل ما يتعلق بالعقيدة وأسس الفكر الإسلامي، ولذلك نجد إن الأعلى صوتاً في الهجوم على الإسلام واتهامه بالتخلف..هم الليبراليين العرب الجدد. وهنا تأتى كل محاولات تغيير المناهج الدينية وحصار العلماء والدعاة وإذا تابعنا ما يقوله أو يكتبه كل المتعاونين مع الولايات المتحدة وكل أشكال ضغوطها ضد الحكومات والمجتمعات سنجدها باتجاه فصل الدين عن الدولة وإخراج الدين من حياة المواطنين.كما أن من يتابع نشاطات المنظمات الممولة أمريكيا وأوروبيا يجدها جميعا تصب في هذا الاتجاه.ومن يتابع نشاطات هذه الجماعات سيجدها تعمل بإلحاح على صدم المسلمين في العقيدة –ولذلك يقولون أن لا شيء مقدس وان القران يجب أن يعامل ككتاب موعظة وليس كنص مقدس أو لذلك كتب احدهم بان النساء قوامون على الرجال وليس أن الرجال قوامون وكتب أيضا أن القران الكريم –والعياذ بالله من هذا الإفك –مليء بالاختلاف والتضارب وان الربا لم يحرم لنص شرعي قطعي وإنما هو شرع كنوع من الحرب على اليهود المرابين وان تحديد بيت المقدس كقبلة للمسلمين لم يأت إلا كعمل من أعمال السياسة –لضرب جوانب القوة الاقتصادية لدى قبيلة قريش،وهكذا هناك مئات من هذه الأباطيل والأفاعيل.<BR><BR>وأخيرا فإنهم في كل ما يتحدثون فيه حول تطوير التعليم فإنهم لا يتحدثون أبدا عن تطوير التعليم في جوانب الاهتمام بالعلوم الحديثة أو تطوير مناهج البحث العلمي أو إدخال الحاسوب في كل مجالات التعليم وكذلك هم لا يتطرقون أبدا إلى ضرورة ربط العلم بالتطبيق في المجتمعات لإحداث نهضة تقنية،لا يتحدثون أبدا عن شيء من هذا أو ذاك وإنما تطوير المناهج التعليمية عندهم يستهدف العقائد والتاريخ والجغرافيا.العقائد بإضعاف البناء العقائدي خاصة فيما يتوجب على المسلم و المؤمن فعله تجاه الاعتداء على دينه أو أمته.والتاريخ لمحو الذاكرة الجمعية العربية والإسلامية. والجغرافيا لتحويل الجغرافيا من جغرافية تحمل هوية أمة إلى جغرافيا تكرس انتهاء مفهوم الأمة.<BR><BR><font color="#0000FF"> طرح الديموقراطية كمشروع بديل للمقاومة وكعقيدة جديدة‍! </font><BR>يقول ريتشارد هاس (مدير تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية): "علمتنا التجارب القاسية فان مثل هذه المجتمعات تفرخ المتطرفين والإرهابيين الذين يستهدفون الولايات المتحدة لتأييدها للنظم التي تحكمهم …أن الاستقرار القائم على التسلط وحده ليس سوى وهم وهو شيء لا يمكن تحقيقه في نهاية المطاف.ويقول جورج تينيت (مدير المخابرات المركزية الأمريكية) في شأن المبادرة "الديموقراطية "" أن الولايات المتحدة تقدم على مبادرة استراتيجية لدعم الديموقراطية والإصلاحات السياسية في العالم الإسلامي وإلا فان الدول العربية ستكون معرضة إلى هجمات من "القاعدة" وغيرها من المنظمات ".و قال (وزير الخارجية الأمريكية السابق) باول: "سنفعل أي شيء لإنهاء الإرهاب والعنف الذي يأتي من المجتمع الفلسطيني.. واستدرك..بعض المجتمع الفلسطيني " وأضاف "امنعوا الإرهاب والعنف ….وقال: إن شرطاً آخر لإحراز أي تقدم هو أن يختار الفلسطينيون زعماء جددا ويغيروا مؤسساتهم..ومع تحقيق الفلسطينيين تقدماً في هذا الاتجاه فإنه سيطلب من (إسرائيل)أيضا اتخاذ خيارات صعبة منها إنهاء كل أنشطة البناء الاستيطانية".<BR><BR>وهنا بيت القصيد..حيث ليس مطلوبا حكمنا بالديموقراطية ولا يحزنون..وان الأمر من البداية إلى النهاية هو تفكيك كل أشكال المقاومة للولايات المتحدة لا أكثر ولا أقل..ولذلك يشعر الناس أن الكلمات والمؤتمرات والندوات والاهتمام بالديموقراطية تأتى وكأنها تبشير بدين جديد بينما ليست أكثر من محاولة اختراع "للعجلة " في القرن الواحد والعشرين.لقد أصبحت "الديموقراطية" هي البديل للعقيدة وللمقاومة في مواجهتها للولايات المتحدة ومشروعاتها ومخططاتها..كما أصبحت هي الطريقة لتطويع الإرادة لكي تستجيب للشروط والضغوط والمصالح الأمريكية..لقد أصبح المواطن المسلم مثله مثل قادم من الفضاء يدخل أجواء الكرة الأرضية فلا يقابله..ولا يسمع من نوع الكلام سوى كلمة الديموقراطية في العالم الإسلامي ولا يجد لامعا على الأرض سوى العمليات العسكرية العدوانية في فلسطين والعراق وأفغانستان.وفى العلاقة بين ما يرى ويسمع فان الكلام عن الديموقراطية ليس مقصوداً به سوى إنهاء دور الدين في حياة الأمة وإتاحة الفرصة لمخربي العقيدة والقيم وحصار المقاومة وعزلها بين شعوبنا،وتنمية نخب معادية لأوطانها وعروبتها وقيم الأمة وعقائدها.<BR><BR><font color="#0000FF"> إعادة تشكيل النخب على النمط العلماني: </font><BR>ما نراه هو الأصل في مثل هذه التيارات أنها أحد نواتج الغزو الثقافي أو بالدقة أحد نواتج الحرب على عقيدة الأمة وهويتها وحضارتها، غير أن فكرة الغزو الثقافي الآن لم تعد كما كانت في السابق، مبنية في جانب منها على 'انبهار' بالحضارة الغربية – كما كان الحال في مطلع الغزو العسكري والحضاري الأوروبي لعالمنا الإسلامي - وكذلك هي لم تعد تتوقف عند حدود العمالة التي تجري على أساس مقايضة المال بالمعلومات، كما هو الحال لدى الجواسيس، بل أصبح هناك نمط جديد ظهر بالدرجة الحادة مع العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني على العراق ممثلاً في ارتباط فئات وجماعات بالغازي الاستعماري، يمدها الغازي بالمال أو السلاح أو بكليهما معًا، كجماعات مصالح تمثل مصالحه أو تحقق له أهدافه الاستراتيجية أو تعطيه مبررات للتدخل...إلخ، ويستفيدون هم من وجوده ودوره ودعمه في تشكيل شبكة مصالح خاصة بهم. <BR><BR>ففي الحالة العراقية تشكل نمط خاص كبير من فرق العملاء هؤلاء ومن أطياف محددة لعبوا الدور الأكبر في التغطية على الاحتلال وجرائمه وحاولوا أن يعطوه سندًا شرعيًا للوجود على أرض أمتنا، في مقابل الحصول على امتيازات في الحكم وفي تنمية مصالحهم الخاصة. لكن الحال في البلدان الأخرى يأخذ أشكالاً متعددة ومتنوعة أخرى، حيث هناك جيوش من العملاء الفكريين والمصلحيين تجري عملية تربيتهم في المنظمات الممولة أمريكيًا وأوروبيًا تحت لافتات متعددة ومتنوعة مثل منظمات الدفاع عن المرأة ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان... إلخ، ومن هؤلاء المتصهينين العرب الجدد الذين هم أعلى أشكال الارتباط بالأعداء والعمل في خدمتهم حيث هم لا يخوضون معارك ضد أمتهم على مستويات قطاعية أو نوعية – المرأة أو حقوق الإنسان – وإنما هم يدخلون معارك ضد صلب العقيدة والهوية. وقد كان تمويل مثل هذه الظواهر يجري من قبل في مصر - مثلاً - وفق أنماط من السرية أو وفق حالات مقننة، حيث كانت الأموال تصل إلى هؤلاء عبر وزارة الشئون الاجتماعية وخصمًا من المعونة المقدمة للحكومة المصرية، إلى أن تطور الأمر بعد احتلال العراق وأخذ مدى أبعد، حيث أصبحت السفارة الأمريكية في القاهرة هي التي تتولى مباشرة عملية تسليم الأموال، وفي احتفالات تدعى إليها مختلف أجهزة الإعلام، ليجري توزيع مبلغ سنوي يتراوح بين 40 و50 مليون دولار سنويًا. <BR><BR>وهناك أشكال أخرى لدعم مثل هذه العناصر المخربة وفي إطار تحويلهم إلى نخب بارزة إعلاميًا، كأن تُدعى مثل هذه الشخصيات إلى مراكز الأبحاث الأمريكية والبريطانية والفرنسية والصهيونية لإلقاء محاضرات في رحلات تدوم لنحو 3 و6 أشهر مثلاً، يتم خلالها تكثيف الضوء الإعلامي عليهم خلالها، كما يعود كل منهم من رحلته بأموال لا حصر لها ولا حد، كما أن هناك إتاحة مساحات للكتابة لأفراد من هؤلاء مع دفع مقابل مالي كبير يفهم منه الممنوح للمال دوره ليكثر منه، وكلما أكثر وأجاد حصل على مال وشهرة أضخم وأكبر. وفي كل ذلك فالأهم أن كل هؤلاء باتوا يحظون بحماية أمريكية داخل البلاد العربية والإسلامية، بما يجعل الحكومات غير قادرة على المساس بهم، مهما فعلوا أو قالوا، وهو نمط جديد مختلف عما عرفته المجتمعات العربية وهي تحت الاحتلال، حيث كان النمط السائد هو حماية الأجنبي ومحاكمته وفق قوانين بلده الأصلي، وأمام محاكم مشكله من أبناء جلدته – المحاكم المختلطة - أما الآن مثل هؤلاء الأشخاص إما باتوا محميين بالجنسية الأمريكية أو هم محميون بالضغوط الدبلوماسية والإعلامية الأمريكية. <BR><BR>والمتابع لعملية إعادة تدوير النخب وتغييرها يلحظ إن ذلك يجرى تحت شعارات الديموقراطية والإصلاح والتغيير،حين بدأت الولايات المتحدة مرحلة من الهجوم السياسي الإعلامي على حكومات ودول ومجتمعات المنطقة وقد جاء كله في أعقاب العدوان العسكري على العراق .بدأت القصة بإعلان باول عن رصد 29 مليون دولار لما اسماه المساعدة على إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية في العالم العربي والإسلامي قابلة للزيادة في العام المقبل –تحقق الوعد ووصل إلى 84 مليون دولار حسب خطاب الرئيس بوش بعدها بنحو 6 اشهر-وان اسم هذا البرنامج هو "مبادرة من اجل شراكة أمريكية –شرق أوسطية " وأنها تهدف إلى وضع الولايات المتحدة إلى جانب التغيير والإصلاح ومستقبل حداثة الشرق الأوسط. وحسب قول باول أيضاً فإن هذه المبادرة ستشجع على إقامة مشاريع في مجال الانفتاح الاقتصادي وتعزيز دور النساء والتربية ووسائل الاتصال والمؤسسات المدنية.<BR><BR>ودعا باول الدول العربية إلى الانفتاح السياسي، وقال: إن الكثير من سكان الشرق الوسط لا يزالون محكومين من أنظمة منغلقة.وقال باول: إن المبادرة ستصب في اتجاه مشاركة سياسية متنامية تتطلب تعزيز المؤسسات المدنية التي تحمى حقوق الأفراد وتقدم إمكانية المشاركة في الحياة العامة.ووصفت المبادرة بأنها مبادرة تعزيز الديموقراطية والإصلاحات في العالم العربي وأنها مبادرة جاءت نتيجة دراسات كثيرة أجريت حول أسباب النظرة السلبية للولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي وتتضمن برامج طليعية تبدأ بمحو الأمية وترقية دور المرأة وتنتهي بمشاريع سياسية وتعليمية واقتصادية.وفى التفاصيل أيضا قال باول: إن المبادرة تتضمن إنشاء مدرسة لتدريس مهارات تنظيم الحملات الانتخابية في دول الخليج وإصدار ترجمات عربية لكتب العلوم السياسية والاقتصاد الأمريكية وتنظيم استراحة لأعضاء البرلمان المغربي -المنتخب حديثا وقتها -بهدف مناقشة دور المجالس التشريعية مع المشرعين الأمريكيين وتوسيع برنامج مصري لإشاعة اللامركزية في التعليم المصري العام والتقليل من عناصر حفظ المقررات،ودعم مواقع الإنترنت في مدارس عربية بينها كلية خاصة للفتيات في السعودية ، وتوفير راس المال لأصحاب الأعمال الجدد عبر المنطقة.وإذا كان كلام باول وخطته انتهت عمليا إلى رصد 300 ضعف في غزو العراق لما تم رصده للمبادرة.والاهم والذي سكان واضحا في مبادرة باول ثم في مبادرة بوش وبعدها في مشروع الشرق أوسطية هو أنها جميعا كانت موجهة نحو إعادة تشكيل النخب باتجاه أكثر علمانية أو أكثر ارتباطا بالمفاهيم والقيم الغربية والأمريكية بشكل خاص وهو ما نراه يجرى الآن على أرض الواقع أمام أعيننا.<br>